الشيخ سليمان صوري
جهر البسملة والقنوت في الصبح
سليمان صوري بوركينافسو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم
وبعد : رأيت بعض إخواننا المسلمين خاصة المتشددين! ينكرون الجهر بالبسملة في الصلاة والقنوت في صلاة الصبح فأحببت أن أجمع أحاديث الجهر بالبسملة ولكن الإمام الخطيب البغدادي سبقني وكفاني مؤمنة الرد كتب فيه كتابا وسماه "ذكر الجهر بالبسملة" ولم يترك بابا إلا طرقه؛ وكذلك الإمام الشافعي في "الأم" فأرى أن أجمع أحاديث القنوت ورأي السلف فيه فقط .
فأقول : القنوت قنوتان قنوت اللعنة وغير اللعنة؛ أما قنوت اللعنة الذي يُقرأ بعد الركوع فقد قنته الرسول صلى الله عليه وسلم شهرا ثم تركه؛ لذلك لا يقرأه الإمام إلا لحادثة ونازلة.
وأما قنوت الصبح المجرد عن اللعنة الذي يُقرأ قبل الركوع فهو ثابت إلى يوم القيامة! كما سيأتي👇:
ثبت في السنن البيهقي رقم 3104 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن مهران الأصبهاني، ثنا عبيد الله بن موسى، أنبأ أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم " قنت شهرا يدعو عليهم ثم تركه، فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا "
قلت : حاول الألباني أن يضعف هذا الحديث في ضعيفته رقم 5574 بأن فيه أبو جعفر الرازي! وقال : قال أحمد وابن حبان وأبو زرعة والنسائي : ضعيف! .
فقلت : بل قال أحمد فيه : صالح الحديث وكذلك ابن معين وقال ابن المديني : كان عندنا ثقة! فخذف هذا كله الألباني لغرضه! وقد قيدوا غلطه فيما يرويه عن مغيرة ؛ وهذا الحديث الذي نحن بصدده لم يروه عن مغيرة، راجع تهذيب الكمال ج33 ص193 لتعلم أن الألباني ركب خيانة حيث خذف كلام الرجال.
أماأبو زرعة والنسائي هما معروفان بالتشدد لا يقبل ما انفرادا به. وكذلك ابن حبان كان الذهبي يرده لتحمله بعض الثقات!.
قلت أيضا : للحديث شاهد صحيح كما ثبت في السنن البيهقي رقم 3119 - أخبرنا أبو حازم الحافظ، أنبأ أبو أحمد الحافظ، أنبأ أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ببغداد ثنا علي يعني ابن الجعد، أنبأ شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى يحدث عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " كان يقنت في الصبح " قال عمرو: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال: لم يكن كأصحاب عبد الله كان صاحب مراء قال: فرجعت فتركت القنوت، فقال أهل المسجد: تالله ما رأينا كاليوم قط شيئا لم يزل في مسجدنا، قال: فرجعت إلى القنوت فبلغ ذلك إبراهيم فلقيني، فقال: هذا مغلوب على صلاته .
قال البيهقي : وهذا من إبراهيم النخعي رحمنا الله وإياه غير مرضي ليس كل علم لا يوجد عند أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ووجد عند غيره لا يؤخذ به بل يؤخذ به إذا كان أعلى من أصحاب عبد الله، وكان الراوي ثقة وابن أبي ليلى ثقة، وقد أخبر عمرو بن مرة، عن أهل المسجد أنه لم يزل في مسجدهم وروينا عن البراء بن عازب رضي الله عنه من وجه آخر أنه قنت في صلاة الفجر.
قلت : صدق البيهقي ثبت في مسند ابن الجعد برقم 71 بإسناد صحيح عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح. وهذا الحديث شاهد لحديث أنس المتقدم.
وللحديث شاهد أيضا أخرجه أبو يعلى في مسنده برقم 4026 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب ـ واللفظ لزهير ـ حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أنس قال: سألته عن القنوت قبل الركوع أو بعد الركوع؟ قال: «قبل الركوع»، قال: قلت: فإن ناسا يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع، فقال: " إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على أناس قتلوا ناسا من أصحابه يقال لهم: القراء " إسناده صحيح.
قلت : هذا الحديث يبين أن القنوت اللعنة بعد ركوع لا قبله.
وهذه الشواهد لم يرها الألباني! .
وفي مسند البزار رقم 6480- حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو معاوية , عن عاصم الأحول قال: سألت أنس بن مالك، عن القنوت فقال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الركوع.
وفي مسند ابن الجعد رقم 364 - حدثنا علي، أنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال: «صليت خلف عمر في السفر والحضر ما لا أحصي، فكان يقنت في صلاة الفجر»
وفي السنن البيهقي رقم 3120 - أخبرناه أبو علي الروذباري، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا عباس بن محمد، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان، عن محارب بن دثار، عن عبيد بن البراء، عن البراء أنه " قنت في الفجر "
في السنن البيهقي رقم 3110 - وبإسناده ثنا الحميدي، ثنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء، عن عبيد بن عمير قال: سمعت عمر " يقنت هاهنا في الفجر بمكة "
وبإسناده ثنا الحميدي، ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عمر مثله وهذه روايات صحيحة موصولة
وفيه رقم 3116 - وأخبرنا أبو نصر بن عبد العزيز بن قتادة، أنبأ أبو الحسن محمد بن الحسن بن إسماعيل السراج، ثنا عبد الله بن غنام، ثنا علي بن حكيم، أنبأ شريك، عن مطر بن خليفة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي قال: كأني أسمع عليا رضي الله عنه في الفجر حين قنت وهو يقول: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك "
وفيه رقم 3114 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا سعيد بن عامر، ثنا عوف، عن أبي عثمان النهدي قال: " صليت خلف عمر رضي الله عنه ست سنين فكان يقنت " ورواه سليمان التيمي، عن أبي عثمان أن عمر قنت في صلاة الصبح، ورواه أيضا أبو رافع، عن عمر على ما نذكره إن شاء الله تعالى والقول في مثل هذا قول من شاهد وحفظ لا قول من لم يشاهد، ولم يحفظ، وبالله التوفيق
وفيه رقم 3111 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا أحمد بن بشر المرثدي، ثنا علي بن الجعد، أنبأ شعبة قال: وأخبرني الحسين بن علي الدارمي، ثنا محمد بن إسحاق هو ابن خزيمة، ثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: " صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السفر والحضر فما كان يقنت إلا في صلاة الفجر "
وفيه رقم 3106 - أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن المخزومي الغضائري ببغداد ثنا عثمان بن أحمد بن السماك، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا قريش بن أنس، ثنا إسماعيل المكي، وعمرو بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: " قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم وأحسبه قال: رابع حتى فارقهم " ورواه عبد الوارث بن سعيد، عن عمرو بن عبيد وقال: في صلاة الغداة، ولحديثهما هذا شواهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عن خلفائه رضي الله عنهم.
قلت :عمرو بن عبيد ضعيف فانتبه.
وفي السنن الدارقطني رقم 1701 - حدثنا أبو بكر النيسابوري , ثنا العباس بن الوليد بن مزيد , حدثني أبي , عن سعيد بن عبد العزيز , فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح قال: «يسجد سجدتي السهو»
وفيه رقم 1700 - حدثنا أبو بكر النيسابوري , حدثنا إبراهيم بن مرزوق , ثنا أبو عاصم , عن عمران القطان , عن الحسن , فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح , قال: «عليه سجدتا السهو»
وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم 6959 - حدثنا علي بن مسهر، عن عاصم، عن أبي عثمان، أنه سئل عن قنوت عمر في الفجر، فقال: «كان يقنت بقدر ما يقرأ الرجل مائة آية»
وفيه رقم 7032 - حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، قال: صليت الغداة ذات يوم، وصلى خلفي عثمان بن زياد، قال: فقنت في صلاة الصبح، قال: فلما قضيت صلاتي، قال لي: ما قلت في قنوتك؟ قال: فقلت: ذكرت هؤلاء الكلمات: «اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله، ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق»، فقال عثمان: «كذا كان يصنع عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان»
وفيه رقم 7031 - حدثنا حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن نمير، قال: سمعت عمر، يقنت في الفجر يقول: «بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك، ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله، ولا نكفر» ثم قرأ: «بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك»
وفيه رقم 7029 - حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الملك بن سويد الكاهلي، أن عليا قنت في الفجر بهاتين السورتين: «اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير، ولا نكفر، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق»
وفيه رقم 7027 - حدثنا أبو بكر قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، قال: صليت خلف عمر بن الخطاب الغداة، فقال في قنوته: «اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير، ولا نكفرك، ونخلع، ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي، ونسجد وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكفار ملحق»
7028 - حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن زر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أنه صلى خلف عمر فصنع مثل ذلك
وفيه رقم 7026 - حدثنا أحمد بن إسحاق، عن وهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: «كان يدعو بدعاء كثير في صلاة الصبح قبل الركوع»
وفيه رقم 7024 - حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن النعمان بن قيس، قال: «صليت خلف عبيدة الفجر فقنت قبل الركعة»
وفيه رقم 7020 - حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، «أن عليا كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع»
وفيه رقم 7019 - حدثنا هشيم، قال: أخبرنا علي بن زيد، قال: أخبرنا أبو عثمان النهدي، قال: «صليت خلف عمر بن الخطاب، صلاة الصبح فقنت قبل الركوع»
وفيه رقم 7016 - حدثنا محمد بن فضيل، عن حجاج، عن عياش العامري، عن ابن مغفل، «أن عمر، وعليا، وأبا موسى، قنتوا في الفجر قبل الركوع»
وفيه رقم 7013 - حدثنا مروان بن معاوية، عن عوف، عن أبي رجاء، قال: «صليت مع ابن عباس، في مسجد البصرة، صلاة الغداة، فقنت بنا قبل الركوع»
وفيه رقم 7005 - حدثنا وكيع، قال: حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان، وقرة بن خالد، سمعاه من أبي رجاء العطاردي، قال: «صلى بنا ابن عباس الفجر، بالبصرة فقنت»
وفيه رقم 7004 - حدثنا هشيم، عن عوف، عن أبي رجاء العطاردي، قال: «رأيت ابن عباس يمد بضبعيه في قنوت صلاة الغداة، إذا كان بالبصرة»
وفيه رقم 7010 - حدثنا أبو مهدي، عن سفيان، عن محارب بن عبيد بن البراء، عن البراء، «أنه كان يقنت في الفجر»
وفيه رقم 7009 - حدثنا وكيع، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن سيرين، أنه قال: «القنوت في الفجر هنيهة، أو ساعة، أو كلمة تشبهها»
وفيه رقم 7008 - حدثنا وكيع، عن سفيان، عن زبيد بن الحارث اليامي، قال: سألت ابن أبي ليلى، عن القنوت في الفجر؟ فقال: «سنة ماضية»
وفيه رقم 7002 - حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن عبد الله بن معقل، قال: " قنت في الفجر رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: علي، وأبو موسى "
قلت : كل حديث ورد عن أنس أو غيره أن القنوت بعد ركوع يُقضد به قنوت اللعنة. وكل حديث ذُكِر عن أنس أو غيره أن القنوت قبل ركوع يُقصد به القنوت المعمول به كل يوم في الصلاة الصبح. هذا هو العلم الذي فقده الألباني فيدعي أن أحاديث أنس مضطربة!. راجع أبواب القنوت في الكتب وتأمل جيدا يتبين لك الحق. وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
تعليقات
إرسال تعليق