صحة حديث الصلاة التسبيح
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله وصحبه وسلم وبعد : اختلف العلماء في صحة حديث صلاة التسبيح صححه بعضهم وضعفه بعضهم وقد تابعت جمع كلامهم ووقفت على حقيقة الأمر فأقول :
الذين صححوا الحديث هم أقرب للصواب لأنهم متفقون على حكمهم ولم يتناقصوا،
وأما الذين ضعفوه فقد تناقضوا في حكمهم واضطربوا كما يأتي :
نبدأ بمتن الحديث ثم أسانيده فأقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعمه العباس رضي الله عنه وأرضاه يا عماه ألا أعطيك ؟ ألا أمنحك ؟ ألا أحبوك ؟ ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده ، وصغيره وكبيره ، وسره وعلانيته ، عشر خصال ، أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة ، فإن فرغت من القرآن قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة ، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً ، ثم تهوي ساجداً ، فتقولها وأنت ساجد عشراً ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً ، ثم تسجد فتقولها عشراً ، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً ، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة ، تفعل ذلك في الأربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل ، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة ، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة.
هذا الحديث أخرجه ابن ماجة في سننه رقم 1387 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺑﺸﺮ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮﺭﻱ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ ﺃﺑﺎﻥ، ﻋﻦ ﻋﻜﺮﻣﺔ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ وذكره.
وأخرجه أبو داود رقم 1297 - ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ... الخ
وكذلك الحاكم في المستدرك رقم 1196 - ﺣﺪﺛﻨﺎﻩ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺇﻣﻼء ﻣﻦ ﺃﺻﻞ ﻛﺘﺎﺑﻪ، حدﺛﻨﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺩاﻭﺩ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻔﺎﺭ ﺑﻤﺼﺮ، حدثنا ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺑﻦ ﻛﺎﻣﻞ، حدﺛﻨﺎ ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ، ﻋﻦ ﺣﻴﻮﺓ ﺑﻦ ﺷﺮﻳﺢ، ﻋﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﺒﻴﺐ، ﻋﻦ ﻧﺎﻓﻊ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻗﺎﻝ وذكره.
وقال في آخر الصفحة : «ﻫﺬا ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ ﻻ ﻏﺒﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ اﺳﺘﻌﻤﺎﻝ اﻷﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ اﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﻫﺬا ﺇﻳﺎﻩ ﻭﻣﻮاﻇﺒﺘﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻦ اﻟﻨﺎﺱ، ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ اﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﺭﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ»
وألف عليه خطيب البغدادي ( صلاة التسبيح) وأورد فيه 29 أسانيد مختلفة.
قال العلائي في نقد الصحيح ص 30 : حديث صلاة التسبيح حسن صحيح.
قال العسقلاني في أمالي أذكار في فضل صلاة التسبيح ج 1 ص 42 : ﻭﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﻦ ﻓﺴﻨﺪ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻻ ﻳﻨﺤﻂ ﻋﻦ ﺩﺭﺟﺔ اﻟﺤﺴﻦ، ﻓﻜﻴﻒ ﺇﺫا ﺿﻢ ﺇﻟﻰ ﺭﻭاﻳﺔ اﺑﻦ اﻟﺠﻮﺯاء، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، اﻟﺘﻲ ﺃﺧﺮﺟﻬﺎ ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ، ﻭﻗﺪ ﺣﺴﻨﻬﺎ اﻟﻤﻨﺬﺭﻱ، ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﺻﺤﺢ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻜﺮﻣﺔ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ؟.
وقال في آخر الصفحة : ﻭﻗﺪ ﺃﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﺤﺔ ﺃﻭ اﻟﺤﺴﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻷﺋﻤﺔ ﻣﻨﻬﻢ: ﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻵﺟﺮﻱ، ﻭﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺨﻄﻴﺐ، ﻭﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺴﻤﻌﺎﻧﻲ، ﻭﺃﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﻲ، ﻭﺃﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ اﻟﻤﻔﻀﻞ، ﻭاﻟﻤﻨﺬﺭﻱ، ﻭاﺑﻦ اﻟﺼﻼﺡ.
قلت : الذين صححوها من المعاصرين كثيرون.
قال الألباني في الرد المفحم ج 1 ص 100 ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺫﻟﻚ " ﺣﺪﻳﺚ ﺻﻼﺓ اﻟﺘﺴﺎﺑﻴﺢ " ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﺒﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﺘﺒﻊ ﻃﺮﻗﻪ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺻﺤﻴﺢ ﺑﻤﺠﻤﻮﻉ ﻃﺮﻗﻪ ﻭﻗﺪ ﺻﺤﺤﻪ - ﺃﻭ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺣﺴﻨﻪ - ﺟﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺤﻔﺎﻅ: ﻛﺎﻵﺟﺮﻱ ﻭاﺑﻦ ﻣﻨﺪﻩ ﻭاﻟﺨﻄﻴﺐ ﻭﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺴﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭاﻟﻤﻨﺬﺭﻱ ﻭاﺑﻦ اﻟﺼﻼﺡ ﻭاﻟﻨﻮﻭﻱ ﻭاﻟﺴﺒﻜﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ.
قلت أيضا -سليمان صوري- : الذين ضعفوا هذا الحديث فأربع فقط : أحمد والعقيلي والترمذي والنووي وتناقضوا فيها إسمع ما يأتي :
ثبت في مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه رقم 3353 قال قلت لأحمد : صلاة التسبيح ما ترى فيها؟ قال أحمد : ما أدري. ليس فيها حديث يثبت. قال إسحاق : لا أرى بأسا إن استعمل صلاة التسبيح...
وفي أجوبة المشكاة ص 346 : أن أحمد رجع إلى استحباب صلاة التسبيح.
وقال العقيلي في ضعفائه ج رقم 148 : وليس في صلاة التسابيح حديث يثبت.
وقال الترمذي في سننه ج 1 ص 606 : لا يصح منه كبير شيئ.
أما النووي فقال في المجموع شرح المهذب ج 4 ص 54 وفي هذا الإستحباب نظر لأن حديثها ضعيف.
وقال في تهذيب الأسماء ج 3 ص 144 : وأما صلاة التسبيح المعروفة.... وقد جاء فيها حديث حسن.... وهي سنة حسنة.
إذا نظرت إلى ما أوردنا يتبين لك أن الذين ضعفوا الحديث ضعفواه من حيث كون جميع طرقه فيها مقال. والذين صححوه صححوه لإتفاقهم أن الحديث الضعيف إذا جاء من طرق يشد بعضها البعض، واتفقوا أيضا أن الحديث الضعيف حجة في الفضائل وقد ألفت في هذه المسألة رسالة.
وصل اللهم على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم ورضي الله عن أصحاب رسول الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
تعليقات
إرسال تعليق