الشيخ سليمان صوري
الحمد لله حمد ذاته بذاته قبل الكون والصلاة والسلام على أول التجليات وآدم لم يكن سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار ورضي الله عن جميع الأصفياء أولياء الرحمان مصابيح الهدى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد: هذا كتيب يحلل لك المشاكل ويوضح لك الحقيقة خاصة المسائل الخلافية الدائرة بين الصوفية والوهابية ونسأل الله رب السموات والأرض أن يجعله لنا نورا ورحمة دنيا وأخرى وأرجو بفضل الله ومنه أن يكون هذا الكتاب يد الحق يكشف الغطاء الأسود عن وجوه أبناء المسلمين إن شاء الله .
وأعتذر إلى الأحبة على التعمق في الأسانيد والإطالة في البيان فذلك كله ليتضح الحق لا غير. وربما أوردت حكم الألباني على بعض الأحاديث وحكم رؤساء المتشددين - كابن تيمية وابن القيم وغيرهما - في المسائل إلزاما لأتباعهملا احتجاجا بهم .
التشدد وسرعة الإنكار
تأملت في النزاعات والإختلافات التي طرأت على الأمة الإسلامية فإذا هي نشأت عن التشدد وسرعة الإنكار في بعض المسائل قبل بحث دقيق ورجوع إلى أربابها. وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في غير موضع التشديد قائلا كما في صحيح مسلم رقم (2670) عن عبد الله، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثا". ومعنى التنطع التشدد .
وأما سرعة الإنكار بلا تحقق فهي أم الخبائث التي وقع فيها كثير من الناس فإذا سمعوا عن بعض العارفين كلمة أو مسألة تحمل وجوها لا يحملونها على الوجه الأحسن بل يحملونها على الوجه الأسوأ كأنهم نسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال" . أخرجه أحمد (5385)وغيره بإسناد صحيح .
وكأنهم طرحوا وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حيث قال كما في أمالي المحاملي رقم (460): "حدثنا الحسين حدثنا زياد بن أيوب حدثنا محمد بن يزيد عن نافع بن عمر الجمحي عن سليمان بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب: "لا تظنن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا".
قلت: رجاله ثقات وله شواهد، أخرجه الزبير بن بكار في أخباره (ج1، ص32(: "حدثني عمي مصعب بن عبد الله، عن جدي عبد الله بن مصعب، عن أبيه، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره. وفي المخلصيات )ج4، ص84( قال: حدثنا أبو أحمد عبد الواحد بن المهتدي قال حدثني أبو العباس أحمد بن بكر قال حدثني هشام بن عمار الدمشقي قال حدثنا إبراهيم بن موسى المكي عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال عمربن الخطاب رضي الله عنه وذكره".
وفي الأربعين لأبي الفتوح الطائي )ج1، ص150( قال: "أخبرنا تاج الإسلام أبو بكر محمد بن منصور السمعاني أخبرنا الشيخ أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر، حدثنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ،حدثنا أبو الحسن الحافظ، حدثنا إبراهيم بن حماد، وأحمد بن عبد الله بن الوكيل، قالا: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا يعقوب بن الوليد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره".
وقال ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج5، ص79(:
"واعلم أن لفظ " الصوفية " وعلومهم تختلف فيطلقون ألفاظهم على موضوعات لهم ومرموزات وإشارات تجري فيما بينهم فمن لم يداخلهم على التحقيق ونازل ما هم عليه رجع عنهم وهو خاسئ وحسير".
وقال الوهابية في كتابهم الدرر السنية )ج9،ص133(: "من تعلق بظواهر ألفاظ من كلام العلماءالمحققين ولم يعرضها على العلماء... هذا جهل وضلال...
وضاهى الخوارج".
والأسف كون أغلب أبناء العصر لا يلتفتون إلى هذه الوصية القيمة الثمينة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن ابن تيمية. نسأل الله السلامة .
الصوفية ومصدرها
الصوفية أو التصوف مشتق من الصوف لأنه غالب لباسهم إقتداء بالأنبياء كما يأتي قريبا ، وينسبون إلى أهل الصفة أيضا ، قال الحاكم في المستدرك )ج3، ص18(: "تأملت هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة فوجدتهم من أكابر الصحابة رضي الله عنهم ورعا وتوكلا على الله عز وجل وملازمة لخدمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، اختاره الله تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم من المسكنة والفقر، والتضرع لعبادة الله عز وجل، وترك الدنيا لأهلها ،وهم الطائفة المنتمية إليهم الصوفية قرنا بعد قرن، فمن جرىعلى سنتهم وصبرهم على ترك الدنيا والأنس بالفقر، وتركالتعرض للسؤال فهم في كل عصر بأهل الصفة مقتدون وعلى خالقهم متوكلين وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطائفة بما خصهم الله تعالى به من بين الطوائف بصفات فمن وجدت فيه تلك الصفات استحق بها اسم التصوف فمن وفق لاستعمال هذا الوصف من متصوفة زماننا فطوباه، فهو المقفي لهدي من تقدمه، والصوفية طائفة من طوائف المسلمين، فمنهم أخيار ومنهم أشرار لا كما يتوهمه رعاع الناس وعوامهم، ولو علموا محل الطبقة الأولى منهم من الإسلام، وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمسكوا عن كثير من الوقيعة فيهم".
قال ابن خلدون في تاريخه )ج1، ص611(: "أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور منلذة ومال وجاه والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة وكانذلك عاما في الصحابة والسلف. فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة".
قال ابن تيمية في مجموع فتاوىه )ج11، ص195(:
"اسم " الصوفية " هو نسبة إلى لباس الصوف؛ هذا هو الصحيح وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء وقيل إلى أهل الصفة..." إلخ
قال محمد بن عبد الوهاب في فتاوى ومسائل )ج1، ص31(: "أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو: العلم النافع، ودين الحق الذي هو: العمل الصالح؛ إذا كان من ينتسب إلى الدين: منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء، ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية، فبعث الله نبيه بهذاالدين الجامع للنوعين..." إلخ .
ومما يدل أن الصوفية مشتق من الصوف أيضا ما ورد في صفة الصفوة لابن الجوزي )ج2، ص455(: "فاطمة بنت عبد الرحمن كانت تعرف بالصوفية لأنها أقامت تلبس الصوف ولا تنام إلا في مصلاها بلا وطاء".
قلت: إن ثبت أن الصوفية مشتق من الصوف فقد ثبت في مسند أبي داوود الطيالسي رقم )328(: "حدثنا أبو داود قال: حدثنا يزيد بن عطاء ،عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: "كانت الأنبياء يركبون الحمر ويلبسون الصوف ويحتلبون الشاة وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار اسمه عفير".
وفيه رقم )1663(: "حدثنا همام، عن قتادة، عن مطرف، عن عائشة، أنها قالت: "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فلبسها، فأعجبته".
قلت: إسناده صحيح .
وفيه رقم )2262(: "حدثنا شعبة، قال: حدثني مسلم أبو عبد الله الأعور، سمع أنسا، يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويجيب دعوة المملوك، ولقد رأيته يوم خيبر على حمار خطامه من ليف".
قلت: صححه المتشدد الألباني في الصحيحة من رواية أبي موسى الأشعري، وفي صحيح الجامع رقم )4946(.
اسمع رؤساء المتشددين الوهابيين يدافعون عن الصوفية:
قال ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج11، ص6(: "أول ما ظهرت الصوفية من البصرة وأول من بنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد وعبد الواحد من أصحاب الحسن البصري وكان في البصرة من المبالغة فيالزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار ولهذا كان يقال فقه كوفي وعبادة بصرية .
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى )ج11،ص282(: وعبد الواحد بن زيد وإن كان مستضعفًاً فيالرواية إلا أن العلماء لا يشكون في ولايته وصلاحه ولا يلتفتون إلى قول الجوزجاني فإنه متعنت كما هو مشهور عنه .
وقال فيه )ج11، ص16(: هو ـ أي الصوفي ـ في الحقيقة نوع من الصديقين فهو الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه.
وقال )ج12، ص36(: وأما جمهور الأمة وأهل الحديث والفقه والتصوف فعلىما جاءت به الرسل وما جاء عنهم من الكتب والآثار من العلم وهم المتبعون للرسالة اتباعا محضا لم يشوبوه بما يخالفه.
وقال )ج11، ص5(: أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا فى القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل وأبىسليمان الدارانىوغيرهما وقد روى عن سفيان الثورى أنه تكلم بهوبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصرى .
وقال )ج11 ص17(: طائفة ذمت الصوفية والتصوف وقالوا أنهم مبتدعون خارجون عن السنة... والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين... وقد انتسب إليهم من أهل البدع والزندقة ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم.
وقال في )ج11، ص22(: وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، سواء سمي أحدها فقيرًا أو صوفياً أو فقيهاً أو عالماً أو تاجرًا أو جندياً أو صانعاً أو أميرًا أو حاكماً أو غير ذلك.
وقال في )ج20، ص63(: ثم هم إما قائمون بظاهر الشرع فقط كعموم أهل الحديث والمؤمنين الذين فى العلم بمنزلة العباد الظاهرين فىالعبادة وإما عالمونبمعاني ذلك وعارفون به فهم فىالعلوم كالعارفين منالصوفية الشرعية فهؤلاء هم علماء أمة محمد المحضةوهم أفضل الخلق وأكملهم وأقومهم طريقة .
وقال في )ج10، ص516 – 517(: فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإِبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوِِّغون للسالك ولو طار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يفعل المأمور، ويدع المحظور إلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وِإجماع السلف وهذا كثير في كلامهم .
وقال في )ج8، ص638(: أما أئمة الصوفية و المشايخ المشهورون من القدماء مثل الجنيد بن محمد وأتباعه و مثل الشيخ عبد القادر وأمثاله فهؤلاء من أعظمالناس لزومًاً للأمر والنهي وتوصية بإتباع ذلك .
وقال في )ج11، ص74 – 75(: ليس أحد من أهل المعرفة بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أو بغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن ُسُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان .
وفيه )ج11، ص485( قال: أهل السنة والجماعة هم أهل الحديث والفقه والتصوف والكلام وغيرهم من أتباع الأئمة الأربعة...
ومع هذا نرى الآن بعض تلاميذ ابن تيمية يقولون أن الصوفيين ليسوا من أهل السنة والجماعة!!! إنا لله وإنا إليه راجعون.
وقال ابن تيمية )ج15، ص428(: ثم الصوفية المشهورون عند الأمة الذين لهم لسان صدق فى الأمة لميكونوا يستحسنون مثل هذا بل ينهون عنه ولهم فىالكلام فى ذم صحبة الأحداث وفى الرد على أهلالحلول وبيان مباينة الخالق مالا يتسع هذا الموضع لذكره وإنما يستحسنه من تشبه بهم ممن هو عاص أو فاسق أو كافر فيتظاهر بدعوى الولاية لله وتحقيق الإيمان والعرفان وهو من شر أهل العداوة لله وأهل النفاق والبهتان والله تعالى يجمع لأوليائه المتقين خير الدنيا والآخرة ويجعل لأعدائه الصفقة الخسرة والله سبحانه وتعالى أعلم .
قال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين )ج1، ص135( أنهم" أي الصوفية " كانوا أجل من هذا وهممهم أعلى وأشرف إنما هم حائمون على اكتساب الحكمة والمعرفة وطهارة القلوب وزكاة النفوس وتصحيح المعاملة...
أما في " )ج2، ص302( فنجده يقول: التصوف زاوية من زوايا السلوك الحقيقي وتزكية النفس وتهذيبهالتستعد لسيرها إلى صحبة الرفيق الأعلى, ومعية من تحبهفان المرء مع من أحب .
وفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية )ج1، ص241( قال محمد بن عبد الوهاب: لا ننكر الطريقة الصوفية، وتنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح، مهما استقام صاحبها على القانون الشرعي، والمنهج القويم المرعي .
تنبيه: تناقض المتمسلفون في دين الصوفي فقال بعضهم:
الصوفيون كسائر المسلمين فيهم الصالحون ويوجد منهم جائرون.
قلت: هذا حق. ويقول بعضهم: الصوفيون الأوائل على الحق والصوفيون الأواخر كلهم منحرفون .
قلت: هذا هذيان. ويقول بعض مجانينهم: الصوفية كلها ضلالة .
قلت: إذا حكمنا أن كل تصوف ضلالة بلا استشناء فلا بد أن نطرح من صحيح البخاري )690( حديثا ومنصحيح مسلم )30( حديثا لأجل سفيان الثوري لما ثبتفي صفة الصفوة )ج1، ص12( أنه كان يشرب عنالصوفيين وكذلك طبقات الصوفية )ج1، ص387( أنه كان يعتمدهم .ولا بد أن نسقط من سنن الكبرى للنسائي )7( حديثا ومن معجم الكبير للطبراني )22( حديثا والكبرى للبيهقي )69( حديثا وشعب الإيمان )114( حديثا لأجل أحمد بن يحيى الصوفي وأحمد بن محمد الصوفي وغيرهما. ونطرح من موارد الظمعان )38( حديثا، ومن المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم )179( حديثا وصحيح ابن حبان )69( حديثا ومن الشريعة للآجوري )35( حديثا لأجل أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي. بل إذا قلنا أن الصوفيين مشركون لتوسلهم عند قبور الصالحين فلا بد أن نحرق جميع كتب ابن حبان صحيحه وثقاته وغيرهما لكونه يتوسل عند قبور الصالحين كما يأتي. ونحرق المعجم الثلاث للطبراني وكتب ابن أبي عاصم وغيرهم كلهم مع الصوفيين ويأخذون عنهمويتوسلون كما يأتي قريبا إن شاء الله.
وزعم بعض المتمسلفيين أن الإمام مالك والشافعي ذموا الصوفية لما في تلبيس إبليس لابن الجوزي )ج1، ص327(: عن عبد الملك بن زياد النصيبي قال كنا عند مالك فذكرت له صوفيين في بلادنا فقلت له يلبسون فواخر ثياب اليمن ويفعلون كذا وكذا قال أومسلمين هم؟ وضحك. وعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول لو أن رجلا تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق وما لزم أحد الصوفية أربعين يوما فعاد عقله إليه أبدا.
قلت: هذا افتراء على الإمامين بلا شك؛ أين إسناد إليهما؟ ابن الجوزي لم يسق الإسناد حتى نرى صحته؟ ثم عبد الملك بن زياد الراوي عن الإمام مالك ضعيف. ابن الجوزي نفسه قال في ضعفائه )ج2، ص149(: أنه منكر الحديث وكذلك الذهبي في المغني )ج2، ص405(. وقالابن حبان في الثقات )ج8، ص390(: يغرب عن مالك .
وهذا الأثر رواه عن الذي يغرب عنه. ويونس الراوي عن الشافعي قال ابن حجر في تهذيب التهذيب )ج11، ص441(: أنكروا عليه تفرده عن الشافعي برواية حديث" لا مهدي إلا عيسى" وقيل أن يونس دلسه!. وفي خلاصة تهذيب )ج1، ص334(: تفرد يونس بحديث منكر عن الشافعي .
فقلت: هذا الأثر تفرد به يونس عن الشافعي أيضا فانتبه .
وقلت: لو كنا نحتج بمثل هذه الآثار الضعيفة لقلنا: الإمام مالك رحمه الله تعالى يقول: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق .راجع حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإمام الزرقاني )ج3، ص195(. وشرح عين العلم وزين الحلم للإمام ملا علي القاري )ج1، ص33(. وفي مرقاة المفاتيح )ج1، ص335(.
والشافعي رحمه الله تعالى يقول: حبب إلي من دنياكمثلاث: ترك التكلف وعشرة الخلق بالتلطف والاقتداء بطريق أهل التصوف!. راجع كشف الخفاء للإمام العجلوني )ج1 ص341(.
ومن عجائب هؤلاء المتشددين أنهم يذمون اسم التصوف وجميع مسميات الصوفية المنسوبة إليها حتى لفظ - المولد- يقولون أن هذه الأسماء بدعة لأنها لم توجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم!! فطالبناهم أن يأتوا بمصدر اسمهم الذي يفتخرون به أعني - أهل السنة والجماعة وغيرها من مسمياتهم فهربوا ! حاول بعضهم أن يحتج بحديث موضوع! عن ابن عباس في قول الله تعالى:
﴿يوم تبيض وجوه﴾ قال: وجوه أهل السنة والجماعة!
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره )ج3، ص729 رقم 3950(.
قلت: هذا الحديث موضوع في إسناده ابن قدامة ومجاشع وعبد الكريم الجزري. واستلم الألباني في الضعيفة رقم 639أن مجاشع كذاب! ومع هذا لم يزل ابن تيمية يكرر هذا الحديث المكذوب في كتبه كرره في مجموع فتاويه (ج3 ص
310 وفي (ج4، ص515( و)ج12، ص115( و)ج12، ص341( و )ج20، ص292( و)ج 22، ص252( وفي )ج22، ص358( و)ج24، ص171( وفي )ج28، ص423(. وفي منهاجه )ج3، ص467( و)ج5، ص134(. وفي فتاوى الكبرى )ج1 ، ص140( و)ج4، ص448( . وفي جامع مسائله )ج4، ص233(. وفي رسالته )ج1، ص22(. وفي درع تعارضه )ج1، ص48(.
لهؤلاء المتشددين أسماء بدعيات كثيرة منها:
الجامية -الربيعية -السرورية -المدخلية -الحدادية-القطبية -البازية -الألبانية -أهل السنة للجهاد -أنصار السنة -إخوان المسلمين -. وغير ذلك من الأسماء راجع كتابهم - داعية وليس نبيا- وفتنة التكفير للألباني وغيرهما لكل فرقة عقائد تخالف عقائد الأخرى .
تنبيه: إذا أراد المتشددون اختراع اسم من الأسماء يقولون: لامشاحة في الإسماء: قال ابن تيمية في درع تعارضه )ج4، ص148(: لا مشاحة في الألفاظ. وقال ابن القيم في إعلام الموقعين )ج2، ص227(: لا مشاحة في الاسم .وقال في الصواعق المرسلة )ج3، ص971(: لا مشاحة في الأسامي. وفي مفتاح السعادة )ج2، ص268(: لا مشاحة في التسمية. وفي مدارجه )ج3، ص286(: لا مشاحة في الإصطلاح. وقال الألباني في الضعيفة )ج13، ص1085(: لا مشاحة في الإصطلاح. وفي موسوعته كرره خمس مرات. وقال ابن باز في مجموع فتاويه )ج2، ص71(: لا مشاحة في الإصطلاح. وقالت فتاوى اللجنة الدائمة )ط٢، ج1، ص21(: لا مشاحة في الإصطلاح.
قال ابن باز في فتاوى نور بعناية الشويعر )ج3، ص168(: "أما الألقاب ما يلقب بأنصار السنة أو الإخوان المسلمين أو جماعة المسلمين، أو جمعية كذا لا بأس بهذه الألقاب، الألقاب لا تضر ،المهم العمل".
وإذا أراد الصوفي ون اختراع إسم كما اخترعوا يقولون: لا يجوز حرام هذا الاسم لا يعرف في زمن الصحابة بدعة ضلالة .!! فأقول : هذا بهذا وإلا فلا.
ومنهم عوام يعتقدون أن جميع فرق الإسلامية ضالون إلا الفرقة التي هو فيها ويحتج بحديث ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة .فقلت:
هذا الحديث حسنه بعض العلماء لكثرة طرقه ولكنهم أخطؤوا لأن جميع طرقه واهيات إما فيه كذاب أو متروك أو ضعيف جدا ومثل هذا لا يقوي بعضها البعض وإن تعددت طرقه هذا ظاهر. وسأجمع لك طرق الحديث لترى علله بعينك وتحكم بنفسك إن شاء الله . وقبل ذلك أقول:
لست أنا أول من ضعف هذا الحديث بل قال ابن حزم في "الفصل في الملل ")ج3، ص138(: حديث افتراق الأمة لا يصح أصلا من طريق الإسناد. وقال الشوكاني في تفسيره )ج2، ص294(: الزيادة " كلها في النار إلا واحدة " لم تصح لا مرفوعة ولا موقوفة. وقال الفيروزبادي في رسالته)ج1، ص6، رقم80(: حديث افتراق الأمة لم يثبت. وقال الوزير في تاريخ اليمن )ج1، ص125(: "حديث افتراق الأمة باطل وعن الصحة عاطل". ومن المعاصرين من ضعفوه أيضا ولكن لم أر من انتقده انتقادا شافيا فأردت أن أنقضه نهائيات إن شاء الله اسمع ما يأتي:
1- رويَ هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وهو ضعيف. وفي الجرح والتعديل )ج8، ص31(: قال يحيى بن سعيد ومالك:" ليس هو ممن تريد". وقال ابن معين ما زال الناس يتقون حديثه. ويحدث عن أبي سلمة بالشيء رأيه ثم يحدث به مرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة! .قلت: وهذا الحديث حدثه عن أبي سلمة ولعله من رأيه ثم رفعه. وقال ابن حبان في الثقات )ج7، ص377(: يخطىء. وهذا الطريق ليس فيه الزيادة " كلها في النار" لذلك لا يستشهد به فانتبه .
2- وروي عن معاوية مرفوعاً ووقفه بعضهم على معاويةوفي السند أزهر بن عبد الله الهوزني . وفي تهذيب الكمال )ج2، ص328(: أزهر هذا كان يسب عليا. قال أبو داود: إني لا بغض أزهر كان ممن سبوا أنس بن مالك وأتوا به الحجاج وكان يحرض عليه قال ابن الجارود في كتاب الضعفاء: كان يسب عليا... وقال أبو الفتح الأزدي يتكلمون فيه. قال بشار: إذا صح أنه كان يسب عليا رضي الله عنه فهو ضعيف لا يحتج به ولا كرامة ومثله مثل الذي يسب أبا بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم أجمعين فهذه بدعة كبرى مثلها مثل الرفض الكامل والغلو فيه، ولا أدري كيف يتجرأ البعض فيسب واحدا من الخلفاء الراشدين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قلت: فعلى هذا سقط أزهر بن عبد الله عن الإستشهاد به .
3- وروي عن أنس بن مالك من سبعة طرق كلها ضعيفة لا تخلو من كذاب أو وضاع .
الأول: عن وليد بن مسلم عن الأوزاعي. وفي تهذيبالكمال )ج31، ص97(: كان الوليد يحدث حديث كذب عن الأوزاعي! .
الثاني: عن النميري اسمه زياد. في الضعفاء ابن الجوزي )ج1، ص301( قال يحيى: ليس بشيء .
الثالث: عن ابن لهيعة في الجرح )ج5، ص146( نهي أن لا يحمل عنه أحد .
الرابع: عن طريف بن سليمان في اللسان )ج7، ص471( منكر الحديث .
الخامس: عن سويد بن سعيد سرقه كما في الكامل )ج4، ص498(.
السادس: عن أبي معشر اسمه نجيح. في الضعفاء العقيلي )ج4، ص308( منكر الحديث .
السابع: عن مبارك بن سحيم. في الضعفاء لأبي زرعة )ج2، ص515( منكر الحديث .
الثامن: عن يزيد الرقاشي قال ابن حبان في المجروحين
)ج3، ص98( لا تحل الرواية عنه .
4- و روي عن عوف بن مالك مرفوعاً وفيه "عباد وراشد" ضعيفان في سؤالات البرقاني - رواية مجدي- )ج1، ص79(: راشد بن سعد ضعيف لا يعتبر به. وفي إكمال تهذيب )ج4، ص306(: ضعفه الدارقطني. وفي المغني )ج1، ص226(: ضعفه ابن حزم. أما عباد بن يوسف ففي الكاشف )ج1، ص533(: يغرب. وفي المغني )ج1، ص328(: ليس بالقوي .
5- وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعاً عند الترمذي )ج5، ص26( وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي قال ابن حبان في المجروحين )ج2، ص50(: كان يدلس عن المصلوب - وهو كذاب - !. وفي تاريخ ابن معين رواية الدوري )ج1، ص73(: عبد الرحمن ليس بشيء .
6- وروي عن أبي أمامة مرفوعاً وفي إسناده أبو غالب فيتهذيب الكمال )ج34، ص171( منكر الحديث وقالابن حبان لا يعتبر به .
7- وروي عن ابن مسع ود مرفوعاً. وفي سنده عقيل الجعدي. في الضعفاء العقيلي )ج3، ص30( منكر الحديث. واتفقوا على نكارته .
8- وروي عن علي كرم الله وجهه موقوفا وفي الإسناد البحلي اسمه عمار ضعيف؛ ولم يسمع من سعيد بن جبير كما في علل أحمد رواية ابنه )ج2، ص459(.
9- وروي عن بنت سعد وفيه عبد الله بن عبيدة وأخيه موسى قال ابن حبان في المجروحين )ج2، ص4( منكر الحديث جدا يجب تركه .
وقد رأيت بعينك أن جميع طرقه إما فيه منكر أو محدث عن الكذاب أو مبتدع يسب الصحابة أو رجل لا يعتبر به أو رجل نهي عن التحدث عنه وهو المتروك، كيف يقوي مثل هذه الطرق ببعضها؟!. ورواية أبي هريرة ضعيف كما مر وليس فيه كلها في النار؛ ورواية علي بن أبي طالبموقوف منقطع؛ فمن أين الصحة في هذا الحديث؟! .
تنبيه: هذا الحديث ركب له متنا عن نعيم بن حماد كما في تهذيب الكمال )ج29، ص474(. وصنع له سندا أيضا عن عبد الله بن سفيان كما في الميزان )ج2، ص430(.
ففضحهم الله .
هذا من ناحية إسناده، وأما من ناحية متنه فنقول:
1- قال الله تعالى عن هذه الأمة المحمدية في كتابه العزيز
﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ ويقول أيضا: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا ﴾ فهذه الآيات تقرر أن هذه الأمة هي
خير الأمم، وأنها أوسطها؛ أي: أفضلها وأعدلها، وأما هذا الحديث فيقرر أنَّ هذه الأمة شر الأمم وأكثرها فتنة وفساداً وافتراقاً.
2- ويؤكد بطلان هذا الحديث من حيث متنه ومعناه أيضاً أنَّ كلَّ من صنف في الفِرقِ كتب أسماء ف رَق يغاير في كتابه لما كتبه الآخر، ولا زالت تحدث في كل عصر فرقٌ جديدة بحيث أن حصرهم لها غير صحيح ولا واقعي وقول من قالإنَّ ما استحدث من الفرق الجديدة لا تخرج في مبادئها غيرصحيح والواقع يرفضه ويثبت فساده.
3- في متنه اضطراب ورد عن عوف بن مالك: ))ستفترق
أمتي على 73 فرقة كلها في النار إلا واحدة((. رواه أحمد وغيره .وعن ابن مسعود ))ستف ترق أمتي على 72 ونجا منها ثلاث(( رواه ابن أبي عاصم في السنة ))ج1، ص35(( وغيره .وفي ابن أبي شيبة )ج7، ص554(:
))ستفترقون على 72 فرقة((. وفي المنتخب عن سعد:
))ستفترقون على 71 فرقة((. كيف تتفق هذه الألفاظ؟ .
ثم عبارة ما عليه أنا وأصحابي لا يعقل أن يصح صدوره منه صلى الله عليه وآله وسلم لأمور أذكر واحد منها: وهو أنَّ الصحابة افترقوا في عهد الإمام علي رضي الله عنه إلى ثلاث فرق، فرقة مع سيدنا علي كرم الله وجهه .وفرقة قعدت ولم تقاتل مع أحد من الفريقين وقد ندم أفرادها. وفرقة مع معاوية وحزبه؛ فعبارة ))ما عليه أنا وأصحابي(( في حديث الافتراق مع أي فرقة من هذه الفرقالثلاث تكون؟!
حاول الألباني أن يصحح حديث افتراق الأمة ولا يعلم أنه يتعارض مع الحديث الذي صححه هو في صحيح
الجامع )ج2، ص993(: ))ما من أمة إلا وبعضها في النار وبعضها في الجنة إلا أمتي فإنها كلها في الجنة((.
حكم اللحية في الإسلام
إعفاء اللحية على التحقيق سُنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وحلقها مكروه لم يثبت في حديث أن حلقها حرام بل حلقها ترك للسنة وكذلك لم يرد في أي حديث أن إعفائها - ترك القص - واجب بل قال الرسول صلى الله عليه وسلم أنها سنة من السنن كما صح وثبت في مستخرج أبي عوانة )ج1، ص163(: عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ قال: ))عشرة من السنة قصُّ الشارب وإعفاء اللحْية والسواك واستنشاق الماء وقصُّ الأظفار وغسْل البراجِم ونَ تْفُ الإبط وحلْق العانة وانتقاص الماء والمضمضة((. وأخرجه مسلم والنسائي وأثبته علماءالحديث حتى المتشدد الألباني في صحيح الجامع )4009(وغيره .
ومن هنا يتضح لكل منصف أن إعفاء اللحية من السُنن المرغوب فيها وقد ساواها النبي صلى الله عليه وسلم بالسواكَ، إذًا اللحية والسواك سواء بسواء سماها النبي سنة فيجب علينا أن نقف حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن العجب أن بعض الناس يشددون في حكم اللحية لحديث أحفوا الشوارب وأوفروا اللحى وخالفوا المجوس أخرجه مسلم رقم )260(. ولا يشددون الصبغة لحديث: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم أخرجه البخاري رقم (3462). وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد وقال: ((أعفو اللحى وخذوا الشوارب وغيروا شيبكم ولا تشبهوا باليهود)) أخرجه أحمد رقم (8672) وغيره بإسناد صحيح. ولا يشددون بحكم الصلاة بالنعل مع ما ثبت في سنن أبي داود رقم (652):
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))خالفوا اليهود
صلوا في نعالكم فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم((. وأخرجه كثير من المحدثين. لذلك كنت أقول كل وقت وحين أن الصبغة والصلاة بالنعل وإعفاء اللحية شيء واحد إن لم يكن هذا مبتدع لا يكون ذاك مبتدع لأن حكمهم سواء في الحديث.
اسمع أقوال العلماء الجهابذة حول الأخذ من اللحية ما زاد على القبضة أم هؤلاء كلهم مخطؤن إلا أنت وبعض المخالفين؟ أين النص منكم على وجوب إعفائها؟ ولن تجدوا إلا قياسا ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا .
وفي سنن الترمذي رقم (2762): حدثنا هناد، قال:
حدثنا عمر بن هارون، عن أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها .وقال الترمذي فيه - عمر بن هارون - وحديثه مقارب وقال قتيبة : هوصاحب حديث .
قلت: قد ضعفه بعض الجهابذة النقاد لذلك لا نحتج به .
وفي الآثار لأبي يوسف رقم )1039( قال: حدثنا يوسف عن أبيه عن أبي حنيفة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: "كان يأخذ من لحيته".
وثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )25488(:
حدثنا وكيع، عن شعبة، عن عمرو بن أيوب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة: "أنه كان يأخذ من لحيته ما جاوز القبضة". وفيه رقم )25480(: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن سماك بن يزيد، قال: "كان علي يأخذ من لحيته مما يلي وجهه". وفيه أيضا رقم )25483( حدثنا أبو خالد، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه: "أنه كان يأخذ من لحيته، ولا يوجبه".
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ )ج7،ص266(: روى ابن القاسم عن مالك: لا بأسَ أن يؤخَذَ ما تطايرَ من اللحيةِ وقيل لمالك: فإذا طالت جدًّا؟ قال:
أرى أن يؤخَذَ منها وتـقَصَّ، وروي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّهما كانا يأخذانِ مِن اللحيةِ ما فضَل عن القبضةِ.
وقال ابن هانئ في مسائله )ج2، ص151(: سألتُ أبا عبد الله عن الرجُلِ يأخذ من عارضَيه؟ قال: يأخذُ مِن اللحيةِ ما فضلَ عن القبضة، قلتُ: فحديثُ النبِيّ صلى اللهُ
عليه وسلم: ))أحفُوا الشَّواربَ وأعفُ وا الل حي(( قال: يأخذُ مِن طولِها ومن تحت حَلقِه، ورأيت أبا عبد الله يأخذُ من عارِضَيه ومن تحتِ حلقه.
وقال الخلَّال في كتاب الوقوف والترجل )ج1، ص129(: أخبرني حربٌ قال: سُئل أحمدُ عن الأخذ من اللحية؟ قال: إنَّ ابن عمر يأخذُ منها ما زاد على القبضةِ، وكأنه ذهب إليه، قلتُ: ما الإعفاءُ: قال: يروى عن النبيصلى الله عليه وسلم، قال: كأنَّ هذا عنده الإعفاء
وقال المرداوي في الإنصاف )ج1، ص121(: ويعفِي لحيته... ولا يكرهُ أخذُ ما زاد على القبضةِ، ونصُّه- يعني أحمد- لا بأسَ بأخذِ ذلك، وأخذِ ما تحت الحَ لقِ ...
وقال ابن بطال في شرح البخاري )ج9، ص147(:
قال عطاء: لا بأسَ أن يأخُذَ مِن لحيته الشيءَ القليلَ مِن طولِها وعَرضِها إذا كثـرت.
وقال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار )ج4، ص317(: وفي أخذِ ابنِ عمَرَ مِن آخِرِ لحيته في الحجِّ دليلٌ على جوازِ الأخذ من اللحيةِ في غير الحجِّ؛ لأنه لو كان غيرَ جائزٍ ما جاز في الحج وقال إبراهيم كانوا يأخذون من عوارض لحاهم وكان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته وعن أبي هريرة أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة وعن بن عمر مثل ذلك وعن الحسن مثله وابنعمر روى عن النبِيّ ص لى اللهُ عليه وسلم: ))وأعفُوااللِ حى(( وهو أعلَمُ بمعنى ما روى، فكان المعنى عنده وعند جمهورِ العلماءِ الأخذَ من اللحية ما تطايرَ .
وقال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه من كتاب الطهارة والحج )ج1، ص237(: "وأمَّا إعفاءُ اللحيةِ فإنه يتركُ، ولو أخذَ ما زاد على القبضةِ لم يكرهْ؛ نصَّ عليه كما تقدَّمَ عن ابن عمر، وكذلك أخذُ ما تطايرَ منها".
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح )ج10، ص350(:
"قلت: الذي يظهَرُ أنَّ ابنَ عمرَ كان لا يخصُّ هذا التخصيصَ بالنسُكِ، بل كان يحمِلُ الأمرَ بالإعفاءِ على غير الحالةِ التي تتشَوه فيها الصورةُ بإفراطِ ط ولِ شَعرِ اللحيةِ أو عَرضِه".
وفي حاشية ابن عابدين )ج4، ص459( قال: "لا بأسَ بأخذِ أطرافِ اللحيةِ إذا طالت".
وقال الغزالي في الإحياء )ج1، ص143(: "وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل إن قبض الرجل على لحيتهوأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس فقد فعله ابن عمروجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب فإن الطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبذ إليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية وقال النخعي عجبت لرجل عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته ويجعلها بين لحيتين فإن التوسط في كل شيء حسن ولذلك قيل كلما طالت اللحية تشمر العقل".
قال الألباني في الضعيفة رقم )2355(: "الأخذ من اللحية ما زاد على القبضة ثابت عن ابن عمر وأبي هريرة وهو الراوي حديث: ))أحفوا الشوارب واعفوا اللحى(( والراوي أعلم بحديثه من غيره"!
وفي فتاوى اللجنة )ط٢، ج4، ص46(: "س: يقول الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله - في شأن اللحية في أحد أشرطته المنسوخة من طرفأحد طلاب العلم، وهو عكاشة عبد المنان الطيبي: )إنالذي يطلق لحيته أكثر من قبضة بأنه مبتدع(".
وفي ملتقى أهل الحديث - كتاب للوهابية – )طبعة
٢، ج90، ص51( قالوا: "أن المراد بكث اللحية قص!
وأن لحيته صلى الله عليه وسلم لم تبلغ نحره"!.
هذا كلام سلفنا الأول أما ابن باز وابن عثيمين وبعض السعوديين المعاصرين يوجبون إعفائها بلا دليل فإنا لله وإنا إليه راجعون .
حكم رفع السروال
أخرج أحمد في مسنده رقم )13605(: "حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))الإزار إلى نصف الساق(( فلما رأى شدة ذلك على المسلمين، قال:
))إلى الكعبين، لا خير فيما أسفل من ذلك((".
وفي حديث أحمد )ج3، ص140(: "رخص الإزارمن نصف الساق إلى الكعبين" وصححه المتشدد الألباني في صحيحته رقم )1765(.
وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )24828(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن أبي عون، عن ابن سيرين، قال: كانوا )يعني الصحابة( يكرهون الإزار فوق نصف الساق .أي ما لم يبلغ نصف الساق".
وفي جامع ابن معمر رقم )19980(: "أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم، قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: ))من جر إزاره من الخيلاء ،لم ينظر الله إليه(( قال زيد: وقد كان ابن عمر يحدث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه إزار يتقعقع - يعني جديدا - قال: ))من هذا؟((، قلت: عبد الله قال: ))إن كنت عبد الله فارفع إزارك((، قال: فرفعته، قال:
))زد((، قال: فرفعته حتى بلغ نصف الساق، ثم التفت إلى أبي بكر، فقال: ))من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر
الله إليه يوم القيامة((، فقال أبو بكر : إن إزارييسترخي أحيانا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
))لست ممن يفعله خيلاء((" وأخرجه البخاري )5774( ومسلم )2085( مختصرا .
دل هذه الأحاديث أن المطلوب من اللباس ما بين نصف الساق إلى الكعبين وما أسفل من الكعبين أو لم يبلغ نصف الساق للخيلاء والكبر ففي النار. وإذا لم يكن للخيلاء والكبر فلا يدخل في المنهي عنه لما ياتي.
حكم الإسبال بلا خيلاء
في سنن أبي داود رقم )1215(: "حدثنا محمد بن المثنى، وأحمد بن ثابت الجحدري قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا خالد الحذاء ،عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن الحصين، قال: "سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة" فقام الخرباق، رجل بسيط اليدين، فنادى: يا رسول الله أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضبا يجرإزاره فسأل، فأخبر، «فصلى تلك الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم".
محل الشاهد: قوله ) يجر إزاره( .
وفي مسند أبي عوانة رقم )36(: "عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))ما من
عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل
الجنة((، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: ))وإن زنى وإن سرق((. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: ))وإن زنى وإن سرق((، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:
))وإن زنى وإن سرق((، ثلاثا على رغم أنف أبي ذر " فخرج وهو يجر إزاره وهو يقول: ))على رغم أنف أبي ذر((. فكان أبو ذر يحدث به وهو يقول: "على رغم أنف أبي ذر". الشاهد قوله ) وهو يجر إزاره( .
وفي مسند ابن أبي شيبة رقم )793(: "حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا عبد الملك بن حسن الجاري، قال: سمعت سهم بن المعتمر، يحدث، عن الهجميرضي الله عنه، أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهومؤتزر بإزار قطن قد استرخى حاشيتاه".
وفي المستدرك بإسناد صحيح رقم )2157(: "حدثنا أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه، بالري، حدثنا محمد بن الفرج الأزرق، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن يزيد بن أبي مالك، حدثنا أبو سباع، قال: اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع فلما خرجت بها أدركني واثلة وهو يجر إزاره، فقال: يا عبد الله اشتريت؟ قلت: نعم، قال: بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها، إنها لسمينة ظاهرة الصحة..." الخ
وأخرج ابن أبي شيبة رقم )24816(: "عن ابن مسعود بسند جيد أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال إني حمش الساقين".
وفي الأحادي والمثاني رقم )390( بإسناد صحيح عنأبي إسحاق قال: "رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر ،عليه إزار فيه بعض الإسبال ،وعليه رداء أصفر".
وأخرج ابن أبي شيبة رقم )35087(، وعنه أبو نعيم في الحلية )ج5، ص322(، وابن سعد في الطبقات )ج5، ص403(: "عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك".
قال البيهقي في الكبرى )ج2، ص242(: "وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه صلى سادلا وكأنه نسي الحديث أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء وكان لا يفعله خيلاء والله أعلم".
إبراهيم بن ي زيد النخعي أخرج ابن أبي شيبة رقم:
)24845( قال: حدثنا ابن مهدي، عن أبي عوانة، عن مغيرة قال: "كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم". إسناده صحيحٌ.
أيوب بن أبي تِيمَة السِّختيانيُّ أخرج الإمام أحمد في العللرواية ابنه عبد الله رقم )841( قال: "حدثنا سليمان بنحرب، قال: حدَّثنا حماد بن زيد، قال: أمرني أيوب أن أقطعَ له قميصاً قال: اجعله يضربُ ظهْرَ القدم و اجعَلْ فمَ كُمِّهِ شبراً. إسنادهٌ صحيحٌ .
ومن أقواله –رحمه الله-: "كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها، والشهرة اليوم في تقصيرها". أخرجه معمر في جامعه )ج11، ص84(، وأبو نعيم في الحلية )ج3، ص7( ولفظه: "كان في قميص أيوب بعض التذييل فقيل له فقال: كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها فالشهرةُ اليومَ في التشمير".
قلت: صدق أيوب قد ثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )24828(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن أبي عون، عن ابن سيرين، قال: "كانوا )يعني الصحابة( يكرهون الإزار فوق نصف الساق".
وقد عقد البخاري بابا في صحيحه بعنوان من جرإزاره من غير خيلاء )ج7، ص141( وجاء فيه بالحديثين السابقين فكأن هذا مذهبه وهو أنه لا إثم على من جر ثوبه لغير خيلاء.
وفي كتاب المنهيات للحكيم الترمذي )ج1، ص52( قال: "عامة الأحاديث التى جاءت عن جر الإزار، إنما تدل على أن النهى مع الشرط، قال: "من جر الإزار خيلاء"؛ فدل هذا على أن النهى عن جر الإزار إذا كان خيلاء.
حدثنا قتيبة عن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع وزيد بن أسلم وعبد الله بن زبير، كلهم يخبر عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء." فهذا الإسبال والجر للثوب إنما كره للمختال الفخور. وقد كان في بدء الإسلام المختال يلبس الخز ويجر الإزار ويسبله فنهوا عن ذلك. وقد كان فيهم من يلبس الخز ويسبل الإزار فلا يعاب عليه، منهم أبو بكر رضى الله عنه حدثني أبى، حدثنا أحمد بن يونس، عن زهير، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه ،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" ؛ فقال أبو بكر رضى
الله عنه: بأبى أنت يا رسول الله، إن أحد شقى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لست ممن يصنعه خيلاء".
وفي مسند أبي عوانة )ج5، ص244(: باب بعنوان بيان الأخبار الناهية عن جر الرجل إزاره بطرا وخيلاء والتشديد فيه والدليل على أن من لم يرد به خيلاء لم تكن عليه تلك الشدة.
وجاء في صحيح ابن حبان )2 ص282( قال:
"أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة ،قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سلام بن مسكين، عن عقيل بن طلحة، قال: حدثني أبو جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله، إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئا ينفعنا الله به، فقال: ))لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط. وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، ولا يحبها الله. وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه ،فإن أجره لك، ووباله على من قاله((.
قال أبو حاتم: "الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد. والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة، وهي الخيلاء، فمتى عدمت الخيلاء، لم يكن بإسبال الإزار بأس. والزجر عن الشتيمة، إذا شوتم المرء، زجر عنه في ذلك الوقت، وقبله، وبعده، وإن لم يشتم".
قال ابن تيمية في شرح العمدة من باب الصلاة )ج1، ص364( قال: "هذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة، والمطلق منها محمول على المقيد، وإنما أطلق ذلك؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة". جاء في شرح صحيح مسلم للنووي )ج2، ص116(
قال: "هذا التقييد بالجرِّ خيلاء يخصِّص عموم المسبل إزاره، ويدلُّ على أنَّ المراد بالوعيد من جره خيلاء، وقد رخَّص النبيُّ -صَلى اللهُ عَلَيهِ وسَلم- في ذلك لأبي بكر الصِّدِّيق -رضِيَ اللهُ عَنهُ – وقال: لست منهم إذ كان جره لغير الخيلاء. أمَّا الأحاديث المطلقة بأنَّ ما تحت الكعبين في النار، فالمراد بها: ما كان للخيلاء، لأنه مطلق، فوجب حمله على المقيد، واللهُ أعلم".
وجاء في فتح الباري لابن حجر )ج10، ص262(:
"قال شيخنا في شرح الترمذي: ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك في تحريمه، وما كان على طريق العادة فلا تحريم فيه ما لم يصل إلى جر الذيل الممنوع. ونقل عياض عن العلماء كراهة كل ما زاد على العادة وعلى المعتاد في اللباس من الطول والسعة".
قال ابن عبد البر في التمهيد )ج3، ص245(: "نص الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء، قال: والمستحب أن يكون الإزار إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء وإلا فمنع تنزيه، لأن الأحاديث الواردة في الزجر عن الإسبال مطلقة فيجب تقييدها بالإسبال للخيلاء انتهى من الفتح".
وجاء في فيض القدير للمناوي )ج3، ص331(:
")والمسبل إزاره( الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً )خيلاء( أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى الّلّ عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء".
ويقول السندي في حاشيته على سنن النسائي )ج5، ص82( في شرح حديث "ثلاثة لا يكلمهم الله… ومنهم المسبل" :)المسبل(: من الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم".
وفي الديباج للسيوطي )ج1، ص122( قال: "المسبلإزاره ":المرخي له الجار طرفيه "خيلاء" فهو مخصص بالحديث الآخر لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء".
وقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج2، ص132(:
"الحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء . والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله صلى الله عليه
وسلم: ))ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار((. وظاهر التقييد بقوله: خيلاء يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين".
قلت: هذا التقييد هو فهم بعض الصحابة والسلف وجميع الشراح وأما المتشددون فليس لهم حديث في إطلاق تحريم الإسبال .
تنبيه: حديث "أن النبي رأى رجلا يصلى وهو مسبل ثوبهفأمره أن يعيد الصلاة". أخرجه أبوداود) ٦٣٨( وفيه أبو جعفر هو مجهول .وحديث: "من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرم" أخرجه أبوداود
)٦٣٧( بإسناد صحيح موقوف على ابن مسعود .
قلت: هذا الموقوف قيد المنع بالخيلاء أيضا فلله الحمد .
سنية العمامة واستحبابها
أما العمامة فهي سنة مستحبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمم وأمر به فكان أصحابه صلوات الله وسلامه عليهم يعممون كما سيأتي ومع ذلك طرحه بعض المتشددين وراء ظهورهم وادعوا أنها من عادات العرب فقط ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالعمامة!! .
وقد ثبت في مسند الحميدي وهو شيخ للبخاري
)576( قال: ثنا سفيان قال: ثنا مساور الوراق قال:
أخبرني جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي، عن أبيه قال: "رأيت على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء يوم فتح مكة". وفي صحيح مسلم رقم)452(: "حدثنا يحيى بن يحيى، وإسحاق بن إبراهيم، قالا: أخبرنا وكيع، عن مساور الوراق، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء. له طرق كثير".
وفي الشريعة للآجري رقم )1790(: "حدثنا الفريابي قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر وهو يومئذ بمنى؛ فجاءه رجل من أهل البصرة فسأله عن إرسال العمامة خلفه؟ فقال ابن عمر: سأخبرك عن ذلك حتى تعلم إن شاء الله، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عوف يعني عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية يبعثه عليها فأصبح وقد اعتم بعمامة كرابيس سوداء قال: فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقضها فعممه فأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحو ذلك؛ ثم قال: "هكذا يا ابن عوف فاعتمفإنها أعرف وأحسن ".
قلت: قوله )هكذا فاعتم( فعل أمر كما هو معروف ،واحتج بذلك ابن عمر. فمرق هؤلاء المتشددون وقالوا أن الرسول لم يأمر بالعمامة!. وليس من الإسلام! الحديث المذكور أخ رجه الطبراني في الأوسط رقم )4671( قال:
حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا أبو الجماهر قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: حدثني حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت عند عبد الله بن عمر ...فذكره .والحاكم في المستدرك رقم )8623( وصححه ووافقه الذهبي. واختلف في سماع عطاء بن أبي رباح: عن ابن عمر أثبته بعضهم ونفاه بعض ولكن اتفقوا أن المثبت مقدم على النافي ومع ذلك له شاهد في الكبرى للبيهقي )13065(:
عن عطاء الخراساني عن ابن عمر وروى من وجه آخر .
تنبيه: في الشعب الإيمان للبيهقي )5850(: أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن
ثور، عن خالد بن معدان قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب من الصدقة فقسمها بين أصحابه فقال:
))اعتموا خالفوا على الأمم قبلكم((. لقد أخطأ الألباني في ضعيفته رقم )2347(: خطئا فاحشا إذ أبدل اسم محمد بن يوسف الحافظ بمحمد بن يونس الكذاب!!
وحكم الحديث بالوضع. مع أن الحديث صحيح مرسل .
وله شاهد روى ال ترمذي في سننه رقم )1784( من طريق محمد بن ربيعة حدثنا أبو الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: ))فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس((. أخرجه الطبراني في الكبير رقم )4614(، والحاكم في المستدرك رقم )5903(، والبيهقي في الشعب رقم )5847( وغيرهم. وفي إسناده اختلاف يقول بعضهم:
"عن ابي جعفر بن محمد" ويقول بعضهم: "عن أبي جعفر محمد" الأول مجهول والثاني يعده بعضهم في الصحابة كابن حبان في الثقات ترجمة )5201(، وفي أسد الغابة لابن أثير)ج5، ص86( قال: ذكره ابن منيع في الصحابة. وفي الإصابة لابن حجر )ج6، ص265( قال: قال البغوي:
أنه في الصحابة. وجزم بعض أنه تابعي يروي عن أبيه أبي ركانة الصحابي. أما أبو الحسن العسقلاني الراوي عن أبي جعفر ما عرفه بعض النقاد ولكن قال أبو الخير في خلاصة تذهيب )ج1، ص14(: أبو الحسن العسقلاني هو ءادم بن إياس وثقه يحيى وأبو حاتم وقال النسائي لا بأس به .
فأقول: بعد هذا البحث علمت أن الحديث الأول أي حديث خالد بن معدان صحيح مرسل والثاني يعني حديث ركانة شاهد مرفوع فيكون صحيحا لغيره كما يقول الألباني!
.
يا أخي اسمع ما يأتي من كتب رأساء الوهابية: قال ابن تيمية في شرح العمدة )ج1، ص314(: "ويستحب له أيضا تخمير الرأس بالعمامة و نحوها لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي كذلك و هو من تِام الزينة و الله تعالىأحق من تزين له. والاستحباب في حق الإمام أوكد".
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة )ج3، ص1271(: "قال معاوية عن ابن إسحاق عن صفوان بن عمرو عن الفضيل بن الفضالة عن خالد بن معدان قال إن الله ألزم هذه الأمة بالعصائب والألوية يريد بالعصائب العمائم كما في الحديث فأمرهم أن يمسحوا على العصائب .
وقال بعد سطور: وإنما أمر به المسلمين - أي التعمم - ومن آمن به واقتدى بأفعاله، فمن فعله من أمته فإنما يفعله اتباعا لأمره واستعمالا لسنته، وهو زي العرب من آباد الدهر ...وقال : التعمم وإرساله خلف الظهر هو السنة في التعمم بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم".
قلت: إذ أثبت ابن تيمية بأن التعميم مستحب وأيده وزيره ابن القيم بأنه سنة لماذا يلعب أزنابهما الآن بعقول الناس ويزعمون في جميع الأوقات أن التعميم عادة لا سنة ولا مستحب؟! هذا لمن أعجب العجائب .
حمل العصا على المنبر
وفي صحيح مسلم في قصة جساسة برقم )2942( قالت فاطمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة" - يعني المدينة
قال المتشدد في ضعيفته )ج2، ص38(: "عن الحكم بن حزن شهدنا الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أخرجه أبوداود وسنده حسن. وعن ابن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بمخصرة في يده". أخرجه ابن سعد )ج1، ص377( ورجاله ثقات وفيه ابن لهيعة سيئ الحفظ. وعن عطاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم على عصا إذا خطب أخرجه الشافعي في الأم )ج1، ص177(. صحيح مرسل .هذا كلام الألباني، وقال هذا كله قبل اتخاذه المنبر أما بعد اتخاذ المنبر فلم يثبت أنه خطب عليه وهو يحمل العصا!! وتبعه في ذلك بعض العوام. وأظن أن الألباني نسي حديث المذكور أعلاه أعني حديث الجساسة .
حمل العصا إلى المسجد
مسند أحمد رقم )23976(: "حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه العصا وفي المسجد أقناء معلقة، فيها قنو فيه حشف، فغمز القنو بالعصا التي في يده قال : " لو شاء رب هذه الصدقة، تصدق بأطيب منها، إن رب هذه الصدقة ليأكل الحشف يوم القيامة ."
وأخرجه عمر بن شبة )ج1، ص281( من طريق يحيى بن أبي كثير قال: ذكر لي عن عوف بن مالك...
وأخرجه الترمذي) 2987(، وابن ماجه) 1822( عن البراء .
مشي بالعصا إلى المقبرة
في صحيح البخاري رقم )1362(: "حدثنا عثمان، قال:
حدثني جرير، عن منصور، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه، قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال:" ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار " وذكر الحديث بطوله".
حمل العصا في الجهاد
أخرج الترمذي رقم )3138(: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يطعنها بمخصرة في يده، وربما قال بعود، ويقول: ﴿جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾ ﴿جاء الحق وما
يبدئ الباطل وما يعيد﴾. إسناده صحيح وله شواهد منها ما ورد في أمالي ابن بشران رقم )536(: "أخبرنا أبو سهل بن زياد، ثنا عبد الكريم بن الهيثم، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان، عن أبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحي، قال :
دخل النبي، وذكره".
حمل العصا في الدور
تاريخ المدينة لابن شبة )ج1، ص303(: "حدثنا عبد الله بن رجاء قال: حدثنا المسعودي، عن القاسم قال: "كان عبد الله رضي الله عنه يلبس النبي صلى الله عليه وسلم نعليه، ثم يأخذ العصا فيمشي أمامه، حتى إذا جلس أعطاه العصا، ونزع نعليه فجعلهما في ذراعيه، ثم استقبله بوجهه. فإذا أراد أن يقوم ألبسه نعليه، ثم أخذ العصا فمشى قدامه، حتى يلج الحجرة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وأخرجه الحارث في مسنده رقم )1014(: "حدثنا عبدالعزيز بن أبان، ثنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: كان ابن مسعود".
قلت: إسناد الأول صحيح مرسل وشاهده ليس بشيء.
أبو سعيد الخدري يمشي بالعصا
مسند أحمد رقم )27157(: "حدثنا عبد الصمد، قال:
حدثنا يزيد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد يعني ابن سيرين، عن أبي العلانية، عن أبي سعيد الخدري قال:
أتيت هذه ـ يعني امرأته ـ وعندها لحم من لحوم الأضاحي قد رفعته فرفعت عليها العصا فقالت: إن فلانا أتانا فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني كنت نهيتكم أن تمسكوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام فكلوا وادخروا". إسناده صحيح .
ابن مسعود يحمل العصا عند الوعظ
في معجم الأوسط رقم )1981(: "حدثنا أحمد بن عمرو قال: نا أبو كامل الجحدري قال: نا عبد العزيز بن المختار، عن منصور بن عبد الرحمن قال: نا الشعبي، عن علقمة، أن عبد الله بن مسعود، كان يقوم قائما كل عشية خميس، فما سمعته في عشية منها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير مرة واحدة، فنظرت إليه، وهو معتمد على عصا، فنظرت إلى العصا تزعزع".
إسناده صحيح .
حمل العصا في الحج
في صحيح البخاري )1607( من طريق ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه
حمل العصا في الصلاة
في تاريخ المدينة )ج2، ص713(: "حدثنا يحيى بنسعيد، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد قال:
"جمع عمر رضي الله عنه الناس على أبي وتميم الداري، فكانا يقومان بإحدى عشرة ركعة يقرءان بالمئتين، حتى يعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر".
وأخرجه البيهقي في الكبرى رقم )3572(: "أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، أنبأ سعدان بن نصر، ثنا معاوية، عن الحجاج، عن عطاء قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوكئون على العصي في الصلاة".
أبو ذر يحمل العصا
في تاريخ المدينة لابن شبة )ج3، ص1037( في حديث طويل حتى قال: فغضب أبو ذر، ورفع عليه العصا وقال:
"ما يدريك يا ابن اليهودية ليودن صاحب هذا المال يوم القيامة أن لو كان عقارب تلسع السويداء من قلبه". وفيه رقم )5563(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عنطلحة بن يحيى، قال: "رأيت عمر بن عبد العزيز، يخطب وبيده قضيب".
حمل العصا إلى السوق
في مصنف عبد الرزاق رقم )16824(: "عن معمر، عن أبي عمر المدني قال: سألنا ابن عمر عن قراءة النهار، فقام يصلي فربما أسمعنا الآية قال: ثم خرج إلى السوق فمشينا معه فجعل لا يمر بصغير، ولا كبير إلا سلم عليه ابن عمر حتى أتى سوق الظهر، ومعه عصاه في يده فجعل ينخس بعصاه في جنب البعير".
وفي مسند الحميدي )442(: "حدثنا الحميدي قال:
ثنا جامع بن أبي راشد، وعبد الملك بن أعين، وعاصم ابن بهدلة أنهم سمعوه من أبي وايل يقول: سمعت قيس بن أبي غرزة يقول كنا نسمى السماسرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتانا ونحن بالبقيع ومعنا العصا فسمانا باسم هو أحسن منه فقال: "يا معشرالتجار" فاجتمعنا إليه فقال: "إن هذا البيع يحضره الحلفوالكذب فشوبوه بالصدقة".
حكم الإنحناء تحية للغير
نرى بعض المتشددين ينكر ون أن يبرك الرجل بين يدي أي أحد وأن ذلك سجود له وذلك كفر!! والإنحناء سجود!
فقلت: هذا كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يكون الإنحناء سجودا وقد علمتم أن السجود يكون على سبعة أعظم؟! لما ثبت في صحيح البخاري رقم )810( وغيره: "أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم - الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين-؟".
ترى فتاوى اللجنة )ط١، ج1، ص234( تقول: "لا يجوز الإنحناء تحية للمسلم ولا لكافر لا بالجزء الأعلى من البدن ولا بالرأس لأن الإنحناء عبادة والعبادة لا تكون إلا بالله"!
وقال ابن عثيمين في فتاوى ورسائل )ج 2، ص162( قال: "ما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك خطأ ويجب عليك أن تبين له ذلك وتنهاه عنه. وقال في )ج24،ص224(: "حتى لو حنى رقبته فلا يجوز"!.
يحتجون بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ادخلوا الباب سجدا﴾ أي منحنين! هكذا فسروا الآية!! .
قلت: هذا الفهم مخترع لم يفسره بالإنحناء أحد من السلف بل فسروه كما يأتي.
قال الطبري في تفسيره ج2، ص104(: "ادخلوا الباب سجدا أي خاشعة خاضعة".
وفي تفسير مقاتل )ج3، ص642( فسره بالركوع. وفي معاني القرءان للزجاج )ج1، ص139(: "أن يدخلوا ساجدين".
وفي تفسير ابن أبي حاتم )ج1، ص117(: "سجدا أي ركعا". وفي زاد المسير )ج1، ص69(: "سجدا أي ركعا". وفي تفسير الرازي )ج3، ص523(: "سجدا أي الخضوع أما القول بالركوع فضعيف". وذكر مثل ذلك ابن كثير في تفسيره )ج1، ص274(. فجاء المتشددونوفسروه بالإنحناء! وإن أخذنا قول القائلين بالركوع نقول: إن الركوع إمكان اليدين على الركبتين وانهصار الظهر ،وأقر بذلك ابن باز في مجموع فتاويه )ج13، ص353(. أما الإنحناء عند المصافحة فليس إمكان اليدين على الركبة ولا انهصار الظهر .
ويحتجون بالحديث الباطل القائل: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقي رجل أخاه أوصديقه أينحني له فقال: ))لا بل يصافحه((". أخرجه الترمذي )ج2، ص121(، وابن ماجة رقم )3702(، وغيرهما انفرد به حنظلة السدوسي قال ابن عدي في الجرح والتعديل )ج3، ص100(: "حنظلة ضعيف منكر وتفرد بهذا الحديث". وروى مثله كثير بن عبد الله ولكنه متروك، ورد في الجرح )ج7، ص154(، والتهذيب )ج24، ص122(: "أن كثير بن عبد الله منكر الحديث ضعيف جدا شبه المتروك يحدث الموضوعات".
أما الألباني فقد خان الناس! وكتم الحقيقة! وقال في
الصحيحة )ج1، ص299(: "وإن كان حنظلة ضعيف فقد تابعه بلال الأشعري في المنتقى )ج1، ص372(!!".
قلت: كذب الألباني عمدا ليس في حديث بلال الأشعري لفظ - الإنحناء - بتة هذا أولا، وثانيا بلال الأشعري نفسه ضعيف في المغني )ج2، ص776(: "ضعفه الدارقطني". وفي اللسان )ج8، ص27(: قال ابن القطان: "لا يعرف البتة وقال ابن حبان يغرب ويتفرد ولينه الحاكم". فتعامى الألباني عن هذه البيانات وصحح الحديث!. نسأل الله السلامة .
ويحتجون بحديث ضعيف أيضا: "أن معاذ بن جبل لما قدم من اليمن وفي رواية من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي ما هذا؟ قال رأيت اليهود والنصارى يسجدون لبطارقهم فسجدت لك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ))لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها((". أخرجه أحمدرقم )19403( هذا حديث ضعيف مضطرب الإسناد
وجميع طرقه تدور على القاسم الشيباني، قال ابن عدي في الجرح )ج7، ص115(: "القاسم مضطرب". وقال الدارقطني في العلل )ج6، ص37( ترجمة )963(:
"مضطرب الإسناد". وفي الكامل )ج7، ص154(:
"ضعفه يحيى". وفي الضعفاء لابن الجوزي )ج3، ص16( قال: "تركه شعبة". وفي تهذيب التهذيب )ج8، ص327( قال النسائي: "القاسم ضعيف الحديث".
أما رواية أبي ظبيان فقد قال الدارقطني في العلل )ج6، ص40( أنه منقطع لأن أبي ظبيان لم يسمع من معاذ بن جبل، وفيه عنعنة الأعمش .
وقد ورد عن قيس بن سعد مثل ما ورد عن معاذ فقال المتشدد الألباني في الإرواء )ج7، ص58(: "فيه شريك سيئ الحفظ". فقلت فيه حصين كان نسيا وقداختلط كما في الضعفاء للعقيلي )ج1، ص314(. ومع هذه العلل في الحديث لم يزل المتشددون يصيحون به في المواعظ ويكفرونالمسلمين بهذا الحديث الضعيف. الله المستعان .
والصحيح الثابت هو ما ورد في مسند أحمد رقم )12614(، والبزار رقم )2454(، والبيهقي في الدلائل رقم )287(، والطبراني في الكبير رقم )12003(، وابن حبان رقم )4162(: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في نفر من المهاجرين والأنصار، فجاء بعير فسجد له ووضع جرانه بالأرض فقال الصحابة: يا رسول الله تسجد لك البهائم والشجر فنحن أحق أن نسجد
لك. قال: ))اعبدوا ربكم وأكرموا أخاكم، فإنه لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها((. هذا
الحديث الصحيح صرح كيفية السجود لأن البعير لم ينحن فقط بل وضع جرانه بالأرض ساجدا والشجر ما حنى بل خر على الأرض ساجدا هذا السجود هو المنهي أن لا يجعل إلا لله. كما لا يفهم الآية إلا بسبب نزولها كذلك لايفهم الحديث إلا بسبب وروده .
فجاء المتشددون واخترعوا منه الإنحناء وهم يعلمون أن البعير لم ينحن وكذلك الشجر. إذا لما ذا يزعم هؤلاء أن الإنحناء ولو يسيرا سجود والسجود عبادة !؟. إن هذا لبهتان مبين .
وفي صحيح مسلم رقم) 125( عن أبي هريرة قال:
لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿لله ما
في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير﴾ قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة... "الخ
وقد رأيت بأم عينك أن الصحابة بركوا على ركبهم ثمطلبوا حاجتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .
وفي البخاري) ٩٣(، ومسلم )٢٣٥٩( في حديث طويل حتى قال: "فبرك عمر على ركتبيه فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا". قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ))يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيؤن والشهداء على منازلهم وقربهم من الله(( فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى النبي فقال يارسول الله انعتهم لنا حلهم لنا فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم ..الخ قال الهيثمي في المجمع )ج10، ص297(: "رجاله وثقوا". وقال المنذري في الترغيب )ج4، ص83(: "حسن"، وقال الدمياطي في المتجر )رقم 285(: "إسناده حسن"، وقال المتناقض في فقه السيرة )رقم 151 (: "حسن"، وقال في صحيح الترغيب )رقم 3027 (: "صحيح لغيره"!! . حكم النقاب في الإسلام
ستر المرأة جميع بدنها واجب بنص القرءان إلا وجهها وكفيها ففيهما اختلاف عند العلماء هذه المسألة لم تختص بالمتمسلفين بل حتى الصوفية منهم من يجيزه ومنهم من منعه ولم يأت حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم بوجوبه !! أي وجوب ستر المرأة وجهها بل قال الله تبارك
وتعالى:﴿ ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها﴾. وقد فسره
ترجمان القرآن ابن عباس بالوجه والكفين. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنف )ج4، ص283( بإسناد صحيح وله شاهد في سنن أبي داود رقم )4104(: "حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، ومؤمل بن الفضل الحراني، قالا: حدثنا الوليد، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن خالد، قال:
يعقوب ابن دريك: عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر، دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وقال: ))يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا(( وأشار إلى وجهه
وكفيه قال أبو داود: "هذا مرسل". وفي مراسله )ج1، ص310( رقم )437(: "حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن داود، حدثنا هشام، عن قتادة، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: ))إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل((.
قال البيهقي في الكبرى )ج2، ص319(: قال البيهقي: "مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة ،فصار القول بذلك قويا".
وفي تفسير إبن أبي حاتم )ج8، ص2574 رقم
14398(: "حدثنا الأشج، ثنا ابن نمير، عن الأعمش ،عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: وجهها وكفاها، والخاتم، وروي عن ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وعكرمة، وأبي صالح، وزياد بن أبيمريم نحو ذلك".
قال ابن كثير في تفسيره )ج6، ص45(: "هذا هو المشهور عند الجمهور".
أما المتشددون الساعون في إيجاب النقاب فقد كفاني ردهم المتشدد الألباني في كتابه الرد المفحم وردهم ردا شافيا كافيا مقنعا وضعف كل الأحاديث التي يحتجون بها .
حكم القراءة على الميت
القراءة على الميت لإيصال الثواب إليه قد أنكره بعض المتشددين مع ثبوته في الحديث كما يأتي:
ثبت في تاريخ ابن معين رواية الدوري رقم )5238( قال: "حدثنا يحيى قال حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي قال حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي يا بنى إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن على التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعتعبد الله بن عمر يقول ذلك".
وفي رواية الطبراني في الكبير رقم )13613(: "حدثنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي ثنا أبي ح وحدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي ثنا أبي ح وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر قالوا: ثنا مبشر بن إسماعيل حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي : يا بني إذا أنامت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سن على الثرى سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتِتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك". فقال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال: كنت مع أحمد بن حنبل، ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبربدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بنحنبل: يا أبا عبد الله، ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة ،قال: كتبت عنه شيئا ؟ قال: نعم، قال: فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتِتها، وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك، فقال له أحمد: فارجع، فقل له يقرأ". قال الهيثمي )ج3، ص44(: "رواه الطبراني في الكبير ورجال موثقون".
زعم المتشدد الألباني أن الحديث ضعيف لأن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج مجهول... وهو يعلم يقينا أنه وجميع أتباعه لواجتمعو لا يستطيعوا أن يأتو بعالم معتبر ضعف هذا الحديث ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
أما نحن نقول : هذا الحديث حسن الإسناد )عبد الرحمن بن العلاء( قال ابن حجر في التقريب رقم )3975(: "مقبول". ووثقه ابن حبان في الثقات رقم
)9144(، والهيثمي في المجمع )ج5، ص44(، ووثقهضمنيا ابن معين والإمام أحمد واحتجوا بحديثه وحسنهالنووي في الأذكار رقم )846( واحتج به العسقلاني في الإمتاع )ج1، ص85(. وحسنه في الفتح )ج3، ص184(. وقال علي بن سلطان الهروي كما في جمع الوسائل في شرح الشمائل )ج2، ص208( قال أبو زرعة:
"ثقة". وكذلك وثقه الصالحي فقال في سبيل الهدى والرشاد
)ج8، ص379(: "رجاله ثقات".
وأما أبوه فوثقه جميع النقاد قال العجلي وابن حجر:
"تابعي ثقة"، وقال الذهبي: "وثق"، وكذلك الهيثمي. راجع الثقات للعجلي رقم )1172(، والتقريب ترجمة )5255(، والثقات لابن حبان رقم ترجمة )4683(. وباقي رجال السند جبال رواسي. وله شاهد من طريق آخر قال الخلال في كتابه الأمر بالمعروف )ج1، ص88(: "أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم حدثني أبو شعيب عبد الله بن الحسين بن أحمد بن شعيب الحراني من كتابه قال:
حدثني يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي حدثنا أيوببن نهيك الحلبي الزهري مولى آل سعد بن أبي وقاص قال:
سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال: سمعت ابن عمر قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة ، وعند رجليه بخاتِتها". وأخرجه البيهقي في الشعب )ج7، ص16، رقم9294(، والطبراني )ج12، ص444( عن الحراني به.
قلت: فيه - يحيى بن عبد الله البابلتي - قال ابن حبان في المجروحين )ج3، ص127( أنه يعتبر به ما لم يخالف الثقات. وقال ابن عدي في الكامل )ج9، ص12(: "له أحاديث صالحة وفيه ضعف". وفيه أيضا - أيوب بن نهيك - ضعفه بعض الناس بلا دليل جميع الذين ضعفوه قلدوا على تناقض أبي زرعة حيث قال في الضعفاء )ج3، ص798(:ل"لم يقرأ علينا حديثه وهو منكر الحديث!".
قلت: إذا لم يقرأ عليك حديثه يعني لم يكن عندك أحاديثه من أين عرفت أنه منكر الحديث؟! فيه نظر أيها الأحبة .ومن العجب: اتكال الألباني وابن الجوزي والذهبي على قولأبي الفتح الأزدي حيث قال: أيوب بن نهيك متروك! أقول: الأزدي نفسه ضعيف! الضعيف في نفسه لا يستطيع أن يضعف الغير أليس كذلك؟ كأن الذهبي نسي أنه هو القائل في سير أعلام النبلاء )ج16، ص349 ترجمة 250(: قال أبو بكر الخطيب: "كان أبو الفتح الأزدي حافظا صنف في علوم الحديث وسألت البرقاني عنه فضعفه وحدثني أبو النجيب عبد الغفار الأرموي، قال: رأيت أهل الموصل يوهنون أبا الفتح ولا يعدونه شيئا في حديثه مناكير وعليه في كتابه الضعفاء مؤاخذات فإنه ضعف جماعة بلا دليل بل قد يكون غيره قد وثقهم انتهى كلام الذهبي".
قلت: فعلى هذا الكلام أن - أيوب بن نهيك- متروك أو منكر الحديث ليس له مقام بل الحق مع ابن حبان حيث عده في الثقات وقال : يخطئ ويعتبر بحديثه. راجع كتاب الثقات لابن حبان ترجمة )6728(. فلله الحمد .
وقال النووي في الأذكار رقم )846(: "ورواينا في سننالبيهقي بإسناد حسن أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن فاتحة البقرة وخاتِتها". وفيه رقم )845( قال" "الشافعي والأصحاب يستحب أن يقرؤوا عنده شيئا من القرءان وإن ختموا القرءان كله كان حسنا". وقال العسقلاني في الفتح )ج3، ص184(: "أخرجه الطبراني بإسناد حسن".
وقال العسقلاني أيضا في الإمتاع بالأربعين )ج1، ص85(: "قد وردت عن السلف آثار قليلة في القراءة عند القبر ثم استمر عمل الناس عليه من عهد أئمة الأمصار إلى زماننا هذا وذكر الأثر الذي ذكرنا واحتج به". وقال الخلال أيضا: "حدثنا أبو بكر المروزي سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول إذا دخلتم المقابر فاقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم وروى أيضا عن الزعفراني قال سألت الشافعي رضي الله عنه القراءةعند القبر فقال لا بأس به".
رؤوس المتشددين أقروا بجواز القراءة على الميت. ثبت في الدرر السنية )ج5، ص145( قال شيخ الإسلام: "إنما رخص فيها أحمد - يعني القراءة عند الدفن - لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بأول سورة البقرة وخواتِها وروي عن بعض الصحابة أنه قرأ سورة البقرة، فالقرءان عند القبور هو مأثور في الجملة". انتهى من الدرر السنية. وفيه )ج5، ص146(: "القراءة وقت الدفن لا بأس به".
قلت: أجازوا القراءة مطلقا كما ثبت في الدرر السنية )ج5، ص150( قالوا: "يجوز إهداء ثواب البدن كقراءة وغيره لميت أو حي".
وفي فتاوى أركان الإسلام )ج1، ص506( قال ابن عثيمين: "كل قربة فعلها وجعل ثوابها لحي أو ميت مسلم ينفعه".
وفي مجموع فتاوى ابن تيمية )ج24 ص323( قال:
"إذا هلل الإنسان سبعون ألف وأهديت إليه نفعه ذلك ."وفي )ص324( قال: "يصل إلى الميت قراءة أهله وتسبيحهم".
وقال ابن القيم في كتاب الروح )ج1، ص89(: "قد ينقطع عنه العذاب بدعاء أو استغفار أو قراءة تصل إليه من بعض أقاربه أو غيرهم". وقال )ج1، ص117(: "قراءة القرءان والذكر فمذهب الإمام أحمد وجمهور السلف وصولها".
الدعاء له بعد الدفن قياما أو قعودا
في صحيح مسلم رقم )192( أن عمرو بن العاص قال:
"فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا )فامكثوا( حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي".
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح رقم )3221(:
"حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، حدثنا هشام، عن عبد الله بن بحير، عن هانئ، مولى عثمان، عن عثمان بن عفان، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل".
يتخلص من خلال هذين الحديثين الصحيحين أن الدعاء للميت بعد الدفن لا يختص بحالة قياما أو قعودا لما ثبت في الحديث الأول بلفظ - فامكثوا - وفي حديث الثاني بلفظ - وقف عليه - وفي رواية الخلال في كتاب الأمر بالمعروف )ج1، ص88( قال: " فجلس رجل عند القبر يقرأ فعلمنا أن الدعاء أو القراءة بعد الدفن قياما أو قعودا لا بأس به".
ويجوز الدعاء مستقبل القبر أو غير مستقبل لما ورد في سنن الترمذي رقم )1053(: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: ))السلام
عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم((". حسنه الترمذي فقال: "ضعيف لأجل قابوس بن أبي ظبيان!
ونسي أنه هو الذي قال في صحيحته )ج3، ص396(:
"قابوس يستشهد به". ونسي أيضا أن ليس في شروط الدعاء استقبال القبلة ونرى المتشددين على المنابر مدبرين القبلة يدعون للمسلمين وعلى الكافرين.
وفي فتاوى ابن باز )ج13، ص338(: "سؤال: حكم استقبال القبر حال الدعاء؟". الجواب: لا ينهي عنه بل يدعى للميت استقبل القبلة أواستقبل القبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القبر وقال استغفروا لأخيكم... ولم يقل استقبلوا القبلة، والصحابة دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر. ومثله مجلة البحوث الإسلامية )ج75، ص78(.
الدعاء الجماعي عند القبور
في صحيح مسلم رقم )2867(: "مر رسول الله صلى اللهعليه وسلم وبعض أصحابه بقبور في حائط بني نجار فوقف عليهم وقال لأصحابه" تعوذو بالله من عذاب القبر فقالوا نعوذ بالله من عذاب القبر قال تعوذوا بالله من الفتنة. إلى آخر الحديث".
وفي مجموع فتاوى ابن باز )ج23، ص34(: "سؤال: دعاء جماعي؟ فأجاب: ليس فيه مانع إذا دعا واحد وأمن السامعون فلا بأس". وأقروا بهذا الفتوى في كتابهم مجلة البحوث الإسلامية )ج70، ص80(.
وفي المجلة أيضا )ج68، ص53( قالو: "ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف علىه وقال: "استغفروا لأخيكم وأسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل" ولا حرج في أن يدعوا واحد ويؤمن السامعون". تلقين الميت بعد الدفن
أما تلقين الميت بعد دفنه لم يره الإمام مالك وليس بمعمولفي المذهب أما الشافعية والحنفية والحنبلية فقد أجازوه ويعملون به فأردت أن أجمع حجتهم لما رأيت بعض المتشددين يقولون أن التلقين بدعة وفاعله مبتدع ! كأنه لم يأت في الحديث بتاتا إنا لله وإنا إليه راجعون.
قد ورد في معجم الكبير للطبراني )ج8، ص250 رقم 7979(: "عن سعيد بن عبد الله الأودي، قال: شهدت أبا أمامة وهو في النزع، فقال: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي قاعدا ،ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول:
أرشدنا رحمك الله، ولكن لا تشعرون. فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأنمحمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلامدينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يأخذ واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من قد لقن حجته، فيكون الله حجيجه دونهما .
فقال رجل: "يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه؟ قال:
فينسبه إلى حواء يا فلان بن حواء".
قال الألباني في إروائه )ج3، ص203(: "أن هذا الحديث ضعيف! لكون سعيد بن عبدالله الأودي بيضه ابن أبي حاتم! وفيه عبد الله بن محمد لم أعرفه! كيف يكون صحيحا! ولا أحد من السلف الأول يعمل به!. وحذف كلام النووي وابن القيم على الحديث حسب ه واه. وجعل يرد العسقلاني بلا دليل!". وكرر مثل هذا في ضعيفته )ج2، ص66(: "نسأل الله السلامة والعافية". قلت: هذا الحديث:
1- أخرجه الطبراني في الدعاء رقم )1214(: "ثنا أبو عقيل أنس بن سلم الخولاني ثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء الحمصي الزبيدي ثنا إسماعيل بن عياش ثنا عبد الله بن محمد القرشي عن يحيى بن أبي كثير عن سعيد بن عبدالله الأودي قال شهدت أبا أمامة..."
2- وأخرجه ابن زبر الربعي في وصايا العلماء )ج1، ص46(: "ثنا أبي عبد الله بن أحمد نا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة قال ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياش...".
3 _ وأخرجه الهكاري في هدية الأحياء )ج1، ص193( بإسناد آخر إلى عمار بن سعيد الأودي شهدت أبا أمامة...
4 _ وأخرجه الخلعي في العشرون من الخلعيات )ص46(، وفي الفوائد المنتقاة رقم )1003( بإسناده إلى عبدالله بن أبان بن شداد ...
5 _ وأخرجه السلفي في المشيخة البغدادية )ج1، ص25( بإسناده إلى سعيد الأودي عن أبي أمامة...
6 _ وأخرجه المقدسي في المنتقى )ج1، ص17( بإسنادهإلى يحيى بن أبي كثير...
قلت: هذا ستة أسانيد إسناد الثالث والرابع والخامس لم يرها الألباني وكيف يضعف حديثا لم يستوعب هو بأسانيده؟!.
وبعد جمع هذه الأسانيد لم يبق فيه كلام إلا على سعيد الأزدي ولم أر من السلف من صرح بجهالته أو من طعنه ولو حكمنا بجهالته لا تضر لأن المجهول حجة عند الشافعية والحنفية وكثير من الفقهاء مع ما له من الشواهد كما يأتي قريبا عن ابن الملقن .
وقد قال العسقلاني في التلخيص الحبير )ج2، ص311(: "إسناده صالح وقد قواه الضياء في أحكامه..."، وقال عن سعيد الأزدي... وفي الأصل )الأودي( .
وقال ابن الملقن في البدر المنير )ج5، ص335(: قال الرافعي: "يستحب أن يلقن الميت بعد الدفن... ذلك مأثورعن السلف. وفي الباب حديث له شواهد يعتضد بها .وذك ره الذهبي في سير أعلام النبلاء )ج4، ص397( بلا نكير .
وفي كشف الخفاء )ج1، ص363(: "ضعفه ابن القيم والعراقي وابن الصلاح وقال ابن حجر في التحفة اعتضد بشواهد".
ونسب الإمام أحمد العمل به لأهل الشام وابن العربي لأهل المدينة. وقال النووي في فتاواه أما تلقين المعتاد في الشام بعد الدفن فالمختار على استحبابه... والذي رواه الطبراني ضعيف لكنه يستأنس به...
أما ابن تيمية فقال في الفتاوى الكبرى )ج3، ص24(: "تلقين الميت ليس واجبا بالإجماع ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبي أمامة وواثلة بن الأسقع. فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعيومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة فالأقوال فيهثلاثة : الإستحباب والكراهة والإباحة وهذا أعدلالأقوال".
وقال ابن القيم في كتاب الروح )ج1، ص13(: "وإن لم يثبت- يعني رواية الطبراني- فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به".
تنبيه: ال وعظ بعد الدفن بدعة لم يثبت في الحديث ألبتة، بل الثابت في الحديث هو الدعاء له بالتثبيت والقراءة له كما تقدم. أما الوعظ الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل الدفن وسببه جيئ بالميت والقبر لم يلحد فوعظهم النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرج أحمد في مسنده رقم )18534(: "حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله، كأنعلى رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه، فقال: " استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين، أو ثلاثا، "، ثم قال: " إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس ...إلى آخر الحديث بطوله". وأخرجه ابن المبارك) 1219( وأبو داود) 4753( وابن منده في الإيمان رقم) 1064( ، والحاكم في "المستدرك ")ج1، ص37( وغيرهم .
وإسناده صحيح .
إطعام للميت جائز
في صحيح البخاري رقم )2760(: "إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال: نعم تصدق عنها". ورواه مسلم أيضا رقم )1004(.
وفي مشكاة المصابيح تحقيق الألباني )ج3، ص1671، رقم 5942(: "عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال: "خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في جنازة فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهو على القبر يوصي الحافر
يقول: ))أوسع من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه((
فلما رجع استقبله داعي امرأته - يعني إمرأة المتوفى - فأجاب ونحن معه، فجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم، فأكلوا..." إلى آخر الحديث. هذا الحديث صححه الألباني هناك لتعداد طرقه . وفي هذا الحديث تصريح أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب داعي المرأة المتوفى وأكل وأكلوا .
ورد في الفوائد الشهير بالغيلانية رقم )305(: "حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل للناس طعام فيطعموا فلما رجعوا من جنازته جيئ بالطعام ووضعت الموائد فأمسك الناس عنها للحزن الذي هم فيه فقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: يا أيها الناس إنرسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات فأكلنا بعده وشربناومات أبوبكر فأكلنا بعده وشربنا وإنه لابد من الأكلفكلوا من هذا الطعام ثم مد يده فأكل ومد الناس أيديهم فأكلوا". وأخرجه ابن سعد في الطبقات )ج4، ص29( بإسناده إلى حماد عن علي إلى آخر الإسناد .
قلت: )حماد - وعلي( ليسا بالقويان ومع هذا قال الهيثمي في المجمع )ج5، ص196( رقم )8995( إسناده حسن.
قد بوب ابن حجر هذا الحديث في المطالب العالية
)14( باب صنعة الطعام لأهل الميت رقم حديث
)833(، وفيه )834(قال أحمد في الزهد: "حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الأشجعي عن سفيان قال قال طاوس إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام".
قلت: هذا الإسناد صحيح إلى طاوس اليماني التابعي فعلى هذا الإطعام عن الموتى سبعة آيام ثابت عن التابعين .
تنبيه: قد رجع المتشددون عن تحريم الإطعام لميت فقال ابنباز في مجموع فتاويه )ج13، ص253(: "عشاء الوالدينمن الصدقات ولا مشاحة في تسميتها بعشاء الوالدين..."، وقال في فتاوى نور على الدرب )ج14، ص372(: "لا حرج في هذا إذا تصدقوا عليهم بشيء من الغنم أو شيء من اللحم لا حرج في ذلك إذا صنعه أهل الميت لهم..." قال ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب )ج2، ص9( حول عشاء الوالدين: "إن كان الذبح لم يقصدوا التقرب إلى الله بالذبح فهذا لا بأس به... والصدقة عن الأموات جائزة كما جائت به السنة..."، وقال )ج 9، ص 2(: "هذه الوليمة التي تجعل كوليمة فرح ويدعى إليها الأصحاب والأقارب فهذه وإن كانت فيها خير لكن الصدقة بالدراهم أفضل منها...".
قال ابن جبرين في كتابه ) الدروس الشيخ ابن جبرين( )ج 4، ص 12(: "أما ما يسمى بعشاء الوالدين فهذا فيه أجر إذا كان يطعم من هم أحق بالإطعام أو من هم أحق بالإطعام وكان هذا معروفا في هذه البلاد منذ القدم إلىقرابة ثلاثين سنة أو عشرين سنة... من فعل ذلك وجعلثوابه لوالديه نفعهم ذلك إن شاء الله".
أما في فتاوى اللجنة الدائمة )ط 2، ج 2، ص
201( قال عبد الله بن غديان وعبد الرزاق العفيفي: "أن عشاء الوالدين بدعة!! ولم يأتيا بدليل على ذلك".
تنبيه أيضا: ورد في حديث جرير بن عبد الله قال: "كنا نعد الإجتماع وصنعة الطعام لأهل الميت من النياحة".
أخرجه أحمد )ج 2، ص 204(، وابن ماجة )ج 1، ص 514(. هذا حديث ضعيف فيه نصر بن باب كذاب ! قال أبو زرعة في الضعفاء )ج 2، ص 446(: "لا ينبغي أن يحدث عنه". وقال العقيلي في الضعفاء الكبير )ج 4، ص 302(: "نصر بن باب كذاب ليس بشيء"! . وقال ابن معين في تاريخه )ج 1، ص 56(: "نصر بن باب كذاب خبيث عدو الله!! "، وتابعه - هشيم بن بشير- مدلس وقد عنعن!" ثبت في تهذيب الكمال )ج 30، ص 283(: "هشيم بن بشير مدلس وما لم يقل أخبرنا فليسبشيئ!". وفي الكامل لابن عدي )ج 8، ص 456(:
"هشيم ينسب إليه التدليس ويوجد في بعض أحاديثه منكر!".
وفي ميزان الإعتدال )ج 4، ص 307( قال سفيان الثوري: "هشيم لا تكتبوا عنه. كان يروي عن قوم لم يلقهم". وقال ابن القطان: "لهشيم صنعة محذورة في التدليس".كيف يكون صحيحا وليس له إسناد إلا هذا السند التالف؟!. فأغفل الألباني عن هذا وصححه بلا بحث في أحكام الجنازة )ج 1، ص 167( واغتر به تلاميذه حتى ابن باز وابن عثيمين يكررون هذا الحديث في كتبهم ويحتجون به! وقد كرروه في فتاوى اللجنة )ج 8، ص 378( ثم )ج 9، ص 134( ثم )ج 9، ص 150( ثم )ج 9، ص 151(. نعوذ بالله من التعصب .
حكم البناء حول القبر
ومن العجب أن المتشددين يحرمون كل بناء حول القبرويبدعون فاعله ويحتجون بحديث علي كرم الله وجهه قال:
"أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن لا أدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته". أخرجه مسلم رقم )969(. وغيره فظنوا أن معنى - مشرفا - يدل على البناء
! هذا فهم خاطئ بل المشرف يعني تراب القبر لما ثبت في المخلصيات رقم )1640( بلفظ " أن لا أدع قبرا شاخصا إلا سويته" ورواية البيهقي في السنن الكبرى رقم )6738( في قصة وفاة نافع بن عبيد فيه تصريح أن الإستواء تراب القبر لا البناء .
ويحتجون أيضا بحديث جابر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يقعد على القبر وأن يجصص أو يبنى عليه أو يكتب. أخرجه أحمد رقم )14148(، والطبراني في المسند الشاميين رقم )2027( بإسناد معضل وغيرهما وجميع طرقه تدور على ابن جريج وأبي الزبير وهما ضعيفان ومدلسان اسمع ما يأتي:
ثبت في الضعفاء الكبير للعقيلي )ج 4 ص 133( ترجمة)1690( قال شعبة: "كان أبو الزبير يفتري في المسائل! وكان يسيئ الصلاة! فتركت الرواية عنه، وضعفه أيوب وقال لا يدري ما يحدث، وقال الليث: سألت أبا الزبير هل سمعت هذه الأحاديث كله من جابر؟ فقال: منه ما سمعت ومنه ما حُدِثناه!. قال ابن أبي حاتم في الجرح )ج 8، ص 76(: "أبو الزبير ضعفه الشافعي وقال ابن مهدي لا يحتج به ومثل ذلك قال أبو زرعة".
وأما ابن جريج فقد ثبت في الكامل لابن عدي )ج 8، ص 535(: "أهل مكة قالوا أن ابن جريح لم يسمع من أبي الزبير". وفي تهذيب الكمال )ج 18، ص 354(:
"كان ابن جريج يدلس تدليسا قبيحا وإن قال أخبرنا!".
وفيه )ج 18، ص 349(: " كان ابن جريج صاحب غثاء وحاطب الليل". وتابعه - ابن لهيعة - عن أم سلمة قال يحيى ليس بشيء تغير أو لم يتغير راجع )من كلام أبي زكرياء( )ج 1، ص 109(. واتفق العلماء على ضعفه . ورواية القاسم بن مخيمرة عن أبي سعيد الخدري منقطعلما ثبت في تاريخ ابن معين رواية الدوري )ج 3، ص431( قال: لم يسمع القاسم بن مخيمرة عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأقر الألباني بانقطاعه في موسوعته )ج 2، ص 394(.
قلت: إن كان أبو الزبير متروكا عند البعض لافترائه وابن جريح حاطب الليل وابن لهيعة ليس بشيء والشاهد منقطع لا نعلم الواسط لعله أدهى وأمر كيف يكون الحديث صحيحا؟ من وجد رواية صحيحة غير هذه الروايات التي تكلمت عليها فليساعدنا به وله عند الله جزيل الثواب .
تنبيه: لست أول من ضعف هذا الحديث لقد بلغني أن الإمام الكوثري والغماري ضعفاه ولم أقف على كلامهما .
قبر النبي مبنى زمن الصحابة
ثبت في مصنف عبد الرزاق رقم )6485( قال: "أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد قال: "سقط الحائط الذي على قبر النبي، فستر ثم بني"، فقلت للذي ستره: ارفع ناحية الستر حتى أنظر إليه، فإذا عليه جبوب، وإذا عليه رمل كأنه من رمل العرصة".
وفي طبقات ابن سعد )ج2، ص224(:
"أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة أن أبا بكر وعمر دفنوا جميعا في بيتها! .
أخبرنا موسى بن داود: سمعت مالك بن أنس يقول: قسم بيت عائشة باثنين: قسم كان فيه القبر. وقسم كان تكون فيه عائشة. وبينهما حائط. فكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فضلا. فلما دفن عمر لم تدخله إلا وهي جامعة عليها ثيابها".
وفيه )ج2، ص224( بإسناد صحيح مرسل: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما تدفن الأجساد حيث تقبض الأرواح".
قلت: لو أخذنا ظاهر هذا الحديث يكون الدفن في الدور أولى!
في الكبير للطبراني )3618(: "حدثنا محمد بن عبد اللهالحضرمي، ثنا محمد بن عبد الملك الواسطي، ثنا معلى بنعبد الرحمن، ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: سرنا معه يعني عليا حين رجع من صفين حتى إذا كان عند باب الكوفة إذا نحن بقبور سبعة عن أيماننا، فقال علي: «ما هذه القبور؟» ، فقالوا: يا أمير المؤمنين إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين وأوصى أن يدفن في ظهر الكوفة وكان الناس إنما يدفنون موتاهم في أفنيتهم وعلى أبواب دورهم، فلما رأوا خبابا أوصى أن يدفن بالظهر دفن الناس .،
رجاله ثقات إلا معلى بن عبدالرحمن ضعفه الجمه ور".
وفي صحيح البخاري )ج 2، ص 88(: "لما مات الحسن بن الحسن بن علي عليهم السلام ضربت امرأته القبة على قبره سنة".
معرفة القبور من المهم!
في صحيح البخاري )3407(: "حدثنا يحيى بن موسى ،حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت ثَمَّ لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر» )أي قبر نبي الله موسى(".
قلت: لو لم يكن في معرفته منفعة لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال .
في الكبير للطبراني )10370(: "حدثنا محمد بن جعفر بن أعين البغدادي، ثنا عاصم بن علي، ثنا قيس بن الربيع، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، قال عبد الله: «فلو كنت برميلة مصر لأريتكم قبورهم» يعني قبور بعض الصالحين من بني إسرائيل يصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم»". وأخرجه أحمد رقم )4312(: "حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه به".
قلت: رجاله ثقات والمسعودي مختلط إلا ما روى وهوببغداد وهذا منه لأن يزيد بن هارون بغدادي وروى عنه قبلإختلاطه واتفقوا أن عبد الرحمن سمع عن أبيه إلا يحيى بن معين! فعلى هذا حكمنا الحديث بالصحة فلله الحمد .
فاطمة تصلح قبرا وصلت فيه
وفي طبقات ابن سعد )ج3، ص13(: "أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا زياد بن المنذر عن أبي جعفر قال: كانت فاطمة تأتي قبر حمزة ترمه وتصلحه".
قلت: زياد بن المنذر ضعيف ولكن له شاهد أخرجه البيهقي في الكبرى رقم )7208(: "أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو حميد أحمد بن محمد بن حامد العدل بالطابران، ثنا عثمان بن محمد، ثنا أبو مصعب الزهري ،حدثني محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني سليمان بن داود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين ،عن أبيه: أن فاطمة بنت النبي، صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده. ورواهالحاكم في المستدرك )4319( بإسناد آخر إلى سليمان بنداود .
الفسطاط والعلامة على قبر!
في طبقات ابن سعد )ج3 ص304(: "أخبرنا وكيع بن الجراح عن أسامة بن زيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: رأيت قبر عثمان بن مظعون وعنده شيء مرتفع. يعني كأنه علم".
قلت: فيه أسامة بن زيد ضعفه بعض وله شواهد كثيرة كما يأتي:
ثبت في سنن أبي داود رقم )3206(، والبيهقي في الكبرى رقم )6744( قال: أخبرنا أبو علي الروذباري، أنبأ محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا عبد الوهاب بن نجدة، ثنا سعيد بن سالم، ح قال: وحدثنا يحيى بن الفضل السجستاني، ثنا حاتم بن إسماعيل، بمعناه عن كثير بن زيد المدني، عن المطلب قال: " لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، وضع رسول الله صلى الله عليه حجرا عند رأس القبر ، وقال: "أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه منمات من أهلي".
قلت: إسناده حسن .وأخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة )ج1، ص102(: "حدثنا فليح بن محمد اليماني قال:
حدثنا حاتم بن إسماعيل..." الخ .
وفي الأوسط للطبراني )3886(: "حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: نا عمرو بن خلف بن إسحاق بن مرسال الخثعمي قال: نا أبي قال: نا عمي، إسماعيل بن مرسال، عن الزهري، عن أنس بن مالك به".
وفي طبقات ابن سعد )ج5، ص469(: "أخبرنا معن بن عيسى. قال: رأيت الفسطاط على قبر مالك بن أنس وكان مالك ثقة مأمونا ثبتا ورعا فقيها عالما حجة".
تنبيه: بعض المسلمي أفريقيا يجعلون تراب اللحد أعلى القبر كي لا يندرس لأن الكلا لا تنبت عليه غالبا وفي أسنى المطالب )ج1، ص 238(: )يستحب أن يرش( القبر
)بالماء( لئلا ينسفه الريح؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك بقبر ابنه رواه الشافعي وسيأتي وبقبر سعدرواه ابن ماجه وأمر به في قبر عثمان بن مظعون رواه البزار )وأن يوضع عليه حصى( رواه الشافعي في مسنده )ج1، ص 360( قال: "أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصباء والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح". ورواه البيهقي في السنن )ج 3، ص 576(، وقال: "هذا مرسل"، ورواه الواقدي بإسناده عن جابر. وفي معرفة السنن بإسناد آخر عن جعفر بن محمد.
صلاة بمسجد فيه قبر مقبولة
يقول المتشددون أن الصلاة في مسجد فيه أضرحة حرام! وغير مقبولة! يحتجون بحديث البخاري )435(: "أن
عائشة، وعبد الله بن عباس، قالا: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد(( يحذر ما صنعوا"
أقول: هذا فهم خاطئ وليس فيه أن الصلاة في مسجد فيهأضرحة غير مقبولة؛ قال ابن عبد البر في التمهيد )ج 5، ص 46( بعد إيراد الحديث: "قد احتج بعض من لا يرى الصلاة في المقبرة بهذا الحديث ولا حجة له فيه". وقال فيه )ج 6، ص 384(: "زعم قوم أن في هذا الحديث ما يدل على كراهية الصلاة في المقبرة وإلى المقبرة، وليس في ذلك عندي حجة".
قلت: اسمع ما يأتي من البيانات واحكم بنفسك: قال
تعالى:﴿ قال الذين غلب وا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا﴾ في تفسير الطبري )ج17، ص540( بإسنادين حسن أن الذين غلبوا هم المسلمون .
الصلاة إلى القبر!
الصلاة مستقبل القبر منهي لما ثبت في صحيح البخاري )ج1، ص93( قبل رقم )427( قال: "رأى عمر بنالخطاب رضي الله عنه أنس بن مالك يصلي عند قبر ،فقال: "القبر القبر، ولم يأمره بالإعادة".
ترى الحديث بأم عينك صرح بعدم الإعادة فجاء المتشددون يزعمون أن الصلاة بالمسجد فيه ضريح غير مقبولة .
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه مطولا رقم )1581(:
"عن معمر، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال:
رآني عمر بن الخطاب: وأنا أصلي عند قبر، فجعل يقول:
"القبر" قال: " - فحسبته يقول: القمر - " قال: فجعلت أرفع رأسي إلى السماء فأنظر..." الخ
وفي مصنف عبد الرزاق رقم )1580(: "عن ابن جريج ،عن عطاء قال: "لا تصل، وبينك، وبين القبلة قبر، وإن كان بينك ،وبينه ستر ذراع فصل".
قلت: هذان الأثران على من يصلي إلى قبر لا على من يصلي بمسجد فيه قبر؛ فافهم أيها الأخ الكريم .
وهذا سيد الوجود صلى الله عليه وسلم مضطجع في
مسجده وحوله وزيراه أبوبكر وعمر أرضاهما الله والمتشددون يصلون فيه! والبقيع ورائهم. لا نقبل دعوى تخصيص لمشاركته وزيريه رضي الله عنهما .
صلى النبي بأضرحة
في مسند أحمد )5598( والبخاري رقم )488( قال نافع:
"إن عبد الله بن عمر حدثه ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى من وراء العرج، وأنت ذاهب على رأس خمسة أميال من العرج، في مسجد إلى هضبة، عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثة!! ، على القبور رضم من حجارة، على يمين الطريق ،عند سلامات الطريق، بين أولئك السلامات» كان عبد الله يروح من العرج بعد أن تِيل الشمس بالهاجرة ،فيصلي الظهر في ذلك المسجد". مع صحة هذا الحديث لم يزل المتشددين حتى الآن يقولون أن صلاة بمسجد فيه قبر غير مقبولة! وإن كان القبر وراء المسجد .
تنبيه: يزعم بعضهم بأن القبور المنهي الصلاة فيه هي القبور البارزة! وأما غير البارزة فلا يحرم! فجاء هذا الحديث ونسف رأيهم لأن ابن عمر صرح بأن هنالك ثلاثة قبور .
ورأيت في مجموع فتاوى ابن باز )ج 3، ص 357(:
"سؤال: مسجد جامع أحيط بالقبور؟ الجواب: لا حرج في بقاء المسجد المذكور لأن العادة جارية أن الناس يدفنون حول المسجد فلا يضر ذلك شيئا... والمقصود أن الدفن حول المساجد لا بأس به".
صلاة الجنازة وسط القبور
في مصنف عبد الرزاق رقم )1593( بإسناد صحيح عن ابن جريج قال: قلت لنافع: أكان ابن عمر يكره أن يصلي، وسط القبور؟ قال: "لقد صلينا على عائشة، وأم سلمة وسط البقيع" قال: "والإمام يوم صلينا على عائشة رضي الله عنها أبو هريرة، وحضر ذلك عبد الله بن عمر".
ورواه البيهقي في السنن الكبرى رقم )4278( بإسناده إلى نافع .
قلت: هذا هو رأي بعض الصحابة وهم أعلم بدينهم منا
وهم الذين رووا حديث: ))لعن الله اليهود اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد(( ويعلمون مغزى الحديث منا؛ لما ذا لا نقتدي بهم؟! .
قبور في مسجد الخيف
في الكبير للطبراني )13525(: "حدثنا عبدان بن أحمد ،ثنا عيسى بن شاذان، ثنا أبو همام الدلال، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا((". حاول الألباني في تحذير الساجد )ج 1، ص 69( أن يضعف هذا الحديث وتكلم على عيسى بن شاذان وإبراهيم بن طهمان ثم رجع وصححه لرواية البزار!!. ولم يعلم أن الفاكهي أخرجه في تاريخ مكة رقم )2594( بإسناد آخر وفي رقم )2464( بإسناد آخر ورواه البيهقي في الشعب رقم )3717( بإسناد آخر أيضا ولم يقف عليها الألباني .
قبور في الحرمي المكي
في الكبير للطبراني رقم )12288( قال: "حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: "أول من طاف بالبيت الملائكة، وإن ما بين الحجر إلى الركن اليماني لقبورا من قبور الأنبياء، وكان النبي إذا آذاه قومه خرج هو من بين أظهرهم فعبد الله فيها حتى يموت".
قلت: رجاله كلهم ثقات إلا عطاء بن السائب إختلط ولكن له شاهد كما يأتي:
وفي أخبار مكة للأزرقي )ج2، ص66(: "حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة ،عن الزهري، أنه سمع ابن الزبير، على المنبر يقول: " إن هذا المحدودب قبور عذارى بنات إسماعيل عليه السلام - يعني مما يلي الركن الشامي من المسجد الحرام - قال: وذلك الموضع يسوى مع المسجد، فلا ينشب أن يعود محدودبامنذ كان".
قلت: هذا الشاهد إسناده صحيح جميع رجاله جبال!.
والحديث مما لا يقال بالرأي بل محكوم بال رفع كما هو معروف في علم الحديث .
ومثله في أخبار مكة للفاكهي رقم )1273(: "حدثنا محمد بن يحيى، وحسين، وعبد الجبار بن العلاء، وغيرهم قالوا: ثنا سفيان، عن النضر بن الرهيني قال: إنه سمع ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: " إن هذا المحدودب الذي يلي الركن الشامي قبور عذارى بنات إسماعيل " قال ابن أبي عمر في حديثه: فسئل سفيان: أي مكان هو؟ فأشار بيده إلى الحجر مستقبل الركن الغربي الذي يلي الركن اليماني".
وجميع رجاله ثقات إلا ابن الرهيني لم أعرفه بعدُ.
وفيه رقم )1274(: "وحدثني ابن أبي بزة قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده القاسم بن أبي بزة قال: " هذا المحدودب مما يلي الركن الغربي إلى المصباح، وأشار بيده ،قبور عذارى بنات إسماعيل". قلت: ابن أبي بزة ضعيفوأبوه وجده لم أعرفهما .
وفيه رقم )1545(: "وحدثني عبد الله بن منصور ،ونسخت من كتابه هذا الحديث، قال: أخذت نسخة هذا الكلام من كتاب رجل قال: هذا كتاب الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله تعالى في فضل مكة إلى رجل من أهل الزهادة يقال له عبد الله بن آدم ،وكان مجاورا بمكة ،وكان موسرا ولم يكن له عمل بمكة إلا العبادة، وأنه أراد الخروج منها، فبلغ ذلك الحسن، فكتب إليه يرغبه في المقام بمكة، فكتب إليه رسالة طويلة. وفيه قال: وسمعنا أن حول الكعبة قبور ثلاثمائة نبي، وأن قبر نوح، وهود، وشعيب ،وصالح عليهم السلام فيما بين الملتزم والمقام، وأن ما بين الركن الأسود إلى الركن اليماني قبور سبعين نبيا.
وفي أخبار مكة للأزرقي )ج1، ص68(: "حدثني مهدي بن أبي المهدي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن محمد بن سابط، عن النبي صلى الله عليهوسلم، قال: "كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النبي، ومن معه حتى يموت فيه، فمات بها نوح، وهود، وصالح، وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر".
وفي )ج2، ص134(: "حدثنا مهدي بن أبي المهدي، حدثنا يحيى بن سليم، عن أبي خيثم، قال: سمعت عبد الرحمن بن سابط، يقول: سمعت عبد الله بن ضمرة السلولي، يقول: "ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم إلى الحجر قبر تسعة وتسعين نبيا، جاءوا حجاجا فقبر وا هنالك، فتلك قبورهم غور الكعبة".
وفي )ج2، ص133( وقال محمد بن سابط: "كان النبي من الأنبياء صلى الله عليه وسلم إذا هلكت أمته لحق بمكة، فتعبد فيها النبي ومن معه حتى يموت، فمات بها نوح ،وهود، وصالح، وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر".
وفيه )ج1، ص73(: "حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن وهب بن منبه، قال: "خطب صالح الذين آمنوا معه، فقال لهم: إن هذه دار قدسخط الله عليها وعلى أهلها؛ فاظعنوا عنها؛ فإنها ليست لكم بدار. قالوا: رأينا لرأيك تبع، فمرنا نفعل. قال:
تلحقون بحرم الله وأمنه، لا أرى لكم دونه فأهلوا من ساعتهم بالحج، ثم أحرموا في العباء، وارتحلوا قلصا حمرا مخطمة بحبال الليف، ثم انطلقوا آمين البيت الحرام حتى وردوا مكة، فلم يزالوا بها حتى ماتوا، فتلك قبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني هاشم. وكذلك فعل هود ومن آمن معه، وشعيب ومن آمن معه".
قلت: هذه الروايات الأربعة وإن كان فيها ضعف قد تقوي للأحاديث الصحيحة المتقدمة فلله الحمد .
وفي تفسير ابن جرير الطبري )ج9، ص119( بإسناده أن ضمرة الزرقي، أحد بني ليث، وكان مصاب البصر: "خرج من مكة إلى المدينة مهاجرا وهو مريض ،فأدركه الموت عند التنعيم، فدفن عند مسجد التنعيم! ،فنزلت فيه هذه الآية ﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الم وت﴾ الآية
تصحيح مفاهم
أما الحديث: ))لا تجعلوا قبري وثنا(( يعني" يصلى له " لا كما يحاول المتشددون أن يطلقه لما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )11819( ومصنف عبد الرزاق رقم )1587( قالا: "حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى له ) إليه ( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قلت: هذا صحيح مرسل؛ ومرسل زيد قوي مؤتِن لما ثبت في تهذيب الكمال )ج10، ص16(: قال العطاف بن خالد: حدث زيد بن أسلم بحديث، فقال له رجل: يا أبا أسامة، عن من هذا؟ قال: يا ابن أخي، ما كنا نجالس السفهاء ولا نحمل عنهم الأحاديث!".
وله شاهد مرفوع أخرجه أبو نعيم )ج 6، ص 283( رجاله ثقات إلا عبد الله بن هشام تركه ابن أبي حاتم ووثقه ابن حبان.
وفي هذا يتبين أن اليهود والنصارى يبنون مساجدهم على قبور أنبيائهم وصوروهم فيه يصلون لهم!. أما دفن الصالحين حول مسجد أو وراء مسجد لا يصلون لهم فعكس ذلك؛ هذا ظاهر ليس فيه شبهة .
وأما حديث) )اجعلوا في بي وتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا(( قال الشراح كما يأتي:
في المتواري على أبواب البخاري )ج 1، ص 85( قال: "لا تتخذوها قبورا ولم يقل مقابر لأن القبر هو الحفر التي يستقر بها الميت والمقبرة إسم للمكان".
قلت: و رد تفسيره في مصنف عبد الرزاق رقم )4012( عن عطاء قال: أركعهما في بيتي - أي ركعتان الفجر - ثم آتي المسجد فأجلس أحب إلي، قال زيد بن خالد:
"لا تجعلوا بيوتكم مقابر".
وفي فتح الباري لابن رجب )ج 3، ص 233( ساقاختلاف العلماء فيه ورد القائلين أنه نهي عن الدفن فيالبيوت لكون الرسول مدفون في البيت وخليفتاه .
وفي الفتح الباري لابن حجر )ج 1، ص 52( ساق كلام العلماء أن معناه لا تتخذوها قبورا أي لا تتخذوا البيوت للنوم فقط ويويده الحديث القائل : البيت الذي يذكر الله فيه والذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت .
وقال مثله المغلطاي في شرح ابن ماجة )ج 1، ص 1239( والعيني في شرح ابن داود )ج 4، ص 351( وكذلك العمدة القاري )ج 4، ص 166( والسيوطي في شرح مسلم )ج 2، ص 385(، وفي شرح القسطلاني )ج 2، ص 343( قال: "لا تتخذوها قبورا أي مثل القبور بأن لا تصلوا فيها إلا النوم وإن النوم أخو الموت".
وأما ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 10، ص 100( قال: "أنه شبه الذي لا يذكر الله بأهل القبور".
حكم الجلوس على القبور
قد اختلف العلماء في الجلوس على القبر فقال الطحاوي فيشرح معاني الآثار رقم )2948(: عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))لأن يجلس أحدكم على جمرة حتى تحرق ثيابه، وتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر(( فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه وكرهوا من أجلها الجلوس على القبور وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لم ينه عن ذلك لكراهة الجلوس على القبر ولكنه أريد به الجلوس للغائط أو البول وذلك جائز في اللغة يقال: جلس فلان للغائط وجلس فلان للبول واحتجوا في ذلك )2950( بما حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب قال: ثنا عمر بن علي قال: ثنا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة:
"أن زيد بن ثابت قال: هلم يا ابن أخي أخبرك إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور , لحدث غائط أو بول" فبين زيد في هذا الحديث الجلوس المنهي عنه في الحديث الأول ما هو. وقد رويعن أبي هريرة رضي الله عنه نحو من ذلك )2951(حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني محمد بن أبي حميد، أن محمد بن كعب القرظي، أخبرهم قال:
إنما قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ))من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة نار(( )2952( حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا سليمان بن داود، قال: ثنا محمد بن أبي حميد، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: ))من قعد على قبر فتغوط عليه أو بال فكأنما قعد على جمرة (( فثبت بذلك أن الجلوس المنهي عنه في الآثار الأول، هو هذا الجلوس فأما الجلوس لغير ذلك فلم يدخل في ذلك النهي. وهذا قول أبي حذيفة )ومالك( ،وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد روي ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهم )2954(: حدثنا علي، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر، عن عمرو، عن بكير، أن نافعاحدثه: "أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يجلس على القبور".
قلت: حديث الأول أعني حديث زيد بن ثابت له شاهد ذكره ابن حجر في الفتح )ج 3، ص 224( وقال إسناده صحيح. والحديث الثاني أعني حديث أبي هريرة له شاهد أخرجه عبد الرزاق رقم )6511( بإسناده وابن أبي شيبة )ج 3، ص 339( بإسناد آخر. فتبين بعد صحة هذه الأحاديث أن الجلوس على القبر غير مكروه إلا لحدث .
جواز الدعاء عند القبور
عن صالِح بنِ كَيسانٍ عبيدِ اللِه بنِ عبدِ اللِه قال رأيتُ أسامةَ بنَ زيدٍ يصلى عندَ قبِر النبِيّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فخرج مروانُ بنُ الحكمِ فقال تصلى إلى قبره فقال إني أحبه. الخ
صحيح ابن حبان )ج12، ص606، رقم 5694( بإسناد صحيح. وكذلك الضياء في المختارة رقم )1318(موارد الظمعان رقم )1974(.
وأخرجه الطبراني في الكبير رقم) 405( من طريق علي بن المديني، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. ولفظه: رأيت أسامة بن زيد عند حجرة عائشة يدعو، فجاء مروان فأسمعه كلاما، فقال أسامة: إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: ))إن الله عز وجل يبغض الفاحش
البذيء((. وأورده الهيثمي في المجمع )ج 8، ص 64( وقال: "رجاله ثقات".
حاول الألباني تضعيفه في إروائه )ج7، ص209( فقال: "رجاله ثقات إلا أن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن!
قلت: هذا كذب محض! ما عنعن بل قال: "حدثنا صالح بن كيسان". راجع صحيح ابن حبان والطبراني لترى بأمّ عينك وتعلم أن الألباني خائن كاذب أو مخطئ.
بعد صحة الحديث لا ينبغي أن يأتي ابن أنثى بعدالقرون - كخوارج العصر - ويحرم الدعاء عند القبور برأيهويكفر المسلمين! هذا ضلال مبين نعوذ بالله من ذلك .
التشفع بالقبر الشريف زمن الصحابة
أما طلب حاجة عند ضريحه صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن ابي شيبة في مصنفه رقم )32002(: "عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقال ائت عمر فاقرئه السلام وأخبره أنكم مسقون وقل له عليك الكيس الكيس فأتى الرجل فأخبر عمر فبكى عمر ثم قال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه". ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج 44، ص 345( وصححه ابن حجر في الفتح )ج 2، ص 397(. وصححه ابن كثير في البداية والنهاية )ج 7، ص 91(وقال في مسند الفاروق )ج 1، ص 225(: "إسناده جيدقوي".
قلت: من هنا أخطأ محمد بن عبد الوهاب خطئا فاحشا اتكالا على ابن تيمية حيث ظن أن هذا التشفع عبادة!
لأنه قاس روح مؤمن مقبور بحجر معبود!. ثانيا: ظن أن طلب دعاء عند المؤمن المقبور عبادة له!. فعلى هذا يكون عمر بن الخطاب وجميع الصحابة الذين حضروا الواقع كفارا أو أقروا بالكفر! لأنهم ما أنكروا الرجل الذي استسقى برسول الله صلى الله عليه وسلم بل صدقوه حتى بكى عمر بن الخطاب تصديقا.
تنيه: ادعى الألباني في توسله )ج 2، ص 11( كعادته أن حديث مالك الدار المذكور ضعيف! وأن مالك الدار مجهول! قال ذلك المنذري والهيثمي!.
قلت: دليلك أوهى من بيت العنكبوت أين الهيثمي والمنذري بين يدي ابن سعد وابن حبان والعسقلاني كما يأتي : قال ابن سعد في طبقاته )ج 5، ص 12(: "مالكالدار كان معروفا" وكذلك في الثقات لابن حبان )ج 5،ص 384(. وقد صرح العسقلاني في الإصابة )ج 6، ص 216، برقم 8375(: "أن مالك الدار له ادراك وكان معروفا روى عنه فلان وفلان..." وذكره البخاري في التاريخ الكبير )ج 7، ص 304، رقم 1295(. وقد أقرّ تلاميذ الألباني أن مالكا معروف راجع ملتقى أهل الحديث )طبعة٢، ج 74، ص 203(. وقالوا فيه )ج37، ص
284(: "أن أبا معاوية أحفظ الناس في حديث الأعمش". وفيه )ج 4، ص 86( أن حديث الأعمش عن أبي صالح محمول على الإتصال. وعنعنته في البخاري نحو )150( وفي مسلم نحو )180( وفي... وفي... وفي...وعد كتب الحديث .
لقد عجز الوهابيون المعاصرون عن تضعيف سند هذه القصة فلجئوا إلى أن أبا صالح السمان لعله لم يسمع من مالك الدار! .
فقلت: ذكر في جميع كتب التاريخ أن أبا صالح السمانيروي عن مالك الدار كيف لا وأبو صالح عاصره وأخذعمن هو أكبر من مالك الدار! وفي تاريخ دمشق )ج 56، ص 489، رقم 7180(: "أن مالك الدار سمع عن
الصحابة وروى عنه أبو صالح السمان وعبد الرحمان وابناه".
وفيه )ج 56، ص 491(: قال ابن معين: "مالك الدار تابعي أهل المدينة ومحدثيهم"! وفيه )ج 56، ص 492(:
"أن مالكا معروف!!".
وقد أخرج القصة الخليلي في الإرشاد )ج 1، ص 311( بإسناده إلى الأعمش. ورواه الطبري في تاريخه )ج
4، ص 98( بإسناد آخر إلى عاصم بن عمر. وأوردها الذهبي في تاريخ الإسلام )ج2، ص149( وفي سيره )ج
2، ص 412( بغير نكير .
أما باقي آراء الألباني في توسله فلايهُمُّنا إذ أمير المؤمنين عمر والحاض رون ليس منهم من بدع الرجل أوكفره بل صدقوا بالخبر وقد بكى عمر حين أخبره وقال: "يا رب ما آلو إلا ما عجزت. فجاء التكفيريون الخوارج يكفرون كلمن تشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم".
ويزعمون أن كل دعاء عبادة! لحديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الدعاء هو العبادة قال ربكم:﴿ ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين﴾ ".
قلت: هذا الفهم فهم خاطئ راجع العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية المروذي لتعلم معنى الحديث، ثبت فيه )ج 1، ص 263(: "عن النعمان أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "إن الذين يستكبرون عن عبادتي قال عن دعائي سيدخلون جهنم داخرين " هنا نفهم فهما صحيحا أن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر لنا معنى "ادعوني" وأن معناه العبادة أي اعبدوني لا أن كل دعاء عبادة كما يظن البعض. وقال ابن جرير الطبري في تفسيره )ج 21، ص 406(: "ادعوني أستجب لكم أي اعبدوني أرحمكم"، وساق أسانيده .وإن مشينا على فهم أولائك المخطئين لصار جميع الصحابة كفارا لأنهم يدعون النبي صلى الله عليهوسلم يقولون ) يا رسول الله أدعو الله لي...( أمثاله كثير في البخاري وغيره هذا أولا .
وثانيا: الدعاء الأعمى الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم فيه نداء وطلب ) يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي ...( حديث صحيح كما يأتي إذا قلنا أن كل دعاء عبادة يكون النبي هو الذي علم الشرك! .
وثالثا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي البقيع يقول:
"السلام عليكم أهل الديار" هذا نداء .
ورابعا: سيأتي عيسى عليه السلام على قبر النبي وقال: "يا محمد" فأجابه النبي صلي الله عليه وسلم. أخرجه أبو يعلى في مسنده )ج 11، ص 462( وغيره وقد صححه المتشدد! هل هذا كله عبادة له صلى الله عليه وسلم؟! .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعطنا فهما صحيحا في الكتاب والسنة آمين يارب العالمين .
تنبيه: أنكر بعض الناس سماع الموتى يحتجون بقوله تعالى﴿إنك لا تسمع الموتى﴾ وقوله تعالى ﴿وما أنت بمسمع من في القبور﴾!! وهم يعلمون يقينا أن السلف الصالح فسروا "الموتى" بموت القلب لا موت الجسد وفسروا "لا تسمع" بسماع القبول لذلك قال بعد ذلك﴿ إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا﴾ راجع ابن جرير الطبري )ج 18، ص 524( وكذلك تفسير البغوي )ج 3، ص 513( وابن القيم في مدارجه )ج 3، ص 243(. وفسروا "من في القبور" أي قلوب الكفار في صدورهم لا قبور في الأرض راجع تفسير ابن جرير )ج 19، ص 356( عند قوله تعالى﴿ ما يستوي الأحياء ولا الأموات﴾ وكذلك زاد
المسير لابن الجوزي )ج 3، ص 510(. وابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 4، ص 243(.
ثم الرسول صلي الله عليه وسلم أعلم بالقرءان منا وقد صح عنه إثبات سماع الموتى كما في صحيح البخاري رقم )1370( وفي مسند احمد )ج 10، ص 291( رقم )6145(: "أن عبد الله بن عمر قال: اطلع رسول اللهصلى الله عليه وسلم على أهل القليب ببدر ثم ناداهم ،فقال:" يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟" قال أناس من أصحابه: يا رسول الله: أتنادي ناسا أمواتا ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم بأسمع لما قلت منهم".
وروي مثله عن أنس في مسند أبي يعلى )ج 1، ص 45( وغيره. وعن أبي طلحة في الأحادي والمثاني )ج 3، ص 445(. وعن عمر بن الخطاب في السنن الكبرى للنسائى )ج 2، ص 481(. وعن ابن مسعود في السنة لابن أبي عاصم )ج 2، ص 428(. في هذا الحديث تصريح أن الموتى يسمعون .
وأما رواية التي في مسند أحمد رقم )1404( بزيادة:
فسمع عمر صوته، فقال: يا رسول الله هل يسمعون؟ يقول الله عز وجل:﴿ إنك لا تسمع الموتى﴾؟ فقال:" والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا. هذه الزيادة ضعيفة جميع طرقه تدور على حماد بنسلمة هو ضعيف.
ويقال أن عائشة أنكر سماع الموتى ولكن في إسناده كلام وهو ما ورد في صحيح البخاري )3980(: "عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: ))هل وجدتم ما وعد ربكم حقا(( ثم قال: ))إنهم الآن يسمعون ما أقول((، فذكر لعائشة ،فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ))إنهم الآن
ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق(( ثم قرأت ﴿إنك لا تسمع الموتى﴾. في الإسناد هذا الحديث هشام بن عروة تغير أخيرا كما قال القطان في الوهم )ج 5، ص 504(. وفي التهذيب )ج 30، ص 239( أنكروه حينما صار إلى العراق، وكان الإمام مالك لا يرضاه .
وقال الذهبي في الميزان )ج 4، ص 301(: "نعم الرجل تغير قليلا ولم يبق حفظه..." الخ. وأخرجه أحمد في المسند رقم )4864( وفيه محمد بن عمرو بن علقمةضعيف كما ذكرته في حديث افتراق الأمة .
وفي صحيح البخاري )ج 2، ص 98، رقم 1374(:
"وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم ،أتاه ملكان فيقعدانه..." الخ. أثبت هذا الحديث سماع الميت إطلاقا كل من قيده بوقت الدفن ليس لديه أي دليل ألبتة .
وقد ثبت في مصنف عبد الرزاق رقم )6723(:
"أخبرنا يحيى بن العلاء أخبرنا ابن عجلان، عن زيد بن أسلم قال: مر أبو هريرة وصاحب له على قبر فقال أبو هريرة: سلم، فقال الرجل: أسلم على القبر؟ فقال أبو هريرة:
"إن كان رآك في الدنيا يوما قط إنه ليعرفك الآن". هذا القول من الصحابي الجليل أبو هريرة وهذا لا يقال بالرأي كما ثبت في علوم الحديث.
وقد جزم ابن تيمية في الفتاوى الكبرى )ج 3، ص
69(: "بأن الموتى يسمعون الخطاب".
وقد قال المتشددون في كتابهم ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج 24، ص 136(: "الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم... وأن عائشة ومن تبعها في إستدلالهم غلط... ولا يجب الرجوع إلى تأويل عائشة، سماع الموتى ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بوقت". انتهى من الملتقى.
حكم حديث لا يستغاث بي
في مسند أحمد رقم )22706(: "حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، أن رجلا سمع، عبادة بن الصامت يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا يقام لي إنما يقام لله". وأخرجه الطبراني في الكبير رقم )5780( وابن سعد)ج 1، ص 387(. ليس له إسناد إلا هذا الإسناد وهذا الإسناد أ وهى من بيت العنكبوت اسمع ما يأتي:
أولا: مضطرب المتن قال أحمد: )لا يقام لي( وقال الطبراني :) لا يستغاث بي(. هذا أولا .
ثانيا: الإسناد منقطع بين علي وعبادة .
ثالثا: فيه ابن لهيعة تالف ضعيف باتفاق .
في تاريخ ابن معين )ج 1، ص 68(: "حديث ابن لهيعة ليس بشيء". وقال يحيى : ابن لهيعة ليس بشيء تغير أولم يتغير! راجع - من كلام أبي زكرياء – )ج 1، ص 109(. وفي الضعفاء لأبي زرعة )ج 3، ص 1000(:
"تركه البخاري".
لا تغتر بقول الهيثمي في المجمع أن ابن لهيعة ضعيف وأحاديثه حسن! فقد ضعفه هو في عدة مواضع وقال ابن مهدي أن ابن لهيعة ضعيف قبل اختراق كتبه وبعده وحديثه ليس بشيء .
ومن العجب أن ابن تيمية مع كونه شيخ الإسلاموواحد لايستثنى به أحد!! كان يحتج بهذا الحديث الباطل كما في مجموع فتاويه )ج 1، ص 11( وفي قواعده )ج 1، ص 254( وفي مجموع الرسائل )ج 1، ص 15(. وأما الألباني فقد فر منه ولم يتعرض له في كتبه البتة .
اسمع ما يقول ابن تيمية
قال في اقتضاء الصراط )ج2، ص254(: "ما يروى من أن قوما سمعوا رد السلام من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبور غيره من الصالحين. وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة.؛ ونحو ذلك. فهذا كله حق!! ليس مما نحن فيه، والأمر أجل من ذلك وأعظم. وكذلك أيضا ما يروى: " أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه الجدب عام الرمادة. فرءاه وهو يأمره أن يأتي عمر، فيأمره أن يخرج يستسقي بالناس" فإن هذا ليس من هذا الباب. ومثل هذا يقع كثيرا لمن هو دون النبي صلى اللهعليه وسلم، وأعرف من هذا وقائع".
قلت أيضا: اسمع فضائل قبور الصالحين من ابن تيمية. قال في اقتضائه )ج2، ص255(: "وكذلك ما يذكر من الكرامات، وخوارق العادات، التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها وتوقي الشياطين والبهائم لها، واندفاع النار عنها وعمن جاورها، وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى، واستحباب الاندفان عند بعضهم، وحصول الأنس والسكينة عندها، ونزول العذاب بمن استهانها - فجنس هذا حق، ليس مما نحن فيه. وما في قبور الأنبياء والصالحين، من كرامة الله ورحمته، وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق، لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك".
عقبة بن عامر كافر!
وفي تهذيب الأسماء والصفات للنووي )ج1، ص336( في ترجمة عقبة بن عامر الصحابي قال: "وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، وشهد فتوح الشام، وهو كان البريد إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بفتح دمشق، ووصل المدينة فى سبعة أيام، ورجع منها إلى الشام فى يومين ونصف بدعائه عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- وتشفعه به فى تقريب طريقه".
قلت: هذا الخبر أثبت جواز التشفع بالنبي بعد وفاته في زمن الصحابة .
ابن المنكدر كافر قبوري أم لا
في تاريخ دمشق )ج56، ص50( قال: "كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي )صلى الله عليه وسلم( ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطرة فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي )صلى الله عليه وسلم( وكان يأتي موضعا من المسجد في السحر يتمرغ فيهويضطجع فقيل له في ذلك فقال إني رأيت رسول الله)صلى الله عليه وسلم( في هذا الموضع". ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام )ج3، ص521(.
قلت: هل محمد بن المنكدر كافر! أم ابن عساكر ناقل كفر! والذهبي ثالثهما!؟؟
حفاظ كبار قبوريون!
في تاريخ الإسلام للذهبي )ج8، ص524( وفي سير أعلام النبلاء )ج12، ص382(: "عن أبي بكر بن أبي علي قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله، الجوع، فقال لي الطبراني: اجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير، وقال: شكوتِوني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رأيته في النوم، فأمرني بحملشيء إليكم".
قلت: أهؤلاء الحفاظ كفار؟! أم الذهبي ناقل الكفر!؟ البخاري قبوري!
قال ابن عدي في كتابه )من روى عنه البخاري( )ج1، ص51(: "سمعت عبد القدوس بن همام يقول سمعت عدة من المشايخ يقولون دَوَّنَ محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره"!
قلت: لما ذا أختار البخاري قرب قبره صلى الله عليه وسلم لتدوين!؟؟. أم هو وابن عدي قبوريان!؟ .
وأعود قائلا البخاري قبوري؟!
وفي تاريخ الكبير للإمام البخاري )ج6، ص 549( وهو تاريخ كبير على طريقة المحدثين جمع فيه الثقات والضعفاء من رواة الحديث ويقال انه ثلاثة كبير ووسط وصغير وهو الذى صنفه عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالى المقمرة ويرويه عنه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس وأبو الحسن محمد بن سهل اللغوى وغ يرهما فهذا من بركاتجوار النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حيثعم نفعه!.
قلت: لا شك أن البخاري صار قبوري! بعد اليوم عند المتشددين.
إبراهيم الحربي قبوري
في تاريخ بغداد )ج1، ص445(: "أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم، يقول: سمعت أبا علي الصفار، يقول: سمعت إبراهيم الحربي، يقول: قبر معروف الترياق المجرب. أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري، قال: سمعت أبي يقول: قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج، ويقال: إنه من قرأ عنده مائة مرة قل هو الله أحد وسأل الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته. حدثني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري، قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع ،يقول: سمعت أبا عبد الله ابن المحاملي، يقول: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ما قصده مهموم إلا فرج الله همه".
الإمام الشافعي قبوري!!
في تاريخ بغداد )ج 1، ص 445(: "أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري، قال: أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ، قال: حدثنا مكرم بن أحمد، قال:
حدثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن ميمون، قال: سمعت الشافعي، يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم، يعني زائرا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى". وأثبته الذهبي في تاريخ الإسلام )ج4، ص 1210( و في سير أعلام النبلاء )ج8، ص88(.
قلت: إذًا الإمام الشافعي والحافظ إبراهيم الحربي كافرانقبوريان إن صح الإسناد! وإن لم يصح السند فالخطيبالبغدادي والذهبي كافران قبوريان لأنهما نقلا الخبر إحتجاجا!! .
أبو الفرج إبن أبي حاتم قبوري!!
في تاريخ الإسلام )ج 35، ص 35( في ترجمة محمد بن محمود أبو الفرج ابن العلامة أبي حاتم الأنصاري القزويني. فقيه، صالح، صاحب معاملة. حج سنة سبع وتسعين، وأملى بمكة مجلسا . وضاع ابن له قبل وصوله المدينة. قال بعضهم : فرأيناه في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمرغ في التراب ويتشفع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في لقي ولده، والخلق حوله، فبينا هو في تلك الحال إذ دخل ابنه من باب المسجد، فاعتنقا زمانا
. رواها السمعاني، عن أبي بكر بن أبي العباس المروزي. ابن أبي عاصم كافر!!
وفي الآحاد و المثاني في ترجمة طلحة بن عبيد الله قال: "قبرهبحضرة الهجرتين وقد رأيت جماعة من أهل العلم وأهل الفضل إذا هم أحدهم أمر قصد إلى قبره فسلم عليه ودعا بحضرته، وكان يعرف الإجابة، وأخبرنا مشايخنا قديما أنهم رأوا من كان قبلهم يفعله".
قلت: ابن أبي عاصم كافر قبوري لأنه نقله إحتجاجا .
ابن حبان قبوري!!
قال ابن حبان في الثقات )ج8، ص457(: "ما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفي وأهل بيته صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين".
قلت: ابن حبان قبوري كافر!! أو مبتدع! أليس كذلك!؟ . الحافظ ابن خزيمة مشرك؟!!
وفي تهذيب التهذيب )ج7، ص388(: "سمعت أبا بكرمحمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضي بطوس قال فرأيت من تعظيمه يعني بن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا .
قلت: العسقلاني كافر لأنه نقله إحتجاجا لا إنكارا".
ابن أبي زرعة قبوري!
وقال ابن الجوزي في المنتظم )ج16، ص314(: "وكان هبة الله بن عبد الوارث يحكي عن والدته فاطمة بنت علي قالت: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد المعروف بابن أبي زرعة الطبري قال: سافرت مع أبي إلى مكة فأصابتنا فاقة شديدة فدخلنا مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وبتنا طاويين، وكنت دون البالغ، فكنت أجيء إلى أبي وأقول: أنا جائع. فأتى بي أبي إلى الحضرة وقال: يا رسول الله، أناضيفك الليلة. وجلس فلما كان بعد ساعة رفع رأسه وجعليبكي ساعة، ويضحك ساعة. وقال: رأيت رسول الله صلىالله عليه وسلم فوضع في يدي دراهم، ففتح يده فإذا فيها دراهم وبارك الله فيها إلى أن رجعنا إلى شيراز وكنا ننفق منها".
قلت: إن صح الخبر فابن أبي زرعة كافر قبوري وإن لم يصح فابن الجوزي ناقل كفر لاحتجاجه به !
أبو الخير كافر!!
في صفة الصفوة )ج2، ص421، رقم 806( قال:
"وسمعته - أبا الخير - يقول: دخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت طعاما فتقدمت إلى القبر فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وقلت أنا ضيفك الليلة يا رسول الله وتنحيت فنمت خلق المنبر فرأيت في النوم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعلي ابن أبي طالب بين يديه. فحركني علي وقال لي: قم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت إليه وقبلت بينعينيه، فدفع إلي رغيفا فأكلت نصفه وانتبهت وإذا في يدينصف رغيف".
قلت: إن لم يصح الخبر فابن الجوزي كافر لأنه نقله كرامة!!
علي النيسابوري كافر!!
في تهذيب التهذيب )ج 11، ص 299( قال الحاكم:
"سمعت أبا علي النيسابوري يقول كنت في غم شديد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه يقول لي صر إلى قبر يحيى بن يحيى واستغفر وسل تقض حاجتك فأصبحت ففعلت ذلك فقضيت حاجتي".
إن صح وإن لم يصح فالعسقلاني ناقل كفر لأنه أثبته!!
زيارة بلال الصحابي قبر النبي
قال الغساني في أخباره )ج1، ص46، رقم 75(: "إن بلال بالشام ورأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ما هذه الجفوة يا بلال أما آن أن تزورني فانتبه حزينا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلىالله عليه وسلم فجعل يبكي عنده وجعل يمرغ وجهه عليهوأقبل الحسن والحسين صلوات الله عليهما فجعل يضمهماويقبلهما فقالا له يا بلال نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذنه لروسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ففعل فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما أن قال الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما أن قال أشهد أن لا إله إلا الله زاد تعاجيجها فلما أن قال أشهد أن محمدا رسول الله خرج العواتق من خدورهن فقالوا أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رؤى يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم".
قلت: هذا الحديث ضعفه بعض العلماء فأردت أن أدلي دلوي فيه؛ فقلت: رواه الغساني عن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه عن جده .أما الغساني فهو ثقة إمام كما في سير أعلام النبلاء )ج11، ص262(. وإبراهيم فيه جهالة! كما في الميزان )ج1، ص64(. واللسان )ج9، ص359(. ومحمد لا بأس به كما في الجرح والتعديل )ج7، ص267(. وسليمان بنبلال ثقة وهو المفتي الشام كما في سير أعلام النبلاء )ج7،ص94(.
ولكن الذهبي قد تناقض فيه! فقال في سير أعلام )ج 3، ص218(: "لين منكر". وقال في تاريخ الإسلام )ج 5، ص773( إسناده جيد! وفيه جهالة .
قلت: الآن اتضح أنه ليس في الإسناد علة إلا جهالة إبراهيم إذا الحديث حجة عند من يحتج بالمجهول كمذهب مالك وأبي حنيفة كما في الروض الباسم. فالحديث حجة عندهم .وقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج 5، ص 114( أخرجه ابن عساكر بسند جيد .
قلت: نعم أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج7، ص137( بهذا السند الذي تكلمنا آنفا .
التوسل والإستغاثة معا
في مسند أحمد بهذا الرقم )17240(: "عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليهوسلم، فقال: ادع الله أن يعافيني، قال:" إن شئت دعوتلك، وإن شئت أخرت ذاك فهو خير فقال: "ادعه، فأمرهأن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضي لي، اللهم شفعه في". وأخرجه الترمذي )3578(، والنسائي في "الكبرى) "10495( وفي عمل اليوم والليلة) 659( ، وابن ماجه) 1385( ، وابن خزيمة) 1219(، والحاكم )ج 1، ص 31(.
وغيرهم واتفقوا على أن الحديث صحيح حتى هؤلاء المتشددين بأجمعهم صححوه في كتبهم، ولكن المتشدد كما تعرفون يزعم بعضهم أن الأعمى توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته لقوله في آخر الدعاء )شفعه في( .
فأقول: هذا التأويل باطل لم يأت في أي حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بتة. قال المتشدد الألباني في توسله )ج 1، ص 71(: "وعلى هذا فالحادثة كلها تدورحول الدعاء".
فأقول: نعم الحادثة تدور حول الدعاء ولكن السؤال هنا:
ما هو الدعاء الذي دعا به النبي؟ لا بد إلا الإجابة بأنه لم يدع له النبي بل علمه كيف يدعو. وفي السنن الكبرى للنسائي رقم )10419:( "أن الأعمى طلب الدعاء فأبى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: ))بل أدعك(( وأمره أن يدعو بهذا الدعاء. فأراد هؤلاء المتشددين أن يحرفه ويزعمون أن النبي دعا له خاصة ثم توسل الأعمى بذلك الدعاء. وليس لديهم أي دليل على ذلك بل الدليل يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أبي عن الدعاء له وعلمه دعاء فتشفع بذلك الدعاء فشفاه الله. لذلك أجاز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التوسل بهذا الحديث كما يأتي في حديث عثمان بن حنيف .
وزعم الألباني أيضا في توسله )ج 1، ص 71(: أن الأعمى طلب أن يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم لا أنيعلمه الدعاء!. فأقول: بل طلب أن يعلمه كما ورد فيالمستدرك رقم )1929(: "أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به يرد الله علي بصري".
ومما يدل أيضا على ان هذا الحديث مطلق غير مقيد على الأعمى فقط ما روى الطبراني في الكبير )ج9، ص30( وفي الصغير )ج1، ص306، رقم 508( من طريق إبن وهب عن شبيب عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن غفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لايلتفت إليه ولاينظر في حاجته فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا إليه ذالك فقال له عثمان بن حنيف: إئت الميضأة فتوضأثم إئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يامحمد إني أتوجه بك إلى ربي لتقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، فصنع الرجل ما قاله فقضي حاجته فلقي عثمانبن حنيف فقال له: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوتصبر؟ فقال يارسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات. فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر".
قلت: فيه التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال "وأتوجه إليك بنبيك" وفيه إستغاثة حيث قال "يا محمد إني أتوجه بك". هذا الحديث أخرجه البيهقي في الدلائل النبوة )ج 6، ص167( عن إسماعيل بن شبيب عن أبيه ...
وفيه )ج 6، ص 168( بإسناد آخر عن أحمد بن شبيب عن أبيه... وفيه )ج 6، ص 168( قال: "ورواه أيضا هشام الدستوائي عن أبي جعفر عن أبي أمامة عن عمهعثمان بن حنيف".
قلت: هذه ثلاث شواهد صحيحة غير رواية ابن وهب
وقد شذ الألباني في توسله )ج 2، ص 84( وشيخه ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 1، ص 284 – 390(:
"أن شبيب لا بأس بأحاديثه بش رط أن يكون من رواية يونس بن يزيد!".
قلت: هذا من شذوذهما بل غاية ماقيل في شبيب كما في الكامل لابن عدي رقم )891 (: "يحدث عنه ابن وهب المناكر الذي يرويها عنه ولعل شبيب بمصر في تجارته إليها كتب عنه ابن وهب من حفظه فيغلط ويهم. وقد تفرد بهذا الكلام ابن عدي ومع ذلك لم يقيد شبيبا بل تكلم ماروى عنه ابن وهب بمصر من حفظه فقط ولاتنس أن هشام الدستوائي تابع شبيبا كما قال البيهقي وهو شاهد له وهذا أحمد بن شبيب وإسماعيل بن شبيب جبلان أمامكم إن كان ابن وهب كتب عنه بمصر من حفظه فيغلط فأحمد
وإسماعيل لم يأخذا منه بمصر. وطريق هشام ليس فيه شبيبا .
قد قال ابن حجر في تق ريب التهذيب )ج1، ص 263(:
"لا بأس بحديث شبيب من رواية إبنه أحمد عنه لا ابن وهب".
ولحديث شبيب شاهد أيضا أخرجه الطبراني في الكبير
)ج 9، ص 30( بعد أن أورد بحديث شبيب قال: "حدثنا عثمان بن عمر بن فارس حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن أبي أمامة نحوه". وقال الحاكم في المستدرك )ج 1، ص 707(: "في رواية شبيب زيادات في المتن والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون". وفي العلل لابن أبي حاتم )ج 5، ص 385(: "أن حديث شبيب أشبع متنا وقد تابع هشام شبيبا وروايتهما أصح".
يزعم هؤلاء القوم أن عثمان بن حنيف حينما أجاز التوسل بهذا الحديث حذف لفظ )شَفِّعْهُ فيٌ وشفعني في نفسي .( فأقول: حذف الدعاء النبوي حسب حاجتك جائز عند المتشددين ثبت في فتاوى اللجنة الدائمة )ط ٢،ج 2، ص 246( حول الصلاة الإبراهيمية قالت ) وإن اقتصر على - اللهم صل وسلم على محمد - كفى! .وقال ابن باز في فتاوى نور )ج 8، ص 44(: "كان النبي يدعو بدعاء طويل بعد الركوع وإن اقتصرت على ربنا ولك الحمد كفى". وفيه )8 ص 78( قال: وإن اقتصر على البعض كفاه ذلك. ومثله في فتاوى اللجنة الدائمة )ط1، ج 8، ص 73(. وقال ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام )ج 1، ص 318( حول دعاء الإستفتاح: "وإن اقتصر عليه فلا حرج".
تنبيه: سمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بِـ) صلاة الحاجة ( فأصبح الوهابيون يقيدونه على الأعمى!!. ثبت في تاريخ دمشق )ج 64، ص93، رقم 8112( بإسناد صحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمه صلاة الحاجة! فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويدعوبهذا الدعاء .
فعلى هذا نقول: التوسل المسمى بالصلاة الحاجة معروف عند الصحابة .
قال ابن ماجة )ج 1، ص 441(: "باب ما جاء في صلاة الحاجة". فذكره
وفي مختصر الأحكام للطوسي )ج 2، ص 442(:
"باب ما جاء في صلاة الحاجة". وذكره .
وفي أخبار الصلاة لعبد الغني المقدسي )ج 1، ص 35(: "باب صلاة الحاجة،وذكره".
هنا تبين لك أن العلماء الذين رووا الحديث فهموا أن الدعاء مطلق لكل مسلم كما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم حتى سموه بصلاة الحاجة وهم أعلم بالتوحيد منا ،وثبت في علم الحديث أن الراوي أعلم بحديثه من غيره. لا أزال متعجبا من جرأة هؤلاء المتمسلفين على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم!. الصحابي روى حديثه وعمل به فجاء المتمسلف وقال أن الصحابي لم يفهمالحديث! هذا لمن سوء الأدب .
وأختم الباب بمن وثقوا الشبيب: وثقه أبو زرعة وأبو حاتم كما في الجرح والتعديل )ج 4، ص 395( والنسائي كما في تهذيب التهذيب )ج 4، ص 307( وكذلك الذهلي كما في تهذيب التهذيب )ج 6، ص 306( ووثقه الدارقطني كما في سؤلات الحاكم للدارقطني )ص224( وابن حبان في الثقات )ج 8 ص 310(.
وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل )ج 4، ص 359(:
"صالح الحديث لا بأس به". وقال ابن عدي في الكامل رقم
)891(: "له نسخة الزهري أحاديثه مستقيمة".
رجع ابن تيمية ويجيز الإحتجاج بالحديث عند السلف قال في مجموع فتاويه )ج 1، ص 264(: "أن ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء قال: حدثنا أبو هاشم سمعت كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة يقول: جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال: بك داء لا يبرأ. قال: ما هو؟ قال: الدبيلة. قالفتحول الرجل فقال: الله الله الله ربي لا أشرك به شيئااللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي. قال فجس بطنه فقال: قد برئت ما بك علة. قلت: فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ثم قال: وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع".
قلت: النزاع بين من ومن يا ابن تيمية؟ لا تستطع أن تأتي بهم إذ ليس في الباب نزاع .
وأقول: أجاز ابن تيمية التوسل وهو لايعلم في قوله: "من خدرت رجله فليقل: يامحمد". راجع الكلم الطيب )ج1، ص173، رقم 236( وابن القيم في الوابل الصيب )ج1، ص 136(.
ورجع ابن تيمية عن قوله بمنع التوسل وقال: لايستغاث بالنبي استغاثة بمعني العبادة ولكن يتوسل بهويتشفع به إلى الله. راجع البداية والنهاية )ج 14، ص 45( وقد علق الوهابيون على هذا القول بأنه خالف ما في كتبه ولم ينتبهوا أنه رجوع!.
تنبيه أيضا: قال الألباني في توسله )ج 2، ص 133(: "أن التوسل ليس شرك عندهم...". وقال في موسوعته )ج 1، ص 200(: "أن التوسل ليس من مسائل العقيدة".
وفي اللجنة الدائمة رقم )1711( قالوا: "نهي التوسل سدا للذريعة لا أنه شرك"!.
وقال الألباني في موسوعته )ج 3، ص 910، رقم
313(: "نهي التبرك بالأثار سدا للذريعة!".
قلت: من أمركم أن تسدوا تلك الذريعة؟! أين دليل صريح؟ .
وقلت أيضا: لقد أشكلني قولهم لا يتوسل بمخلوق كذات وجاه بينما نراهم يجيزون التوسل بمحبة وعمل صالح!. أليس المحبة مخلوقا؟! وقد مر قريبا أن الأعمى توسل بذات النبيوقال: "أتوجه إليك بنبيك" ولم يقل "أ توجه إليك بمحبتيلنبيك" أليس كذلك؟
قال الألباني في موسوعته )ج3، ص650، رقم240(: "يجوز التوسل بمحبتك الصالحين. أو محبتك للنبي صلى الله عليه وسلم!". ثم رجع في توسله )ج 1، ص 76( قائلا: "من رأى أن توسل الأعمى كان بذاته صلى الله عليه وسلم فعليه أن يقف عنده ولا يزيد عليه .- وكذب قائلا - كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام!".
وقال ابن باز في فتاوى أركان الإسلام )ج1، ص182(: "يجوز التوسل بمحبتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم!". وكذلك في الدرر السنية )ج11، ص64(: "يجوز التوسل بالمحبة".
التوسل بالصالحين
في صحيح البخاري رقم )1010( أن عمر بن الخطابرضي الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، فقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا"، قال: "فيسقون".
يزعم المتشددون أن عمر بن الخطاب ت وسل بدعاء العباس لا بذاته!. قلت: من أين لكم هذا الزعم؟ بل قال عمر "نتوسل بعم نبينا" ولم يثبت أنه قال "نتوسل بدعاء عم نبينا" ألبتة هذا من خرافات المتشددين. وتأويلاتهم الباطلة لا تغني ولا تسمن .
ثبت في أمالي المحاملي رقم )133(: "حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني أحمد بن يحيى بن جابر قال:
حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال استسقى عمر بالعباس عام الرمادة فقال: اللهم إنا نستسقيك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم ونستشفع إليك بشيبته فسقوا".
فجاء حفيد العباس ابن عبد العزيز الهاشمي السلفيوزاد الحديث إيضاحا قائلا "اللهم إن عمر بن الخطاباستسقى بشيبة العباس فسقي، وهو أبي وأنا أستسقي به .
قال: فأخذ يحول رداءه، فجاء المطر وهو على المنبر." ذكره الخطيب في تاريخ بغداد )ج9ص58( قال: "أخبرني أبو حاتم أحمد بن الحسن الواعظ في كتابه إلي من الري ،قال: سمعت إسماعيل بن الحسين الصرصري: يقول، فذكره .
وقال: ذكرت هذه الحكاية لأبي القاسم الأزهري، فقال:
حكى لي أبي عن حمزة نحو هذا".
قلت: الإسناد صحيح كما ترى. وذكره الذهبي في تاريخ الإسلام )ج7، ص691(. فاتضح من هذا أن عمر بن الخطاب توسل بذات العباس أي بشيبته!!. ترى المتشددين يهربون عن هذا الحديث كي لا يهدم بنائهم العنكبوتية .
حكم التبرك بآثار الصالحين
ادعى المتمسلفون حتى الألباني في صحيحه )ج 6، ص 1264( أن التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم منسوخ قال: "إن كان الصحابة تبركوا بآثاره حال حياته فقدصرفهم بعد ذلك وأرشدهم إلى ما هو خير لهم منه أنرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أو تنخم ابتدر من حوله من المسلمين وضوءه فشربوه، ومسحوا به جلودهم، فلما رآهم يصنعون ذلك سألهم: لم تفعلون هذا؟ قالوا: نلتمس البركة بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان منكم يحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث، وليؤد الأمانة". وقال حديث صحيح .
قلت: بل هذا حديث ضعيف عمرو السكسكي كذاب لا يستشهد به كما قال ابن حبان في المجروحين )ج 2، ص 79(. واتفقوا على ضعف عبيد بن واقد كما في الميزان )ج
3، ص 24(. والحسن بن أبي جعفر منكر الحديث كما في الضعفاء العقيلي )ج 1، ص 221(. لا يستشهد به .
ورواية الزهري معضل كما صرح بذلك الألباني نفسه في تحذير الساجد )ج 1، ص 70(. كيف يكون صحيحا؟ .
وكيف يدعي الألباني نسخ التبرك وأحاديث تبرك الصحابة بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مملؤة في صحيحالبخاري ومسلم وغيرهما؟! هذا لمن أعجب العجائب.
أما التبرك بآثار الصالحين فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه قال: ))البركة مع أكابركم(( وصححه المتشدد الألباني في صحيحته )ج4، ص380، رقم 1778( وفي صحيح الجامع )ج1، ص558، رقم 2884( نعمل بعمومه لا نلتفت إلى تأويلات أو تقييده بلا دليل ظاهر .وفي حديث: "كان صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين!!". صححه الألباني أيضا في صحيحته )ج5، ص154، رقم 2118( وفي صحيح الجامع )ج2، ص881، رقم 4894(.
في حديث محمد بن عبد الله الأنصاري بإسناد حسن رقم )63(: "حدثنا أبي، عن جميلة مولاة أنس قالت: كان ثابت إذا جاء إلى أنس قال: يا جميلة، ناوليني طيبا أمس به يدي، فإن ابن أبي ثابت لا يرضى حتى يقبل يدي، فيقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليهوسلم".
ومسند إسحاق بن راهويه بإسناد صحيح رقم
)1735(: "أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، أن عائشة، كانت تؤتى بالصبيان فتدعو لهم وتبرك عليهم".
وفي فضائل الصحابة لإمام أحمد رقم )937(: "حدثنا عبد الله بن أحمد قثنا نصر بن علي قال: أنا عبد الله بن داود، عن مدرك أبي الحجاج قال: رأيت عليا له وفرة، وأتي بصبي فبرك عليه ومسح على رأسه".
وفي المجالس والجواهر رقم )808(: "حدثنا أحمد بن أبي عمران، نا سعيد بن سليمان، نا زكريا بن منظور، نا محمد بن عقبة؛ قال: أرسل مروان بن الحكم إلى أبي هريرة أن يكتب في داره شيئا يتبرك به، فلما دخل الدار؛ قال: يا غلام! اكتب: تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تبلغون، والله! لا أزيدك". قلت: رجاله ثقات إلا زكرياء قال ابن عدي في الجرح:
"ضعيف يكتب حديثه".
التبرك بابن تيمية
في العقود الدرية المكتبة الشاملة )ص٣٨٥(: "وجلس جماعة قبل الغسل وقرأوا القرآن وتبركوا برأيته وتقبيله ثم انصرفوا وحضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذالك ثم انصرف...".
وفي )ص٣٦٨(: "وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك!". راجع الأعلام العلية )ص٨٣( بزيادة وفي العقود )ص٣٨٧(: "وشرب جماعة الماء الذي فضل من غسله! واقسم جماعة بقية السدر الذي غسل به!...
وختمت له ختم كثيرة وتردد الناس إلى قبره أياما كثيرة ليلا ونهارا..." راجع الأعلام العلية )ص٨٥(.
وفي العقود )ص٣٩٧(: "وفي الجدب نستسقي الغمامبوجهه...!" وفي الأعلام العلية )ص٨٥(: "ودفن في ذالك اليوم رضي الله عنه وأعاد علينا من بركاته!...".
تراب قبر الشيخ ابن تيمية، يكحل به لعلاج رمد العيون جاء في )٧٤( من كتاب: )الرد الوافر( وقد حققه زهير الشاويش، وقدم له جمع من كبار السلفية والمعاصرين وهو من كتب المناقب في ابن تيمية في نص القصة: التي رواها ابن حجي عن البطائحي المزي قال: "كنت شابا وكانت لي بنت حصل لها رمد وكان لنا اعتقاد في ابن تيمية! وكان صاحب والدي! وياتي الينا ويزور والدي! فقلت في نفسي: لآخذن من تراب قبر ابن تيمية فلأكحلها به فانه طال رمدها ولم يفد فيها الكحل!! فجئت الى القبر، فوجدت بغدادياً قد جمع من التراب صررا فقلت : ما تصنع بهذا؟ قال: اخذته لوجع الرمد أكحل به أولادًا لي!".
فقلت: وهل ينفع ذلك؟ فقال: نعم! وذكر أنه جربه!
فازددت يقينا فيما كنت قصدته فأخذت منه، فكحلتها وهي نائمة فبرأت!.
حكم تعليق ءاية أو اسم من أسماء الله
تعليق آية أو اسما من أسماء الله الحسنى جائز لما ثبت في مصنف عبد الرزاق )23552(: "حدثنا أبو بكر قال:
حدثنا إسحاق الأزرق، عن جويبر، أن الضحاك: "لم يكن يرى بأسا أن يعلق الرجل الشيء من كتاب الله إذا وضعه عند الغسل وعند الغائط".
وفي مصنف ابن أبي شيبة )23509(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن أبي معشر، عن عائشة: "أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء ثم يصب على المريض".
وفيه رقم )23510(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة، وليث، عن مجاهد: "أنهما لم يريا بأسا أن يكتب آية من القرآن ثم يسقاه صاحبالفزع".
وفيه )23545(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع ،عن إسرائيل، عن ثوير، قال: "كان مجاهد يكتب للناس التعويذ فيعلقه عليهم".
وفيه )23550(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا حسن، عن ليث، عن عطاء، قال:
"لا بأس أن يعلق القرآن".
وفيه )23546(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبيد الله، عن حسن، عن جعفر، عن أبيه "أنه كان لا يرى بأسا أن يكتب القرآن في أديم ثم يعلقه".
وفيه )23543(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عقبة بن خالد، عن شعبة، عن أبي عصمة، قال: سألت سعيد بن المسيب عن التعويذ، فقال: "لا بأس إذا كان في أديم". وفيه )23548(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبدالرحيم بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم، عن ابن سيرين:
"أنه كان لا يرى بأسا بالشيء من القرآن".
وفيه )23551(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن أبان بن ثعلب، عن يونس بن خباب، قال: سألت أبا جعفر عن التعويذ يعلق على الصبيان ،"فرخص فيه".
وفيه )23511(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا حجاج، قال: أخبرني من رأى، سعيد بن جبير: "يكتب التعويذ لمن أتاه". قال حجاج: وسألت عطاء، فقال: "ما سمعنا بك راهية إلا من قبلكم من أهل العراق".
وفيه )23547(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبدة ،عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا فزع أحدكم في نومه فليقل: بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وسوء عقابه، ومن شر عباده، ومن شرالشياطين وأن يحضرون "فكان عبد الله يعلمها ولده من أدرك منهم، ومن لم يدرك كتبها وعلقها عليه".
وفيه )23549(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا وهيب، قال: حدثنا أيوب ،"أنه رأى في عضد عبيد الله بن عبد الله بن عمر خيطا".
وفي الجزء الثاني من حديث ابن معين رقم )159( قال: "حدثنا ابن أبي زائدة، عن ابن أبي خالد، عن فراس عن الشعبي قال: "لا بأس بالتعويذ من القرآن يعلق على الإنسان".
وقال الوهابيون في كتابهم "فتح المجيد ")ج 1، ص 127(: "اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته، فقالت طائفة: يجوز ذلك، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد وحملوا حديث ))من علق تميمة فقد أشرك(( على التمائم التي فيها شرك.
أما الاستخدم بأسماء الروحانيات والجداول والإشتغال بكتب الخواص فقد قال الشيخ التجاني رضي الله عنه كما في جواهر المعاني )ج 2، ص 197(: "اعلم أن التمسك بما في كتب أهل الخواص من دائرة الشاذلي وأسماء الله والحروف والجداول كله كسراب بقيعة يحسبه الظمعان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ما في جميعها إلا التعب".
وقال الخليفة الأكبر الشيخ إبراهيم كولخي رضي الله عنه في جواهر الرسائل )ج 1، ص 78(: "ولا خير في مخالطة أهل الجداول والأوفاق في حق العوام ولا سيما السحرة والكهان فالضار والنافع هو الله".
حكم شرب النص
في مصنف عبد الرزاق رقم )23508(: "حدثنا علي بن مسهر، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير ،عن ابن عباس، قال: إذا عسر على المرأة ولدها، فيكتب هاتين الآيتين والكلمات في صحفة ثم تغسل فتسقى منها:
"بسم الله لا إله إلا هو الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم" ﴿كأنهم يوم يرونها لم
يلبثوا إلا عشية أو ضحاها. كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون﴾
وفي جامع معمر )20170(: "أخبرنا عبد الرزاق ،قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، قال: رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن، ثم غسله بماء، وسقاه رجلا كان به وجع " يعني الجنون".
قال ابن تيمية في مجموع فتاوىه )ج19، ص64(:
"يجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئا من كتاب الله بالمداد المباح ويغسل ويسقى كمانص على ذالك أحمد وغيره وساق اسناد أحمد إلى ابن عباس بجوازه".
وقال: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "رأيت أبي يكتب للمرأة في جام". وفيه: قال علي: يكتب في كاغدة فيعلق على عضد المرأة. وكرره في كتابه أخبارالجن والشياطين
)ص 61 إلى 63(. فلله الحمد .
الرقية بأي لغة وأنواعها
في مصنف ابن أبي شيبة )23737(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن صبيح، مولى بني مروان ،عن مكحول، قال: سمعته يقول في الرهصة: " بسم الله اللهم أنت الواقي، وأنت الباقي وأنت الشافي قال: ثم يعقد خيطا فيه حديد أو شعر، ثم يربط به الرهصة".
وفيه )23554(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الرحيم، عن الحسن بن عبد الله، عن إبراهيم بن الأسود ،قال: "كان يرقي بالحميرية".
أجاز ابن تيمية التعويذ بما يعرف معناه في مجموع فتاويه )ج24 ص278(!.
وفي جامع ابن وهب رقم )705(: "أن ابن عمر استرقى بالفارسية! ".
وفي مصنف ابن أبي شيبة )23555(: "حدثنا أبوبكر قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن القعقاع، عنإبراهيم، قال: " رقية العقرب: شحة قرينة ملحة بحر معطا" وفيه )23556(: "قال عائشة : هذه مواشيق!".
ويجوز أن يرقي الرجل المرأة لما في مصنف ابن أبي شيبة )23566(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا حفص، عن عثمان بن قيس، عن قيس بن محمد بن الأشعث، قال:
ذهب بي إلى عائشة وفي عيني سوء "فرقتني ونفثت".
وفيه )23581(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الرحيم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة ابنة عبد الرحمن ،قالت: اشتكت عائشة أم المؤمنين، وإن أبا بكر دخل عليها ويهودية ترقيها، فقال: "ارقيها بكتاب الله".
وفي مصنف عبد الرزاق )160444( قال: "أخبرنا الثوري، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، أن رجلا كان به جدري، فخرج إلى البادية يطلب دواء، فلقي رجلا فنعت له الأراك يطبخه - أو قال: ماء الأراك بأبوال الإبل - وأخذ عليه ألا يخبر به أحدا، ففعل فبرأ، فلما رآهالناس سألوه فأبى أن يخبرهم فجعلوا يأتونه بالمريض، فيلقونهعلى بابه، فسأل ابن مسعود، فقال: "لقد لقيت رجلا ليس في قلبه رحمة لأحد، انعته للناس".
وفي مصنف عبد الرزاق رقم )1220( قال: "أخبرنا معمر قال: أخبرنا واصل مولى ابن عيينة، عن رجل، سأل ابن عمر عن امرأة تطاول بها دم الحيضة فأرادت أن تشرب دواء يقطع الدم عنها، فلم ير ابن عمر بأسا، ونعت ابن عمر ماء الأراك ". قال معمر: وسمعت ابن أبي نجيح يسأل عن ذلك فلم ير به بأسا".
ومن العجب العجيب ما جاء في مصنف عبد الرزاق رقم )23716(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، قال: قالت أم سنان: إذا أنا مت، فشقوا بطني، فإن فيه سيد غطفان، قال: "فلما ماتت شقوا بطنها فاستخرجوا سنانا".
عقيدة الشيخ التجاني
كما ثبت في جميع كتب التجانية أن عقيدة الشيخ التجانيرضي الله عنه عقيدة أهل السنة والجماعة قال ذلك الشيخالشريف إبراهيم صالح رضي الله عنه في مقدمة طبقات التجانية فأردت أن أثبت مقالة الشيخ في الصفات فقلت: في جواهر المعاني )ج1، ص100( قال الشيخ حول معية الله خلقه: "معية يليق بجلاله...".
وفي )ج١، ص126( قال: "هو معكم معية الذات لا بحلول ولا اتصال ولا انفصال ولا مسافة ولا قرب ولا بعد".
وفي )ج1، ص118( في شرح آية﴿ يوم يكشف عن ساق﴾ وحديث يأتيهم الله في غير الصفة التي يعرفون...
مشى الشيخ علي ظاهره لم ينفه ولم يؤوله.
وقال )ج1، ص133( في غضب الله وضحكه وتردده وغيره؛ قال: "إنما هي عبارات تنبي عن أمور مكتومة في جنب الحق سبحانه وتعالى لا تعرف ليس فيها إلا التسليم لما يسمع...". وقال بعد سطرين: "أن التفويض هو التسليم.
ومن هنا يعرف أن مذهب الشيخ تفويض وتِرير كماجاءت مع تنزيه الله عن التشبيه .
وقول الشيخ التجاني في جواهر المعاني )ج1، ص100( حول معية الله خلقه: "معية يليق بجلاله...".
وقال في )ج١، ص126(: "هو معكم معية الذات لا بحلول ولا اتصال ولا انفصال ولا مسافة ولا قرب ولا بعد".
أقول: هذا هو الحق الذي لا محيد عنه؛ إذْ لا يقال معكم بعلمه لأن علم الله لا يفارق ذاته يقر بذلك المتشددون يقول رئيسهم ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج12، ص65(:
"علم الله القائم بذاته ليس مثل علم عباده". والمراد بالقائم بالذات أي - غير منفصلة - كما قال في )ج12، ص235(. و)ج6، ص219(.
وفي )ج17، ص 240( قال: "لا يفارقه شيئ منه".
يعني - صفاته لا يفارقه -.
وفي موسوعة الألباني )ج4، ص260( قال: "صفات الله ليست منفصلة عن الذات".
تنبيه: قال الألباني: "الله سبحانه وتعالى محيط بالعالم إحاطة كلية". راجع موسوعته )ج6، ص506( وقال ابن القيم في مختصر الصواعق )ج1، ص428(: "الله قريب من المحسنين بذاته ورحمته قربا ليس له نظير!!.".
وفي مدارجه )ج1، ص57( قال: ﴿ثم استوى على العرش﴾ فاستوى على عرشه باسم الرحمان لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم كما قال تعالى﴿ ورحمتي وسعت كل شيء﴾ فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات فلذلك وسعت رحمته كل شيء .
وفي مجموع فتاوى ابن عثيمين )ج1، ص144، رقم 62( سئل فضيلة الشيخ: "هل سبق أحد شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في أن المعية حقيقية تليق بالله ينزه فيها الباري عن أن يكون مختلطا بالخلق أو حالا في أمكنتهم؟ وعن الحديث القدسي: )) وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل((..."؟ وعن قول ابن القيم في الصواعق مختصرها: "فهو قريب من المحسنين بذاته ورحمته "هل هو صحيح وهل سبقه أحد في ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: لا أعلم أحدا صرح بذلك، لكن الذي يظهر أن الكلام فيها كغيرها من الصفات، تفهم على حقيقتها مع تنزيه الله عما لا يليق به!!، كما يفهم الاستواء والنزول وغيرهما، ولهذا لم يتكلم الصحابة فيما أعلم بلفظ الذات في الاستواء والنزول ،أي لم يقولوا: استوى على العرش بذاته ،أو ينزل إلى السماء الدنيا بذاته؛ لأن ذلك مفهوم من اللفظ .
وفي )ج8، ص341( في تأويل المعية قال: "واختار شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الكتاب وغيره أنها على حقيقتها، وأن كونه معنا حق على حقيقته! ، لكن ليست معيته كمعية الإنسان للإنسان".
وقال في )3، ص341(: "عقيدتنا أن لله تعالى معية حقيقية ذاتية تليق به!!".
وقال حمود التوجيري أن الله مع خلقه بذاته معإستوئه على عرشه راجع إثبات علوالله )ص٢٩٧(.
الشيخ التجاني والشريعة
في جواهر المعاني )ج١، ص٣٦( قال: "كان الشيخ يغري على فعل المأمورات ويحذر من الوقوع في المنهيات ويعظم أمر الشرع العزيز ويجل أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخالف وكثيرا ما يشهد بقول الله ﴿ فليحذر الذين يخالفون
عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ ويحث
أن يفعل ما يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن فعله على سبيل الأمر لنا ويقول: ينبغي للإنسان إذا سمع شيئا من هذه الآداب النبوية والمباحثات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعلها بقصد الموافقة ولو مرة واحدة... ".
وفي )ج١، ص٣٩(: "فمن آدابه مواظبة على ما ورد في السنة من الآداب الشرعية... ".
وفي )ج١،ص٥٣(: "ومن شروط ورده المحافظة علىالصلوات في أوقاتها في الجماعة إن أمكن".
وفي )ج٢،ص١٥٦(: "سئلته عن التصوف فقال:
التصوف امتثال الأمر واجتناب النهي في الظاهر والباطن من حيث يرضى لا من حيث ترضى".
وفي )ج٢، ص١٧٠( قال: "النص الصريح والكشف الصحيح لا يختلفان فإن الكشف الصحيح لا يدل إلا ما دل عليه النص الصريح بتصريح أوتلويح أوتضمين...".
وفي )ج٢، ص٢١٣( قال: "إذا نص الله حكما أو نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم فليس فيه اجتهاد فإتباعه واجب".
وقال الشيخ ابراهيم الكولخي في جواهر الرسائل )ج١، ص١٠( قال: "من أراد أن يكون معي في حالي فليسلك طريقي في الأقوال والأفعال بامتثال الأوامر واجتناب النواهي في الظاهر والباطن..." حتى قال: "أما من ينتسب إلينا ويرتكب شيئا من مخالفة الشريعة المطهرة باقتحام المحرماتوترك المأمورات فأشهد الله وأشهدكم أني بريء منه اللهم إنيبريء إليك مما صنع هؤلاء فليحذرالذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم...".
وفي )ج١، ص٢٣( قال: "وإياكم والتقصير عن الحقوق الربانية ومن الناس من يقولون بإسقاط التكليف ويزعمون أن التكليف إنما كانت وسيلة إلى الوص ول وقد وصلنا ؟ فقال رضي الله عنه: صدقوا في الوصول ولكن إلى سقر! والذي يسرق ويزني خير ممن يعتقد ذلك".
وفي )ج١، ص٢٨( قال: "فاسمعوا لأوامر الله ورسوله إن طريقة الشيخ التجاني التي نحن عليها ليس إلا امتثال الأوامر واجتناب النواهي".
ما خالف فاتركوه
ومما شهر وذاع عن الشيخ رضي الله عنه قوله: "إذا سمعتم عني شيئا فزينوه بميزان الشرع فما وافق فخذوه وما خالف فاتركوه". راجع الإفادة الأحمدية تحقيق الشيخ أحمد الحافظ المصري والرماح للشيخ عمر الفوتي وكاشف الإلباس للشيخإبراهيم نياس والمغير للشيخ الشريف إبراهيم صالح وجميع كتب التجانية.
قلت: فعلى هذا فالطريقة التجانية لا تعول على قول أي شيخ إن خالف الشريعة كما ثبت في كتب الطريقة .
خوارج العصر على التحقيق
أما بعد قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في أمته خوارج فأردت أن أجمع بيانات النبي صلى الله عليه وسلم عليهم لنعرف من هم الخوارج وما حالهم على ضوء السنة الصحيحة فأقول: ثبت في صحيح البخاري رقم )7432( كما يلي: "بعث علي وهو باليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأقرع بن حابس ثم أحد بني مجاشع، وبين عيينة بن بدر الفزاري وبين علقمة بن علاثة ثم أحد بني كلاب وبين زيد الخيل الطائي، ثم أحد بني نبهان، فتغيظت قريش والأنصار فقالوا: يعطيه صناديد أهل نجد، ويدعنا قال ((إنما أتألفهم))، فأقبل رجل غائر العينين، ناتئ الجبين، كث اللحية، مشرف الوجنتين، محلوقالرأس، وفي رواية البخاري )مشمر الإزار( فقال: يا محمد ،اتق الله ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ))فمن يطيع الله
إذا عصيته، فيأمنني على أهل الأرض، ولا تأمنوني((، فسأل خالد بن الوليد قتله فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ))إن من
ضئضئ هذا، قوما يقرءون القرآن )رطبة - أي سهلا( لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان(( وفي رواية) )ويأمنون من سواهم، لئن أد ركتهم لأقتلنهم قتل عاد((. وفيه رقم )3611(: ))يأتي في آخر الزمان قوم ،حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية(( - أي القرءان - وفي رواية الترمذي رقم )2188( وأبو داود رقم )4767( وغيرهما بلفظ ))يقولون من قول خير البرية(( - أي السنة - كلاهما صحيح .
وفي البخاري رقم )1037( وغيره عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))اللهم بارك لنا في شامنا، وفي يمننا(( قال: قالوا: وفي نجدنا؟ قال: ))اللهم
بارك لنا في شامنا وفي يمننا(( قالوا: وفي نجدنا؟ قال:
))هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان((. وفي
البخاري رقم )3610(: "عن أبي سعيد الخدري ))دعه ،
فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم((، قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه". وفي البخاري رقم )7562( ))يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يع ودون فيه حتى
يعود السهم إلى فوقه((، قيل ما سيماهم؟ قال: ))سيماهم التحليق((. وفي مسند أحمد رقم )13338(: ))قوم يحسنون القيل ويسيئون العمل يدعون إلى كتاب الله
وليسوا منه في شيء((. وفي مسند أبي داود رقم )965(:
))يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح((. وفي سنن ابن ماجة )ج 1، ص 61( وفي جامع معمر )ج 11، ص376( بلفظ: ))كلما خرج منها ق رن قطع حتى يخرج الدجال في بقيتهم((.
قلت: إسناد ابن ماجة حسن والباقيان شاهدان .
في البخاري )ج 9، ص 16(: "كان ابن عمر يرى الخوارج شرار خلق الله وقال: ))إنهم انطلقوا إلى آيات
نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين((. قال ابن حجر
في الفتح )ج 12، ص 286( وصله الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج أنه سأل نافعا كيف كان رأي بن عمر في الحرورية قال كان يراهم شرار خلق الله انطلقوا إلى آيات الكفار فجعلوها في المؤمنين وسنده صحيح. وقال الترمذي في سننه )ج 4، ص 51(: "هذا الحديث لم يختص بالحرورية بل وغيرهم من الخوارج".
ومن خلال هذه الأحاديث الصحيحة عرفنا علامات الخوارج كما يأتي:
1- يخرجون من قبل المشرق من نجد!.
2- يدعون إلى كتاب الله .
3- يقولون من الكتاب والسنة .
4- يقرؤون القرآن رطبا .
5- يحقر أحدنا عبادته مع عبادتهم .
6- حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام .
7- سيماهم التحليق .
8- يحسنون القيل ويسيئون العمل .
9- يقتلون المسلمين ويدعون الكفار .
10- الآيات نزلت على الكفار يجعلونها على المؤمنين .
11- موجودون حتى خروج المسيح .
قلت: أيها الأحبة سؤال يطرح نفسه: أي فرقة من المسلمين خرجت من المشرق وخاصة من - نجد - سيماهم التحليق أي يحلقون ويدعون إلى كتاب الله ويكفرون المسلمين بآيات نزلت على الكفار؟؟ أجب بنفسك واسمع ما يأتي ولا تنس أن الإمام الترمذي قال في سننه )ج 4،ص 51(: "أن حديث الخوارج لم يختص بالحرورية الذينقاتلهم الإمام علي عليه السلام".
تنبيه: الحرورية التي قاتلهم الإمام علي رضي الله عنه خرجوا من حروراء منطقة خارج الكوفة شمال مدينة الرسول صلي الله عليه وسلم وليس بنجد شرق المدينة حتى نحصر الأحاديث عليهم ؛ وجماعة مسيلمة الكذاب لا يدعون إلى كتاب الله فنحكم الحديث عليهم.!
ومن العجب أن الشيخ عبد اللطيف حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب صرح بأن بعض أتباع محمد بن عبد الوهاب خرجوا وتِرقوا! فجعل يوصيهم في كتابه مجموعة الرسائل والمسائل النجدية )ج 1، ص 4( قائلا: "قد رأيت سنة أربع وستين رجلين من أشباهكم المارقين بالأحساء قد اعتزلا الجمعة والجماعة، وكفرا من في تلك البلاد من المسلمين وتركا رد السلام وحجتهم من جنس حجتكم فحضرتهم وهددتهم وزعما أن الحق ظهر لهما ثم لحقا بالساحل وعادا إلى تلك المقالة وقد بلغنا عنكم نحو منهذا وخضتم في مسائل من هذا أما التكفير بهذه الأمورالتي ظننتموها من مكفرات أهل الإسلام فهذا مذهبالحرورية المارقة الخارجة...".
قلت: انكشف لنا من هذه الرسالة أن في أتباع محمد بن عبد الوهاب خوارج العصر!.
وفي صحيح البخاري رقم )7562( كما مضى أن سيما الخوارج التحليق، وإن رجعنا إلى كتب الوهابية نجدهم كانوا يحلقون الرؤوس كما في الدرر السنية في الأجوبة النجدية )ج 4، ص 152( قال أبناء محمد بن عبد الوهاب عن حلق الرأس: "إنما نهى عنه ولي الأمر - لعله يعني محمد بن عبد الوهاب - لأن الحلق هو العادة عندنا ،ولا يتركه عندنا إلا السفهاء، فنهي عن ذلك نهي تنزيه". وفيه )ج 9، ص 280(: "الذي يسبل الشعر ويجعله وسيلة إلى الكفر والردة نحلقه!". قلت: كيف يكون إسبال الشعر وسيلة إلى الكفر!؟ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسبل شعره وأسلم الناس ولم يحلقهم. ثم لما سمع النجديون أنالمسلمين يعيبونهم على هذا التحليق اعتذروا قائلين في الدررالسنية )ج10، ص 276(: "الجهال القادمون إليكم، لايميزون أنواع الكفر والردة، وكثير منهم غرضه نهب الأموال ،ونحن لم نأمر أحدا من الأمراء بقتال من لم يحلق رأسه!".
قلت: بذلت قصارى جهدي في البحث في الكتب ولكني لم أجد فرقة إسلامية ظهرت من المشرق عادتها التحليق غير هؤلاء النجديين، وهذا من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال أنهم من المشرق منطقة نجد سيماهم التحليق يقتلون المسلمين... الخ فجاؤوا مطابقا لبيان النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم قد وجه الألباني كتابا إلى خوارج العصر وسماه - فتنة التكفير - وقرظه ابن باز وابن عثيمين، وفيه )ج 1، ص2( قال: "خرجوا عن الكتاب والسنة ولكن باسم الكتاب والسنة..." الخ. وفي المكتبة الألباني كتاب يسمى - تحذير الألباني من المناهج الدعوية المخالفة صفحة )63( قال: "السرورية خارجة عصرية أو خوارج إلا من بعضالجوانب!!". وفيه )ص62( قال: "خطر إخوان المسلمينأشد على الأمة من خطر اليهود والنصارى". وفي ملتقىأهل الحديث )ط٢، ج36، ص291( قال ربيع المدخلي:
"الإخوان والس رورية أخطر على الإسلام من اليهود!". وفيه
)ط١، ج 10 ص360(: "الإخوان والقطبية والسرورية دعاة على أبواب جهنم!".
قلت: كون إخوان المسلمين والسرورية خوارج وأخطر من اليهود لمن أعجب العجائب لأن المتمسلفين يعدون رؤساء الإخوان المسلمين - حسن البنا والسيد قطب - في قوائم المجددين! ثبت في مجلة البحوث الإسلامية )ج36، ص174( ما نصه: "على الداعية أن يقتدي بهؤلاء المصلحين المجددين أمثال ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وسيد قطب ممن تحملوا العذاب في سبيل الحق...". وفي الزمن الحديث قتل حسن البنا والسيد قطب... وفيه )ج 74، ص334( قالوا: "ها هو الإمام حسن البنا رحمه الله سار على نهج السلف القويم..." الخ. وفي ملتقى أهلالحديث )ط١، ج 41، ص 203( يحتجون بكتب محمدبن سرور. وهو من الخارجين الجامعة المتمسلفين بالمدينة .
وفي ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج 34، ص 221( قالوا:
"الحدادية والسرورية أبناء السنة!". قلت: مع كونهم أبناء السنة لم يمنع الألباني عن التصريح بأنهم خوارج العصر!. وفي مجموع ابن باز )ج 8، ص 41( ما نصه: "تعرفون سماحتكم أن كثيرا من المؤلفات المدرسية ساهم في تأليفها عدد من الإخوان المسلمين؟". وفيه )ج 8، ص 236(:
"يجوز الإنتماء إلى الإخوان المسلمين أو أنصار السنة وغيرهما من دون غلو ولا تفريط". وفي مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة )ج 1، ص 50( مدحوا حركة دعوة محمد بن عبد الوهاب حتى قالوا : "ومن هذه الحركة جماعة الإخوان المسلمين... ومدحوا حسن البنا مؤسسها والسيد قطب نائبها". وفيه )ج 4، ص 155( ما نصه:
"فما أحوج الأمة الإسلامية إلى حركات إسلامية تقوم بالدعوة الإسلامية الخالص من جديد وتحقيقاً لهذا الغرضتأسست في الهند حركات إسلامية عديدة منها- الجماعةالإسلامية - و كذلك - الإخوان المسلمين - في بلاد العرب..." الخ
لا حظوا هذا التناقض العجيب هؤلاء يمدحون ويدعمون! وهؤلاء يذمون ويمرقون !؟.
ومن العجب الأخير أن بعض المتمسلفين مع الجهاد الأفغاني وبعضهم ير ونهم خوارج! اسمع ما يأتي: قال الألباني في دروسه )ج 42، ص 4( ما نصه: "نحن كنا نجيب بأن هذه الثورات، وهذه الانقلابات التي تقام، حتى الجهاد الأفغاني كنا غير مؤيدين له..." الخ. وفي مسائل وفتاوى نجدي )ج 1، ص 371( ما نصه: "أما الأفغانيون بلغنا أنهم يرون رأي الخوارج ومعهم غلو..". الخ أما في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة )ج 30، ص 343( قالوا ما نصه: "إن جهاد الأفغاني المسلم لدفع العدوان الشيوعي الهمجي على أرض أفغانستان لمحو الإسلام هو جهاد الأمة الإسلامية جمعاء ويوصي المؤتِر أن يشارك المسلمون جميعاإخوانهم الأفغانيين في جهادهم وأن يكونوا معهم ومن ورائهمبأموالهم وأنفسهم وألسنتهم حتى ينتصروا على عدو الله وعدوهم".
التشدد والتعمق في الدين هو الذي أوقع هؤلاء في الخروج قال الألباني في دروسه )ج 23، ص 4( حينما سئله عن سلمان العودة وسيد قطب فأجاب: ما لنا ولهذه التعمقات؟ أنا أنصح بألا تتعمقوا هذا التعمق؛ لأننا في الحقيقة نشكو الآن هذه الفرقة التي طرأت على المنتسبين للدعوة السلفية".
وفي السنة لابن أبي عاصم رقم )931( قال:
"يتعمقون - أي الخوارج - في الدين حتى يخرجوا منه".
قلت: ومن التشدد والتعمق إنكار الإئتمام خلف من يرسل يديه في الصلاة كما يفعله بعض أبناء الوهابية في فتاوى اللجنة )ط١، ج 6، ص 353(: "وضع اليد اليمنى على اليسرى ليس من أركان الصلاة ولا من شروطها ولا من واجباتها. وأما اقتداء من يضع يده اليمنى على اليسرى بمنيرسل يديه فصحيح".
قال ابن تيمية : "من قال من المتفقهة أتباع المذاهب أنه لا يصح الائتمام بمن يخالفه إذا فعل أو ترك شيئا يقدح في الصلاة عند المأمومين فمقالته توقعه في مذاهب أهل الفرقة والبدعة من الروافض والمعتزلة والخوارج الذين فارقوا السنة".
سفك دم بأدني شيء
سفك دم المسلم بأدنى شيئ عند المتمسلفين سهل جدا!
قال ابن تيمية في مجموع فتاوىه )ج14، ص 478(:
﴿وبالوالدين إحسانا﴾ فهذا فيه تقييد. فإن الوالد إذا دعا الولد إلى الشرك ليس له أن يطيعه بل له أن يأمره وينهاه وهذا الأمر والنهي للوالد هو من الإحسان إليه. وإذا كان مشركا جاز للولد قتله .!!
وفيه )ج22، ص233( قال: "الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة ليس من البدع الحسنة وهذا متفق عليه بين المسلمين لم يقل أحد منهم إن الجهر بالنية مستحب ولا هوبدعة حسنة فمن قال ذلك فقد خالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم". وقائل هذا يستتاب فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه، وفي )ج 22، ص 236( قال: "من أصر على الجهر بالنية قتل"!!!.
على هذا القتل والسفك جدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب المذهب فسفك وهدم كما يعرف ذلك القاصي والداني فما زال مجددوا المذهب حتى اليوم ينشرون السفك والهدم يحتجون بما ثبت في الدرر السنية للسلفيين )ج1، ص 233( قالوا: "إنما هدمنا بيت السيدة خديجة وقبة المولد وبعض الز وايا المنسوبة لبعض الأولياء حسما لتلك المادة "!.
حقيقة ابن تيمية وعقيدته
قال الذهبي تلميذ ابن تيمية في كتابه زغل العلم )ج 1، ص 38(: "فو الله ما رمقت عيني أوسع علما ولا أقوى ذكاء من رجل يقال له: ابن تيمية... حتى قال: فما وجدت قد أخره بين أهل مصر والشام ومقتته نفوسهم وازدروا بهوكذبوه وكفروه إلا الكبر والعجب، وفرط الغرام في رياسة المشيخة والازدراء بالكبار، فانظر كيف وبال الدعاوي ومحبة الظهور، نسأل الله تعالى المسامحة، فقد قام عليه أناس ليسوا بأورع منه ولا أعلم منه وما سلطهم الله عليه بتقواهم وجلالتهم بل بذنوبه، وما دفعه الله عنه وعن أتباعه أكثر ،وما جرى عليهم إلا بعض ما يستحقون، فلا تكن فى ريب من ذلك".
وفيه )ج 1، ص 42( قال: "وقد رأيت ما آل أمره إليه - أي ابن تيمية - من الحط عليه والهجر والتضليل والتكفير والتكذيب بحق وبباطل فقدكان قبل أن يدخل في هذه الصناعة منورا مضيئا، على محياه سيما السلف، ثم صار مظلما مكسوفا، عليه قتمة عند خلائق من الناس ،ودجالا أفاكا كافرا عند أعدائه، ومبتدعا فاضلا محققا بارعا عند طوائف من عقلاء الفضلاء، وحامل راية الإسلام وحامي حوزة الدين ومحيى السنة عند عوام أصحابه، هو ماأقول لك".
قال ابن كثير تلميذ ابن تيمية في كتابه المختصر في تاريخ البشر )ج4، ص52( ما نصه: "وفيها استدعي تقي الدين أحمد بن تيمية من دمشق إلى مصر، وعقد له مجلس، وأمسك وأودع الاعتقال، بسبب عقيدته، فإنه كان يقول بالتجسيم! على ما هو منسوب إلى ابن حنبل".
وفي الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني )ج1، ص171( قال في سيرة ابن تيمية ما نصه: "ونودي بدمشق من اعتقد عقيدة ابن تيمية حل دمه وماله خصوصا الحنابلة فنودي بذلك وقرىء المرسوم وقرأها ابن الشهاب محمود في الجامع ثم جمعوا الحنابلة من الصالحية وغيرها واشهدوا على أنفسهم أنهم على معتقد الإمام الشافعي".
وفيه )ج1، ص180( قال: "وافترق الناس فيه شيعافمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والوسطية وغيرهما من ذلك كقوله أن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية لله وأنه مستو على العرش بذاته فقيل له يلزم من ذلك التحيز والانقسام فقال أنا لا أسلم أن التحيز والانقسام من خواص الأجسام فألزم بأنه يقول بتحيز في ذات الله!!".
وقال ابن العثيمين في شرح العقيدة الواسطية )ج 1، ص 458( ما نصه: "إن كان يلزم رؤية الله أن يكون جسما فليكن ذلك...".
قال ابن تيمية في درع التعارض )ج١، ص٢٤٩(:
ومن المعلوم أن السلف والأئمة كثر كلامهم في ذم الجهمية النفاة للصفات، وذموا المشبهة أيضاً، وذلك في كلامهم أقل بكثير من ذم الجهمية، لأن مرض التعطيل أعظم من مرض التشبيه، وأما ذكر التجسيم وذم المجسمة فهو لا يعرف في كلام أحد من السلف والأئمة،!! كما لا يعرف في كلامهم أيضاً القول بأن الله جسم، أو ليس بجسم، بل ذكروا في كلامهم الذي أنكروه على الجهمية نفي الجسم!!".
محل الشاهد قوله: "أنكروا على الجهمية نفي الجسم" قلت:
لما ذا أنكروا من نفى الجسم عن الله سبحانه وتعالى؟!
وفي درع التعارض )ج١٠، ص٣٠٦( قال: "فإن أئمة السنة والحديث لم يختلفوا في شيء من أصول دينهم". ولهذا لم يقل أحد منهم: إن الله جسم، ولا قال: إن الله ليس بجسم،!! بل أنكروا النفي!! .
ابن تيمية لا يؤوّل ولا يفوّض! قال في درع التعارض )ج١، ص٢٠١(: المعارضون ينتهون إلي التأويل أو التفويض وهما باطلان!. وقال في )ج٢، ص٢٧٩( فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!"٠ وقال في منهاجه )ج١، ص١١٠( بقدم الحوادث .
وقال بفناء النار. وانتصر له تلميذه ابن القيم في حادي الأرواح )ص٢٧٦-٣١١(. ودافع عنه المتشدد الألباني في مقدمة رفع الأستار وسود القراطس بكلام لا طائل تحتهقال فيه )ج 1، ص 22( وفي موسوعته رقم )1724(:
"أن الحامل له على القول بفناء النار ثقته البالغة في رحمة ربه وأنها وسعت كل شيئ... ". وفيه )ج 1، ص 21( قال: "الشفقة على عباده تعالى من عذابه وغمره الشعور بسعة رحمته".
وقد صدق ابن الجوزي في مقدمة دفع شبه التشبيه )ص١٢( حينما قال: "لقد كسيتم هذا المذهب شينا قبيحا حتى صار لا يقال حنبلي إلا مجسم ثم زينتم مذهبكم أيضا بالعصبية ليزيد بن معاوية ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته!". وقال في )ص٩٩(: "إنهم نزلوا إلى مرتبة العوام فجعلوا الصفات على مقتضى الحس فأثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات وعينين وفما ولهوات وأضراسا وأضواءا لوجهه ويدين وساقين ورجلين، وقال بعضهم يتنفس".
رفض العصمة وسبق النبوة
قال ابن تيمية في منهاجه )ج٢، ص٤٣٢(: "لو لم تكن
التوبة أحب الأشياء إلى الله لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه. وتبعه ابن القيم يكرره في مدارجه وشفائه وفي طريق الهجرتين! قلت :أين العصمة بعد هذا الإبتلاء؟!". بمثل هذه الألفاظ تحترمون رسول الله صلى الله عليه؟!
وقال ابن تيمية في فتاويه )ج٨، ص٢٨٣(: "ومن قال أن النبي صلى الله عليه كان نبيا قبل أن يوحى إليه فهو كافر باتفاق المسلمين". ردا على حديث: ))كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد(( مع أن الحديث صحيح باتفاق الحفاظ حققته في حجة الأولياء .
أما تحريمه الرحلة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين! فمشهور. وهو يعلم بأن نبي الله عيسى بعد نزوله يجح ويزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم والحديث صحيح .
وقوله :ليس في معرفة قبور الأنبياء بأعيانها فائدة! ردّاعلى حديث ))لو كنت عنده لأريتكم قبره(( أي قبر موسى متفق عليه .
الإمام علي عنده
في منهاجه (ج٧، ص٣٥٩-٣٦١( و)ج٧، ص٥٥( أنكر أحاديث فضائل الإمام علي عليه السلام ولم يأت بدليل على ذلك. وقال )ج٦، ص٤٣(: "إن عليا خفي عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أضعاف ذلك ومنها ما مات ولم يعرفه!". وقال ج٤ ص١١٤:فلم يزهر في خلافته دين الاسلام!!
قلت: ماشاء الله لا تعليق، يعلم الله ما كمن في قلبه. في )ج٧، ص١٣٧( كذب صراحة بأن كثيرا من الصحابة والتابعين كانوا يبغضون عليا ويسبونه!!، وقال )ج٧، ص٢٩٧(: "أهل المدينة لايكادون يأخذون بقول علي بل!..". وقال في )ج٤، ص٢٥٥( بأن أبا بكر هاجر لله ولرسوله وهاجر علي لمرأة يتزوجها!!.
وفي منهاجه )ج8، ص90( قال: "وكثير من الوقائع التي ثبت بها الإسلام لم يكن لسيفه فيها تأثير، كيوم بدر:
كان سيفا من سيوف كثيرة". وقد قدمنا غير مرة أن غزوات القتال كلها كانت تسع غزوات، وعلي بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشهد قتال الروم وفارس، ولم يعرف لعلي غزوة أثر فيها تأثيرا منفردا كثيرا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كان نصره في المغازي تبعا لنصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم. والحروب الكبار التي كان فيها هو الأمير ثلاثة: يوم الجمل، والصفين، والنهروان .
وفي الجمل والنهروان كان منصورا؛ فإن جيشه كان أضعاف المقاتلين له، ومع هذا لم يستظهر على المقاتلين له، بل ما زالوا مستظهرين عليه إلى أن استشهد إلى كرامة الله ورضوانه، وأمره يضعف، وأمر أعدائه يظهر....".
هذا آخر مدحه للإمام علي كرم الله وجهه؛ وتوقيره له!
بألفاظ قيمة .
أهل البيت عنده
وفي منهاجه )ج4، ص108( حول أهل البيت قال:
"وظهور آثار غيرهم في الأمة أعظم من ظهور آثارهم في الأمة!!".
وقال في )ج 7، ص 78(: "أولياء النبي صلى الله عليه وسلم أعظم درجة من آله".
قلت: هل آله صلى الله عليه وسلم ليسوا من الأولياء؟!
وفي )ج4، ص42(: "فهذا من جنس قوله في علي بن الحسين إنه كان يصلي ألف ركعة؛ فإن هذا لا فضيلة فيه وهو كذب!".
وفي )ج4، ص50( حول عبادة علي بن الحسين بن علي قال: "وأما ذكره من قيام ألف ركعة فقد تقدم أن هذا لا يمكن إلا على وجه يكره في الشريعة؛ أو لا يمكن بحال؛ فلا يصلح ذكر مثل هذا في المناقب!".
وفي )ج4، ص63(: "فليست ذرية فاطمة كلهممحرمين على النار بل فيهم البر والفاجر!!".
قلت: لو ساعدنا الشيخ ابن تيمية وأسرد أسماء الفاجرين منهم لنميزهم وله جزيل الشكر والتقدير!؟؟.
عائشة عنده
وفي )ج7، ص80( قال: "وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ارتاب في أمرها... يعني عائشة!!". هذا لم يقله أحد من العلماء .
ابن عمر عنده
وقال في فتاويه )ج١، ص٢٨٠(: "ابن عمر كان يتحرى أن يسير مواضع سير النبي صلى الله عليه وسلم وينزل مواضع نزوله وتوضأ. ولم يفعله أكابر الصحابة، ولو رأوه مستحبا لفعلوه".
وقال فيه )ج١، ص٢٨١(: "تخصص المكان بالصلاةمن بدع أهل الكتاب!!".
وقال في اقتضاء الصراط )ج٢، ص٢٧٩(: "تحري ابن عمر مواضع صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليس من سنة الخلفاء بل هو مما ابتدع!!.".
قلت: فعلى هذا صار عبد الله ابن عمر مبتدعا! عند ابن تيمية!!
السب والشتم والطعن
أما سبهم بعضهم بعضا فحدث ولاحرج إذا راجعت الردالمفحم للألباني )ج 1، ص 33( ترى الألباني يطعن حمود التوجيري بأنه عنيد ضال خريت في إضلاله الناس ...
وفي ضعيفه )ج1،ص6( يغمز الشيخ إسماعيل الأنصاري ويصفه بالهاوي على منخره و عامله الله بمايستحق...
وفي ضعيفه )ج 13، ص 803، رقم 6363( طعن الألباني صديقه القديم – زهير الشاوش- ووصفه بالظالم . وفي فتاوى ابن باز )ج 25، ص 71(: "س: لدينا
شيخ رزقه الله علما، لكنه يسب المشايخ الذين يخالفونه القول، ويخص بالذكر الشيخ ناصر الدين الألباني، حيث يحذر منه كل ليلة تقريبا ويدعي بأن هذا رأي كل الأفاضل في الألباني، وأنه مجرد تاجر كتب، فما جوابكم ورأيكم يا سماحة الشيخ في الألباني لنطلعه عليه، ونطلع عليه رواد الدرس الكثر ج: بسم الله والحمد لله، الشيخ ناصر الدين الألباني من خواص إخواننا الثقات المعروفين بالعلم والفضل والعناية بالحديث الشريف تصحيحا وتضعيفا، وليس معصوما بل قد يخطئ في بعض التصحيح والتضعيف ،ولكن لا يجوز سبه ولا ذمه ولا غيبته".
وفي فتاوى ورسائل آل الشيخ )ج 4، ص 92( مدح الألباني ثم قال: "لكن له بعض المسائل الشاذة". وفيه )ج 10، ص 48(: "س: الشيخ ناصر الدين الألباني يرى السفور. ج: يريد أن يطلب زكاما فيحدث جذاما".
وفي السلسلة الصحيحة )ج 2، ص 727( جرحالألباني الشيخ شعيب الأرنؤوط قائلا: "ومن هنا يتجلىخطورة ما عليه الشيخ شعيب من تشبثه في تضعيف الأحاديث الصحيحة بأوهى العلل، وتشجيعه للطلاب الذين يتمرنون على يديه في تخريج الأحاديث على تقليده في ذلك، وابتكار العلل التي لا حقيقة لها في التضعيف".
رؤية النبي يقظة
أما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فقد ورد في حديث صريح. وقبل كل شيء أقول: كما أمكن للنبي صلى الله عليه أن يرى الأنبياء حتى صلوا خلفه كذلك يمكن لبعض أتباعه أن يروا شيئا لما ثبت أن ما يكون لنبي معجزة يكون لولي كرامة. ما عند المنكرين حجة إلا تأويلات وقوله تعالى:﴿ إنك ميت وإنهم ميتون﴾ فنقول: إذا فلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنبياء ليلةالمعراج! أليسوا ميتين؟!. نعم هذه الرؤية برزخية .
1- في البخاري) ٦٩٩٣( ومسلم) ٢٢٦٦( وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))من رآني في منامه فسيراني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي ((.
قلت: نطلقه كما أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وليس من السلف عالم معتبر أوّله بالآخرة ألبتة؛ ونطالب المنكرين أن يأتوا بحديث قيد هذا الحديث بالآخرة ولن يستطعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
اسمع شرح العلماء لهذا الحديث قال السيوطي في شرح مسلم (ج 5، ص 286(: "خص الله سبحانه النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤيا الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يتدرع بالكذب على لسانه في النوم....وقال القاضي والمراد إذا رآه في صفته المعروفة له في حياته صلى الله عليه وسلم فإن رؤي على خلافها كانت رؤيا تأويل لا حقيقة وقال النووي هذاالذي قاله القاضي ضعيف بل الصحيح أنه يراه حقيقةسواء كان على صفته المعروفة أو غيرها وأيده الحافظ بنحجر بما أخرجه بن أبي عاصم بسند ضعيف عن أبي هريرة مرفوعا من رآني في المنام فقد رآني فإني أرى في كل صورة من رآني في المنام فسيراني في اليقظة قال النووي فيه أقوال أحدها المراد به أهل عصره ومعناه أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله سبحانه وتعالى للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عيانا والثاني معناه أن يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وأبعد أن يكون معناه سيراني في الدار الآخرة لأنه يراه في الآخرة جميع أمته من رآه في الدنيا ومن لم يره وحمله بن أبي جمرة وطائفة على انه يراه في الدنيا حقيقة ويخاطبه وأن ذلك كرامة من كرامات الأولياء ونقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها ثم ذكر أن الحديث عام في أهل التوفيق وقال بن حجر هذا مشكلجدا لأنه يلزم أن يكون هؤلاء صحابة وتبقى الصحابة إلىيوم القيامة ولأن جمعا ممن رآه في المنام لم يره في اليقظة وخبر
الصادق لا يتخلف وأقول _أي السيوطي _الجواب عن الأول شرط الصحبة أن يروه وهو في عالم الدنيا وذلك قبل موته وأما رؤيته بعد الموت وهو في عالم البرزخ فلا تثبت بها الصحبة وعن الثاني أن الظاهر أن من يبلغ درجة الكرامات ممن هو في عموم المؤمنين إنما تقع له رؤيته قرب موته عند طلوع روحه فلا يتخلف الحديث وقد وقع ذلك لجماعة وأما أصل رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة فقد نص على إمكانها ووقوعها جماعة من الأئمة منهم حجة الإسلام الغزالي والقاضي أبو بكر بن العربي والشيخ عز الدين بن عبد السلام وابن أبي جمرة وابن الحاج واليافعي في آخرين".
وقال ابن حجر في الفتح )ج 12، ص 385( بعد كلام: "وحمله بن أبي جمرة على محمل آخر فذكر عن بن عباس أو غيره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فبقي بعد أن استيقظ متفكرا في هذا الحديث فدخل علىبعض أمهات المؤمنين ولعلها خالته ميمونة فأخرجت لهالمرآة التي كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فنظر فيها فرأىصورة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ير صو رة نفسه ونقل عن جماعة من الصالحين أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء".
وقال السيوطي في الحاوي للفتاوي )ج 2، ص 197(: "أن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته كان يرى الأنبياء ويجتمع بهم في الأرض، كما تقدم أنه رأى عيسى في الطواف، وصح «أنه صلى الله عليه وسلم مر على موسى وهو يصلي في قبره» ، وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال:
))الأنبياء أحياء يصلون((، فكذلك إذا نزل عيسى عليه السلام إلى الأرض يرى الأنبياء ويجتمع بهم ومن جملتهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيأخذ عنه ما احتاج إليه من أحكام شريعته".
الثالث: أن جماعة أئمة الشريعة نصوا على أن من كرامة الولي أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع به فياليقظة، ويأخذ عنه ما قسم له من معارف ومواهب، وممننص على ذلك من أئمة الشافعية: الغزالي، والبارزي، والتاجابن السبكي، والعفيف اليافعي، ومن أئمة المالكية القرطبي ،وابن أبي جمرة، وابن الحاج في " المدخل." وقد حكي عن بعض الأولياء أنه حضر مجلس فقيه، فروى ذلك الفقيه حديثا، فقال له الولي: هذا الحديث باطل، فقال الفقيه:
ومن أين لك هذا؟ فقال: هذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف على رأسك يقول: إني لم أقل هذا الحديث، وكشف للفقيه فرآه، وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: لو حجبت عن النبي صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي مع المسلمين".
وقال الشيخ التجاني رضي الله عنه كما في الإرشادات الربانية )ص70(: "أنه لا بد للرائي أن يقع له شيء شبه السنة ولا نوم معه".
قلت: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أو في شبه السنة محفوظة لا يتمثل الشيطان بالنبي صلى الله عليه وسلمفي أي شكل من الأشكال لما مضى أنه ))لا يتمثل الشيطان بي(( أي في المنام أو في اليقظة؛ ومن ادعى أن الجني يستطع أن يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم في هاتين الحالتين حالة النوم أو اليقظة فهو مفتر ومتابع لهواه وخالف هذا الحديث الصحيح المذكور .
تنبيه: نسمع بعض العوام يزعمون بانه وقع خلاف بين الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسبب الخلافة، فكيف لم يظهر لأصحابه ويفصل النزاع بينهم؟! .
الجواب: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أو مناما كرامة يكرم الله بها من يشاء من عباده لذلك قال ))من رآني في منامه(( ولم يقل "من جئته في منامه" لأن الله هو الذي يكشف الحجاب عمن يشاء فيشاهده فافهم.
2- وكان ضمرة بن ثعلبة يترائي النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات يقظة روى الطبراني في مسند الشاميين رقم )1378( وفي الكبير رقم )8156(: "حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن زبريق الحمصي، ثنا جدي إبراهيم بنالعلاء، وعمي محمد بن إبراهيم، قالا: ثنا بقية بن ال وليد ،عن أبي سلمة سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابرعن ضمرة بن ثعلبة السلمي، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ،فقال: "ادع لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
))اللهم إني أحرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار(( قال: فكنت أحمل في عظم القوم، فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم، وأحمل عليهم حتى أقف عنده، ثم يتراءى لي عند أصحابي، فأحمل حتى أكون مع أصحابي، قال: فعمر زمانا من دهره". وأخرجه أيضا في الكبير رقم )٨١٥٥- ٨١٥٦( وحسنه ابن كثير في الجامع المساند رقم
)٥٤١٤( وقال الهيثمي في المجمع) ٣٧٩/٩(: "إسناده حسن". وأخطأ الألباني في ضعيفته) ٦٣٨٨( وقال:
1- فيه بقية وقد عنعن
2- وعمرو بن إسحاق لم أعرفه
3- وإبراهيم بن العلاء قال أبوداود: ليس بشيئ! وتابعه لم أر من ترجمه....
قلت:
1- في رواية الطبراني رقم) ٨١٥٥( ما عنعن بقية بل قال:
حدثنا....
2- وعمروبن إسحاق معروف راجع تاريخ دمشق
)٤/٥٥(. وفي إرشاد القاصي والداني) ٤٥٢/١( قال:
إكثار الطبراني عنه يرفع جهالة عينه...
قلت: إذا رفعت الجهالة أصبح معروفا! وقد قال المتناقض في كلمات متنوعة )ص٨(: أن المعروف يشمل معروف العين ومعروف الحال!!
وقلت أيضا: قد تابعه أحمد بن النضر العسكري في المعجم الكبير رقم) ٨١٥٥( وهو ثقة كما في التهذيب.
3- وإبراهيم بن العلاء ثقة ما تكلم فيه أحد بجرح وفي تهذيب الكمال) ١٦٣/٢( إبراهيم ثقة يروي عنه حفيده عمرو قال ابن عوف غير متهم... وفي تاريخ الإسلام للذهبي) ٧٧٢/٥(: قال أبو حاتم: صادق يروى عنه حفيده عمرو .وفي الميزان) ٤٤٧/٢( في ترجمة ابنه محمد: قال ابن عوف: أما أبوه فغير متهم؛ ومثله في التاريخالإسلام) ١٢١٠/٥(.
وفي الكبير للطبراني رقم )8155( صرح بقية بالسماع قائلا: حدثنا أبو سلمة سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر، عن ضمرة بن ثعلبة البهزي، صاحب رس ول الله صلى الله عليه وسلم، أنه "كان يحمل في معسكر العدو حتى يخرق الصف، ثم يعود حتى يقف".
وفي تاريخ الكبير للبخاري )ج 4، ص 337( قال:
"أخبرنا عبد العزيز أخبرنا محمد بن وهب الدمشقي أبو عبد الله أخبرنا بقية بن الوليد أخبرنا مسلم بن سليم أبو سلمة الكناني أخبرنا يحيى بن جابر الطائي سمعت ضمرة بن ثعلبة:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. هنا صرح يحيى بن جابر سماعه من ضمرة". فلله الحمد .
3- وكان ابن مسيب يسمع همهمة )أي الآذان( من قبر النبي صلى الله عليه وسلم يعلن بدخول أوقات الصلوات وذلك في زمن فتنة ابن الزبير والمسجد خاليا عن الناس . هذه القصة ضعفه المتشدد الألباني فرده تلاميذه وصححوهاراجع تنبيه القاري )رقم ٢٦٠( هذا يثبت سماعا من النبيصلى الله عليه وسلم بعد وفاته فلله الحمد .
4- قال ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 11، ص 280(:
"كان سعيد بن المسيب في آيام الحرة يسمع الآذان من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ."
وفي صحيح الترغيب للألباني رقم) 2517( بإسناد حسن: " أن العوام بن حوشب رأى رجلا خرج من قبره "...
وقال ابن تيمية في اقتضاء الصراط )ج2ص254(:
"ما يروى من أن قوما سمعوا رد السلام من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبور غيره من الصالحين. وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة؛ ونحو ذلك. فهذا كله حق!!! ليس مما نحن فيه، والأمر أجل من ذلك وأعظم! ."وزاد إيضاحا في مجموع فتاويه )ج5ص252( قال: "وكذلك ما يخبر به الناس بعضهم بعضا من أمور الغيب هو كذلك بل يشاهدونالأمور ويسمعون الأصوات وهم متنوعون في الرؤية والسماع فالواحد منهم يتبين له من حال المشهود ما لم يتبين للآخر حتى قد يختلفون فيثبت هذا ما لا يثبت الآخر فكيف فيما أخبروا به من الغيب ."
قلت: محل الشاهد قوله: "متنوعون في الرؤية والسماع !"قال في مجموع فتاويه )ج5 ص526(: "كان هذا مما يعتبر به أمر الميت في قبره؛ فإن روحه تقعد وتجلس وتسأل وتنعم وتعذب وتصيح وذلك متصل ببدنه؛ مع كونه مضطجعا في قبره. وقد يقوى الأمر حتى يظهر ذلك في بدنه وقد يرى خارجا من قبره والعذاب عليه وملائكة العذاب موكلة به فيتحرك بدنه ويمشي ويخرج من قبره وقد سمع غير واحد أصوات المعذبين في قبورهم وقد شوهد من يخرج من قبره وهو معذب ومن يقعد بدنه أيضا إذا قوي الأمر ."...
محل الشاهد قوله )وقد شوهد من يخرج من قبره(
قلت: فلما رأى الألباني شيخه ابن تيمية يثبت هذا أقره هوأيضا فقال في موسوعته )ج3 ص943(: "فلا يستبعد أنيرى بعض الناس بعض العصاة في قبورهم يعذبون!!."
وقال ابن تيمية أيضا في مجموع فتاويه
)ج11ص313(: "فما كان مِن الخوارق من " باب العلم " فتارة بأنْ َيسمع العبد ما لا يسمعه غيره وتارة يرى ما لا يراه غيره يقظة ومناماً وتارة بأنْ يعلم ما لا يعلم غيره وحيا! وإلهاماً ، أو انزال علمٍ ضروري، أو فراسة صادقة، وُيسمََّى كشفاً ومشاهدات، ومكاشفات ومخاطبات فالسماع مخاطبات، والرؤية مشاهدات، والعلم مكاشفة وُيسمَى كله كشفاً
وفي البداية والنهاية لابن كثير) ٣٢٣/١١(: "كان ابن سمعون يوما يعظ على المنبر وتحته أبو الفتح بن القواس فنعس ابن القواس فأمسك ابن سمعون عن الوعظ حتى استيقظ فحين استيقظ قال ابن سمعون: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامك هذا؟" قال: "نعم!" قال: "فلهذا أمسكت عن الوعظ حتى لا أزعجك عما كنتفيه."
وأما رؤيته في المنام فأكثر من أن يذكر في حلية الأولياء
)ج 1، ص 45(: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر إليه فقلت: يا رسول الله ما شأن... فقال: ألست الذي تقبل وأنت صائم". وفي مسند أحمد رقم 536 وفي فضائل الصحابة )ج 1، ص 470 – 489( وفي المستدرك )ج 3، ص
110(: "أن عثمان بن عفان رضي الله عنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر فقالوا له تفطر عندنا".
وفي تاريخ بغداد )ج 13، ص 403(: "أن محمد بن حماد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعلمه دعاء يدعو".
أدعية الصحابة مع التوقيت والعدد
يزعم بعض المتشددين أن الدعاء وتحديد العدد وتحديد الوقت عبادة توقيفية لا يجوز إلا ما ورد عن الشارع صلى الله عليه وسلم ولم يسندوا في زعمهم إلى أي دليل!. فنقول: كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعون اللهويتعبدونه بأدعية شتى غير مأثورة عن النبي صلي الله عليهوسلم وكذلك التابعين ومن تبعهم بإحسان. والتعبد بأي دعاء جائز ما لم يكن فيه إثم ثبت في البخاري )835( ومسلم )55(: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
))يتخير - المصلي - من الدعاء أعجبه إليه فيدعوا((.
وفي الترمذي )2477(: "قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ))إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه وليصل على النبي ثم دعا بما شاء((.
وفي مسند أحمد )ج 17، ص 213( وغيره: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها((
وأقول: إذا أردت أن تقف على أوراد الصحابة وأسرارهم لدفع وجلب فلتراجع مصنف ابن أبي شيبة بدءا من )ج 6، ص 65( إلى )ج 6، ص 112( وكذلك إن رجعت إلى مجمع الزوائد للهيثمي )ج 10، ص 184( قال: "بابأدعية الصحابة - رضي الله عنهم وبدأ برقم:
17431 - عن عبد الله بن سبرة قال: "كان عبد الله بن عمر إذا أصبح قال: اللهم اجعلني من أعظم عبادك نصيبا في كل خير تقسمه الغداة، ونورا يهدي، ورحمة تنشرها ،ورزقا تبسطه، وضرا تكشفه، وبلاء ترفعه، وفتنة تصرفها".
رواه الط براني، ورجاله رجال الصحيح.
17432- وعن سعيد بن جبير قال: "كان ابن عباس يقول: اللهم إني أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض، أن تجعلني في حرزك، وحفظك ،وجوارك، وتحت كنفك". رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
17434- وعن الأسود بن يزيد قال: قرأ عبد الله:﴿ إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا﴾ قال: يقول الله تعالى يوم القيامة: من كان له عندي عهد فليقم، قالوا: يا أبا عبد الرحمن، علمنا، قال: قولوا: اللهم فاطر السماوات والأرض ،عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا: أنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر، وتباعدني من الخير، وإني إن أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهدا تؤده إلي يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد". رواه الطبراني، وفيه المسعودي، وهو ثقة، ولكنه قد اختلط، وبقية رجاله ثقات.
17435- وعن أبي الأحوص قال: "سمعت عبد الله - يعني ابن مسعود - يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك بنعمتك السابغةالتي أنعمت بها، وبلائك الذي ابتليتني ،وبفضلك الذي أفضلت علي أن تدخلني الجنة، اللهم أدخلني الجنة بفضلك، ومنك، ورحمتك". رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح.
17436- وعن أبي قلابة، عن ابن مسعود أنه كان يقول:" اللهم إن كنت كتبتني في أهل الشقاء فامحني، وأثبتني في أهل السعادة". رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ،إلا أن أبا قلابة لم يدرك ابن مسعود.
17437- - وعن عبد الله بن عكيم: "أن ابن مسعود كان يدعو: اللهم زدني إيمانا، ويقينا، وفهما - أو قال: علما".
رواه الطبراني، وإسناده جيد .
تحديد العدد والوقت
إعلم أن الله مع أنه أمر بالذكر كثيرا وعلى كل حال ولم يحدد ولم يوجب له عددا معينا كما فعل بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها؛ فقد جعل هذا التحديد موكولا إلى كل عامل ذاكر حسب ما يرى وما لا يشق عليه والناس في ذلك متفاوتو الاستطاعات. فقد قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ))اكلفوا من العملِ ما تطيقون؛ فإنَّ اللهَ لا يملُّ حتى تَملوا و إنَّ أحبَّ العملِ إلى اللِه تعالى أدْوَمُه وإن ق ل (( أخرجه البخاري) ٦٤٦٥( وغيره. فقد وكل عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث كلا إلى طاقته؛ وهو بها أعلم وأعرف؛ فمن حدد لنفسه قدرا معلوما من الذكر والعبادة وتحزب القرآن وغيره مما تسهل المداومة عليه ودام عليه فعلا كأوراد أهل الطرق فقد نص صلى الله عليه وسلم على أنه جاء بأحب الأعمال إلى الله عز وجل؛ فمن وافقت طاقته طاقة أخ له فعمل مثل عمله مختارا فلا حرج عليه فالأمرواسع.
وقد ثبت في الدعاء للضبي )ج 1، ص 211، رقم 45(: "حدثنا ابن فضيل، حدثنا حصين بن عبد الرحمن ،عن مجاهد، قال: سافرت مع ابن عمر فكان يقول حين ينفجر الصبح: "سمع سامع بحمد الله ونعمته، وحسن بلائه علينا - ثلاث مرات - صاحبنا فأقلنا وأفضل علينا - ثلاث مرات - اللهم عائذ بك من جهنم - ثلاث مرات - ولا حول ولا قوة إلا بالله".
قلت: رجاله رجال الصحيح فلله الحمد
وفيه )ج 1، ص 250، رقم 77(: "حدثنا ابن فضيل، حدثنا ليث، عن أبي بردة، عن كعب قال: "ما من رجل يقول سبع مرات: اللهم منزل الكتاب، مفرج السحاب، واضع الميزان، يا ذا الجلال والإكرام، اجعلني يوم القيامة عندك من الأبرار، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا بلغ بهن رضوان الله". قلت: ليث ليس بشيء .
وفيه )ج 1، ص 213، رقم 47(: "حدثنا ابن
فضيل، حدثنا محمد بن سعد الأنصاري، حدثنا عبد الله بن يزيد بن ربيعة الدمشقي، قال أبو الدرداء: رحلت، فدخلت المسجد، فلما دخلت، مررت على رجل وهو ساجد، وهو يقول: «اللهم إني خائف مستجير فأجرني من عذابك ،وسائل فقير، فارزقني من فضلك، لا من ذنب فأعتذر، ولا ذو قوة فأنتصر، ولكن مذنب مستغفر»، قال: فأصبح أبو الدرداء يعلمهن أصحابه إعجابا بهن".
قلت: جميع رجاله ثقات .وأبو الدرداء أعلم بالسنة منك أيها المتشدد .
وفيه )ج 1، ص 231، رقم 61(: "حدثنا ابن فضيل، حدثنا حصين، عن تِيم بن سلمة، عن عبد الله بن سبرة، كان عبد الله بن عمرو إذا أصبح يقول: «اللهم اجعلني من أعظم عبادك نصيبا في كل خير تقسمه لأحد من خلقك، من نور تهدي به، ورحمة تنشرها، ورزق تبسطه، وشر تدفعه وضر تكشفه، وبلاء تصرفه، وفتنةتدفعها» . وإذا أمسى قال مثل ذلك".
أخذ دعاء من الغيب
أخذ عرباض بن سارية رضي الله عنه هذه الدعوة عن ملك: "اللهم حسن العمل وبلغ الأجل". أخرجه الطبراني في الكبير )رقم٦١٦( جميع رجاله ثقات رجال التهذيب .
وروى أبو يعلى أن رجلا رأى الإسم الأعظم مكتوبا في السماء: "يا بديع السموات والأرض يا ذالجلال والإكرام..." وقال الهيثمي) ١٥٨/١٠( رواته ثقات .
وفي مصنف ابن أبي شيبة )ج6، ص40، رقم 29320(: "حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن خالد عن سعيد بن المسيب، قال سعيد: " دخلت المسجد وأنا أرى أني قد أصبحت، وإذا علي ليل طويل، فإذا ليس فيه أحد غيري، فقمت فسمعت حركة خلفي ففزعت، فقال: أيها الممتلئ قلبه فرقا، لا تفرق، ولا تفزع، وقل: اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون، ثم سل ما بدا لك ،" قال سعيد: «فما سألت الله شيئا إلا استجاب لي» ومثلهفي الدعاء للضبي )ج 1، ص 242(.
وفيه )ج 6، ص 112، رقم 29887(: "حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: " كنا في مكان لا تفده الدواب فقمت، وأنا أقرأ هؤلاء الآيات:﴿ غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب﴾ قال: فمر شيخ
على بغلة شهباء، قال: قل: يا غافر الذنب اغفر ذنبي، يا قابل التوب اقبل توبتي، يا شديد العقاب اعف عن عقابي ،يا ذا الطول طل علي بخير، قال: «فقلتها ثم نظرت فلم أره»".
أذكار الطريقة التجانية
الذكر اللازم هو أستغفر الله) ١٠٠(، والصلاة على النبي بأية صيغة) ١٠٠(، ولاإله إلاالله) ١٠٠( صباحا ومساء من تركه يقضي إلا لعذر كمرض لا غير .
1- حجتنا في تحديد الاستغفار مائة: ما رواه مسلم
)٢٧٠٢(: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفرالله في اليوم مئة مرة ."
2- حجتنا في تحديد الصلاة مائة: ما أخرجه الطبراني في الصغير )٢٠٩/١( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
))من صلى علي مئة مرة كتب الله بين عينيه براءة من النفاق((. حديث حسن لغيره على التقريب .
3- حجتنا في تحديد لا إله إلا الله مائة مرة: ما روى أحمد
)٣٤٤/٦( والبيهقي في الشعب رقم )٦١٢( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم هانئ: ))قولي لا إله إلا الله مائة
مرة فهو خيرلك مما أطبقت عليه السماء((. وصححه الألباني في صحيحته رقم) ١٣١٦(.
4- حجتنا في أن من تركه يقضي: ما أخرجه البخاري
)١٨٥٢(، ومسلم) ١١٤٨(: "أنه أمر بقضاء النذر ."وقال: ))من نذرأن يطع الله فليطعه(( أخرجه البخاري )٦٣١٨(. وكان عمربن العاص يقضي مافاته من النوافلأخرجه البخاري) ١٩٧٩(، ومسلم) ١١٥٩(.
5- حجتنا في تحديده صباحا ومساء: ما أخرجه البيهقي في الشعب رقم) ٥٦٠( والمقدسي في المختارة) ٢٤١٨( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))لأن أذكر الله قبل طلوع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ولأن أذكرالله بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل((.
وصححه الألباني في صحيح الترغيب) ٤٦٥-٤٦٦(.
الورد اللازم في الوهابية وفضله
قال ابن القيم في مدارج السالكين )ج 1، ص 446(:
"من أدمن بـ )ياحي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث( أورثه ذلك حياة القلب والعقل". وقال: "كان شيخ الإسلام ابن تيمية شديد اللهج بها جدا ... وسمعته يقول: من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر أورثه حياة القلب ولم يمت قلبه."
قلت: هذا العدد المحد ود والوقت المحدود واللزوم والفضل لميرد في الشرع! مع ذلك ليس منهم من تعلق قائلا هذا الوردبدعة ضلالة بل سكتوا لما ذا؟ لأن هذا الورد جاء عن الشيخ الإسلام! أليس كذلك؟
وله أيضا صلاة مستحسنة مستعذبة لم يسمعها من غيره راجع الأعلام العلية )ج1ص27(. وكما للإمام الشافعي رحمه الله صلاة أدخلته الجنة كما ورد في جلاء الأفهام لإبن القيم )ص412( مكتبة الشاملة وأثبتها الألباني في آخر صفة صلاته أنها من أفضل الصلاة! .
ومن أوراد ابن تيمية رحمه الله تكرار الفاتحة من الفجر إلى طلوع الشمس لتحصيل الفضل العظيم جاء في كتاب: الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية الفصل الرابع في ذكر تعبده وكان قد عرفت عادته؛ لا يكلمه أحد بغير ضرورة بعد صلاة الفجر فلا يزال في الذكر يسمع نفسه وربما يسمع ذكره من إلى جانبه، مع كونه في خلال ذلك يكثر في تقليب بصره نحو السماء. هكذادأُبه حتى ترتفع الشمس ويزول وقت النهي عن الصلاة .
وكنت مدة إقامتي بدمشق ملازمه جل النهار وكثيرًا من الليل. وكان يدنيني منه حتى يجلسني إلى جانبه، وكنت أسمع ما يتلو وما يذكر حينئذ، فرأيته يقرأ الفاتحة ويكررها ويقطع ذلك الوقت كله ـ أعني من الفجر إلى ارتفاع الشمس ـ في تكرير تلاوتها
وفي العقود الدرية) 43(: "وكان رحمه الله يقول ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأمرغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى وأقول يا معلم إبراهيم فهمني."
قلت: بخل علينا الشيخ ولم يخرج لنا تلك العلوم! لقد تابعت كتبه ولم أره فسر آية واحدة من عشرة وجه سيما مئة تفسير! وهذا الدعاء الذي يدعو به ويتمرغ وجهه بالتراب لن ترى أحدا منهم خرج على شاشة التلفزيون يقول )هذهالأوراد من الشيخ الإسلام بدعة ضلالة! والشيخ ووزيره ابنالقيم مبتدعان مضلان لهذه الأوراد!( بل تراهم س اكتين لايقولون ببنت شفة لماذا؟.
الوظيفة في الطريقة التجانية
أما الوظيفة فهي: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم) ٣٠( مرة، وصلاة الفاتح) ٥٠( مرة، ولا إله إلا الله) ١٠٠( مرة، وجوهرة الكمال) ١٢( مرة، جمعا مرة في اليوم .
1- أما الاستغفار فقد أخرجه أبو داود) ١٥١٧(، والترمذي) ٣٥٧٧( أن من قاله ثلاث مرات غفرت ذنوبه ولو فر من الزحف .
2- أما صلاة الفاتح فقد يأتي قريبا وقلت فيه أنها من صلاة سيدنا علي عليه السلام .
3- أما لا إله إلا الله تقدم في باب اللازم
4- أما جوهرة الكمال فهي شرح للصلاة الفاتح فهي صلاة لمولانا الشيخ التجاني رضي الله عنه وليس في معناهاما يخالف الشريعة وقد شرحها صاحبها بنفسه رضي اللهعنه وقد كان للصحابة رضوان الله عليهم صلوات وللتابعيينصلوات وللوهابية صلوات كما يأتي من يحاول أن يرفض جوهرة الكمال لا بد أن يبدأ بالصلوات الصحابة والتابعين وغيرهم .
ومن وجوب الوظيقة الاجتماع لها لعموم:
1- حديث أخرجه البخاري) ٦٤٠٨(، ومسلم) ٢٠٦٩( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر... (( إلى أن قال: ))هم قوم لا يشقى بهم جليسهم((. وفيه: ))أنهم يسبحونك! ويمجدونك! ويهللونك!((. وفي رواية:
))ويصلون على النبي!((. كي لا يتوهم المتوهم أنهم اجتمعوا لقراءة. فلله الحمد .
وفي حديث: ))إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا ومارياض الجنة؟ قال حلق الذكر(( أخرجه الترمذي )٣٥١٠( وأحمد) ٣٤٣٢( وغيرهما وتناقض فيه الألباني وصححه أخيرا في صحيح الترغيب) ١٥١١(. وجمع الشيخالشريف إبراهيم صالح جميع طرقه في المغير )ص١٣٥( فللهالحمد
رفع الصوت بالذكر جمعا ومعيا
في زهد أحمد بن حنبل )رقم2252( بإسناد صحيح:
"حدثنا عبد الله، حدثني يحيى بن عثمان الحربي، حدثنا أبو المليح، عن يزيد بن يزيد يعني ابن جابر قال: كان أبو مسلم الخولاني يكثر أن يرفع صوته بالتكبير حتى مع الصبيان ،وكان يقول: ))اذكر الله حتى يرى الجاهل أنك مجنون((:
قلت: ترى أنهم رفعوا صوتهم معيا! فما أنكرهم أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .!!
وظيفة سنوية
الإجتماع لختم القرآن في الشهر الرمضان) ٢٩( منه في الحرمي المكي ودعاء ختم القرآن مع أنه ليس له أصل في الشريعة يفعله الوهابيون! .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة )ط 2، ج 3، ص97(:
"سؤال: دعاء ختم القرآن لشيخ الإسلام ابن تيمية فيهشيء وما الواجب عمله في السنة عند ختم القرآن الكريم؟ الجواب :الدعاء المنسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية عند ختم القرآن لا نعلم صحته عنه ولم نقف عليه بشيء من كتبه. لكن قد اشتهرت نسبته إليه ولا نعلم فيه بأسا؛وإذا دعا الإنسان بدعوات أخرى فلا بأس بذلك لعدم الدليل على تعيين دعاء معين".
وفي مجموع فتاوى ابن باز )ج 6، ص 294( وفي )ج 11، ص 318( قال: "الإجتماع لدعاء ختم القرآن جائز ويجوز حضوره من بلاد شتى". وكرر ذلك حوالي 7 مرات .
قلت: وقد علمت أنه لم يرد في حديث دعاء يسمى بـ - ختم القرآن – قط وليس فيه جواز الإجتماع به ومع ذلك تراهم يثبتونه ويحللونه ولم يقولوا بدعة ضلالة! في الفتاوى الكبرى لابن تيمية )ج 1، ص 53(: "سؤال فقراء يجتمعون يذكرون ويقرءون شيئا من القرءان؟... فقال:
"الإجتماع على القراءة والذكر والدعاء حسن مستحب ." رفع الصوت بالذكر
1- في البخاري) ٨٤١( ومسلم) ٥٨٣( وغيرهما عن ابن عباس قال: "أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ."
2- ))لو تعلمون ما أعلم لضكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولخرجتم إلى الصعدات تأجرون إلى الله(( أخرجه الحاكم )٣٢٠/٤( وصححه الأئمة وتناقض فيه الألباني وضعفه في ضعيفته) ٤٣٥٤( وحسنه في صحيح الجامع) ٥٢٦٢(.
3- عن أبي موسى أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرفعوا صوتهم بالذكر فقال النبي صلى الله عليه وسلم)) : أربعوا على أنفسكم...(( رواه البخاري )٦٦١٠( ومسلم )٢٠٧٤( وغيرهما يعني اعطفوا
تنبيه: حديث)) خير الذكر الخفي(( أخرجه أبو يعلى فيمسنده رقم) ٧٣١(، وأحمد في المسند) ١٧٢/١(، وابن أبي شيبة رقم) ٣٤٧٧( هذا حديث ضعيف جميع طرقه تدور على ابن لبيبة وشواهده شديد الضعف لا ينجبر .
وقوله تعالى: ﴿واذكر ربك في نفسك﴾ وقوله﴿ لا تجهر بصلاتك﴾ اتفق العلماء أنهما مكيتان نزلتا حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقرآن فيسمعه الكفار فيسبون القرآن. راجع الطبري) ١٦٥/٦(، وابن كثير) ٣٨٥/٣(، وابن الجوزي) ٢٣٨/٣(، والقرطبي) ٢٢٥/٧(، والواحدي )٤٤٠/٢(، وتفسير ابن تيمية) ٣١٩/٤( وغيرهم .
أما ذكر الجمعة
روى الترمذي رقم )489( عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))التمسوا الساعة التي
يرجى فيها في الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس((. وذكره ابن حجر في الفتح )ج 2، ص 417( بإسناد آخر وسكت عنه فقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج 3، ص 293( في إسناده ابن أبي حميد ضعيف ولكن تابعه ابنلهيعة .
قلت: صححه الألباني في صحيحته رقم )2583( لهذا التباع. وقد رواه أبو داود رقم )1048( وغيره .
وفي فتح الباري )ج 2، ص 421( قال: "كانت فاطمة الزهراء عليها السلام إذا كان يوم الجمعة أرسلت غلاما لها يقال له زيد ينظر لها الشمس فإذا أخبرها أنها تدلت أقبلت على الدعاء إلى أن تغيب". وفي إسناده اختلاف على زيد بن علي وفي رواته من لا يعرف حاله وقد أخرج إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق سعيد بن راشد عن زيد بن علي عن فاطمة. وقال فيه إذا تدلت الشمس للغروب تقول لغلام يقال له أريد اصعد على الظراب فإذا تدلت الشمس للغروب فاخبرني .
وفي طبقات ابن سعد )ج 1، ص290( قال ما نصه: "كان محمد بن المنكدر وصفوان بن سليم بن وأبو حازم وسليمان بن سحيم ويزيد بن خصيفة أهل عبادةوكانو يجتمعون بعد العصر يتحدثون ويدعون بدعوات".
وفي أخبار القضاة )ج 3، ص 238(: "كان المفضل بن فضالة إذا صلى عصر يوم الجمعة خلا في ناحية المسجد وحده فلا يزال يدعوا حتى تغرب الشمس".
وفي تاريخ واسط )ج 1، ص 186(: "كان طاووس بن كيسان إذا صلى العصر يوم الجمعة استقبل القبلة ولم يكلم أحدا حتى تغرب الشمس".
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج 64، ص140(: "أصاب العمى الصلت بن بسطام فجلس إخوانه يدعون له عصر الجمعة وقبل الغروب عطس عطسة فرجع بصره".
وفي سير أعلام النبلاء )ج 6، ص 325( قال: "كان سليمان التيمي يسبح بعد العصر إلى المغرب".
وقال وزير المتشددين ابن القيم في زاد المعاد )ج 1،ص384(: "وهذه الساعة هي آخر ساعة بعد العصريعظمها جميع أهل الملل".
وفيه )ج 1، ص 382(: "كان سعيد بن جبير إذا صلى العصر لم يكلم أحدا حتى تغرب الشمس – يعني – كان منشغلا بالدعاء".
وعلى هذا المنهج الواضح كان التجانيون يجتمعون مساء كل جمعة للذكر والدعاء رجاء أن يوافقوا الساعة المذكورة واتباع هؤلاء السلف رضي الله عنهم أجمعين.
صلاة الفاتح
أما الكلام أن الصلاة الفاتح أفضل من القرآن ستة آلاف مرة فأثر ضعيف لم يثبت عن الشيخ التجاني رضي الله عنه 1- راجع البيان والتبيان للشيخ إبراهيم الكولخي رضي الله عنه. راجع الدفاع عن طرق أهل الهدى راجع كتاب المغير للشيخ إبراهيم الشريف صالح )ص٦٦(، راجع جنايةالمنتسب للشيخ أحمد سكيرج )ص٨(
2- تفضيلها على القرءان يناقض قول الشيخ التجاني رضي الله عنه في جواهر المعاني )ج 1، ص 176(: "أن تفضيل القرآن على جميع الكلام من الأذكار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أوضح من الشمس ."
قلت: بهذا يتبين لكم أن تفضيل الصلاة الفاتح على القرآن لم يثبت عن الشيخ قطعا كما قال الأئمة بل هذا الخبر دسه أعداء الشيخ في نسخة جواهر المعاني المطبوعة المتداولة لا يوجد هذا الخبر في النسخة الأصلية.
ادعى المتشددون أن في كتب أشياخههم مثل هذا الدس ثبت في ملتقى أهل الحديث )ط١، ج 69، ص 473(: "أن الفتوى المنسوبة للشيخ الإسلام ببقاء الخضر والله أعلم بصحة نسبتها..." الخ .
وفيه )ج40، ص 283( ساق كلام ابن تيمية فيمجموع فتاويه ثم قال: "لا شك عندي أن هذا الكلاممدسوس على شيخ الإسلام! أو فيه رائحة تحريف".
وفيه )ج80، ص 314( قيل أن في كتب الألباني دس! .
وفي ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج 34، ص 168( قالوا: "أن كتاب الكبائر مدسوس على الذهبي".
قلت: وعلى هذا فلا غرابة أن يقع دس في كتب الصوفية أيضا كجواهر المعاني أو غيره .
أوردت بهذا البيان توضيحا للأحباب أما المنكر الذي جمد وأبى قبول الحق وألزم التجانيين هذا الأثر عنادا أقول له: تفضيل الأذكار على القرآن لغرض مقبول عند المسلمين 3- وفي تدريب الراوي) ص٣٩٢( والمحدث الفاصل )ص
١٧٨( قال أبو سعيد الخدري: "مذاكرة الحديث أفضل من قرآة القرآن".
4- وفي الفتح) ٧/٧(: "أن مجرد زيادة الأجر لايستلزمثبوت الأفضلية المطلقة".
5- قال ابن تيمية في مجموع فتاويه) ٤٠٠/١١(: "أكثر السالكين إذا قرأوا القرآن لا يفهمونه وهم بعد لم يذوقوا حلاوة الإيمان فإذا أقبلوا على الذكر أعطاهم الذكر من الإيمان ما يجدون حلاوته ولذته فيكون الذكر أنفع لهم حينئذ من القرآن!! ." قلت: ما شاء الله لا تعليق .
6- متن الصلاة الفاتح مسلولة من صلاة سيدنا علي رضي الله عنه وقد صححها الألباني في صفة صلاته )١٧٤( وفيه صلاة للإمام الشافعي وفيه صلاة يرى بعض العلماء أنها هي أفضل صلاة...
ربما يقول قائل أن سند صلاة الفاتح لم يصح إلى سيدنا علي كرم الله وجهه منقطع ضعيف لأجل سلامة الكندي وهو مجهول لم يسمع من علي عليه السلام قال ذلك أبو حاتم! .
الجواب: سند الصلاة الفاتح صحيح وسلامة الكندي ثقةسمع من علي عليه السلام قال البخاري في تاريخ الكبير
)ج4، ص190(: "سلامة الكندي يروي عن علي".
وقال ابن حبان في الثقات )ج4، ص343(: "سلامة الكندي يروي عن علي عليه السلام ثقة". وكذلك ابن جرير الطبري في التهذيب الآثار رقم )352( لما طرح إليه سؤال هل يجوز صلاة النبي بغير الصلاة المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب بجوازه وأورد بهذه الصلاة عن الإمام علي عليه السلام.
فقلت: إذا أثبت هؤلاء الجهابذة )البخاري وابن حبان وابن جرير( سماع سلامة من الإمام علي عليه السلام فلا يضر نفي أبو حاتم ذلك لما ثبت في علم الحديث أن المثبت مقدم على النافي وقد كرر ذلك الألباني في صحيحته حوالي (12) مرة .
سؤال يطرح نفسه: لما ذا يبدع هؤلاء المتشددين – ابن باز وابن عثيمين والألباني وأذنابهم – جميع صلوات أهل الطرق؟ إذا سألتهم : هل يجوز صلاة النبي بصلاة فلانية؟ يقولون : لا يجوز إلا ما ورد عن النبي ألا وهي الصلاة الإبراهيمية أما غيرها فلا! ومع ذلك تراهم يحسنون صلوات أحدثوها هم من عند أنفسهم لم يرد في أي حديث كما ستقف قريبا 1 – في الدرر السنية )ج11، ص411( جاؤوا بصلاة بدعية لم ترد في حديث قالوا فيه: "وصلى الله على محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا".
2 – وفيه )ج 10، ص 453(: "اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الهداة المهتدين وسلم تسليما كثيرا".
3- وفي مسائل وفتاوى نجدية )ص52( قالوا: "اللهم صل على محمد وأصحابه هداة الأنام وسلم تسليما".
4- وقال الشيخ عبد اللطيف في كتابه فتاوى ورسائل )ج
1، ص214(: "اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدينوسلم تسليما".
5 – في فتاوى نور على الدرب لابن باز )ج 14، ص18( قال: "اللهم صل على رسول الله واجزه عنا خيرا".
6 – في )ج13، ص297( قال: "اللهم صل عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين".
7 – وفي رسائل وفتاوى آل الشيخ عبد العزيز )ج1، ص136(: "اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين".
8 – صلاة ألبانية : "افتتح الألباني كتابه السلسلة الضعيفة
)ج 1، ص 1( بقوله: "الحمد لله رب العالمين والصلوات الطيبات على سيد المرسلين وأصحابه الغر الميامين".
9 – وافتتح السلسلة الصحيحة )ج 1، ص1( بهذه الصلاة: "والصلاة والسلام على رسولنا محمد الذي بحديثه وسننه الصحيحة اهتدينا... وصحبه الغر الميامين".
10 – في مجموع فتاوى ابن تيمية )ج 1، ص 4( قال:
"صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة يرضى بها الملك الديان وسلم تسليما مقرونا بالرضوان".
قلت هنا: هذه الصلوات العشرة كلها بدعة إن كانت الصلاة الفاتح بدعة. هذا بهذا وإلا فلا .
تنبيه: في الفتاوى اللجنة السعودية) ٦٦/٧ رقم ٤٥٥١(:
"أن معنى الصلاة الفاتح صحيح! ولكن لا يعمل بها في الصلاة أي في تشهد! .
قلت: ليس في التجانية شيخ يفتي أن يعمل بها في تشهد كما تهدف أيها الوهابي .
نشر الثوب للذكر
1- أما نشرنا للثوب عند الذكر فليس بواجب ولا شرط من الذكر لذلك تركه بعض الإخوان تبعا لما قال الشيخ عمر الفوتي في الرماح أنه ينشر لعدم طهارة المكان راجع الدرة الخريدة) ٣٧/٤(.
2- واستمر بعض الإخوان بنشره إقتداء لما في بغية المستفيد أنه نشر بمحضر الشيخ رضي الله عنه مع طهارة المكان راجع الدرة الخريدة) ٤١/٤ -٤٢( ويستأنس بحديث:
3- ))ليذكرن الله قوم في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم الله الدرجات العلى((. أخرجه ابن حبان في صحيحه) ١٢٤/٢ رقم ٣٩٨(، وأبويعلى في مسنده )٣٥٩/٢ رقم ١١٠٥(، وصححه بعض الأئمة منهم الهيثمي في المجمع) ٥٩/١٠ رقم ١٦٧٧( والمنذري في الترغيب) ٣٣٧/٢ رقم ٢٢٤١( وفيه "دراج" مختلف فيه
تنبيه: كاد الألباني أن يتحير في "دراج!" يضعف به ويقول فيه منكر في بعض مواضع وقال في صحيحته) ٣٣٥٠( لما أراد أن يستشهد به: قد صحح فلان وفلان أحاديثه.
قلت هنا: إذا لم يقبل المتشددون هذ الدليل الواضح نطالبهم أن يأتوا بدليل على صلاتهم على السجادة في مساجدهم! وقد ثبت في مجموع فتاوى شيخهم ابن تيمية )ج 22، ص163(: "وسئل: عمن يبسط سجادة في الجامع ويصلي عليها هل ما فعله بدعة أم لا؟ فأجاب:
الحمد لله رب العالمين أما الصلاة على السجادة بحيث يتحرى المصلي ذلك فلم تكن هذه سنة السلف من المهاجرين والأنصار ومن بعضهم من التابعين لهم بإحسان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كانوا يصلون في مسجده على الأرض لا يتخذ أحدهم سجادة يختص بالصلاة عليها وقد روي أن عبد الرحمان بن مهدي لما قدم المدينة بسط سجادة فأمر مالك بحبسه فقيل له: إنه عبد الرحمان بن مهدي فقال: أما علمت أن بسط السجادة في مسجدنا بدعة".
وقال في )ج21، ص 118(: "ما كان النبي يصلي على سجادة بل كانوا يصلون على الرمل والحصى ويسجد أحيانا على الخمرة – وهي شيء يصنع من الخوص صغيرة – إلى آخر كلامه".
وقال في )ج22، ص183(: "يفترش أحدهم السجادة على مصليات المسلمين من الحصير والبسط ونحو ذلك مما يفرش في المساجد فيزدادون بدعة على بدعتهموهذا الأمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عن السلف".
وفي )ج22، ص 178( رد كل قائل أن الخمرة سجادة لأن الخمرة صغيرة جدا. انتهى من كلام رئيسهم حول الصلاة على سجادة .
التحريك عند الذكر
التحرك عند الذكر لوارد أو كان وجدا لاباس به. أما تحرك تلاعبا لا واردا فحرام .
1- وفي مسند أحمد )رقم ٨٥٧( بإسند صحيح عن علي رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وجعفر وزيد فقال لزيد)) أنت مولاي(( فحجل قال لجعفر ))أنت أشبهت خلقي وخلقي(( فحجل وراء زيد وقال لي
))أنت مني وأنا منك(( فحجلت وراء جعفر ."
قال العراقي في تخريج الإحياء) ٣٧٤/٢( حسن ،وصححه أحمد شاكر في تحقيقه المسند) ١٥٧/٢( وكتب هكذا: خجل. هذا خطأ والصواب هكذا: حجل. كما في الأصل .
حتى التقليب
2— عن بريدة قال: "بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له إذ أتى على رجل يتقلب في الرمضاء ظهرا لبطن يقول: يا نفس نوم بالليل وباطل بالنهار وترجين الجنة؟ فلما قضى دأب نفسه أقبل إلينا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ))دونكم أخوكم(( قلنا: أدع الله لنا قال: ))اللهم أجمع
على الهدى أمرهم(( قلنا زدنا قال: ))اللهم أجعل التقوى زادهم... (( رواه الطبرني في الكبير) ١١٥٩( وقال الهيثمي في المجمع) ١٨٥/١٠( رجاله ثقات إلا علقمة بن مرثد لم أعرفه .
قلت: ورد في تهذيب التهذيب) ٢٧٩/٧( قال أحمد:
"علقمة بن مرثد ثبت في الحديث"، وقال النسائي: "ثقة"، وقال أبو حاتم: "صالح الحديث"، وذكره ابن حبان فيالثقات، ووثقه يعقوب الفسوي. وفي الجرح والتعديل رقم )٢٢٦٩(: "علقمة ثقة". وقال فلان وفلان: "ثقة".
قلت أيضا: أخرجه ابن مبارك في زهده )ج1، ص301، رقم 871( بإسناد آخر صحيح عن عمرو بن مرة مرسلا .
حتى الغشيان
3- قال الأصبحي: "خلوت بأبي هريرة وقلت له لماحدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبوهريرة أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله ثم نشغ أبوهريرة )أي غشي عليه( ثم أفاق فقال لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله ثم نشغ نشغة أخرى ثم أفاق ومسح عن وجهه..." قال المنذري في الترغيب )رقم ٢٩( رواه ابن خزيمة في صحيحه. وقال المتشدد الألباني في صحيح الترغيب )رقم ٢٢(: هذا حديث صحيح حتى الموت
4- قال بهز بن حكيم: "أمنا زرارة بن أوفى في مسجد بني قشير فقرأ:﴿ فإذا نقر في الناقور﴾؛ خر ميتا". ناتي بحكم المتناقض الألباني قال في صحيح الترمذي رقم )٤٤٥(:
"إسناده حسن". وقال في صحيح الترغيب )رقم ٣٣٧٨(:
"حديث صحيح".
حكم الذكر بالإسم المفرد
أما الذكر بالإسم المفرد ينكره هؤلاء القوم مع ما ثبت في
كتاب الله ﴿قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان أيما تدعوا﴾.
ومن العجب أن رئيس المنكرين ابن تيمية قال في مجموع فتاويه )ج 15، ص14(: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول مرة ياالله يا الله ومرة يا رحمان فأنزل الله ادعوا الله..." الخ
وقال في )ج2، ص264(: "إذا كان في مقام الفناء فهذا قريب". وقال )ج3، ص220(: "ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة تطلب العلو...".
قلت: ثبت في مسند أحمد برقم )12660( كما يلي:
"حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله((".
وفي رقم )13082( قال: "حدثنا يزيد، أخبرنا حميد ،عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله((". وأخرجه الحاكم في المستدرك برقم )8511( قائلا: "أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الصرام، ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، ثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، ثنا بهز بن أسد، ثنا شعبة ،أنبأ علي بن الأقمر، قال: سمعت أبا الأحوص، يحدث، عن عبد الله رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، يقول: ))لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله((". وأخرجه الداني في سننه رقم )423(:
"حدثنا ابن عفان، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا سعيد ،قال: حدثنا نصر، قال: حدثنا علي، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال:
))لا تقوم الساعة وواحد يقول: الله((. هذه أربع طرق
صحاح مختلفة كلها بلفظ واحد ))من يقول الله الله(( أما
اللفظ: ))لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض لا إله
إلا الله((. أخرجه أحمد رقم )13833(: "حدثنا عفان حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس وذكره. وحماد ضعيف وقد اضطراب في لفظ هذا الحديث لأنه رواه بلفظ ))الله الله(( كما في مسلم رقم )234(. وابن حبان في صحيحه رقم )6838( وفيه الحسين بن عبد الله ما وثقه أحد غير الدارقطني وأخرجه الحاكم في المستدرك )ج4، ص494( وفيه محمد بن يحيى بن فياض هو كالحسين المذكر أعلاه تِاما. وذكره الحاكم في المستدرك أيضا )ج4، ص495( وفيه ابن لهيعة وابن سنان لا يحتج بهما. والطبراني في مسند الشاميين رقم )2331( وفيه كلثوم بن محمد في الجرح والتعديل )ج7، ص164(: "كلثوم بن محمد لا يصح حديثه". وفي الضعفاء لابن الجوزي )ج3، ص25( قال: "يتكلمون فيه". لا نترك الطرق الأولى السلمية إلى هذهالطرق المعلة .
وفي الإستيعاب لأن عبد البر )ج1، ص181( بإسناد صحيح عن عطاء الخراساني قال: "كنت عند سعيد بن المسيب فذكر بلال فقال: كان يعذب على دينه فإذا أراد المشركون أن يقاربه قال: )الله الله(". وفيه )ج1، ص182( بإسناد آخر: "فوضع حجرا عليه فجعل يقول )أحد أحد(". وأورد ابن سعد في طبقاته )ج3، ص17( بثلاث أسانيد. وفي )ج3، ص76( بإسناد آخر. فأبى المتشددون إلا إنكارا .
الإحتفال بذكرى الرسول
اتخاذ يوم في الأسبوع أو في الشهر أو في السنة لذكرى الرسول صلي الله عليه وسلم واحتفال به ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج البخاري رقم )4145( مختصرا وابن ماجة في سننه رقم )5015( وابن حبان في صحيحه رقم )7145( بأسانيد عديدة وأبويعلى في مسنده )4746(: "عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كانرسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرا فيالمسجد فيقوم عليه يهجو من قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس مع حسان ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
إذا قال قائل أن حسان بن ثابت لم يتكلم على المنبر حول المولد بل تكلم على سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط .
الجواب: ورد في تاريخ دمشق )ج3، ص408( قال العباس قال حسان في النبي صلى الله عليه وسلم:
من قبلها طبت في الظلال وفي المستودع حيث يخصف الورق ثم هبطت البلاد لا بشر أنت ولا مضغة ولا علق
وأنت لما ولدت أشرقت الأرض وضائت بنورك الأفق . وفيه )ج12، ص456( قال: "الأبيات التي سردها الحسانعلى المنبر سبعون بيتا".
قلت: قد رأيت بأم عينك أن الحسان تكلم في هذه الأبيات على مولد الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط )ج 2، ص 126(:
"فتعظيم المولد، واتخاذه موسما، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم". فأعرض بعض المتشددين قائلين أن الشيخ استحسنه في حق الجهال الذين لا يعلمون أنها بدعة! فقلت من أين أتى الشيخ بهذا اللفظ؟ فهربوا! ولن يأتوا به أبدا. بل الشيخ تناقض فيه.
قال ابن باز في مجموع فتاويه )ج1، ص382(: "أيها الإخوة الكرام، إن الاجتماع لدراسة مذهب السلف الصالح ومنه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتعريف الناس بها، وحثهم على الاستمساك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وسلف هذه الأمة أمر واجب ومن أعظم القرب إلىالله!". فجهل ذلك ابن عثيمين في مجموع فتاوى ورسائله)ج16، ص194(: "سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى عن الفرق بين ما يسمى بأسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - والاحتفال بالمولد النبوي حيث ينكر على من فعل الثاني دون الأول؟ فأجاب فضيلته بقوله: الفرق بينهما حسب علمنا من وجهين: الأول: أن أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - لم يتخذ تقربا إلى الله عز وجل !! وإنما يقصد به إزالة شبهة في نفوس بعض الناس في هذا الرجل ويبين ما من الله به على المسلمين على يد هذا الرجل .الثاني: أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لا يتكرر ويعود كما تعود الأعياد، بل هو أمر بين للناس وكتب فيه ما كتب، وتبين في حق هذا الرجل ما لم يكن معروفا من قبل لكثير من الناس .انتهى
قد عجز بن باز قائلا في - الدروس الشيخ عبد العزيزبن باز )ج10، ص11(: "أما أسبوع العلماء من الذيقال: إنه بدعة؟! هذا أسبوع تعرض فيه كتبهم، ما هو باحتفال، هذا أسبوع تعرض فيه الكتب، وبيان ما ألفه فلان، وما طبع من كتبه، فإذا قيل: أسبوع لـ محمد، وأسبوع لـ شيخ الإسلام، وأسبوع لـ ابن عبد السلام، وأسبوع للقرطبي، وأسبوع لكذا ،تنشر كتبهم، وتباع بين الناس، ليس هذا من البدع، هذا إظهار للكتب وبيع لها ونشر لها بين الناس .قلت: نسي الشيخ أن عرض الكتب لا يمكن إلا باحتفال! ولم يرد حديث يسمى بأسبوع تعريض الكتب! واحتفالات لها!". ونسي أنه هو القائل في مجموع فتاويه )ج1، ص382(: "أن الإجتماع لأسبوع الشيخ من أعظم القرب!".
الإجتماع للعقيقة وصنعة الطعام لها
في الأدب المفرد للإمام البخاري رقم )1255(: "أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا حزم قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: لما ولد لي إياس دعوت نفرا من أصحاب النبي صلى اللهعليه وسلم فأطعمتهم، فدعوا، فقلت: إنكم قد دعوتم فباركالله لكم فيما دعوتم، وإني إن أدعو بدعاء فأمنوا، قال: فدعوت له بدعاء كثير في دينه وعقله وكذا، قال: فإني لأتعرف فيه دعاء يومئذ". إسناده صحيح ومع صحته رفضه المتشددون ويبدعون كل من دعا العلماء وأحبائه إلى عقيقته ليأكلوا ويدعوا.
التهنئة بالمناسبات الإسلامية
نسمع بعض أبناء العصر يزعمون أن التهاني لشيء ما بدعة فأردت أن ألزمهم بكتب شيوخهم وأقول: التهاني من باب العادات فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا قرر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغب في بعضها وحرّم بعضها.
قال ابن تيمية في مجموع فتاوىه )ج29، ص150( و)ج 1، ص360( و)ج 7، ص46( ما نصه: "العادات الأصل فيها الإباحة، فلا يحرم منها إلاّ ما ورد تحريمه..." إلى أن قال: "فالعادات هي ما اعتاد الناسمن المآكل والمشارب وأصناف الملابس والذهاب
والمجيء وسائر التصرفات المعتادة، فلا يحرم منها إلاّ ما حّرّمه الله ورسوله، إما نصّاً صريحاً، أو يدخل في عموم، أو قياسٍٍصحيح، وإلاّ فسائر العادات حلال والدليل على
حلها قوله تعالى: ﴿هُوَ اَل ذِي خَلَقَ لُكُم مَ َا فِِي الأَرْضِ
جَمجَمِيعاِيعا ﴾ فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه لننتفع به على أيّ وجهٍوجه من وجوه الانتفاع.
قال ابن عثيمين في مجموع فتاويه )ج5، ص260( عند شرحه لحديث عائشة رضي الله عنها قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : ))من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد(( رواه البخاري .قال: فأوًلاً: ينبغي معرفة هل هذا عبادة أم عادة. فمثلاً لو أن رجلاً قال لصاحبه الذي نجا من هلكة: ما شاء الله، هنيئًاً لك .
فقال له رجل: هذه بدعة. فهذا القول غير صحيح، لأن هذا من أمور العادة وليس من أمور العبادة. وفي الشرع ما يشهد لهذا حيث جعل الناس يهنئون كعب بن مالكبتوبة الله عليه في حديثه الطويل. وكثير من التهاني التيتحدث بين الناس لا يزعم أحد أنها بدعة إلا بدليل، لأنها أمور عادات لا عبادات، وكمن قابل رجلاً نجح في امتحان فقال له: مبارك. فمن يقول: هذه بدعة غير محق في ذلك .وإذا تردد الأمر بين كونه عبادة أو عادة فالأصل أنه عادة ولا ينهى عنه حتى يقوم دليل على أنه عبادة".
قال ابن القيم في زاد المعاد )ج3، ص511(: "وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية والقيام إليه إذا أقبل ومصافحته فهذه سنة مستحبة وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية وأن الأولى أن يقال له: ليهنك ما أعطاك الله وما من الله به عليك ونحو هذا الكلام فإن فيه تولية النعمة ربها والدعاء لمن نالها بالتهني بها".
التهنئة بالفضائل العلية والمناقب
عن أنس قال: لما انصرف رسول الله صلى الله عليهوسلم من الحديبية نزلت هذه الآية: ﴿إنا فتحنا لك فتحا
مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ﴾ قال المسلمون
يا رسول الله هنيئاً لك ما أعطاك الله فما لنا فنزلت:
﴿ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك
عند الله فوزا عظيما ﴾ . رواه أحمد في المسند )ج 3، ص122، رقم 12248( وسنده صحيح.
وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ))يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟(( قال قلت الله ورسوله أعلم قال: ))يا أبا
المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟(( قال قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال فضرب في
صدري وقال: ))والله ليهنك العلم أبا المنذر((. رواه مسلم في صحيحه رقم) 810(.
التهنئة بالقدوم من الغزو
عن عروة قال: "لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلمبأصحابه من بدر استقبلهم المسلمون بالروحاء يهنئونهم فقال سلمة بن سلامة: يا رسول الله ما الذي يهنئونك والله إن رأينا عجائز صلعا كالبدن المعلقة فنحرناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))إن لكل قوم فراسة وإنما يعرفها الأشراف((". رواه الحاكم في المستدرك )ج 3، ص472(. رقم 5767(، صحيح الإسناد وإن كان مرسلا .
تهنئة العروسين
فعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفأ إنسانا قال بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير. رواه أحمد في المسند )ج2، ص381 ، رقم 8943(. وسنده صحيح .
وعن عبد الله بن محمد بن عقيل قال تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا فقلنا بالرفاء والبنين فقال مه لا تقولوا ذلك فان النبي صلى الله عليه وسلم قدنهانا عنذلك وقال قولوا بارك الله لها فيك وبارك لك فيها. رواهأحمد في المسند )ج 1، ص201، رقم 1738(.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم فأتتني أمي فأدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر". رواه البخاري رقم )4861( ومسلم رقم
.)1422(
التهنئة في العيد
عن جبير بن نفير قال: "كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك". وصححه المتشدد الألباني في تمام المنة
)ج1، ص354( و)ص355(.
وعن محمد بن زياد قال: "كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم قال أحمد رحمه الله" إسناد حديث أبي أمامةجيد كما في المغني )ج 2، ص250(. وكذلك ذكرهابن حجر رحمه الله تعالى واحتج على مشروعية ذلك بهذه الرواية التي رواها البيهقي رحمه الله.
التهنئة بالثوب الجديد
أخرج البخاري في صحيحه رقم )5507(: "عن أم خالد بنت خالد قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء قال ))من ترون نكسوها هذه الخميصة((. فأسكت القوم قال: ))ائتوني بأم خالد((.
فأتي بي النبي صلى الله عليه وسلم فألبسنيها بيده وقال:
))أبلي وأخلقي((.
قال الحافظ: "وقوله "أبلى": أمر بالابلاء وكذا قوله أخلقي: أمر بالإخلاق وهما بمعنى والعرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء". فتح الباري )ج10،ص280(.
التهنئة بقدوم شهر رمضان
عن أبي هريرة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يبشر أصحابه: ))قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم((". رواه
الإمام أحمد في المسند )ج 2، ص385، رقم 8979(.
وصححه المتشدد في الترغيب )ج4، ص129(.
طعام مناسبات الأديان الأجنبية
الاحتفال بمناسبات الأديان الأجنبية وتهنئة أهلها بها أو أي حركة معهم حرم لأن ذلك تعاون على العصيان قال الله
تعالى ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾.
وفي مشيخة البغدادية لأبي طاهر )ج5، ص38( عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ))من تنافى أرض الأعاجمفصنع نيروزهم ومهرجانهم حشر معهم(( وأخرجه الدولابي في الكنى )ج 3، ص1048( بإسناد آخر .
أما إذا أتاك جارك بهدية للمناسبة يجوز أخذها عند بعض العلماء لما في الصحيح المسند )ج 1، ص385(:
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال رقم)674(:
"حدثنا سعيد بن محمد، عن هارون بن عنترة، عن أبيه ،قال: أتيت عليا بالرحبة، يوم نيروز، أو مهرجان، وعنده دهاقين وهدايا".
وفي تاريخ الكبير رقم )2489(: "حدثنا آدم، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن السعر التميمي؛ أتي علي بفالوذج، قال: ما هذا؟ قالوا: اليوم النيروز، قال: فنيروزا كل يوم". وذكره الخطيب في تاريخ بغداد )ج15، ص444( بإسناد آخر .
وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )24372(: "حدثناأبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن الحسن بن حكيم، عن أمه، عن أبي برزة، أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز، والمهرجان، فكان يقول لأهله:
«ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه»"
وفيه رقم )20842(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا ابن مهدي، عن مهدي بن ميمون، عن ابن سيرين، قال:" كان بالمدينة معلم عنده من أبناء أولياء الفخام قال: «فكانوا يعرفون حقه في النيروز والمهرجان»".
حكم علم الغيب
الصوفيون والمتشددون اختلفوا اختلافا شديدا في مسألة علم الغيب فقال أبناء الصوفيين أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب وقال أبناء المتشددين أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب فأردت أن أحقق القول فيه .
فقلت: علم الغيب عند المحققين قسمان كما ثبت فيجواهر المعاني:
القسم الأول: هو )الغيب المطلق( الذي استأثر الله به نفسه لا يعلمه إلا هو .وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ))أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك((.
أخرجه أحمد رقم )3712(، وابن حبان في صحيحه رقم )2372(.
ومن هذه الحيثية ظهر قوله تعالى:﴿ مفاتح الغيب لا
يعلمها إلا هو﴾ وقوله﴿ قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله﴾
القسم الثاني: هو )الغيب المختص( كما اختص الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعلوم الأشياء وغيوبها ما لا يحوم حوله أحد من خلق الله لا نبي ولا مرسل لما ثبت في حديث أنه
صلى الله عليه وسلم قال: ))أتاني الليلة آت من ربي في أحسن صورة فقال: يا محمد... فوضع يده على كتفي فعلمت ما في السموات والأرض!((. هكذا رواه المتشدد
الألباني في صحيح الترغيب )ج1، ص97، رقم 408( بهذا اللفظ وصححه .وأخرجه في" تراجع الألباني " رقم )58( بلفظ: ))فتجلى لي كل شيء وعرفت((. وصححه أيضا .وأورده في صحيحته رقم )3169( وحذف لفظ
))فعلمت ما في السماء(( لحاجة في نفس يعقوب!.
وروى الحديث الترمذي )ج5، ص268( وأحمد )ج5، ص247، رقم 3484(: عن عبد الله بن عباس؛ وعن ثوبان ورواه عبد الرحمن وأبو أمامة وأبو هريرة وجابر بن سمرة وغيرهم. وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات رقم )644( من طرق بلفظ: ))فعلمت ما في السماء
والأرض(( وحسنه. ورواه الطبراني في الكبير برقم )290( بلفظ: ))فعلمت من كل شيء وبصرته((.
ومن هذا القسم المختص بالنبي استثنى الله في قوله ﴿لا يظهر على غيبه أحدا - وقال - إلا من ارتضى من رسول﴾ واستثنى في قوله: ﴿ما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء﴾
قلت: إذا استثنى الله غيوبا من غيوبه على أحد فما المانع أن يقال أنه يعلم الغيب بإطلاعه الله عليه؟.
ومن هذا القسم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما كان وما يكون إلى يوم القيامة ويجيب الإنسان قبل سؤاله كما ثبت في مسند أحمد وغيره رقم )17999(:
"حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن أبي عبد الله السلمي، قال: سمعت وابصة بن معبد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله عن البر والإثم، فقال: ((جئت تسأل عن البر، والإثم)) فقلت: والذي بعثك بالحق ما جئتك
أسألك عن غيره، فقال: ((البر ما انشرح له صدرك ،والإثم ما حاك في صدرك، وإن أفتاك عنه الناس))".
ومن هذا القسم جاء حديث البخاري برقم
)1053(: "أن رس ول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا، حتى الجنة والنار((".
ومن هذا القسم ظهر حديث الذي أخرجه مسلم برقم
)2889(: ))إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها((.
ومن هذا النوع ورد حديث ضعيف في حلية الأولياء )ج6، ص101(: "حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا بكر بن سهل، ثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية، عن سعيد بن سنان، ثنا أبو الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))إن الله عز وجل قد رفع لي الدنيا فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة كأنما أنظر إلى كفي هذه، جليان من أمر الله عز وجل جلاه لنبيه كما جلاه للنبيين قبله((".
فقد تبين من خلال هذه الألفاظ أن غاية علومه صلى الله عليه وسلم الغيبي لا يدرك ولا بد أن نقر من أنه يعلم الغيب بإطلاعه الله عليه صلى الله عليه وسلم .
اسمع ما يثبته الوهابيون ما أثبتناه ويقرّون بقسميه الأولوالثاني:
قال ابن باز في مجموع فتاويه )ج4، ص357(: "علم الغيب على الإطلاق إلى الله وحده وإنما يعلم منه ما نص عليه الكتاب أو صحت به السنة أو استخرجه الإنسان في الطرق التي علمه إياها مولاه سبحانه وهداه إليها مما وقع في هذا العصر أو قبله ومما سيقع في المستقبل مما لا يعلمه الناس اليوم".
واستسلم لنا الألباني أيضا في موسوعته )ج3، ص839، رقم 292( قائلا: "الغيب كما لا يخفى على جميع الحاضرين إذا أطلق فالمقصود به الغيب الذاتي... نحن مثلا نعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أخبرنا بكثير من المغيبات، ولكن هذا العلم الذي حدثنا به الرسول عليه السلام لم يكن علما ذاتيا به، وإنما أخبره الله عز وجل بواسطة فالله عز وجل إذا ارتضى رسولا فينبئه ببعض المغيبات، هذا الرسول المنبأ لا يوصف بأنه عالم بالغيب ،وإنما هو منبأ بالغيب لأنه هو لا يعلم الغيب بواسطة ذاته ،وإنما بواسطة إعلام ربه إياه على بعض المغيبات، إذا عرفنا هذه الحقيقة وخلاصة ذلك أن العلم بالغيب إما أن يكون ذاتيا، وإما أن يكون بالواسطة، فالذي اختص الله به هو القسم الأول، أما القسم الآخر فقد يتحقق به بعض الناس...".
وفيه )ج3، ص833، رقم 290( قال: "وإن كان النبي لا يعلم الغيب فإن الله يطلعه على بعض المغيبـات...".
وفيه )ج3، ص835، رقم291( أقرّ بأن الله فتح على نبيه غيوب...
وفيه )ج2، ص518( أقر الألباني أن الخضر كان يعلم علم الغيب!.
وقال ابن عثيمين في مجموع فتاويه )ج5، ص200(:
"أن الله يطلعه صلى الله عليه وسلم الغيب".
وخلاصة القول: أن الوهابيين أقروا هنا لما قلنا أن النبيصلى الله عليه وسلم يعلم الغيوب بامداد من الله لم يزل اللهيطلع على نبيه غيبوبه في كل وقت وحين .
ابن تيمية وعلم الغيب
ابن تيمية يخبر عن اللوح المحفوظ في مدارج السالكين لإبن القيم )ج2، ص458( قال: "أخبر ابن تيمية الناس والأمراء سنة اثنتين وسبعمائة لما تحرك التتار وقصدوا الشام:
أن الدائرة والهزيمة عليهم. وأن الظفر والنصر للمسلمين .وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينا. فيقال له: قل إن شاء الله. فيق ول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا!!. وسمعته يقول ذلك. قال: فلما أكثروا علي. قلت: لا تكثروا. كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ!!. أنهم مهزومون في هذه الكرة .
وأن النصر لجيوش الإسلام.! وقال مرة: يدخل علي أصحابي وغيرهم. فأرى في وجوههم وأعينهم أمورا لا أذكرها لهم. فقلت له لو أخبرتهم؟ فقال: أ تريدون أن أكون معرفا كمعرف الولاة؟".
ومن العجب العجيب: أن الجهابذة من الوهابيينينكرون هذه الحقيقة في فتاوى اللجنة الدائمة )ط٢، ج2،ص10 رقم 18627( ويقولون أنه ليس لهذا الخبر وجود بتاتا في كتب ابن القيم وما قاله الشيخ الإسلام ابن تيمية أصلا .!!
قلت: أين الهروب! والخبر ثابت في المدارج )ج2، ص458( مخطوط المكتبة الشاملة! الله المستعان .
وقال ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج5، ص252(:
"وكذلك ما يخبر به الناس بعضهم بعضا من أمور الغيب هو كذلك بل يشاهدون الأمور ويسمعون الأصوات وهم متنوعون في الرؤية والسماع فالواحد منهم يتبين له من حال المشهود ما لم يتبين للآخر حتى قد يختلفون فيثبت هذا ما لا يثبت الآخر فكيف فيما أخبروا به من الغيب!!".
وقال أيضا في )ج11، ص313(: "فما كان مِن الخوارق من باب العلم فتارة بأنْ َيسمع العبد ما لا يسمعه غيره وتارة يرى ما لا يراه غيره يقظة ومناماًوتارة بأنْ يعلم ما لا يعلم غيره وحيا! وإلهاماً، أو انزالعلمٍ ضروري، أو فراسة صادقة ، وُيسمَى كشفاًومشاهدات، ومكاشفات ومخاطبات فالسماع مخاطبات والرؤية مشاهدات، والعلم مكاشفة وُيسمَّّى كله "كشفاً".
وفي العقود الدرية )ص326( قال: "ومثل هذا العارف
- أي ابن تيمية - بصائرهم شاخصة إلى الغيب!! ينظرون ما يجري به الأقدار يشعرون بها أحيانا عند نزولها! .
وفي )ص315( قال: "من سلك في طريق النفوذ يرى الحقائق بقلبه من وراء ستر رقيق".
وفي الأعلام العلية فيالفصل التاسع في ذكر بعض كرامته حيث قال: "أخبرني غير واحد من الثقات ببعض ما شاهده من كراماته وأنا أذكر بعضها على سبيل الاختصار وأبدأ من ذلك ببعض ما شاهدته: فمنها اثنين جرى بيني وبين بعض الفضلاء منازعة في عدة مسائل وطال كلامنا فيها وجعلنا نقطع الكلام في كل مسألة بأننرجع الى الشيخ وما يرجحه من القول فيه ثم إن الشيخرضي الله عنه حضر فلما هممنا بسؤاله عندذلك سبقناهو وشرع يذكر لنا مسألة مسألة كما كنافيهوجعليذكر غالب ما أوردناه في كل مسألة ويذكر أقوال العلماء ثم يرجح منها ما يرجحه الدليل حتى أتى علىآخر ما أردنا أن نسأله عنه وبين لنا ما قصدنا أن نستعلمهمنه فبقيت أنا وصاحبي ومن حضر مبهوتيين معجبين مما كاشفنا به وأظهره الله عليه مما كان فيخواطرنا".
قلت: ما شاء الله لا تعليق .
قال محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية )ج1، ص32(:"وَأقرُّ بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات!".
قلت: المكاشفات هي الكشف عن الغيب أليس كذلك يا أخي؟! .
الأسرار في الإسلام
إذا سمعت عن كبارعلماء الصوفيين يقولون أن في الإسلام معارف وفيوضات وأسرار إنما يعنون بذلك علوم الذاتوالصفات والأسماء وكيفية السير والأدب مع الله فقط لا مايقوله أصحاب الجداول والأوفاق وقد حذر الشيخ التجانيرضي الله عنه عن الجداول والأوفاق وقال كما في جواهر المعاني )ج2، ص197(: اعلم أن التمسك بما في كتب أهل الخواص من دائرة الشاذلي وأسماء الله والحروف والجداول كله كسراب بقيعة يحسبه الظمعان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ما في جميعها إلا التعب .
وقال الخليفة الأكبر الشيخ إبراهيم كولخي رضي الله عنه في جواهر الرسائل )ج1، ص78(: "لا خير في مخالطة أهل الجداول والأوفاق في حق العوام ولا سيما السحرة والكهان فالضار والنافع هو الله".
على هذا البيان أقول: كل مريد يشتغل بعلوم الجداول وإن كان تجانيا قد خالف وصية الشيخ وخليفته رضي الله عنهما. شغلنا الذكر دائما وكثرة الصلاة طلبا لمرضاة الله ربما تنكشف الحجب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ))لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي الطرق وتظلكم بأجنحتها عيانا((. أخرجه مسلم )2750( وابن حبان )73887( وأبو يعلى )ج2، ص786( واتفقوا على صحته .
ومن الأحاديث التي تثبت وجود الأسرار ما روى البخاري رقم )120(: "حدثنا إسماعيل، قال: حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:" حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم؟".
ذهب بعض فينا على أن هذا الحديث يتكلم عن الفتنة! وأسماء أمراء الفتنة وكان أبو هريرة يخاف إن صرح بأسمائهم يقتلونه!
قلت: لا نقبل هذا الرأي لأن أبا هريرة لا يخاف عن التصريح بهم حيث قال في صحيح البخاري رقم )2758(:
"لو شئت أن أسميهم سميتهم!".
وكان حذيفة بن اليمان يحدث عن الفتنة وأهلها! ومعذلك ما قتلوه!.
نحن نمشي في حديث أبي هريرة على ظاهره يعني أن أبا هريرة رضي الله عنه سمع من رسول الله صلى الله عليه أسرارا لا يحمله حواصل البعض .
وقريبا من هذا ما ورد في تفسير ابن جرير الطبري
(ج23، ص469( قال: "حدثنا عمرو بن علي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿الله الذي خلق سبع سموات ومن
الأرض مثلهن﴾ قال ابن عباس رضي الله عنه: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبها!!".
قلت: رجاله ثقات إلا إبراهيم بن مهاجر وثقه جميع رجال النقد إلا ابن المديني وابن معين لما سمع ذلك يحيى بن سعيد القطان غضب وكره ما قالا! يعني أنكر على القائلين بضعفه!. وللحديث شاهد أخرجه ابن جرير )ج23، ص470( قائلا: "حدثنا ابن حميد ثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعيعن سعيد بن جبير عن ابن عباس به".
قلت: رجال هذا الإسناد ثقات! وشاهده ما قبله ودل هذا الأثر على أن في القرآن علوما ومعارف لو سمعها بعض العوم يكفروا بها. ومما يويد ما قلنا ما قال مسلم في مقدمة صحيحه )ج1، ص11(: "حدثني أبو الطاهر، وحرملة بن يحيى، قالا: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عبد الله بن مسعود، قال: "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة".
هذا الحديث ظاهر لا يقبل تأويل وكيف يكون لبعضهم فتنة؟ لأن النملة لا تحمل حملة الفيل. أليس كذلك؟ ومثل هذا ورد في صحيح البخاري برقم )127(:
"قال علي كرم الله وجهه : «حدثوا الناس، بما يعرفون أتحبون أن يكذب، الله ورسوله» حدثنا عبيد الله بن موسى عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي بذلك". وأقول: قلوب الناس مختلفة وإدراكها متفاوتة كُل قلب تحملعلى قدر قوتها وضعفها كما قال ابن عباس رضي الله عنه عند قوله تعالى﴿ فسالت أودية بقدرها﴾ قال: احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها. أخرجه ابن جرير الطبري بإسناد صحيح .
ومن هذا التفاوت في العلوم والمعارف يقال أن للقرآن وجوها كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه في زهد أحمد بن حنبل برقم )713( بإسناد صحيح حيث قال: "لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها؟!".
وثبت في معجم الكبير للطبراني رقم )10107( وفي الأوسط رقم )773( قال: "حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: حدثنا الفيض بن وثيق الثقفي قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مقسم الضبي، عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ))أنزل القرآن على سبعة أح رف لكل آية منها ظهر وبطن((". وأبو يعلى في مسنده رقم )5149(: "عنمغيرة، عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن أبي الهذيل ،عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه
وسلم: ))إن القرآن نزل على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع((". ومثله في تاريخ دمشق )ج30، ص235، رقم 6370(.
وفي مسند البزار رقم )2081(: "حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: نا أيوب بن سليمان بن بلال ،قال: نا ابن أبي أويس يعني أبا بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن أبي إسحاق ،عن أبي الأحوص، عن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ))أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن((".
قال الألباني في ضعيفه )ج6، ص559، رقم 2989( أن هذا الحديث ضعيف لأن أبا إسحاق مدلس وقد عنعن؛ وتابعه مغيرة وهو مدلس أيضا!. قلت: بل أبو إسحاق هذا هو الهجري لا يدلس بل المدلس هو أبوإسحاق السبيعي فغلط فيهما الألباني .
وزعمه أيضا أن مغيرة مدلس افتراء قد ثبت في تهذيب الكمال )ج28، ص398( أن مغيرة فقيه مأمون وكان عنده كتاب وهو ثقة إلا ما روى عن إبراهيم النخعي يدلس عنه؛ وأنكر ذلك رزين وغيره وقالوا أن مغيرة لا يدلس ألبتة .
فحذف الألباني هذا البيان وأطلق على مغيرة تدليسا وهو يعلم أن تدليسه مقيد على ما روى عن إبراهيم فقط. وهذا الحديث الذي نحن بصدده ما رواه عن إبراهيم بل رواه عن واصل بن حيان فبان لك الآن أن الحديث صحيح فلله الحمد .
وقال الهيثمي في المجمع )ج7، ص152، رقم 11579(: "رجاله ثقات".
وقد رواه ابن حزم في الإحكام )ج3، ص16( من ط ريقين مرسلا. ولم ير ذلك الألباني. وكذلك أخرجه البغوي في شرح السنة )ج1، ص262، رقم 122( قال: "ثنا محمد بن الحسن كشائي ثنا أبو العباس أحمد بن محمد بنسراج الطحان ثنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان المروذي ثنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز المكي ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا حجاج ثنا حماد بن سلمة ثنا علي بن زيد عن الحسن مرفوعا ))أنزل القرآن على سبعة
أحرف لكل حرف منها ظهر وبطن((". فاتت هذه الرواية الألباني أيضا.
تنبيه: قال المتشددون في ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج51، ص96(: "أن رجال البغوي هذا ثقات إلى الحسن!".
اسمع شرح الحديث عن السلف: قال ابن مبارك في زهده )ج 2، ص23(: "سمعت غير واحد في هذا الحديث: ما في كتاب الله آية إلا ولها ظهر وبطن يقول: لها تفسير ظاهر، وتفسير خفي، ولكل حد مطلع قال: يطلع عليه القوم فيستعملونه على تلك المعاني، ثم يذهب ذلك القرن، فيجيء قرن آخر يطلعون منها على معنى آخر ،فيذهب عليه ما كان عليه من قبلهم، فلا يزال الناس علىذلك إلى يوم القيامة".
وقال ابن تيمية في تلبيس الجهمية )ج 8، ص276(:
"وقوله صلى الله عليه وسلم لكل حد مطلع أي مصعد يصعد إليه من معرفة علمه ويقال المطلع الفهم وقد يفتح الله على المتدبر والمتفكر في التأويل والمعاني ما لا يفتحه على غيره وفوق كل ذي علم عليم".
ومن هذه المعارف ادعى ابن تيمية في العقود الدرية )ص22( أنه يستطيع أن يخرج مئة تفسير في آية واحدة.
هل يجوز أن يخص بعض الإخوان بأسرار دون بعض؟ الجواب: نعم للأحاديث التي قدمناها وقال أبو داود في سننه رقم )5079(: "حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر الدمشقي، حدثنا محمد بن شعيب، قال: أخبرني أبو سعيد الفلسطيني عبد الرحمن بن حسان، عن الحارث بن مسلم ،أنه أخبره عن أبيه مسلم بن الحارث التميمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أسر إليه فقال: " إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل: اللهم أجرني من النار سبع مرات، فإنكإذا قلت ذلك ثم مت في ليلتك كتب لك جوار منها، وإذا صليت الصبح فقل كذلك، فإنك إن مت في يومك كتب لك جوار منها " أخبرني أبو سعيد، عن الحارث، أنه قال:
«أسرها إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن نخص بها إخواننا»". ما شاء الله سرّ يختص به الإخوة! فقال المنكر المتشدد أن ليس هناك سرّ يختص ببعض!
وفي صحيح البخاري رقم (128): "حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي ،عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاذ رديفه على الرحل، قال: ))يا معاذ بن جبل((، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ))يا معاذ((، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا، قال:
))ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه، إلا حرمه الله على النار((، قال يا رسول الله: أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: ))إذا يتكلوا(( وأخبر بها معاذ عند موته تأثما .
هذا الحديث كان سرا مكتوما عند معاذ مدة طويلة ثم أفشاه .
وفي صحيح مسلم رقم )2482(: "حدثنا أبو بكر بن نافع، حدثنا بهز، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس ،قال: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ألعب مع الغلمان، قال: فسلم علينا، فبعثني إلى حاجة، فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟ قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك يا ثابت".
حكم الضعيف عند السلف
هل يحتج بحديث ضعيف في الفضائل عند السلف خاصةإذا لم يكن شديد الضعف أو موضوع؟؟ .
الجواب: نعم؛ ولا نبالي باحتمالات بعض المتأخرين ونفيهم إذ القدوة بالسلف لا غيرهم.
أقوال السلف
في فتح المغيث )ج1، ص267( قال الشافعي: "المرسل يحتج به إذا لم يوجد دلالة سواه".
وقد ثبت عن الإمام أحمد أنه قال: "إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والاحكام تشددنا، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد: انظر الكفاية للخطيب البغدادي )ص135( وابن رجب الحنبلي في طبقات الحنابلة )ج1، ص95(. وعن الإمام عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: "إذا روينافي الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد ،وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الرجال:
انظر الجامع لأخلاق الرواي للخطيب البغدادي".
وقال ابن معين في موسى بن عبيدة: "يكتب حديثه في الرقائق!". علل الترمذي )ج1، ص372(.
وقال ابن مبارك: "يحتج بالحديث الضعيف". راجع الجرح والتعديل )ج2، ص30(.
وقال أحمد و ابن مهدي وأبي زكريا العنبري وابن عبد البر: "يحتج بالحديث الضعيف في الفضائل". راجع علل الترمذي )ج1، ص371(.
ومثل ذلك قال الهيتمي كما في قوائد علوم الحديث )ص93(.
وقال النووي في الأذكار )ج1، ص2(: "قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز العمل في الفضائل والترغيب و الترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكنموضوعا".
وفي الكفاية )ص213( وفتح المغيث )ج1، ص267(: قال أحمد: "الأحاديث الرقائق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجيئ شيء فيه حكم".
وفي فتح المغيث )ج1، ص267(: قال أحمد: "ابن إسحاق رجل تكتب عنه هذه الأحاديث يعني المغازي ونحوها وإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوما هكذا وقبض أصابعه الأربعة. ومثل هذا في شرح علل الترمذي )ج1، ص372(.
وفي الموضوعات لابن الجوزي )ص35( كان أحمد يقول: "يعمل بالضعيف إذا لم يكن ما يعارضه".
وقال ابن حبان في الثقات )ج7، ص492(: "بل يحتج بخبر من يخطئ ما لم يفحش ذلك منه".
وفي الإعتصام )ج1، ص226( قال الشاطبي: "كلام أحمد ومن وافقه دال على أن العمل بالحديث الضعيف يقدم على القياس المعمول به عند جمهور المسلمين؛ بل هوإجماع السلف رضي الله عنهم".
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل )ج1، ص6(:
"ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب و الزهد والأدب ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام".
وفي شرح علل الترمذي )ج1، ص372( قال سفيان الثوري: "لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم، الذين يعرفون الزيادة والنقصان ،ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ".
وفي )ج1، ص372( قال ابن معين في زياد البكائي:
"لا بأس به في المغازي، وأما في غيرها فلا". وإنما يروى في الترهيب والترغيب والزهد والآداب أحاديث أهل الغفلة الذين لا يتهمون بالكذب. فأما أهل التهمة فيطرح حديثهم، كذا قال ابن أبي حاتم .
قال ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج1، ص250 –
252(: "أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب!".
وفي )ج18، ص65( قال: "قال أحمد بن حنبل إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الإسانيد وإذا جاء الترغيب وال ترهيب تساهلنا في الأسانيد؛ وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال". وأثبته ابن القيم في إعلام الموقعين )ج1، ص32(.
وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم )ج1، ص103(: "وأهل العلم بجماعتهم يتساهلون في الفضائل فيروونها عن كل وإنما يتشدد ون في أحاديث الأحكام".
وفي جواب الحافظ المنذري )ج1، ص49(: "ومنهم الصدوق الورع المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والاداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام".
وقال السخاوي في فتح المغيث )ج1، ص351(:
"قد حكى النووي في عدة من تصانيفه إجماع أهل الحديث وغيرهم على العمل به في الفضائل ونحوها خاصة". فهذه ثلاثة مذاهب أفاد شيخنا )ابن حجر( أن محل الأخير منها حيث لم يكن الضعف شديدا، وكان مندرجا تحت أصل عام؛ حيث لم يقم على المنع منه دليل أخص من ذلك العموم، ولم يعتقد عند العمل به ثبوته، كما بسطتها في موضع آخر".
وقال الألباني بعد كلام: "وخلاصة ذلك أن كل من يريد العمل بحديث ضعيف ينبغي أن يكون على علم بضعفه...". راجع ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج24، ص175(.
أما القول أن البخاري ومسلم من المانعين الإحتجاج بالضعيف في الفضائل ففيه نظر؛ من أين صرحوا على ذلك؟
أما الإمام البخاري فلم يتكلم حول هذا الأمر بتاتا!
بل نراه يمزج الضعيفة بالصحيحة في كتابه الأدب المفرد إحتجاجا لا إنكارا!!
أما الإمام مسلم فقد تكلم المتهمين والمناكر وتخليط فاحش؛ إسمع ما يقول في مقدمة صحيحه
"قال )ج1، ص4(: "إنا نتواخي أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب لم يوجد في روايتهم إختلاف شديد! ولا تخليط فاحش!!".
وفي )ج1، ص6( قال: "فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون! فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم وكذلك من الغالب على حديثه المنكر!!".
وفي )ج1، ص7( قال: "يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة والرواية المنكرة... ".
هذا غاية ما قال مسلم في مقدمة صحيحه؛ وقد رأيت بأم عينك أنه تكلم عن )المناكر وأحاديث مهتوم ومختلط فاحش واختلاف شديد( .
أما نحن نتكلم عن الضعيف غير الشديد في الفضائل كما أثبته شيوخ مسلم قبله؛ ومسلم يتكلم عن المنكر؛ وجميع المحدثين اتفقوا في عدم الإحتجاج بالمناكر.
ومن خلال هذا البيان تعلم أن الإحتجاج بالضعيف في الفضائل إتفاق عند المحدثين خاصة في القرون الثالثة حتى القرن الخامس ثم ظهر ابن حزم بتشدده وقال في الملل والنحل )ج2، ص69( أنه لا يأخذ حديث المجهول أو المغفل ولا يأخذ حديث موقوف على صحابي!!
ومع هذا نراه يحتج بمرسل في كتابه المحلى )ج11، ص108( فقال: "وإن كان لا يحتج به بإرساله لكن معناه صحيح بالنصوص!".
أما قوله في الإحكام )ج1، ص143(: "أنه لا يحتج بالضعيف في الرقائق". فقد قيده بقوله )رواية فاسق( .
فقلت: رواية فاسق مردود عند جميع الحفاظ لا اختلاف فيها.
ولو سلمنا أن ابن حزم نفى كل ضعيف بمراتبه لقلنا:
هذا من شذوذه ليس له قدوة في السلف. نحن مع هؤلاء السلف ابن معين وابن مهدي وابن حنبل وابن مبارك والشافعي وسفيان الثوري وغيرهم من الكبار.
أما مذهب مالك وأبي حنيفة فاحتجاجهم بالمراسل والمجاهل فمعروف!!. كما في الروض الباسم. ففي شرح النووي على مسلم )ج1، ص30( قال: "يحتج بالمراسل مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وأكثر الفقهاء".
وقال أبوداود في سؤالاته )ج1، ص34( وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي .
ونطالب المتشددين أن يأتوا بثلاثة أعلام من السلف منعوا الإحتجاج بالضعيف في الفضائل فلن يستطيعوا ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
حياة الخضر عند السلف
موجب كَتبِ هذه الرسالة أني رأيت بعض المتمسلفينيقولون أن الصوفيين هم الوحيد القائلين بحياة الخضر وذلكمن خرافاتهم! فأردت أن أورد بأقوال المتقدمين فيه لنميز الخبيث من الطيب ولكي طرح السؤالُ نفسه قائلا: هل هؤلاء كلهم صوفيون فأقول:
حجة القائلين بحياته
قال ابن حجر في الفتح )ج6، ص435(: "وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه وأبو عروبة من طريق رباح بن عبيدة قال رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يديه فلما انصرف قلت له من الرجل قال رأيته قلت نعم قال أحسبك رجلا صالحا ذاك أخي الخضر بشرني أني سأولى وأعدل .- قال ابن حجر - لا بأس برجاله". وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء )ج 1، ص172( إسناده صحيح. وأخرجه أبو نعيم في الحلية )ج5، ص254( وفي المعرفة والتاريخ )ج 1، ص577( وفي أخبار أبي حفص )ج 1، ص51( من طريق كلهم عن ضمرة بن ربيعة عن السري بن يحيى عن رباح بن عبيدة ويقال رياح بن عبيدةوهؤلاء الثلاث جبال رواسي .
وفي الفتح أيضا )ج 6، ص435(: "وروى بن عساكر في ترجمة أبي زرعة الرازي بسند صحيح أنه رأى وهو شاب رجلا نهاه عن غشيان أبواب الأمراء ثم رآه بعد أن صار شيخا كبيرا على حالته الأولى فنهاه عن ذلك أيضا قال فالتفت لأكلمه فلم أره فوقع في نفسي أنه الخضر".
وروى البيهقي من طريق الحجاج بن قرافصة أن رجلين كانا يتبايعان عند بن عمر فقام عليهم رجل فنهاهما عن الحلف بالله ووعظهم بموعظة فقال بن عمر لأحدهما اكتبها منه فاستعاده حتى حفظها ثم تطلبه فلم يره قال وكانوا يرون أنه الخضر .
وقال ابن حجر في الإصابة )ج2، ص271( إسناده جيد. في المجمع الزوائد )ج8، ص211، رقم13815( أن أنسا بن مالك رضي الله عنه لقي بالخضر وتكلم معه. وقال فيه الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط وفيه الوضاحبن عباد الكوفي تكلم فيه ابن المنادي وشيخ الطبراني بشربن علي العمي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات .
قلت: وقد رواه إبن عساكر في تاريخ دمشق )ج16، ص422( من طريق غير طريق الطبراني وأتى بثلاث أسانيد مختلفة وليس فيه - بشر بن علي - ولا - الوضاح بن عباد الكوفي .
تنبيه: كان ابن المنادي يضعف أحاديث حياة الخضر بلا دليل! وقد قال ابن ابن حجر في ذيل الميزان )ج 1، ص128(: "ابن المنادي كان يضعف بعض الرجال بلا دليل". وقال الخطيب في تاريخه )ج4، ص69(: "أن ابن المنادي كان شرس الأخلاق. فعلى هذا لا يعتمد تضعيفه للرجال إذا تفرد".
وقد لقي الخضر علي بن الحسين الملقب بالزين العابدين وتحدثا معا راجع الحلية الأولياء لأبي نعيم )ج3، ص134( بإسناده؛ وقواه بثلاث أسانيد مختلفة )ج4، ص244(. و ر واه رجاء بن حيوة ؛ أخرجه أبو نعيم فيالحلية )ج5، ص171(.
ولقيه عمر بن عبدالعزيز فتحدثا معا ؛ أخرجه أبو نعيم في الحلية )ج5، ص254( بإسناده فقال السيوطي في تاريخ الخلفاء )ج1، ص172(: "إسناده صحيح".
ورأوه التابعون في جنازة سفيان الثوري؛ كما في الحلية )ج7، ص62( بإسناده .ورأوه عند الكعبة؛ راجع الحلية
)ج7، ص303(. وتاريخ دمشق )ج16، ص431(
بإسناد آخر .و رءاه عمار فسأله عن بشر بن الحارث؛ راجع الحلية )ج8، ص352( بإسناده .ورءاه أبو إسحاق المارستاني؛ راجع الحلية )ج10، ص333(. بإسناده. ورءاه أبوعبيدة بن الجراج يصلي في مسجد. راجع تاريخ دمشق )ج2، ص244( بإسناده .ورءاه بلال الخواص. راجع تاريخ دمشق )ج5، ص338( بإسناده. ولقيه إبراهيم بن أدهم. راجع تاريخ دمشق )ج6، ص282( بإسناده؛ وفي طبقات الصوفية )ج1، ص36( بإسناد آخر؛ وبنفس سنده أخرجه القشيري في رسالته )ج1، ص35(. ورءاه أبوإسحاق إبراهيم بن حاتم؛ راجع تاريخ دمشق )ج6،ص379( بإسناده. رءاه بعض التابعين أيضا؛ راجع تاريخ دمشق )ج68، ص136( بإسنادين؛ و)ج29 ص201( بإسناده .ورءاه ابن السماك. كما في بغية الطالب )ج7، ص3306( بإسناده؛ وعقد له بابا - ذكر من إسمه الخضر
)ج7، ص3280(.
قلت :وإن كان بعض هذه الأسانيد ضعاف فقد يقوي بعضها البعض؛ وتثبت حياة الخضر عند السلف .
قال معمر في " جامعه )ج11، ص393، رقم
20824( بعد ذكر حديث الدجال: قال معمر: "بلغني أن الذي يقتل الدجال الخضر"، وكذا أخرجه ابن حبان في " صحيحه " )ج15، ص211، رقم 6801( من طريق عبد الرزاق، عن معمر؛ قال: "كانوا يرون أنه الخضر".
قلت: وقد تمسك من قاله بما أخرجه ابن حبان في " صحيحه )ج15، ص181، رقم6778( من حديث أبي عبيدة بن الجراح _ رفعه _ في ذكر الدجال: "لعله أن يدركه بعض من رآني أو سمع كلامي" الحديث .
وفي " الإصابة لابن حجر )ج1، ص143( وقال إبراهيم بن محمد بن سفيان _ الراوي عن مسلم _ عقب روايته عن مسلم لحديث أبي سعيد في قصة الذي يقتله الدجال: "يقال: إن هذا الرجل هو الخضر". وقال عبد الرزاق: "أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد، في قصة الدجال، الحديث بطوله، وفيه قصة الذي يقتله"، وفي آخره: "قال معمر:
"بلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة من نحاس، وبلغني أنه الخضر".
قال النووي في شرح صحيح مسلم) " 18/ 72 _
)4/ 2256( " أبو إسحاق _ هذا _ هو: "إبراهيم بن سفيان راوي الكتاب عن مسلم"، وكذا قال معمر في " جامعه " في إثر هذا الحديث كما ذكره ابن سفيان، وهذا تصريح منه بحياة الخضر، وهو الصحيح." وفي مصنف عبد الرزاق )ج5، ص168، 9266(:
عن معمر قال: "بلغني أن قوما كانوا في السفر، فكانوا لا يصلون جماعة، ولا يستنزلون في المنزل، فطمست أبصارهم فبدا لهم الخضر فأخبروه بشأنهم، فدعا لهم فرد الله عليهم أبصارهم".
أما ابن تيمية فقد حيّر في أمره وتناقض لأنه قال في مجموع فتاويه )ج1، ص249( أنه مات وليس من الأحياء. فلما وصل في )ج4، ص338( قال: "وأما حياته فهو حي...! وأكثر العلماء على أنه لم يكن نبيا!".
وقال )ج4، ص339(: "بل المروي في مسند الشافعي وغيره: أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن قال إنه لم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال ما لا علم له به فإنه من العلم الذي لا يحاط به. ومن احتج على وفاته بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ))أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد((" فلا حجة
فيه فإنه يمكن أن يكون الخضر إذ ذاك لا على وجه الأرض. ولأن الدجال - وكذلك الجساسة - الصحيح أنه كان حيا موجودا .
قلت: نعم صدق ابن تيمية كما يستثنى الدجال والجساسة والإبليس من حديث )مائة سنة( كذلك يستثنى الخضر؛ وقد يقال: لعل الخضر إذ ذاك ليس على وجه الأرض بل على مجمع البحرين كما في القرآن .
وقلت أيضا: "قال الإمام علي كرم الله وجهه:أن المراد بوجه الأرض أي )من حضره يومئذ(.
وفي مسند أبي يعلى رقم )467(: "حدثنا أبو بكر ،حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أبو كدينة، عن مطرف ،عن المنهال، عن نعيم بن دجاجة، قال: كنت جالسا عند علي إذ جاءه أبو مسعود، فقال علي: قد جاء فروخ ،فجلس، فقال علي: إنك تفتي الناس؟ فقال: أجل ،وأخبرهم أن الآخرة شر، قال: فأخبرني، هل سمعت منهشيئا؟ قال: نعم، سمعته، يقول:" لا يأتي على الناس سنة مائة وعلى الأرض عين تطرف، فقال علي: أخطأت استك الحفرة، وأخطأت في أول فتياك، إنما قال: «ذاك لمن حضره يومئذ، هل الرخاء إلا بعد المائة؟»". إسناده حسن. ومثله في المختار للمقدسي )ج2، ص379، رقم 761( بإسناد حسن أيضا .
فعلى هذا فوجه الأرض مقيد بقول علي )من حضره يومئذ(!! وأما من لم يحضره يومئذ لا يدخلون فيه. أليس كذلك؟. ومع هذالم نقل أنهم من الخالدين إلى قيام الساعة بل لا بد بالموت.
اسمع كلام المتشددين فيه: قال ابن عثيمين في تفسير سورة الكهف )ج1، ص112(: "النصوص تدل على أنه ليس
برسول ولا نبي إنما هو عبد صالح أعطاه الله تعالي كرامات".
وقال السعدي في تفسيره )ج1، ص481(: "وهو الخضر وكان عبدا صالحا لا نبيا على الصحيح".
وفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية )ج13،ص323( قالوا: "الثانية إثبات كرامات الأولياء على القول بعدم نبوة الخضر".
وفي السنن المأثورة للإمام الشافعي )ج1، ص334، رقم 390(: "عن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رجالا من قريش دخلوا على أبيه علي بن الحسين فقال: ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى فحدثنا عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية سمعوا صوتا من ناحية البيت: سلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإنما المصاب من حرم الثواب. فقال علي عليه السلام: تدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه السلام". هذا الحديث ضعفه أكثر المحدثين إلا الحاكم والذهبي فصححاه كما في المستدرك )ج3، ص57 – 58(. وأورده الألباني فيضعيفته )ج11، ص642( بأربع أسانيد وضعفها كلها .
أما القول عن الجوزي أنه قال: "قال البخاري وأحمد وفلان وفلان بموت الخضر...".
نقول: أين الدليل؟ وأين الإسناد إليهم؟ وما درجة الإسناد؟ هاتوا برهانكم .
1 - كيف يقول أحمد بموت الخضر وهو الذي قال في زهده برقم )1275(: "حدثنا عبد الله، حدثني الحسن، عن ضمرة، عن السري بن يحيى، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: "إلياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم في كل عام".
2 - وحجة البخاري إن ثبت عنه فقد نسفه ابن تيمية كما تقدم .
3 - أما ابن الجوزي فقد أقرّ بحياة الخضر والأخذ عنه!!
كما في كتابه "مناقب الإمام أحمد" راجعه لترى عجائب الدنيا .
فعلى هذا أقول أن حياة الخضر ليس فيه إختلاف منشذ فليأت بدليل بين فلن يجد .
حكم الصورة في الإسلام
قد اختلف العلماء قديما وحديثا في جواز الصورة خاصة التي لا ظل لها حرمها بعض العلماء لعموم حديث: ))لا
تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة...(( وعموم حديث: ))إن الذين يصورون هذه الصور يعذبون...(( وغيرهما. فأجازها بعضهم .
اسمع كلام العلماء في هذا الحديث باختصار: قال ابن حجر في الفتح )ج10، ص388( بعد كلام: "حكى القرطبي في المفهم في الصور التي لا تتخذ للبقاء كالفخار وصحح بن العربي أن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيئتها حرمت سواء كانت مما يمتهن أم لا وإن قطع رأسها أو فرقت هيئتها جاز وهذا المذهب منقول عن الزهري وقواه النووي - حتى قال - : مذهب الحنابلة جواز الصورة في الثوب ولو كان معلقا على ما في خبر أبي طلحة لكن إن ستر به الجدار منع عندهم قال النووي وذهب بعض السلفإلى أن الممنوع ما كان له ظل وأما ما لا ظل له فلا بأس باتخاذه مطلقا وهو مذهب باطل فإن الستر الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم كانت الصورة فيه بلا ظل ومع ذلك أمر بنزعه قلت -أي ابن حجر - ففي إطلاق كونه مذهبا باطلا نظر إذ يحتمل أنه تِسك في ذلك بعموم قوله "إلا رقما في ثوب" فإنه أعم من أن يكون معلقا أو مفروشا وكأنه جعل إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة تعليق الستر المذكور مركبا من كونه مصورا ومن كونه ساترا للجدار ويؤيده ما ورد في بعض طرقه عند مسلم من طريق سعيد بن يسار عن زيد بن خالد الجهني قال دخلت على عائشة فذكر نحو حديث الباب وقال إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين قال فقطعنا منه وسادتين الحديث فهذا يدل على أنه كره ستر الجدار بالثوب المصور فلا يساويه الثوب الذي لا يستر به الجدار والقاسم بن محمد أحد فقهاء المدينة وكان من أفضل أهل زمانه وهو الذي روى حديث النمرقة فلولا أنه فهم الرخصة في مثل الحجلةما استجاز استعمالها".
وفي شرح صحيح البخاري لابن بطال )ج9، ص181( بعد كلام قال: "حدثنا محمد ابن عبد الملك بن أبى الشوارب، حدثنا يزيد، حدثنا داود بن أبى هند، حدثنا عزرة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن سعد بن هشام، عن عائشة قالت: كان لنا ستر تِثال طير مستقبل باب البيت فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ))حوليه فإنى كلما
دخلت فرأيته ذكرت النديا. قالت: وكان لنا قطيفة لها
علم حرير فكنا نلبسها(( فلم يقطعه، ولم يأمر عائشة بفساد تِثال الطير الذى كان فى الستر، ولكنه أمر بتنحيته عن موضعه الذى كان معلقا فيه من أجل كراهيته لرؤيته إياه، لما يذكر من الدنيا وزينتها، وفى قوله عليه السلام:
))فإنى كلما رأيته ذكرت الدنيا(( دليل بين على أنه كان يدخل البيت الذى ذلك فيه فيراه، ولاينهى عائشة عن تعليقه، وذلك يبين صحة ما قلناه من أن ذلك إذا كان رقما فى ثوب وعلما فيه فإنه مخالف معنى معنى ما كان مثالاممثلا قائما بنفسه".
وقال ابن عبد البر في الإستذكار )ج8، ص488( بعد كلام: "ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يكره من الصور إلا ما له ظل...". الخ
وفي حاشية السندي )ج 2، ص386(: "قيل إذا كان لها ظل وقيل بل أعم".
اسمع دليل المجيزيين:
1_ في صحيح البخاري رقم )3226(: "حدثنا أحمد ،حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو، أن بكير بن الأشج حدثه ،أن بسر بن سعيد حدثه، أن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه حدثه، ومع بسر بن سعيد عبيد الله الخولاني الذي كان في حجر ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حدثهما زيد بن خالد، أن أبا طلحة حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ))لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة(( قال بسر: فمرض زيد بن خالد فعدناه، فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير، فقلت لعبيد الله الخولاني: ألميحدثنا في التصاوير؟ فقال: إنه قال: إلا رقم في ثوب ألا سمعته قلت لا، قال: بلى قد ذكره".
2_ ثبت أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأوا صور الأنبياء عند أحبار الشام. وفيه صورة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. راجع ابن كثير في تفسيره )٤٨١/٣( بإسناد لاباس به. روأخرجه الطبراني )١٢٥/٢، رقم١٥٣٧(. والبداية والنهاية )٦٣/٦(.
والبيهقي في الدلائل )٣٨٤/١( بثلاث أسانيد. وأبو نعيم في الدلائل )٤٩/١، رقم١٢-١٣( بإسنادين. والهيثمي في المجمع )٢٣٤/٨، رقم ١٣٨٨(. وابن عساكر في تاريخ دمشق )ج40، ص154، رقم 4669(، والذهبي في تاريخ الإسلام )ج1، ص797( بأسانيد عديدة. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج17، ص210( مرفوعا .
3_ روى الأرزقي في تاريخه )ج1، ص168( أنه لما كان يوم الفتح دخل رسول الله، صلى اله عليه وسلم، إلى البيت، فأمر بثوب فبل بماء وأمر بطمس تلك الصور ،ووضع كفيه على صورة عيسى وأمه وقال: ))امحوا الجميع إلا ما تحت يدي((".
4_ وفي )ج١، ص167( قال داود: "فأخبرني بعض الحجبة عن مسافع بن شيبة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ))يا شيبة امح كل صورة إلا ما تحت يدي(( قال: فرفع يده عن عيسى ابن مريم وأمه".
5_ قال الأزرقي في )ج1، ص168(: "عن سعيد بن سالم، حدثني يزيد بن عياض بن جعدبة، عن ابن شهاب:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وفيها صور الملائكة، فرأى صورة إبراهيم فقال: ))قاتلهم الله جعلوه شيخا يستقسم بالأزلام((، ثم رأى صورة مريم فوضع يده عليها فقال: ))امحوا ما فيها إلا صورة مريم((.
6_ ثم ساقه الأزرقي بإسناد آخر .)ج1، ص169(.
قلت: هذه الروايات مراسيل ولكن يقوي بعضها بعضا . 7_ روى الأزرقي )ج1، ص167( عن ابن جريج قال:
"سأل سليمان بن موسى الشامي عطاء بن أبي رباح، وأنا أسمع: أدركت في البيت تِثال مريم وعيسى؟ قال: نعم أدركت تِثال مريم مزوقا في حجرها عيسى قاعد، وكان في البيت ستة أعمدة سواري، وكان تِثال عيسى ومريم في العمود الذي يلي الباب، فقلت لعطاء: متى هلك؟ قال في الحريق زمن ابن الزبير، قلت: أعلى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعني كان؟ قال: لا أدري، وإني لأظنه قد كان على عهده قال داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج:
ثم عاودت عطاء بعد حين فقال: تِثال عيسى وأمه في الوسطى من السواري".
9_قال الأزرقي )ج1، ص167(: "ثنا داود العطار، عن عمرو بن دينار قال: أدركت في الكعبة قبل أن تهدم تِثال عيسى وأمه. وصححه الذهبي في تاريخ الإسلام )ج1، ص512(.
10_ وقال الحافظ ابن حجر في الفتح )ج8، ص17(:
"أن للحديث شاهد حكى ابن عائذ في المغازي عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أن صورة عيسى وأمه بقيتا حتى رآهما بعض من أسلم من نصارى غسان فقال إنكما لبلاد غربة فلما هدم بن الزبير البيت ذهبا".
11_ فقد أطنب عمر بن شبة في كتاب مكة في تخريج طريق هذا الحديث فذكر ما تقدم وقال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج سأل سليمان بن موسى عطاء أدركت في الكعبة تِاثيل قال نعم أدركت تِاثيل مريم في حجرها ابنها عيسى مزوقا وكان ذلك في العمود الأوسط الذي يلي الباب قال فمتى ذهب ذلك قال في الحريق.
12_ وفي مصنف عبد الرزاق رقم )1358(: "عن معمر قال: أخرج إلينا عبد الله بن محمد بن عقيل خاتِا نقشه تِثال، وأخبرنا، أن النبي صلى الله عليه وسلم «لبسه مرة - أو مرتين -» قال: «فغسله بعض من كان معنا فشربه»". 13_ وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )25301( بإسنادصحيح حدثنا أبو بكر قال: "حدثنا أزهر، عن ابن عون ،قال: «دخلت على القاسم وهو بأعلى مكة في بيته فرأيت في بيته حجلة فيها تصاوير القندس والعنقاء»".
14_ وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )25102(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا معاذ، عن أشعث، عن محمد، قال:
«كان نقش خاتم أنس أسد رابض حوله دراس»".
15_ وفي مصنف عبد الرزاق رقم )1361(: عن معمر ،عن قتادة قال:" كان نقش خاتم أنس بن مالك كركي - أو قال: طائر له رأسان -، وكان نقش خاتم أبي عبيدة بن الجراح الخمس لله".
16_ وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )25100(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن موسى بن عبد الله بن زيد، عن أمه، عن حذيفة، قالت: " كان في خاتِه كركيان متقابلان , بينهما مكتوب: الحمد لله". 17_ وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )25104(: "حدثنا
أبو بكر قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إبراهيم بن عطاء، عن أبيه، قال: «كان خاتم عمران بن حصين نقشه تِثال رجل متقلد سيفا»، قال إبراهيم: فرأيته أنا في خاتم عندنا في طين , فقال أبي: هذا خاتم عمران بن حصين".
18_ وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )25103(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا معاذ، عن أشعث، عن محمد: «أنه كان نقش خاتم الأشعري أسد بين رجلين»". ورواه عبد الرزاق في مصنفه رقم )1360( عن معمر عن قتادة .
19_ وفي مصنف عبد الرزاق رقم )1358(: "عن معمر قال: أخرج إلينا عبد الله بن محمد بن عقيل خاتِا نقشه تِثال، وأخبرنا، أن النبي صلى الله عليه وسلم «لبسه مرة - أو مرتين -» قال: «فغسله بعض من كان معنا فشربه»".
وقلت أخيرا: نرى المعاصرين الذين يحرمون الصورة يظهرون كل يوم في شاشة التلفزيون!! ونرى مدارسهم وبيوتهم مملؤة بمجلات وجرائد وصحائف فيها ص ور كثيرة!! وملؤا بيوتهموجيوبهم بفلوس ونقود فيها صور! أليس كذلك؟ حتى لو بحثنا حول الحرم المكي لا نفقد صورة الملك عبدالله بن عبدالعزيز!!.
وكذلك لو بحثناهم في - غوغل- لرأينا صورهم أكثر فأكثر حتى صور مقابرهم!! وسترى قبر ابن تيمية مزخرف محفوظ من الهدم!!.
حكم الرقص عند المديح!
قد اختلف العلماء الكبار في إباحة الغناء مع آلة الملاهي ومنعه اختلافا كثيرا جدا سأورد لك بدلائل المجوزيين ثم أنقل لك كلام الشوكاني عن المتجوزين والمانعين في نيل الأوطار .فأقول : ثبت في مسند أحمد )12540( قال: "حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس قال: كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون: محمد عبد صالح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))ما يقولون؟(( قالوا: يقولون: محمد عبدصالح".
قلت: إسناده صحيح عند المتشددين لأنهم يحتجون بحماد هذا وللحديث شاهد في صحيح مسلم رقم )892(:
"حدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن هشام، عن أبيه ،عن عائشة، قالت: "جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد...". الخ .
وثبت في صحيح مسلم بنفس الرقم رقم قال حدثني هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو، أن ابن شهاب، حدثه عن عروة، عن عائشة، أن أبا بكر، دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى، تغنيان وتضربان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف رسول الله صلى الله
عليه وسلم عنه، وقال: ))دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد(( وقالت: ))رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون وأنا جارية، فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن(( و رواه البخاري رقم 454 ورقم 5246.
وفي صحيح مسلم رقم) 892( حدثني هارون بن سعيد الأيلي، ويونس بن عبد الأعلى، واللفظ لهارون، قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو، أن محمد بن عبد الرحمن، حدثه عن عروة، عن عائشة، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ))دعهما((، فلما غفل غمزتهما فخرجتا، وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
))تشتهين تنظرين؟(( فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: ((دونكم يا بني أرفدة)) حتى إذا مللت، قال: ((حسبك؟)) قلت: نعم، قال: ((فاذهبي)) وفي نيل الأوطار )ج8، ص119(: "عن بريدة قال:
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى قال لها: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: ))إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف(( رواه أحمد
والترمذي رقم )3690( وصححه المتشدد الألباني في مشكاته رقم )5993( وفي صحيحه )ج4، ص142( وأخرجه أيضا ابن حبان والبيهقي وفي الباب عن عبد الله بن عمر وعند أبي داود وعن عائشة عند الفاكهاني فيتاريخ مكة بسند صحيح؛ ودلت الأدلة على أنه لا نذرفي معصية الله، فالإذن منه - صلى الله عليه وسلم - لهذه المرأة بالضرب يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية في مثل ذلك الموطن. وفي بعض ألفاظ الحديث أنه قال لها: " أوفي بنذرك .
وقد ساق الإمام القيسراني بإسناده في كتابه السماع )ج1، ص72( أخبرنا أبو نصر محمد بن سهل بن العدل بنيسابور، قال: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفرايني: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن اسحق الحافظ، قال: حدثنا أبو أمية الطرسوس قال: حدثني يحيى بن صالح، قال حدثنا سليمان ابن بلال وأخبرنا إبراهيم بن محمد الأصبهاني، قال أخبرنا إبراهيم بن حرشيد قال:
حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا عبد الله بن سبيد قال: حدثنا ابن أبي أويس قال: حدثني أبي عن جعفر، وقال سليمان بن بلال حدثني جعفر ابنمحمد عن أبيه عن جابر قال: كان رسول الله - صلىالله عليه وسلم - يخطب قائما. ثم يجلس، ثم يقومفيخطب قائما يخطب خطبتين وكانت الجواري إذا أنكحوهن يمرون يضربون بالدف والمزامير فيتسلل الناس ويدعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما، فعاتبهم الله عز وجل فقال: " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما "
ومن هذا الحديث وحديث الجارية المتقدمة نفهم أن الغناء وضرب الدف لم تُختص بيوم العيد
وفي كتاب - فرح الأسماع - لأبي عبد الله بن زغدان )ت882( قال في )ج1، ص51(: "أجازه - أي الغناء
- الإمام مالك و الشافعي وأبو حنيفة وأحمد" وعد كثيرا من الأعلام راجعه. وأسرد مثله القيسراني )ت507( في كتابه - السم اع - وقال أنه إجماع أهل المدينة وأهل الظاهر .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج8، ص113( بعدأن ضعف الأحاديث التي حرمت الغناء بآلة الطرب قال:
"وفي الباب أحاديث كثيرة. وقد وضع جماعة من أهل العلم في منعه مصنفات ولكنه ضعفها جميعا بعض أهل العلم حتى قال ابن حزم: إنه لا يصح في الباب حديث أبدا ،وكل ما فيه فموضوع. وقد وافقه على تضعيف أحاديث الباب من سيأتي قريبا؛ وقد اختلف في الغناء مع آلة من آلات الملاهي وبدونها. فذهب بعض العلماء إلى التحريم مستدلين بما سلف. وذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر وجماعة من الصوفية إلى الترخيص في السماع ولو مع العود واليراع. وقد حكى الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأسا ويصوغ الألحان لجواريه ويسمعها منهن على أوتاره، وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي وحكى الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضا عن القاضي شريح وسعيد بنالمسيب وعطاء بن أبي رباح والزهري والشعبي وقالإمام الحرمين في النهاية وابن أبي الدم: نقل الإثبات منالمؤرخين أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات، وأن ابن عمر دخل عليه وإلى جنبه عود فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي، قال ابن الزبير:
يوزن به العقول وروى الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالته في السماع بسنده إلى ابن سيرين قال: إن رجلا قدم المدينة بجوار فنزل على عبد الله بن عمر وفيهن جارية تضرب، فجاء رجل فساومه فلم يهو منهن شيئا، قال: انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعا من هذا؟ قال من هو؟ قال عبد الله بن جعفر، فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فقال لها: خذي العود، فأخذته فغنت فبايعه، إلى آخر القصة وروى صاحب العقد العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمر دخل على ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود ثم قال لابن عمر: هل ترى بذلك بأسا؟ قال: لا بأس بهذا وحكىالماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص أنهم سمعا العودعند ابن جعفر وروى أبو الفرج الأصبهاني أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء بالمزهر بشعر من شعره. وذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك، والمزهر عند أهل اللغة: العود وذكر الإدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع من جواريه قبل الخلافة. ونقل ابن السمعاني الترخيص عن طاوس ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضي المدينة سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعلى الخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون مفتي المدينة وحكى الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف. وحكى الأستاذ أبو منصور والفوراني عن مالك جواز العود. وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورا في بيت المنهال بن عمرو المحدث المشهور. وحكى أبو الفضل بن طاهرفي مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة فيإباحة العود. قال ابن النحوي في العمدة: قال ابن طاهر: هو إجماع أهل المدينة قال ابن طاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبة الضرب إلى إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر، وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم. وحكى الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية. وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن أبي إسحاق الشيرازي وحكاه الإسنوي في المهمات عن الروياني والماوردي ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور وحكاه ابن الملقن في العمدة عن ابن طاهر وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام وحكاه صاحب الإمتاع عن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي هؤلاء جميعا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة. وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوي في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية: نقل الاتفاق على حله. ونقل ابن طاهر إجماعالصحابة والتابعين عليه. ونقل التاج الفزاري وابن قتيبةإجماع أهل الحرمين عليه. ونقل ابن طاهر وابن قتيبةأيضا إجماع أهل المدينة عليه. وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيه بالعبادة والذكر. قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر كما رواه ابن عبد البر وغيره وعثمان كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي وعبد الرحمن بن عوف كما رواه ابن أبي شيبة، وأبو عبيدة بن الجراح كما أخرجه البيهقي، وسعد بن أبي وقاص كما أخرجه ابن قتيبة، وأبو مسعود الأنصاري كما أخرجه البيهقي وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد كما رواه البيهقي أيضا، وحمزة كما في الصحيح، وابن عمر كما أخرجه ابن طاهر، والبراء بن مالك كما أخرجه أبو نعيم، وعبد الله بن جعفر كما رواه ابن عبد البر. وعبد الله بن الزبير كما نقله أبو طالب المكي وحسان كمارواه أبو الفرج الأصبهاني، وعبد الله بن عمر كما رواهالزبير بن بكار، وقرظة بن بكار كما رواه ابن قتيبة، وخوات بن جبير ورباح المعترف كما أخرجه صاحب الأغاني، والمغيرة بن شعبة كما حكاه أبو طالب المكي، وعمرو بن العاص كما حكاه الماوردي، وعائشة والربيع كما في صحيح البخاري وغيره وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري وأما تابعوهم فخلق لا يحصون، منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور الشافعية .انتهى كلام ابن النحوي واختلف هؤلاء المجوزون، فمنهم من قال بكراهته، ومنهم من قال باستحبابه. قالوا: لكونه يرق القلب ويهيج الأحزان والشوق إلى الله. قال المجوزون: إنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ولا في معقولهما منالقياس والاستدلال ما يقتضي تحريم مجرد سماعالأصوات الطيبة الموزونة مع آلة من الآلات. وأماالمانعون من ذلك فاستدلوا بأدلة منها حديث أبي مالك أو أبي عامر المذكور في أول الباب. وأجاب المجوزون بأجوبة: الأول ما قاله ابن حزم وقد تقدم، وتقدم جوابه .
والثاني أن في إسناده صدقة بن خالد وقد حكى ابن الجنيد عن يحيى بن معين أنه ليس بشيء .وروى المزي عن أحمد أنه ليس بمستقيم. ويجاب عنه بأنه من رجال الصحيح. ثالثها أن الحديث مضطرب سندا ومتنا أما الإسناد فللتردد من الراوي في اسم الصحابي كما تقدم .وأما متنا فلأن في بعض الألفاظ يستحلون وفي بعضها بدونه. وعند أحمد وابن أبي شيبة بلفظ ))ليشربن أناس من أمتي الخمر(( وفي رواية الحر بمهملتين، وفي أخرى بمعجمتين كما سلف. ويجاب عن دعوى الاضطراب في السند بأنه قد رواه أحمد وابن أبي شيبة من حديث أبي مالك بغير شك ورواه أبو داود من حديث أبي عامروأبي مالك وهي رواية ابن داسة عن أبي داود ورواية ابنحبان أنه سمع أبا عامر وأبا مالك الأشعريين. فتبين بذلكأنه من روايتهما جميعا وأما الاضطراب في المتن فيجاب بأن مثل ذلك غير قادح في الاستدلال؛ لأن الراوي قد يترك بعض ألفاظ الحديث تارة ويذكرها أخرى. والرابع أن لفظة المعازف التي هي محل الاستدلال ليست عند أبي داود ويجاب بأنه قد ذكرها غيره. وثبتت في الصحيح، والزيادة من العدل مقبولة. وأجاب المجوزون أيضا على الحديث المذكور من حيث دلالته فقالوا: لا نسلم دلالته على التحريم. وأسندوا هذا المنع بوجوه:
أحدها أن لفظة " يستحلون " ليست نصا في تحريم، وثانيها: أن المعازف مختلف في مدلولها كما سلف، وإذا كان اللفظ محتملا لأن يكون للآلة ولغير الآلة لم ينتهض للاستدلال؛ لأنه إما أن يكون مشتركا والراجح التوقف فيه أو حقيقة ومجازا ولا يتعين المعنى الحقيقي .
ويجاب بأنه يدل على تحريم استعمال ما صدق عليهالاسم، والظاهر الحقيقة في الكل من المعاني المنصوصعليها من أهل اللغة وليس من قبيل المشترك لأن اللفظ لميوضع لكل واحد على حدة بل وضع للجميع، على أن الراجح جواز استعمال المشترك في جميع معانيه مع عدم التضاد كما تقرر في الأصول. وثالثها: أنه يحتمل أن تكون المعازف المنصوص على تحريمها هي المقترنة بشرب الخمر كما ثبت في رواية بلفظ ))ليشربن أناس
من أمتي الخمر تروح عليهم القيان وتغدو عليهم
المعازف((. ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله .وأيضا يلزم في
مثل قوله تعالى - ﴿إنه كان لا يؤمن بالله العظيم﴾ ﴿ولا يحض على طعام المسكين﴾ أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين فإن قيل تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر. فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم مندليل آخر أيضا كما سلف، على أنه لا ملجأ إلى ذلكحتى يصار إليه. ورابعها أن يكون المراد يستحلون مجموع الأمور المذكورة فلا يدل على تحريم واحد منها على الانفراد. وقد تقرر أن النهي عن الأمور المتعددة أو الوعيد على مجموعها لا يدل على تحريم كل فرد منها. ويجاب عنه بما تقدم في الذي قبله .واستدلوا ثانيا بالأحاديث المذكورة في الباب التي أوردها المصنف - رحمه الله تعالى -. وأجاب عنها المجوزون بما تقدم من الكلام في أسانيدها .
قلت: لو ثبت الحديث نفسره كما تقدم ولكن الحديث لم يثبت كما يلي:
قال المتشددون في ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج2، ص380(:
1_ رواه اثنان عطية بن قيس ومالك بن أبي مريم .أما الأول فهو ضعيف وأما الثاني: فإن مالك بن أبي مريم لا يعرف، والراوي عنه هو حاتم بن حريث وهو شيخ لايكاد يعرف، والراوي عنه هو معاوية بن صالح وهومتكلم فيه. وثلاثتهم ليسوا من رجال البخاري،...
وكرره )ج2، ص379( - ملتقى-.
2_ راوي الحديث يخالف ما فيه وهو من الذين يجيزون المعازف كما في )ج2، ص376( - ملتقى-.
3_ والحديث علقه البخاري إتفاقا كما في )ج2، ص382( - ملتقى -. رواه إستئناسا لا إحتجاجا لكونه خالف شرطه .
تنبيه: يبدو أن إبن الحاج من الذين لا يجيزون المعازف لقوله في كتابه المدخل )ج1، ص271(: "أن الغناء ينبت النفاق في القلب...".
فنقول: هذا الحديث موضوع كما في نيل الأوطار .وكذلك قوله )ج3، ص106(: قال بعض الزهاد: "أن الغناء يورث العناد في قوم ويورث التكذيب في قوم ويورث الفساد في قوم".
قلنا: نعم إلا أنا لا نحرمه لكلام زاهد وقد أباحه النبي صلىالله عليه وسلم .وكذلك قوله )ج3، ص120(: "أن الإماممالك نهى عن الغناء". فيه نظر لما ثبت في السماع للقيسراني أن الإمام مالك أباحه. والقيسراني أقرب للإمام مالك من ابن الحاج كما هو ظاهر .
هذا آخر الجزء الأول ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الثاني، والحمد لله في الأولى والآخرة، وصلى الله على سيدنا محمد أفضل الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الفهرس
مقدمة المؤلف...................................
تعليقات
إرسال تعليق