قوطع الأدلة بين الصوفية والوهابية( ج1 )
تأليف
سليمان صوري ابن الحاج عبد الله صوري
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف
الحمد لله حمد ذاته بذاته قبل الكون والصلاة والسلام على أول التجليات وآدم لم يكن سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار ورضي الله عن جميع الأصفياء أولياء الرحمان مصابيح الهدى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد: هذا كتيب يحلل لك المشاكل ويوضح لك الحقيقة خاصة المسائل الخلافية الدائرة بين الصوفية والوهابية ونسأل الله رب السموات والأرض أن يجعله لنا نورا ورحمة دنيا وأخرى وأرجو بفضل الله ومنه أن يكون هذا الكتاب يد الحق يكشف الغطاء الأسود عن وجوه أبناء المسلمين إن شاء الله .
وأعتذر إلى الأحبة على التعمق في الأسانيد والإطالة في البيان فذلك كله ليتضح الحق لا غير. وربما أوردت حكم الألباني على بعض الأحاديث وحكم رؤساء المتشددين - كابن تيمية وابن القيم وغيرهما - في المسائل إلزاما لأتباعهملا احتجاجا بهم .
التشدد وسرعة الإنكار
تأملت في النزاعات والإختلافات التي طرأت على الأمة الإسلامية فإذا هي نشأت عن التشدد وسرعة الإنكار في بعض المسائل قبل بحث دقيق ورجوع إلى أربابها. وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في غير موضع التشديد قائلا كما في صحيح مسلم رقم (2670) عن عبد الله، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثا". ومعنى التنطع التشدد .
وأما سرعة الإنكار بلا تحقق فهي أم الخبائث التي وقع فيها كثير من الناس فإذا سمعوا عن بعض العارفين كلمة أو مسألة تحمل وجوها لا يحملونها على الوجه الأحسن بل يحملونها على الوجه الأسوأ كأنهم نسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال" . أخرجه أحمد (5385)وغيره بإسناد صحيح .
وكأنهم طرحوا وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حيث قال كما في أمالي المحاملي رقم (460): "حدثنا الحسين حدثنا زياد بن أيوب حدثنا محمد بن يزيد عن نافع بن عمر الجمحي عن سليمان بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب: "لا تظنن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا".
قلت: رجاله ثقات وله شواهد، أخرجه الزبير بن بكار في أخباره (ج1، ص32) : "حدثني عمي مصعب بن عبد الله، عن جدي عبد الله بن مصعب، عن أبيه، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره. وفي المخلصيات ج4، ص84 قال: حدثنا أبو أحمد عبد الواحد بن المهتدي قال حدثني أبو العباس أحمد بن بكر قال حدثني هشام بن عمار الدمشقي قال حدثنا إبراهيم بن موسى المكي عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال عمربن الخطاب رضي الله عنه وذكره".
وفي الأربعين لأبي الفتوح الطائي ج1، ص150 قال: "أخبرنا تاج الإسلام أبو بكر محمد بن منصور السمعاني أخبرنا الشيخ أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر، حدثنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ،حدثنا أبو الحسن الحافظ، حدثنا إبراهيم بن حماد، وأحمد بن عبد الله بن الوكيل، قالا: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا يعقوب بن الوليد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره".
وقال ابن تيمية في مجموع فتاويه ج5، ص79: واعلم أن لفظ " الصوفية " وعلومهم تختلف فيطلقون ألفاظهم على موضوعات لهم ومرموزات وإشارات تجري فيما بينهم فمن لم يداخلهم على التحقيق ونازل ما هم عليه رجع عنهم وهو خاسئ وحسير".
وقال الوهابية في كتابهم الدرر السنية ج9،ص133: "من تعلق بظواهر ألفاظ من كلام العلماءالمحققين ولم يعرضها على العلماء... هذا جهل وضلال...
وضاهى الخوارج".
والأسف كون أغلب أبناء العصر لا يلتفتون إلى هذه الوصية القيمة الثمينة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن ابن تيمية. نسأل الله السلامة .
الصوفية ومصدرها
الصوفية أو التصوف مشتق من الصوف لأنه غالب لباسهم إقتداء بالأنبياء كما يأتي قريبا ، وينسبون إلى أهل الصفة أيضا ، قال الحاكم في المستدرك ج3، ص18: "تأملت هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة فوجدتهم من أكابر الصحابة رضي الله عنهم ورعا وتوكلا على الله عز وجل وملازمة لخدمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، اختاره الله تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم من المسكنة والفقر، والتضرع لعبادة الله عز وجل، وترك الدنيا لأهلها ،وهم الطائفة المنتمية إليهم الصوفية قرنا بعد قرن، فمن جرىعلى سنتهم وصبرهم على ترك الدنيا والأنس بالفقر، وتركالتعرض للسؤال فهم في كل عصر بأهل الصفة مقتدون وعلى خالقهم متوكلين وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطائفة بما خصهم الله تعالى به من بين الطوائف بصفات فمن وجدت فيه تلك الصفات استحق بها اسم التصوف فمن وفق لاستعمال هذا الوصف من متصوفة زماننا فطوباه، فهو المقفي لهدي من تقدمه، والصوفية طائفة من طوائف المسلمين، فمنهم أخيار ومنهم أشرار لا كما يتوهمه رعاع الناس وعوامهم، ولو علموا محل الطبقة الأولى منهم من الإسلام، وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمسكوا عن كثير من الوقيعة فيهم".
قال ابن خلدون في تاريخه ج1، ص611: "أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور منلذة ومال وجاه والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة وكانذلك عاما في الصحابة والسلف. فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة".
قال ابن تيمية في مجموع فتاوىه ج11، ص195: "اسم " الصوفية " هو نسبة إلى لباس الصوف؛ هذا هو الصحيح وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء وقيل إلى أهل الصفة..." إلخ
قال محمد بن عبد الوهاب في فتاوى ومسائل ج1، ص31 : "أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو: العلم النافع، ودين الحق الذي هو: العمل الصالح؛ إذا كان من ينتسب إلى الدين: منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء، ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية، فبعث الله نبيه بهذاالدين الجامع للنوعين..." إلخ .
ومما يدل أن الصوفية مشتق من الصوف أيضا ما ورد في صفة الصفوة لابن الجوزي ج2، ص455 : "فاطمة بنت عبد الرحمن كانت تعرف بالصوفية لأنها أقامت تلبس الصوف ولا تنام إلا في مصلاها بلا وطاء".
قلت: إن ثبت أن الصوفية مشتق من الصوف فقد ثبت في مسند أبي داوود الطيالسي رقم 328 : "حدثنا أبو داود قال: حدثنا يزيد بن عطاء ،عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: "كانت الأنبياء يركبون الحمر ويلبسون الصوف ويحتلبون الشاة وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار اسمه عفير".
وفيه رقم 1663 : "حدثنا همام، عن قتادة، عن مطرف، عن عائشة، أنها قالت: "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فلبسها، فأعجبته".
قلت: إسناده صحيح .
وفيه رقم 2262 : "حدثنا شعبة، قال: حدثني مسلم أبو عبد الله الأعور، سمع أنسا، يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويجيب دعوة المملوك، ولقد رأيته يوم خيبر على حمار خطامه من ليف".
قلت: صححه المتشدد الألباني في الصحيحة من رواية أبي موسى الأشعري، وفي صحيح الجامع رقم 4946.
اسمع رؤساء المتشددين الوهابيين يدافعون عن الصوفية:
قال ابن تيمية في مجموع فتاويه ج11، ص6 : "أول ما ظهرت الصوفية من البصرة وأول من بنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد وعبد الواحد من أصحاب الحسن البصري وكان في البصرة من المبالغة فيالزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار ولهذا كان يقال فقه كوفي وعبادة بصرية .
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج11،ص282 : وعبد الواحد بن زيد وإن كان مستضعفًاً فيالرواية إلا أن العلماء لا يشكون في ولايته وصلاحه ولا يلتفتون إلى قول الجوزجاني فإنه متعنت كما هو مشهور عنه .
وقال فيه ج11، ص16 : هو ـ أي الصوفي ـ في الحقيقة نوع من الصديقين فهو الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه.
وقال ج12، ص36 : وأما جمهور الأمة وأهل الحديث والفقه والتصوف فعلىما جاءت به الرسل وما جاء عنهم من الكتب والآثار من العلم وهم المتبعون للرسالة اتباعا محضا لم يشوبوه بما يخالفه.
وقال ج11، ص5 : أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا فى القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل وأبىسليمان الدارانىوغيرهما وقد روى عن سفيان الثورى أنه تكلم بهوبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصرى .
وقال ج11 ص17 : طائفة ذمت الصوفية والتصوف وقالوا أنهم مبتدعون خارجون عن السنة... والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين... وقد انتسب إليهم من أهل البدع والزندقة ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم.
وقال في ج11، ص22 : وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، سواء سمي أحدها فقيرًا أو صوفياً أو فقيهاً أو عالماً أو تاجرًا أو جندياً أو صانعاً أو أميرًا أو حاكماً أو غير ذلك.
وقال في ج20، ص63 : ثم هم إما قائمون بظاهر الشرع فقط كعموم أهل الحديث والمؤمنين الذين فى العلم بمنزلة العباد الظاهرين فىالعبادة وإما عالمونبمعاني ذلك وعارفون به فهم فىالعلوم كالعارفين منالصوفية الشرعية فهؤلاء هم علماء أمة محمد المحضةوهم أفضل الخلق وأكملهم وأقومهم طريقة .
وقال في ج10، ص516 – 517 : فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإِبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوِِّغون للسالك ولو طار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يفعل المأمور، ويدع المحظور إلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وِإجماع السلف وهذا كثير في كلامهم .
وقال في ج8، ص638 : أما أئمة الصوفية و المشايخ المشهورون من القدماء مثل الجنيد بن محمد وأتباعه و مثل الشيخ عبد القادر وأمثاله فهؤلاء من أعظمالناس لزومًاً للأمر والنهي وتوصية بإتباع ذلك .
وقال في ج11، ص74 – 75 : ليس أحد من أهل المعرفة بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أو بغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن ُسُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان .
وفيه ج11، ص485 قال: أهل السنة والجماعة هم أهل الحديث والفقه والتصوف والكلام وغيرهم من أتباع الأئمة الأربعة...
ومع هذا نرى الآن بعض تلاميذ ابن تيمية يقولون أن الصوفيين ليسوا من أهل السنة والجماعة!!! إنا لله وإنا إليه راجعون.
وقال ابن تيمية ج15، ص428 : ثم الصوفية المشهورون عند الأمة الذين لهم لسان صدق فى الأمة لميكونوا يستحسنون مثل هذا بل ينهون عنه ولهم فىالكلام فى ذم صحبة الأحداث وفى الرد على أهلالحلول وبيان مباينة الخالق مالا يتسع هذا الموضع لذكره وإنما يستحسنه من تشبه بهم ممن هو عاص أو فاسق أو كافر فيتظاهر بدعوى الولاية لله وتحقيق الإيمان والعرفان وهو من شر أهل العداوة لله وأهل النفاق والبهتان والله تعالى يجمع لأوليائه المتقين خير الدنيا والآخرة ويجعل لأعدائه الصفقة الخسرة والله سبحانه وتعالى أعلم .
قال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين ج1، ص135 أنهم" أي الصوفية " كانوا أجل من هذا وهممهم أعلى وأشرف إنما هم حائمون على اكتساب الحكمة والمعرفة وطهارة القلوب وزكاة النفوس وتصحيح المعاملة...
أما في " ج2، ص302 فنجده يقول: التصوف زاوية من زوايا السلوك الحقيقي وتزكية النفس وتهذيبهالتستعد لسيرها إلى صحبة الرفيق الأعلى, ومعية من تحبهفان المرء مع من أحب .
وفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج1، ص241 قال محمد بن عبد الوهاب: لا ننكر الطريقة الصوفية، وتنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح، مهما استقام صاحبها على القانون الشرعي، والمنهج القويم المرعي .
تنبيه: تناقض المتمسلفون في دين الصوفي فقال بعضهم:
الصوفيون كسائر المسلمين فيهم الصالحون ويوجد منهم جائرون.
قلت: هذا حق. ويقول بعضهم: الصوفيون الأوائل على الحق والصوفيون الأواخر كلهم منحرفون .
قلت: هذا هذيان. ويقول بعض مجانينهم: الصوفية كلها ضلالة .
قلت: إذا حكمنا أن كل تصوف ضلالة بلا استشناء فلا بد أن نطرح من صحيح البخاري 690حديثا ومنصحيح مسلم 30 حديثا لأجل سفيان الثوري لما ثبتفي صفة الصفوة ج1، ص12 أنه كان يشرب عنالصوفيين وكذلك طبقات الصوفية ج1، ص387 أنه كان يعتمدهم .ولا بد أن نسقط من سنن الكبرى للنسائي 7حديثا ومن معجم الكبير للطبراني 22 حديثا والكبرى للبيهقي 69 حديثا وشعب الإيمان 114 حديثا لأجل أحمد بن يحيى الصوفي وأحمد بن محمد الصوفي وغيرهما. ونطرح من موارد الظمعان 38 حديثا، ومن المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم 179حديثا وصحيح ابن حبان 69 حديثا ومن الشريعة للآجوري 35 حديثا لأجل أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي. بل إذا قلنا أن الصوفيين مشركون لتوسلهم عند قبور الصالحين فلا بد أن نحرق جميع كتب ابن حبان صحيحه وثقاته وغيرهما لكونه يتوسل عند قبور الصالحين كما يأتي. ونحرق المعجم الثلاث للطبراني وكتب ابن أبي عاصم وغيرهم كلهم مع الصوفيين ويأخذون عنهمويتوسلون كما يأتي قريبا إن شاء الله.
وزعم بعض المتمسلفيين أن الإمام مالك والشافعي ذموا الصوفية لما في تلبيس إبليس لابن الجوزي ج1، ص327 : عن عبد الملك بن زياد النصيبي قال كنا عند مالك فذكرت له صوفيين في بلادنا فقلت له يلبسون فواخر ثياب اليمن ويفعلون كذا وكذا قال أومسلمين هم؟ وضحك. وعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول لو أن رجلا تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق وما لزم أحد الصوفية أربعين يوما فعاد عقله إليه أبدا.
قلت: هذا افتراء على الإمامين بلا شك؛ أين إسناد إليهما؟ ابن الجوزي لم يسق الإسناد حتى نرى صحته؟ ثم عبد الملك بن زياد الراوي عن الإمام مالك ضعيف. ابن الجوزي نفسه قال في ضعفائه ج2، ص149 : أنه منكر الحديث وكذلك الذهبي في المغني ج2، ص405 وقالابن حبان في الثقات ج8، ص390 : يغرب عن مالك .
وهذا الأثر رواه عن الذي يغرب عنه. ويونس الراوي عن الشافعي قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج11، ص441 : أنكروا عليه تفرده عن الشافعي برواية حديث" لا مهدي إلا عيسى" وقيل أن يونس دلسه!. وفي خلاصة تهذيب ج1، ص334 : تفرد يونس بحديث منكر عن الشافعي .
فقلت: هذا الأثر تفرد به يونس عن الشافعي أيضا فانتبه .
وقلت: لو كنا نحتج بمثل هذه الآثار الضعيفة لقلنا: الإمام مالك رحمه الله تعالى يقول: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق .راجع حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإمام الزرقاني ج3، ص195. وشرح عين العلم وزين الحلم للإمام ملا علي القاري ج1، ص33 وفي مرقاة المفاتيح ج1، ص335.
والشافعي رحمه الله تعالى يقول: حبب إلي من دنياكمثلاث: ترك التكلف وعشرة الخلق بالتلطف والاقتداء بطريق أهل التصوف!. راجع كشف الخفاء للإمام العجلوني ج1 ص341.
ومن عجائب هؤلاء المتشددين أنهم يذمون اسم التصوف وجميع مسميات الصوفية المنسوبة إليها حتى لفظ - المولد- يقولون أن هذه الأسماء بدعة لأنها لم توجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم!! فطالبناهم أن يأتوا بمصدر اسمهم الذي يفتخرون به أعني - أهل السنة والجماعة وغيرها من مسمياتهم فهربوا ! حاول بعضهم أن يحتج بحديث موضوع! عن ابن عباس في قول الله تعالى:
﴿يوم تبيض وجوه﴾ قال: وجوه أهل السنة والجماعة!
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ج3، ص729 رقم 3950.
قلت: هذا الحديث موضوع في إسناده ابن قدامة ومجاشع وعبد الكريم الجزري. واستلم الألباني في الضعيفة رقم 639أن مجاشع كذاب! ومع هذا لم يزل ابن تيمية يكرر هذا الحديث المكذوب في كتبه كرره في مجموع فتاويه (ج3 ص
310 وفي (ج4، ص515( و)ج12، ص115( و)ج12، ص341( و )ج20، ص292( و)ج 22، ص252( وفي )ج22، ص358( و)ج24، ص171( وفي )ج28، ص423(. وفي منهاجه )ج3، ص467( و)ج5، ص134(. وفي فتاوى الكبرى )ج1 ، ص140( و)ج4، ص448( . وفي جامع مسائله )ج4، ص233(. وفي رسالته )ج1، ص22(. وفي درع تعارضه )ج1، ص48(.
لهؤلاء المتشددين أسماء بدعيات كثيرة منها:
الجامية -الربيعية -السرورية -المدخلية -الحدادية-القطبية -البازية -الألبانية -أهل السنة للجهاد -أنصار السنة -إخوان المسلمين -. وغير ذلك من الأسماء راجع كتابهم - داعية وليس نبيا- وفتنة التكفير للألباني وغيرهما لكل فرقة عقائد تخالف عقائد الأخرى .
تنبيه: إذا أراد المتشددون اختراع اسم من الأسماء يقولون: لامشاحة في الإسماء: قال ابن تيمية في درع تعارضه )ج4، ص148(: لا مشاحة في الألفاظ. وقال ابن القيم في إعلام الموقعين )ج2، ص227(: لا مشاحة في الاسم .وقال في الصواعق المرسلة )ج3، ص971(: لا مشاحة في الأسامي. وفي مفتاح السعادة )ج2، ص268(: لا مشاحة في التسمية. وفي مدارجه )ج3، ص286(: لا مشاحة في الإصطلاح. وقال الألباني في الضعيفة )ج13، ص1085(: لا مشاحة في الإصطلاح. وفي موسوعته كرره خمس مرات. وقال ابن باز في مجموع فتاويه )ج2، ص71(: لا مشاحة في الإصطلاح. وقالت فتاوى اللجنة الدائمة )ط٢، ج1، ص21(: لا مشاحة في الإصطلاح.
قال ابن باز في فتاوى نور بعناية الشويعر )ج3، ص168(: "أما الألقاب ما يلقب بأنصار السنة أو الإخوان المسلمين أو جماعة المسلمين، أو جمعية كذا لا بأس بهذه الألقاب، الألقاب لا تضر ،المهم العمل".
وإذا أراد الصوفي ون اختراع إسم كما اخترعوا يقولون: لا يجوز حرام هذا الاسم لا يعرف في زمن الصحابة بدعة ضلالة .!! فأقول : هذا بهذا وإلا فلا.
ومنهم عوام يعتقدون أن جميع فرق الإسلامية ضالون إلا الفرقة التي هو فيها ويحتج بحديث ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة .فقلت:
هذا الحديث حسنه بعض العلماء لكثرة طرقه ولكنهم أخطؤوا لأن جميع طرقه واهيات إما فيه كذاب أو متروك أو ضعيف جدا ومثل هذا لا يقوي بعضها البعض وإن تعددت طرقه هذا ظاهر. وسأجمع لك طرق الحديث لترى علله بعينك وتحكم بنفسك إن شاء الله . وقبل ذلك أقول:
لست أنا أول من ضعف هذا الحديث بل قال ابن حزم في "الفصل في الملل ")ج3، ص138(: حديث افتراق الأمة لا يصح أصلا من طريق الإسناد. وقال الشوكاني في تفسيره )ج2، ص294(: الزيادة " كلها في النار إلا واحدة " لم تصح لا مرفوعة ولا موقوفة. وقال الفيروزبادي في رسالته)ج1، ص6، رقم80(: حديث افتراق الأمة لم يثبت. وقال الوزير في تاريخ اليمن )ج1، ص125(: "حديث افتراق الأمة باطل وعن الصحة عاطل". ومن المعاصرين من ضعفوه أيضا ولكن لم أر من انتقده انتقادا شافيا فأردت أن أنقضه نهائيات إن شاء الله اسمع ما يأتي:
1- رويَ هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وهو ضعيف. وفي الجرح والتعديل )ج8، ص31(: قال يحيى بن سعيد ومالك:" ليس هو ممن تريد". وقال ابن معين ما زال الناس يتقون حديثه. ويحدث عن أبي سلمة بالشيء رأيه ثم يحدث به مرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة! .قلت: وهذا الحديث حدثه عن أبي سلمة ولعله من رأيه ثم رفعه. وقال ابن حبان في الثقات )ج7، ص377(: يخطىء. وهذا الطريق ليس فيه الزيادة " كلها في النار" لذلك لا يستشهد به فانتبه .
2- وروي عن معاوية مرفوعاً ووقفه بعضهم على معاويةوفي السند أزهر بن عبد الله الهوزني . وفي تهذيب الكمال )ج2، ص328(: أزهر هذا كان يسب عليا. قال أبو داود: إني لا بغض أزهر كان ممن سبوا أنس بن مالك وأتوا به الحجاج وكان يحرض عليه قال ابن الجارود في كتاب الضعفاء: كان يسب عليا... وقال أبو الفتح الأزدي يتكلمون فيه. قال بشار: إذا صح أنه كان يسب عليا رضي الله عنه فهو ضعيف لا يحتج به ولا كرامة ومثله مثل الذي يسب أبا بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم أجمعين فهذه بدعة كبرى مثلها مثل الرفض الكامل والغلو فيه، ولا أدري كيف يتجرأ البعض فيسب واحدا من الخلفاء الراشدين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قلت: فعلى هذا سقط أزهر بن عبد الله عن الإستشهاد به .
3- وروي عن أنس بن مالك من سبعة طرق كلها ضعيفة لا تخلو من كذاب أو وضاع .
الأول: عن وليد بن مسلم عن الأوزاعي. وفي تهذيبالكمال )ج31، ص97(: كان الوليد يحدث حديث كذب عن الأوزاعي! .
الثاني: عن النميري اسمه زياد. في الضعفاء ابن الجوزي )ج1، ص301( قال يحيى: ليس بشيء .
الثالث: عن ابن لهيعة في الجرح )ج5، ص146( نهي أن لا يحمل عنه أحد .
الرابع: عن طريف بن سليمان في اللسان )ج7، ص471( منكر الحديث .
الخامس: عن سويد بن سعيد سرقه كما في الكامل )ج4، ص498(.
السادس: عن أبي معشر اسمه نجيح. في الضعفاء العقيلي )ج4، ص308( منكر الحديث .
السابع: عن مبارك بن سحيم. في الضعفاء لأبي زرعة )ج2، ص515( منكر الحديث .
الثامن: عن يزيد الرقاشي قال ابن حبان في المجروحين
)ج3، ص98( لا تحل الرواية عنه .
4- و روي عن عوف بن مالك مرفوعاً وفيه "عباد وراشد" ضعيفان في سؤالات البرقاني - رواية مجدي- )ج1، ص79(: راشد بن سعد ضعيف لا يعتبر به. وفي إكمال تهذيب )ج4، ص306(: ضعفه الدارقطني. وفي المغني )ج1، ص226(: ضعفه ابن حزم. أما عباد بن يوسف ففي الكاشف )ج1، ص533(: يغرب. وفي المغني )ج1، ص328(: ليس بالقوي .
5- وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعاً عند الترمذي )ج5، ص26( وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي قال ابن حبان في المجروحين )ج2، ص50(: كان يدلس عن المصلوب - وهو كذاب - !. وفي تاريخ ابن معين رواية الدوري )ج1، ص73(: عبد الرحمن ليس بشيء .
6- وروي عن أبي أمامة مرفوعاً وفي إسناده أبو غالب فيتهذيب الكمال )ج34، ص171( منكر الحديث وقالابن حبان لا يعتبر به .
7- وروي عن ابن مسع ود مرفوعاً. وفي سنده عقيل الجعدي. في الضعفاء العقيلي )ج3، ص30( منكر الحديث. واتفقوا على نكارته .
8- وروي عن علي كرم الله وجهه موقوفا وفي الإسناد البحلي اسمه عمار ضعيف؛ ولم يسمع من سعيد بن جبير كما في علل أحمد رواية ابنه )ج2، ص459(.
9- وروي عن بنت سعد وفيه عبد الله بن عبيدة وأخيه موسى قال ابن حبان في المجروحين )ج2، ص4( منكر الحديث جدا يجب تركه .
وقد رأيت بعينك أن جميع طرقه إما فيه منكر أو محدث عن الكذاب أو مبتدع يسب الصحابة أو رجل لا يعتبر به أو رجل نهي عن التحدث عنه وهو المتروك، كيف يقوي مثل هذه الطرق ببعضها؟!. ورواية أبي هريرة ضعيف كما مر وليس فيه كلها في النار؛ ورواية علي بن أبي طالبموقوف منقطع؛ فمن أين الصحة في هذا الحديث؟! .
تنبيه: هذا الحديث ركب له متنا عن نعيم بن حماد كما في تهذيب الكمال )ج29، ص474(. وصنع له سندا أيضا عن عبد الله بن سفيان كما في الميزان )ج2، ص430(.
ففضحهم الله .
هذا من ناحية إسناده، وأما من ناحية متنه فنقول:
1- قال الله تعالى عن هذه الأمة المحمدية في كتابه العزيز
﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ ويقول أيضا: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا ﴾ فهذه الآيات تقرر أن هذه الأمة هي
خير الأمم، وأنها أوسطها؛ أي: أفضلها وأعدلها، وأما هذا الحديث فيقرر أنَّ هذه الأمة شر الأمم وأكثرها فتنة وفساداً وافتراقاً.
2- ويؤكد بطلان هذا الحديث من حيث متنه ومعناه أيضاً أنَّ كلَّ من صنف في الفِرقِ كتب أسماء ف رَق يغاير في كتابه لما كتبه الآخر، ولا زالت تحدث في كل عصر فرقٌ جديدة بحيث أن حصرهم لها غير صحيح ولا واقعي وقول من قالإنَّ ما استحدث من الفرق الجديدة لا تخرج في مبادئها غيرصحيح والواقع يرفضه ويثبت فساده.
3- في متنه اضطراب ورد عن عوف بن مالك: ))ستفترق
أمتي على 73 فرقة كلها في النار إلا واحدة((. رواه أحمد وغيره .وعن ابن مسعود ))ستف ترق أمتي على 72 ونجا منها ثلاث(( رواه ابن أبي عاصم في السنة ))ج1، ص35(( وغيره .وفي ابن أبي شيبة )ج7، ص554(:
))ستفترقون على 72 فرقة((. وفي المنتخب عن سعد:
))ستفترقون على 71 فرقة((. كيف تتفق هذه الألفاظ؟ .
ثم عبارة ما عليه أنا وأصحابي لا يعقل أن يصح صدوره منه صلى الله عليه وآله وسلم لأمور أذكر واحد منها: وهو أنَّ الصحابة افترقوا في عهد الإمام علي رضي الله عنه إلى ثلاث فرق، فرقة مع سيدنا علي كرم الله وجهه .وفرقة قعدت ولم تقاتل مع أحد من الفريقين وقد ندم أفرادها. وفرقة مع معاوية وحزبه؛ فعبارة ))ما عليه أنا وأصحابي(( في حديث الافتراق مع أي فرقة من هذه الفرقالثلاث تكون؟!
حاول الألباني أن يصحح حديث افتراق الأمة ولا يعلم أنه يتعارض مع الحديث الذي صححه هو في صحيح
الجامع )ج2، ص993(: ))ما من أمة إلا وبعضها في النار وبعضها في الجنة إلا أمتي فإنها كلها في الجنة((.
حكم اللحية في الإسلام
إعفاء اللحية على التحقيق سُنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وحلقها مكروه لم يثبت في حديث أن حلقها حرام بل حلقها ترك للسنة وكذلك لم يرد في أي حديث أن إعفائها - ترك القص - واجب بل قال الرسول صلى الله عليه وسلم أنها سنة من السنن كما صح وثبت في مستخرج أبي عوانة )ج1، ص163(: عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ قال: ))عشرة من السنة قصُّ الشارب وإعفاء اللحْية والسواك واستنشاق الماء وقصُّ الأظفار وغسْل البراجِم ونَ تْفُ الإبط وحلْق العانة وانتقاص الماء والمضمضة((. وأخرجه مسلم والنسائي وأثبته علماءالحديث حتى المتشدد الألباني في صحيح الجامع )4009(وغيره .
ومن هنا يتضح لكل منصف أن إعفاء اللحية من السُنن المرغوب فيها وقد ساواها النبي صلى الله عليه وسلم بالسواكَ، إذًا اللحية والسواك سواء بسواء سماها النبي سنة فيجب علينا أن نقف حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن العجب أن بعض الناس يشددون في حكم اللحية لحديث أحفوا الشوارب وأوفروا اللحى وخالفوا المجوس أخرجه مسلم رقم )260(. ولا يشددون الصبغة لحديث: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم أخرجه البخاري رقم (3462). وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد وقال: ((أعفو اللحى وخذوا الشوارب وغيروا شيبكم ولا تشبهوا باليهود)) أخرجه أحمد رقم (8672) وغيره بإسناد صحيح. ولا يشددون بحكم الصلاة بالنعل مع ما ثبت في سنن أبي داود رقم (652):
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))خالفوا اليهود
صلوا في نعالكم فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم((. وأخرجه كثير من المحدثين. لذلك كنت أقول كل وقت وحين أن الصبغة والصلاة بالنعل وإعفاء اللحية شيء واحد إن لم يكن هذا مبتدع لا يكون ذاك مبتدع لأن حكمهم سواء في الحديث.
اسمع أقوال العلماء الجهابذة حول الأخذ من اللحية ما زاد على القبضة أم هؤلاء كلهم مخطؤن إلا أنت وبعض المخالفين؟ أين النص منكم على وجوب إعفائها؟ ولن تجدوا إلا قياسا ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا .
وفي سنن الترمذي رقم (2762): حدثنا هناد، قال:
حدثنا عمر بن هارون، عن أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها .وقال الترمذي فيه - عمر بن هارون - وحديثه مقارب وقال قتيبة : هوصاحب حديث .
قلت: قد ضعفه بعض الجهابذة النقاد لذلك لا نحتج به .
وفي الآثار لأبي يوسف رقم )1039( قال: حدثنا يوسف عن أبيه عن أبي حنيفة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: "كان يأخذ من لحيته".
وثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )25488(:
حدثنا وكيع، عن شعبة، عن عمرو بن أيوب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة: "أنه كان يأخذ من لحيته ما جاوز القبضة". وفيه رقم )25480(: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن سماك بن يزيد، قال: "كان علي يأخذ من لحيته مما يلي وجهه". وفيه أيضا رقم )25483( حدثنا أبو خالد، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه: "أنه كان يأخذ من لحيته، ولا يوجبه".
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ )ج7،ص266(: روى ابن القاسم عن مالك: لا بأسَ أن يؤخَذَ ما تطايرَ من اللحيةِ وقيل لمالك: فإذا طالت جدًّا؟ قال:
أرى أن يؤخَذَ منها وتـقَصَّ، وروي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّهما كانا يأخذانِ مِن اللحيةِ ما فضَل عن القبضةِ.
وقال ابن هانئ في مسائله )ج2، ص151(: سألتُ أبا عبد الله عن الرجُلِ يأخذ من عارضَيه؟ قال: يأخذُ مِن اللحيةِ ما فضلَ عن القبضة، قلتُ: فحديثُ النبِيّ صلى اللهُ
عليه وسلم: ))أحفُوا الشَّواربَ وأعفُ وا الل حي(( قال: يأخذُ مِن طولِها ومن تحت حَلقِه، ورأيت أبا عبد الله يأخذُ من عارِضَيه ومن تحتِ حلقه.
وقال الخلَّال في كتاب الوقوف والترجل )ج1، ص129(: أخبرني حربٌ قال: سُئل أحمدُ عن الأخذ من اللحية؟ قال: إنَّ ابن عمر يأخذُ منها ما زاد على القبضةِ، وكأنه ذهب إليه، قلتُ: ما الإعفاءُ: قال: يروى عن النبيصلى الله عليه وسلم، قال: كأنَّ هذا عنده الإعفاء
وقال المرداوي في الإنصاف )ج1، ص121(: ويعفِي لحيته... ولا يكرهُ أخذُ ما زاد على القبضةِ، ونصُّه- يعني أحمد- لا بأسَ بأخذِ ذلك، وأخذِ ما تحت الحَ لقِ ...
وقال ابن بطال في شرح البخاري )ج9، ص147(:
قال عطاء: لا بأسَ أن يأخُذَ مِن لحيته الشيءَ القليلَ مِن طولِها وعَرضِها إذا كثـرت.
وقال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار )ج4، ص317(: وفي أخذِ ابنِ عمَرَ مِن آخِرِ لحيته في الحجِّ دليلٌ على جوازِ الأخذ من اللحيةِ في غير الحجِّ؛ لأنه لو كان غيرَ جائزٍ ما جاز في الحج وقال إبراهيم كانوا يأخذون من عوارض لحاهم وكان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته وعن أبي هريرة أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة وعن بن عمر مثل ذلك وعن الحسن مثله وابنعمر روى عن النبِيّ ص لى اللهُ عليه وسلم: ))وأعفُوااللِ حى(( وهو أعلَمُ بمعنى ما روى، فكان المعنى عنده وعند جمهورِ العلماءِ الأخذَ من اللحية ما تطايرَ .
وقال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه من كتاب الطهارة والحج )ج1، ص237(: "وأمَّا إعفاءُ اللحيةِ فإنه يتركُ، ولو أخذَ ما زاد على القبضةِ لم يكرهْ؛ نصَّ عليه كما تقدَّمَ عن ابن عمر، وكذلك أخذُ ما تطايرَ منها".
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح )ج10، ص350(:
"قلت: الذي يظهَرُ أنَّ ابنَ عمرَ كان لا يخصُّ هذا التخصيصَ بالنسُكِ، بل كان يحمِلُ الأمرَ بالإعفاءِ على غير الحالةِ التي تتشَوه فيها الصورةُ بإفراطِ ط ولِ شَعرِ اللحيةِ أو عَرضِه".
وفي حاشية ابن عابدين )ج4، ص459( قال: "لا بأسَ بأخذِ أطرافِ اللحيةِ إذا طالت".
وقال الغزالي في الإحياء )ج1، ص143(: "وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل إن قبض الرجل على لحيتهوأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس فقد فعله ابن عمروجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب فإن الطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبذ إليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية وقال النخعي عجبت لرجل عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته ويجعلها بين لحيتين فإن التوسط في كل شيء حسن ولذلك قيل كلما طالت اللحية تشمر العقل".
قال الألباني في الضعيفة رقم )2355(: "الأخذ من اللحية ما زاد على القبضة ثابت عن ابن عمر وأبي هريرة وهو الراوي حديث: ))أحفوا الشوارب واعفوا اللحى(( والراوي أعلم بحديثه من غيره"!
وفي فتاوى اللجنة )ط٢، ج4، ص46(: "س: يقول الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله - في شأن اللحية في أحد أشرطته المنسوخة من طرفأحد طلاب العلم، وهو عكاشة عبد المنان الطيبي: )إنالذي يطلق لحيته أكثر من قبضة بأنه مبتدع(".
وفي ملتقى أهل الحديث - كتاب للوهابية – )طبعة
٢، ج90، ص51( قالوا: "أن المراد بكث اللحية قص!
وأن لحيته صلى الله عليه وسلم لم تبلغ نحره"!.
هذا كلام سلفنا الأول أما ابن باز وابن عثيمين وبعض السعوديين المعاصرين يوجبون إعفائها بلا دليل فإنا لله وإنا إليه راجعون .
حكم رفع السروال
أخرج أحمد في مسنده رقم )13605(: "حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))الإزار إلى نصف الساق(( فلما رأى شدة ذلك على المسلمين، قال:
))إلى الكعبين، لا خير فيما أسفل من ذلك((".
وفي حديث أحمد )ج3، ص140(: "رخص الإزارمن نصف الساق إلى الكعبين" وصححه المتشدد الألباني في صحيحته رقم )1765(.
وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )24828(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن أبي عون، عن ابن سيرين، قال: كانوا )يعني الصحابة( يكرهون الإزار فوق نصف الساق .أي ما لم يبلغ نصف الساق".
وفي جامع ابن معمر رقم )19980(: "أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم، قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: ))من جر إزاره من الخيلاء ،لم ينظر الله إليه(( قال زيد: وقد كان ابن عمر يحدث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه إزار يتقعقع - يعني جديدا - قال: ))من هذا؟((، قلت: عبد الله قال: ))إن كنت عبد الله فارفع إزارك((، قال: فرفعته، قال:
))زد((، قال: فرفعته حتى بلغ نصف الساق، ثم التفت إلى أبي بكر، فقال: ))من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر
الله إليه يوم القيامة((، فقال أبو بكر : إن إزارييسترخي أحيانا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
))لست ممن يفعله خيلاء((" وأخرجه البخاري )5774( ومسلم )2085( مختصرا .
دل هذه الأحاديث أن المطلوب من اللباس ما بين نصف الساق إلى الكعبين وما أسفل من الكعبين أو لم يبلغ نصف الساق للخيلاء والكبر ففي النار. وإذا لم يكن للخيلاء والكبر فلا يدخل في المنهي عنه لما ياتي.
حكم الإسبال بلا خيلاء
في سنن أبي داود رقم )1215(: "حدثنا محمد بن المثنى، وأحمد بن ثابت الجحدري قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا خالد الحذاء ،عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن الحصين، قال: "سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة" فقام الخرباق، رجل بسيط اليدين، فنادى: يا رسول الله أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضبا يجرإزاره فسأل، فأخبر، «فصلى تلك الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم".
محل الشاهد: قوله ) يجر إزاره( .
وفي مسند أبي عوانة رقم )36(: "عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))ما من
عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل
الجنة((، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: ))وإن زنى وإن سرق((. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: ))وإن زنى وإن سرق((، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:
))وإن زنى وإن سرق((، ثلاثا على رغم أنف أبي ذر " فخرج وهو يجر إزاره وهو يقول: ))على رغم أنف أبي ذر((. فكان أبو ذر يحدث به وهو يقول: "على رغم أنف أبي ذر". الشاهد قوله ) وهو يجر إزاره( .
وفي مسند ابن أبي شيبة رقم )793(: "حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا عبد الملك بن حسن الجاري، قال: سمعت سهم بن المعتمر، يحدث، عن الهجميرضي الله عنه، أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهومؤتزر بإزار قطن قد استرخى حاشيتاه".
وفي المستدرك بإسناد صحيح رقم )2157(: "حدثنا أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه، بالري، حدثنا محمد بن الفرج الأزرق، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن يزيد بن أبي مالك، حدثنا أبو سباع، قال: اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع فلما خرجت بها أدركني واثلة وهو يجر إزاره، فقال: يا عبد الله اشتريت؟ قلت: نعم، قال: بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها، إنها لسمينة ظاهرة الصحة..." الخ
وأخرج ابن أبي شيبة رقم )24816(: "عن ابن مسعود بسند جيد أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال إني حمش الساقين".
وفي الأحادي والمثاني رقم )390( بإسناد صحيح عنأبي إسحاق قال: "رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر ،عليه إزار فيه بعض الإسبال ،وعليه رداء أصفر".
وأخرج ابن أبي شيبة رقم )35087(، وعنه أبو نعيم في الحلية )ج5، ص322(، وابن سعد في الطبقات )ج5، ص403(: "عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك".
قال البيهقي في الكبرى )ج2، ص242(: "وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه صلى سادلا وكأنه نسي الحديث أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء وكان لا يفعله خيلاء والله أعلم".
إبراهيم بن ي زيد النخعي أخرج ابن أبي شيبة رقم:
)24845( قال: حدثنا ابن مهدي، عن أبي عوانة، عن مغيرة قال: "كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم". إسناده صحيحٌ.
أيوب بن أبي تِيمَة السِّختيانيُّ أخرج الإمام أحمد في العللرواية ابنه عبد الله رقم )841( قال: "حدثنا سليمان بنحرب، قال: حدَّثنا حماد بن زيد، قال: أمرني أيوب أن أقطعَ له قميصاً قال: اجعله يضربُ ظهْرَ القدم و اجعَلْ فمَ كُمِّهِ شبراً. إسنادهٌ صحيحٌ .
ومن أقواله –رحمه الله-: "كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها، والشهرة اليوم في تقصيرها". أخرجه معمر في جامعه )ج11، ص84(، وأبو نعيم في الحلية )ج3، ص7( ولفظه: "كان في قميص أيوب بعض التذييل فقيل له فقال: كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها فالشهرةُ اليومَ في التشمير".
قلت: صدق أيوب قد ثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )24828(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن أبي عون، عن ابن سيرين، قال: "كانوا )يعني الصحابة( يكرهون الإزار فوق نصف الساق".
وقد عقد البخاري بابا في صحيحه بعنوان من جرإزاره من غير خيلاء )ج7، ص141( وجاء فيه بالحديثين السابقين فكأن هذا مذهبه وهو أنه لا إثم على من جر ثوبه لغير خيلاء.
وفي كتاب المنهيات للحكيم الترمذي )ج1، ص52( قال: "عامة الأحاديث التى جاءت عن جر الإزار، إنما تدل على أن النهى مع الشرط، قال: "من جر الإزار خيلاء"؛ فدل هذا على أن النهى عن جر الإزار إذا كان خيلاء.
حدثنا قتيبة عن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع وزيد بن أسلم وعبد الله بن زبير، كلهم يخبر عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء." فهذا الإسبال والجر للثوب إنما كره للمختال الفخور. وقد كان في بدء الإسلام المختال يلبس الخز ويجر الإزار ويسبله فنهوا عن ذلك. وقد كان فيهم من يلبس الخز ويسبل الإزار فلا يعاب عليه، منهم أبو بكر رضى الله عنه حدثني أبى، حدثنا أحمد بن يونس، عن زهير، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه ،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" ؛ فقال أبو بكر رضى
الله عنه: بأبى أنت يا رسول الله، إن أحد شقى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لست ممن يصنعه خيلاء".
وفي مسند أبي عوانة )ج5، ص244(: باب بعنوان بيان الأخبار الناهية عن جر الرجل إزاره بطرا وخيلاء والتشديد فيه والدليل على أن من لم يرد به خيلاء لم تكن عليه تلك الشدة.
وجاء في صحيح ابن حبان )2 ص282( قال:
"أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة ،قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سلام بن مسكين، عن عقيل بن طلحة، قال: حدثني أبو جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله، إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئا ينفعنا الله به، فقال: ))لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط. وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، ولا يحبها الله. وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه ،فإن أجره لك، ووباله على من قاله((.
قال أبو حاتم: "الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد. والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة، وهي الخيلاء، فمتى عدمت الخيلاء، لم يكن بإسبال الإزار بأس. والزجر عن الشتيمة، إذا شوتم المرء، زجر عنه في ذلك الوقت، وقبله، وبعده، وإن لم يشتم".
قال ابن تيمية في شرح العمدة من باب الصلاة )ج1، ص364( قال: "هذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة، والمطلق منها محمول على المقيد، وإنما أطلق ذلك؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة". جاء في شرح صحيح مسلم للنووي )ج2، ص116(
قال: "هذا التقييد بالجرِّ خيلاء يخصِّص عموم المسبل إزاره، ويدلُّ على أنَّ المراد بالوعيد من جره خيلاء، وقد رخَّص النبيُّ -صَلى اللهُ عَلَيهِ وسَلم- في ذلك لأبي بكر الصِّدِّيق -رضِيَ اللهُ عَنهُ – وقال: لست منهم إذ كان جره لغير الخيلاء. أمَّا الأحاديث المطلقة بأنَّ ما تحت الكعبين في النار، فالمراد بها: ما كان للخيلاء، لأنه مطلق، فوجب حمله على المقيد، واللهُ أعلم".
وجاء في فتح الباري لابن حجر )ج10، ص262(:
"قال شيخنا في شرح الترمذي: ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك في تحريمه، وما كان على طريق العادة فلا تحريم فيه ما لم يصل إلى جر الذيل الممنوع. ونقل عياض عن العلماء كراهة كل ما زاد على العادة وعلى المعتاد في اللباس من الطول والسعة".
قال ابن عبد البر في التمهيد )ج3، ص245(: "نص الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء، قال: والمستحب أن يكون الإزار إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء وإلا فمنع تنزيه، لأن الأحاديث الواردة في الزجر عن الإسبال مطلقة فيجب تقييدها بالإسبال للخيلاء انتهى من الفتح".
وجاء في فيض القدير للمناوي )ج3، ص331(:
")والمسبل إزاره( الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً )خيلاء( أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى الّلّ عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء".
ويقول السندي في حاشيته على سنن النسائي )ج5، ص82( في شرح حديث "ثلاثة لا يكلمهم الله… ومنهم المسبل" :)المسبل(: من الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم".
وفي الديباج للسيوطي )ج1، ص122( قال: "المسبلإزاره ":المرخي له الجار طرفيه "خيلاء" فهو مخصص بالحديث الآخر لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء".
وقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج2، ص132(:
"الحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء . والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله صلى الله عليه
وسلم: ))ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار((. وظاهر التقييد بقوله: خيلاء يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين".
قلت: هذا التقييد هو فهم بعض الصحابة والسلف وجميع الشراح وأما المتشددون فليس لهم حديث في إطلاق تحريم الإسبال .
تنبيه: حديث "أن النبي رأى رجلا يصلى وهو مسبل ثوبهفأمره أن يعيد الصلاة". أخرجه أبوداود) ٦٣٨( وفيه أبو جعفر هو مجهول .وحديث: "من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرم" أخرجه أبوداود
)٦٣٧( بإسناد صحيح موقوف على ابن مسعود .
قلت: هذا الموقوف قيد المنع بالخيلاء أيضا فلله الحمد .
سنية العمامة واستحبابها
أما العمامة فهي سنة مستحبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمم وأمر به فكان أصحابه صلوات الله وسلامه عليهم يعممون كما سيأتي ومع ذلك طرحه بعض المتشددين وراء ظهورهم وادعوا أنها من عادات العرب فقط ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالعمامة!! .
وقد ثبت في مسند الحميدي وهو شيخ للبخاري
)576( قال: ثنا سفيان قال: ثنا مساور الوراق قال:
أخبرني جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي، عن أبيه قال: "رأيت على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء يوم فتح مكة". وفي صحيح مسلم رقم)452(: "حدثنا يحيى بن يحيى، وإسحاق بن إبراهيم، قالا: أخبرنا وكيع، عن مساور الوراق، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء. له طرق كثير".
وفي الشريعة للآجري رقم )1790(: "حدثنا الفريابي قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر وهو يومئذ بمنى؛ فجاءه رجل من أهل البصرة فسأله عن إرسال العمامة خلفه؟ فقال ابن عمر: سأخبرك عن ذلك حتى تعلم إن شاء الله، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عوف يعني عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية يبعثه عليها فأصبح وقد اعتم بعمامة كرابيس سوداء قال: فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقضها فعممه فأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحو ذلك؛ ثم قال: "هكذا يا ابن عوف فاعتمفإنها أعرف وأحسن ".
قلت: قوله )هكذا فاعتم( فعل أمر كما هو معروف ،واحتج بذلك ابن عمر. فمرق هؤلاء المتشددون وقالوا أن الرسول لم يأمر بالعمامة!. وليس من الإسلام! الحديث المذكور أخ رجه الطبراني في الأوسط رقم )4671( قال:
حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا أبو الجماهر قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: حدثني حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت عند عبد الله بن عمر ...فذكره .والحاكم في المستدرك رقم )8623( وصححه ووافقه الذهبي. واختلف في سماع عطاء بن أبي رباح: عن ابن عمر أثبته بعضهم ونفاه بعض ولكن اتفقوا أن المثبت مقدم على النافي ومع ذلك له شاهد في الكبرى للبيهقي )13065(:
عن عطاء الخراساني عن ابن عمر وروى من وجه آخر .
تنبيه: في الشعب الإيمان للبيهقي )5850(: أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن
ثور، عن خالد بن معدان قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب من الصدقة فقسمها بين أصحابه فقال:
))اعتموا خالفوا على الأمم قبلكم((. لقد أخطأ الألباني في ضعيفته رقم )2347(: خطئا فاحشا إذ أبدل اسم محمد بن يوسف الحافظ بمحمد بن يونس الكذاب!!
وحكم الحديث بالوضع. مع أن الحديث صحيح مرسل .
وله شاهد روى ال ترمذي في سننه رقم )1784( من طريق محمد بن ربيعة حدثنا أبو الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: ))فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس((. أخرجه الطبراني في الكبير رقم )4614(، والحاكم في المستدرك رقم )5903(، والبيهقي في الشعب رقم )5847( وغيرهم. وفي إسناده اختلاف يقول بعضهم:
"عن ابي جعفر بن محمد" ويقول بعضهم: "عن أبي جعفر محمد" الأول مجهول والثاني يعده بعضهم في الصحابة كابن حبان في الثقات ترجمة )5201(، وفي أسد الغابة لابن أثير)ج5، ص86( قال: ذكره ابن منيع في الصحابة. وفي الإصابة لابن حجر )ج6، ص265( قال: قال البغوي:
أنه في الصحابة. وجزم بعض أنه تابعي يروي عن أبيه أبي ركانة الصحابي. أما أبو الحسن العسقلاني الراوي عن أبي جعفر ما عرفه بعض النقاد ولكن قال أبو الخير في خلاصة تذهيب )ج1، ص14(: أبو الحسن العسقلاني هو ءادم بن إياس وثقه يحيى وأبو حاتم وقال النسائي لا بأس به .
فأقول: بعد هذا البحث علمت أن الحديث الأول أي حديث خالد بن معدان صحيح مرسل والثاني يعني حديث ركانة شاهد مرفوع فيكون صحيحا لغيره كما يقول الألباني!
.
يا أخي اسمع ما يأتي من كتب رأساء الوهابية: قال ابن تيمية في شرح العمدة )ج1، ص314(: "ويستحب له أيضا تخمير الرأس بالعمامة و نحوها لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي كذلك و هو من تِام الزينة و الله تعالىأحق من تزين له. والاستحباب في حق الإمام أوكد".
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة )ج3، ص1271(: "قال معاوية عن ابن إسحاق عن صفوان بن عمرو عن الفضيل بن الفضالة عن خالد بن معدان قال إن الله ألزم هذه الأمة بالعصائب والألوية يريد بالعصائب العمائم كما في الحديث فأمرهم أن يمسحوا على العصائب .
وقال بعد سطور: وإنما أمر به المسلمين - أي التعمم - ومن آمن به واقتدى بأفعاله، فمن فعله من أمته فإنما يفعله اتباعا لأمره واستعمالا لسنته، وهو زي العرب من آباد الدهر ...وقال : التعمم وإرساله خلف الظهر هو السنة في التعمم بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم".
قلت: إذ أثبت ابن تيمية بأن التعميم مستحب وأيده وزيره ابن القيم بأنه سنة لماذا يلعب أزنابهما الآن بعقول الناس ويزعمون في جميع الأوقات أن التعميم عادة لا سنة ولا مستحب؟! هذا لمن أعجب العجائب .
حمل العصا على المنبر
وفي صحيح مسلم في قصة جساسة برقم )2942( قالت فاطمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة" - يعني المدينة
قال المتشدد في ضعيفته )ج2، ص38(: "عن الحكم بن حزن شهدنا الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أخرجه أبوداود وسنده حسن. وعن ابن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بمخصرة في يده". أخرجه ابن سعد )ج1، ص377( ورجاله ثقات وفيه ابن لهيعة سيئ الحفظ. وعن عطاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم على عصا إذا خطب أخرجه الشافعي في الأم )ج1، ص177(. صحيح مرسل .هذا كلام الألباني، وقال هذا كله قبل اتخاذه المنبر أما بعد اتخاذ المنبر فلم يثبت أنه خطب عليه وهو يحمل العصا!! وتبعه في ذلك بعض العوام. وأظن أن الألباني نسي حديث المذكور أعلاه أعني حديث الجساسة .
حمل العصا إلى المسجد
مسند أحمد رقم )23976(: "حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه العصا وفي المسجد أقناء معلقة، فيها قنو فيه حشف، فغمز القنو بالعصا التي في يده قال : " لو شاء رب هذه الصدقة، تصدق بأطيب منها، إن رب هذه الصدقة ليأكل الحشف يوم القيامة ."
وأخرجه عمر بن شبة )ج1، ص281( من طريق يحيى بن أبي كثير قال: ذكر لي عن عوف بن مالك...
وأخرجه الترمذي) 2987(، وابن ماجه) 1822( عن البراء .
مشي بالعصا إلى المقبرة
في صحيح البخاري رقم )1362(: "حدثنا عثمان، قال:
حدثني جرير، عن منصور، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه، قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال:" ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار " وذكر الحديث بطوله".
حمل العصا في الجهاد
أخرج الترمذي رقم )3138(: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يطعنها بمخصرة في يده، وربما قال بعود، ويقول: ﴿جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾ ﴿جاء الحق وما
يبدئ الباطل وما يعيد﴾. إسناده صحيح وله شواهد منها ما ورد في أمالي ابن بشران رقم )536(: "أخبرنا أبو سهل بن زياد، ثنا عبد الكريم بن الهيثم، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان، عن أبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحي، قال :
دخل النبي، وذكره".
حمل العصا في الدور
تاريخ المدينة لابن شبة )ج1، ص303(: "حدثنا عبد الله بن رجاء قال: حدثنا المسعودي، عن القاسم قال: "كان عبد الله رضي الله عنه يلبس النبي صلى الله عليه وسلم نعليه، ثم يأخذ العصا فيمشي أمامه، حتى إذا جلس أعطاه العصا، ونزع نعليه فجعلهما في ذراعيه، ثم استقبله بوجهه. فإذا أراد أن يقوم ألبسه نعليه، ثم أخذ العصا فمشى قدامه، حتى يلج الحجرة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وأخرجه الحارث في مسنده رقم )1014(: "حدثنا عبدالعزيز بن أبان، ثنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: كان ابن مسعود".
قلت: إسناد الأول صحيح مرسل وشاهده ليس بشيء.
أبو سعيد الخدري يمشي بالعصا
مسند أحمد رقم )27157(: "حدثنا عبد الصمد، قال:
حدثنا يزيد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد يعني ابن سيرين، عن أبي العلانية، عن أبي سعيد الخدري قال:
أتيت هذه ـ يعني امرأته ـ وعندها لحم من لحوم الأضاحي قد رفعته فرفعت عليها العصا فقالت: إن فلانا أتانا فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني كنت نهيتكم أن تمسكوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام فكلوا وادخروا". إسناده صحيح .
ابن مسعود يحمل العصا عند الوعظ
في معجم الأوسط رقم )1981(: "حدثنا أحمد بن عمرو قال: نا أبو كامل الجحدري قال: نا عبد العزيز بن المختار، عن منصور بن عبد الرحمن قال: نا الشعبي، عن علقمة، أن عبد الله بن مسعود، كان يقوم قائما كل عشية خميس، فما سمعته في عشية منها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير مرة واحدة، فنظرت إليه، وهو معتمد على عصا، فنظرت إلى العصا تزعزع".
إسناده صحيح .
حمل العصا في الحج
في صحيح البخاري )1607( من طريق ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه
حمل العصا في الصلاة
في تاريخ المدينة )ج2، ص713(: "حدثنا يحيى بنسعيد، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد قال:
"جمع عمر رضي الله عنه الناس على أبي وتميم الداري، فكانا يقومان بإحدى عشرة ركعة يقرءان بالمئتين، حتى يعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر".
وأخرجه البيهقي في الكبرى رقم )3572(: "أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، أنبأ سعدان بن نصر، ثنا معاوية، عن الحجاج، عن عطاء قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوكئون على العصي في الصلاة".
أبو ذر يحمل العصا
في تاريخ المدينة لابن شبة )ج3، ص1037( في حديث طويل حتى قال: فغضب أبو ذر، ورفع عليه العصا وقال:
"ما يدريك يا ابن اليهودية ليودن صاحب هذا المال يوم القيامة أن لو كان عقارب تلسع السويداء من قلبه". وفيه رقم )5563(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عنطلحة بن يحيى، قال: "رأيت عمر بن عبد العزيز، يخطب وبيده قضيب".
حمل العصا إلى السوق
في مصنف عبد الرزاق رقم )16824(: "عن معمر، عن أبي عمر المدني قال: سألنا ابن عمر عن قراءة النهار، فقام يصلي فربما أسمعنا الآية قال: ثم خرج إلى السوق فمشينا معه فجعل لا يمر بصغير، ولا كبير إلا سلم عليه ابن عمر حتى أتى سوق الظهر، ومعه عصاه في يده فجعل ينخس بعصاه في جنب البعير".
وفي مسند الحميدي )442(: "حدثنا الحميدي قال:
ثنا جامع بن أبي راشد، وعبد الملك بن أعين، وعاصم ابن بهدلة أنهم سمعوه من أبي وايل يقول: سمعت قيس بن أبي غرزة يقول كنا نسمى السماسرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتانا ونحن بالبقيع ومعنا العصا فسمانا باسم هو أحسن منه فقال: "يا معشرالتجار" فاجتمعنا إليه فقال: "إن هذا البيع يحضره الحلفوالكذب فشوبوه بالصدقة".
حكم الإنحناء تحية للغير
نرى بعض المتشددين ينكر ون أن يبرك الرجل بين يدي أي أحد وأن ذلك سجود له وذلك كفر!! والإنحناء سجود!
فقلت: هذا كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يكون الإنحناء سجودا وقد علمتم أن السجود يكون على سبعة أعظم؟! لما ثبت في صحيح البخاري رقم )810( وغيره: "أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم - الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين-؟".
ترى فتاوى اللجنة )ط١، ج1، ص234( تقول: "لا يجوز الإنحناء تحية للمسلم ولا لكافر لا بالجزء الأعلى من البدن ولا بالرأس لأن الإنحناء عبادة والعبادة لا تكون إلا بالله"!
وقال ابن عثيمين في فتاوى ورسائل )ج 2، ص162( قال: "ما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك خطأ ويجب عليك أن تبين له ذلك وتنهاه عنه. وقال في )ج24،ص224(: "حتى لو حنى رقبته فلا يجوز"!.
يحتجون بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ادخلوا الباب سجدا﴾ أي منحنين! هكذا فسروا الآية!! .
قلت: هذا الفهم مخترع لم يفسره بالإنحناء أحد من السلف بل فسروه كما يأتي.
قال الطبري في تفسيره ج2، ص104(: "ادخلوا الباب سجدا أي خاشعة خاضعة".
وفي تفسير مقاتل )ج3، ص642( فسره بالركوع. وفي معاني القرءان للزجاج )ج1، ص139(: "أن يدخلوا ساجدين".
وفي تفسير ابن أبي حاتم )ج1، ص117(: "سجدا أي ركعا". وفي زاد المسير )ج1، ص69(: "سجدا أي ركعا". وفي تفسير الرازي )ج3، ص523(: "سجدا أي الخضوع أما القول بالركوع فضعيف". وذكر مثل ذلك ابن كثير في تفسيره )ج1، ص274(. فجاء المتشددونوفسروه بالإنحناء! وإن أخذنا قول القائلين بالركوع نقول: إن الركوع إمكان اليدين على الركبتين وانهصار الظهر ،وأقر بذلك ابن باز في مجموع فتاويه )ج13، ص353(. أما الإنحناء عند المصافحة فليس إمكان اليدين على الركبة ولا انهصار الظهر .
ويحتجون بالحديث الباطل القائل: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقي رجل أخاه أوصديقه أينحني له فقال: ))لا بل يصافحه((". أخرجه الترمذي )ج2، ص121(، وابن ماجة رقم )3702(، وغيرهما انفرد به حنظلة السدوسي قال ابن عدي في الجرح والتعديل )ج3، ص100(: "حنظلة ضعيف منكر وتفرد بهذا الحديث". وروى مثله كثير بن عبد الله ولكنه متروك، ورد في الجرح )ج7، ص154(، والتهذيب )ج24، ص122(: "أن كثير بن عبد الله منكر الحديث ضعيف جدا شبه المتروك يحدث الموضوعات".
أما الألباني فقد خان الناس! وكتم الحقيقة! وقال في
الصحيحة )ج1، ص299(: "وإن كان حنظلة ضعيف فقد تابعه بلال الأشعري في المنتقى )ج1، ص372(!!".
قلت: كذب الألباني عمدا ليس في حديث بلال الأشعري لفظ - الإنحناء - بتة هذا أولا، وثانيا بلال الأشعري نفسه ضعيف في المغني )ج2، ص776(: "ضعفه الدارقطني". وفي اللسان )ج8، ص27(: قال ابن القطان: "لا يعرف البتة وقال ابن حبان يغرب ويتفرد ولينه الحاكم". فتعامى الألباني عن هذه البيانات وصحح الحديث!. نسأل الله السلامة .
ويحتجون بحديث ضعيف أيضا: "أن معاذ بن جبل لما قدم من اليمن وفي رواية من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي ما هذا؟ قال رأيت اليهود والنصارى يسجدون لبطارقهم فسجدت لك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ))لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها((". أخرجه أحمدرقم )19403( هذا حديث ضعيف مضطرب الإسناد
وجميع طرقه تدور على القاسم الشيباني، قال ابن عدي في الجرح )ج7، ص115(: "القاسم مضطرب". وقال الدارقطني في العلل )ج6، ص37( ترجمة )963(:
"مضطرب الإسناد". وفي الكامل )ج7، ص154(:
"ضعفه يحيى". وفي الضعفاء لابن الجوزي )ج3، ص16( قال: "تركه شعبة". وفي تهذيب التهذيب )ج8، ص327( قال النسائي: "القاسم ضعيف الحديث".
أما رواية أبي ظبيان فقد قال الدارقطني في العلل )ج6، ص40( أنه منقطع لأن أبي ظبيان لم يسمع من معاذ بن جبل، وفيه عنعنة الأعمش .
وقد ورد عن قيس بن سعد مثل ما ورد عن معاذ فقال المتشدد الألباني في الإرواء )ج7، ص58(: "فيه شريك سيئ الحفظ". فقلت فيه حصين كان نسيا وقداختلط كما في الضعفاء للعقيلي )ج1، ص314(. ومع هذه العلل في الحديث لم يزل المتشددون يصيحون به في المواعظ ويكفرونالمسلمين بهذا الحديث الضعيف. الله المستعان .
والصحيح الثابت هو ما ورد في مسند أحمد رقم )12614(، والبزار رقم )2454(، والبيهقي في الدلائل رقم )287(، والطبراني في الكبير رقم )12003(، وابن حبان رقم )4162(: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في نفر من المهاجرين والأنصار، فجاء بعير فسجد له ووضع جرانه بالأرض فقال الصحابة: يا رسول الله تسجد لك البهائم والشجر فنحن أحق أن نسجد
لك. قال: ))اعبدوا ربكم وأكرموا أخاكم، فإنه لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها((. هذا
الحديث الصحيح صرح كيفية السجود لأن البعير لم ينحن فقط بل وضع جرانه بالأرض ساجدا والشجر ما حنى بل خر على الأرض ساجدا هذا السجود هو المنهي أن لا يجعل إلا لله. كما لا يفهم الآية إلا بسبب نزولها كذلك لايفهم الحديث إلا بسبب وروده .
فجاء المتشددون واخترعوا منه الإنحناء وهم يعلمون أن البعير لم ينحن وكذلك الشجر. إذا لما ذا يزعم هؤلاء أن الإنحناء ولو يسيرا سجود والسجود عبادة !؟. إن هذا لبهتان مبين .
وفي صحيح مسلم رقم) 125( عن أبي هريرة قال:
لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿لله ما
في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير﴾ قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة... "الخ
وقد رأيت بأم عينك أن الصحابة بركوا على ركبهم ثمطلبوا حاجتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .
وفي البخاري) ٩٣(، ومسلم )٢٣٥٩( في حديث طويل حتى قال: "فبرك عمر على ركتبيه فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا". قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ))يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيؤن والشهداء على منازلهم وقربهم من الله(( فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى النبي فقال يارسول الله انعتهم لنا حلهم لنا فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم ..الخ قال الهيثمي في المجمع )ج10، ص297(: "رجاله وثقوا". وقال المنذري في الترغيب )ج4، ص83(: "حسن"، وقال الدمياطي في المتجر )رقم 285(: "إسناده حسن"، وقال المتناقض في فقه السيرة )رقم 151 (: "حسن"، وقال في صحيح الترغيب )رقم 3027 (: "صحيح لغيره"!! . حكم النقاب في الإسلام
ستر المرأة جميع بدنها واجب بنص القرءان إلا وجهها وكفيها ففيهما اختلاف عند العلماء هذه المسألة لم تختص بالمتمسلفين بل حتى الصوفية منهم من يجيزه ومنهم من منعه ولم يأت حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم بوجوبه !! أي وجوب ستر المرأة وجهها بل قال الله تبارك
وتعالى:﴿ ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها﴾. وقد فسره
ترجمان القرآن ابن عباس بالوجه والكفين. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنف )ج4، ص283( بإسناد صحيح وله شاهد في سنن أبي داود رقم )4104(: "حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، ومؤمل بن الفضل الحراني، قالا: حدثنا الوليد، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن خالد، قال:
يعقوب ابن دريك: عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر، دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وقال: ))يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا(( وأشار إلى وجهه
وكفيه قال أبو داود: "هذا مرسل". وفي مراسله )ج1، ص310( رقم )437(: "حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن داود، حدثنا هشام، عن قتادة، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: ))إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل((.
قال البيهقي في الكبرى )ج2، ص319(: قال البيهقي: "مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة ،فصار القول بذلك قويا".
وفي تفسير إبن أبي حاتم )ج8، ص2574 رقم
14398(: "حدثنا الأشج، ثنا ابن نمير، عن الأعمش ،عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: وجهها وكفاها، والخاتم، وروي عن ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وعكرمة، وأبي صالح، وزياد بن أبيمريم نحو ذلك".
قال ابن كثير في تفسيره )ج6، ص45(: "هذا هو المشهور عند الجمهور".
أما المتشددون الساعون في إيجاب النقاب فقد كفاني ردهم المتشدد الألباني في كتابه الرد المفحم وردهم ردا شافيا كافيا مقنعا وضعف كل الأحاديث التي يحتجون بها .
حكم القراءة على الميت
القراءة على الميت لإيصال الثواب إليه قد أنكره بعض المتشددين مع ثبوته في الحديث كما يأتي:
ثبت في تاريخ ابن معين رواية الدوري رقم )5238( قال: "حدثنا يحيى قال حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي قال حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي يا بنى إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن على التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعتعبد الله بن عمر يقول ذلك".
وفي رواية الطبراني في الكبير رقم )13613(: "حدثنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي ثنا أبي ح وحدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي ثنا أبي ح وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر قالوا: ثنا مبشر بن إسماعيل حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي : يا بني إذا أنامت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سن على الثرى سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتِتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك". فقال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال: كنت مع أحمد بن حنبل، ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبربدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بنحنبل: يا أبا عبد الله، ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة ،قال: كتبت عنه شيئا ؟ قال: نعم، قال: فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتِتها، وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك، فقال له أحمد: فارجع، فقل له يقرأ". قال الهيثمي )ج3، ص44(: "رواه الطبراني في الكبير ورجال موثقون".
زعم المتشدد الألباني أن الحديث ضعيف لأن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج مجهول... وهو يعلم يقينا أنه وجميع أتباعه لواجتمعو لا يستطيعوا أن يأتو بعالم معتبر ضعف هذا الحديث ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
أما نحن نقول : هذا الحديث حسن الإسناد )عبد الرحمن بن العلاء( قال ابن حجر في التقريب رقم )3975(: "مقبول". ووثقه ابن حبان في الثقات رقم
)9144(، والهيثمي في المجمع )ج5، ص44(، ووثقهضمنيا ابن معين والإمام أحمد واحتجوا بحديثه وحسنهالنووي في الأذكار رقم )846( واحتج به العسقلاني في الإمتاع )ج1، ص85(. وحسنه في الفتح )ج3، ص184(. وقال علي بن سلطان الهروي كما في جمع الوسائل في شرح الشمائل )ج2، ص208( قال أبو زرعة:
"ثقة". وكذلك وثقه الصالحي فقال في سبيل الهدى والرشاد
)ج8، ص379(: "رجاله ثقات".
وأما أبوه فوثقه جميع النقاد قال العجلي وابن حجر:
"تابعي ثقة"، وقال الذهبي: "وثق"، وكذلك الهيثمي. راجع الثقات للعجلي رقم )1172(، والتقريب ترجمة )5255(، والثقات لابن حبان رقم ترجمة )4683(. وباقي رجال السند جبال رواسي. وله شاهد من طريق آخر قال الخلال في كتابه الأمر بالمعروف )ج1، ص88(: "أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم حدثني أبو شعيب عبد الله بن الحسين بن أحمد بن شعيب الحراني من كتابه قال:
حدثني يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي حدثنا أيوببن نهيك الحلبي الزهري مولى آل سعد بن أبي وقاص قال:
سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال: سمعت ابن عمر قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة ، وعند رجليه بخاتِتها". وأخرجه البيهقي في الشعب )ج7، ص16، رقم9294(، والطبراني )ج12، ص444( عن الحراني به.
قلت: فيه - يحيى بن عبد الله البابلتي - قال ابن حبان في المجروحين )ج3، ص127( أنه يعتبر به ما لم يخالف الثقات. وقال ابن عدي في الكامل )ج9، ص12(: "له أحاديث صالحة وفيه ضعف". وفيه أيضا - أيوب بن نهيك - ضعفه بعض الناس بلا دليل جميع الذين ضعفوه قلدوا على تناقض أبي زرعة حيث قال في الضعفاء )ج3، ص798(:ل"لم يقرأ علينا حديثه وهو منكر الحديث!".
قلت: إذا لم يقرأ عليك حديثه يعني لم يكن عندك أحاديثه من أين عرفت أنه منكر الحديث؟! فيه نظر أيها الأحبة .ومن العجب: اتكال الألباني وابن الجوزي والذهبي على قولأبي الفتح الأزدي حيث قال: أيوب بن نهيك متروك! أقول: الأزدي نفسه ضعيف! الضعيف في نفسه لا يستطيع أن يضعف الغير أليس كذلك؟ كأن الذهبي نسي أنه هو القائل في سير أعلام النبلاء )ج16، ص349 ترجمة 250(: قال أبو بكر الخطيب: "كان أبو الفتح الأزدي حافظا صنف في علوم الحديث وسألت البرقاني عنه فضعفه وحدثني أبو النجيب عبد الغفار الأرموي، قال: رأيت أهل الموصل يوهنون أبا الفتح ولا يعدونه شيئا في حديثه مناكير وعليه في كتابه الضعفاء مؤاخذات فإنه ضعف جماعة بلا دليل بل قد يكون غيره قد وثقهم انتهى كلام الذهبي".
قلت: فعلى هذا الكلام أن - أيوب بن نهيك- متروك أو منكر الحديث ليس له مقام بل الحق مع ابن حبان حيث عده في الثقات وقال : يخطئ ويعتبر بحديثه. راجع كتاب الثقات لابن حبان ترجمة )6728(. فلله الحمد .
وقال النووي في الأذكار رقم )846(: "ورواينا في سننالبيهقي بإسناد حسن أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن فاتحة البقرة وخاتِتها". وفيه رقم )845( قال" "الشافعي والأصحاب يستحب أن يقرؤوا عنده شيئا من القرءان وإن ختموا القرءان كله كان حسنا". وقال العسقلاني في الفتح )ج3، ص184(: "أخرجه الطبراني بإسناد حسن".
وقال العسقلاني أيضا في الإمتاع بالأربعين )ج1، ص85(: "قد وردت عن السلف آثار قليلة في القراءة عند القبر ثم استمر عمل الناس عليه من عهد أئمة الأمصار إلى زماننا هذا وذكر الأثر الذي ذكرنا واحتج به". وقال الخلال أيضا: "حدثنا أبو بكر المروزي سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول إذا دخلتم المقابر فاقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم وروى أيضا عن الزعفراني قال سألت الشافعي رضي الله عنه القراءةعند القبر فقال لا بأس به".
رؤوس المتشددين أقروا بجواز القراءة على الميت. ثبت في الدرر السنية )ج5، ص145( قال شيخ الإسلام: "إنما رخص فيها أحمد - يعني القراءة عند الدفن - لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بأول سورة البقرة وخواتِها وروي عن بعض الصحابة أنه قرأ سورة البقرة، فالقرءان عند القبور هو مأثور في الجملة". انتهى من الدرر السنية. وفيه )ج5، ص146(: "القراءة وقت الدفن لا بأس به".
قلت: أجازوا القراءة مطلقا كما ثبت في الدرر السنية )ج5، ص150( قالوا: "يجوز إهداء ثواب البدن كقراءة وغيره لميت أو حي".
وفي فتاوى أركان الإسلام )ج1، ص506( قال ابن عثيمين: "كل قربة فعلها وجعل ثوابها لحي أو ميت مسلم ينفعه".
وفي مجموع فتاوى ابن تيمية )ج24 ص323( قال:
"إذا هلل الإنسان سبعون ألف وأهديت إليه نفعه ذلك ."وفي )ص324( قال: "يصل إلى الميت قراءة أهله وتسبيحهم".
وقال ابن القيم في كتاب الروح )ج1، ص89(: "قد ينقطع عنه العذاب بدعاء أو استغفار أو قراءة تصل إليه من بعض أقاربه أو غيرهم". وقال )ج1، ص117(: "قراءة القرءان والذكر فمذهب الإمام أحمد وجمهور السلف وصولها".
الدعاء له بعد الدفن قياما أو قعودا
في صحيح مسلم رقم )192( أن عمرو بن العاص قال:
"فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا )فامكثوا( حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي".
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح رقم )3221(:
"حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، حدثنا هشام، عن عبد الله بن بحير، عن هانئ، مولى عثمان، عن عثمان بن عفان، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل".
يتخلص من خلال هذين الحديثين الصحيحين أن الدعاء للميت بعد الدفن لا يختص بحالة قياما أو قعودا لما ثبت في الحديث الأول بلفظ - فامكثوا - وفي حديث الثاني بلفظ - وقف عليه - وفي رواية الخلال في كتاب الأمر بالمعروف )ج1، ص88( قال: " فجلس رجل عند القبر يقرأ فعلمنا أن الدعاء أو القراءة بعد الدفن قياما أو قعودا لا بأس به".
ويجوز الدعاء مستقبل القبر أو غير مستقبل لما ورد في سنن الترمذي رقم )1053(: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: ))السلام
عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم((". حسنه الترمذي فقال: "ضعيف لأجل قابوس بن أبي ظبيان!
ونسي أنه هو الذي قال في صحيحته )ج3، ص396(:
"قابوس يستشهد به". ونسي أيضا أن ليس في شروط الدعاء استقبال القبلة ونرى المتشددين على المنابر مدبرين القبلة يدعون للمسلمين وعلى الكافرين.
وفي فتاوى ابن باز )ج13، ص338(: "سؤال: حكم استقبال القبر حال الدعاء؟". الجواب: لا ينهي عنه بل يدعى للميت استقبل القبلة أواستقبل القبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القبر وقال استغفروا لأخيكم... ولم يقل استقبلوا القبلة، والصحابة دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر. ومثله مجلة البحوث الإسلامية )ج75، ص78(.
الدعاء الجماعي عند القبور
في صحيح مسلم رقم )2867(: "مر رسول الله صلى اللهعليه وسلم وبعض أصحابه بقبور في حائط بني نجار فوقف عليهم وقال لأصحابه" تعوذو بالله من عذاب القبر فقالوا نعوذ بالله من عذاب القبر قال تعوذوا بالله من الفتنة. إلى آخر الحديث".
وفي مجموع فتاوى ابن باز )ج23، ص34(: "سؤال: دعاء جماعي؟ فأجاب: ليس فيه مانع إذا دعا واحد وأمن السامعون فلا بأس". وأقروا بهذا الفتوى في كتابهم مجلة البحوث الإسلامية )ج70، ص80(.
وفي المجلة أيضا )ج68، ص53( قالو: "ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف علىه وقال: "استغفروا لأخيكم وأسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل" ولا حرج في أن يدعوا واحد ويؤمن السامعون". تلقين الميت بعد الدفن
أما تلقين الميت بعد دفنه لم يره الإمام مالك وليس بمعمولفي المذهب أما الشافعية والحنفية والحنبلية فقد أجازوه ويعملون به فأردت أن أجمع حجتهم لما رأيت بعض المتشددين يقولون أن التلقين بدعة وفاعله مبتدع ! كأنه لم يأت في الحديث بتاتا إنا لله وإنا إليه راجعون.
قد ورد في معجم الكبير للطبراني )ج8، ص250 رقم 7979(: "عن سعيد بن عبد الله الأودي، قال: شهدت أبا أمامة وهو في النزع، فقال: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي قاعدا ،ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول:
أرشدنا رحمك الله، ولكن لا تشعرون. فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأنمحمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلامدينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يأخذ واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من قد لقن حجته، فيكون الله حجيجه دونهما .
فقال رجل: "يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه؟ قال:
فينسبه إلى حواء يا فلان بن حواء".
قال الألباني في إروائه )ج3، ص203(: "أن هذا الحديث ضعيف! لكون سعيد بن عبدالله الأودي بيضه ابن أبي حاتم! وفيه عبد الله بن محمد لم أعرفه! كيف يكون صحيحا! ولا أحد من السلف الأول يعمل به!. وحذف كلام النووي وابن القيم على الحديث حسب ه واه. وجعل يرد العسقلاني بلا دليل!". وكرر مثل هذا في ضعيفته )ج2، ص66(: "نسأل الله السلامة والعافية". قلت: هذا الحديث:
1- أخرجه الطبراني في الدعاء رقم )1214(: "ثنا أبو عقيل أنس بن سلم الخولاني ثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء الحمصي الزبيدي ثنا إسماعيل بن عياش ثنا عبد الله بن محمد القرشي عن يحيى بن أبي كثير عن سعيد بن عبدالله الأودي قال شهدت أبا أمامة..."
2- وأخرجه ابن زبر الربعي في وصايا العلماء )ج1، ص46(: "ثنا أبي عبد الله بن أحمد نا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة قال ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياش...".
3 _ وأخرجه الهكاري في هدية الأحياء )ج1، ص193( بإسناد آخر إلى عمار بن سعيد الأودي شهدت أبا أمامة...
4 _ وأخرجه الخلعي في العشرون من الخلعيات )ص46(، وفي الفوائد المنتقاة رقم )1003( بإسناده إلى عبدالله بن أبان بن شداد ...
5 _ وأخرجه السلفي في المشيخة البغدادية )ج1، ص25( بإسناده إلى سعيد الأودي عن أبي أمامة...
6 _ وأخرجه المقدسي في المنتقى )ج1، ص17( بإسنادهإلى يحيى بن أبي كثير...
قلت: هذا ستة أسانيد إسناد الثالث والرابع والخامس لم يرها الألباني وكيف يضعف حديثا لم يستوعب هو بأسانيده؟!.
وبعد جمع هذه الأسانيد لم يبق فيه كلام إلا على سعيد الأزدي ولم أر من السلف من صرح بجهالته أو من طعنه ولو حكمنا بجهالته لا تضر لأن المجهول حجة عند الشافعية والحنفية وكثير من الفقهاء مع ما له من الشواهد كما يأتي قريبا عن ابن الملقن .
وقد قال العسقلاني في التلخيص الحبير )ج2، ص311(: "إسناده صالح وقد قواه الضياء في أحكامه..."، وقال عن سعيد الأزدي... وفي الأصل )الأودي( .
وقال ابن الملقن في البدر المنير )ج5، ص335(: قال الرافعي: "يستحب أن يلقن الميت بعد الدفن... ذلك مأثورعن السلف. وفي الباب حديث له شواهد يعتضد بها .وذك ره الذهبي في سير أعلام النبلاء )ج4، ص397( بلا نكير .
وفي كشف الخفاء )ج1، ص363(: "ضعفه ابن القيم والعراقي وابن الصلاح وقال ابن حجر في التحفة اعتضد بشواهد".
ونسب الإمام أحمد العمل به لأهل الشام وابن العربي لأهل المدينة. وقال النووي في فتاواه أما تلقين المعتاد في الشام بعد الدفن فالمختار على استحبابه... والذي رواه الطبراني ضعيف لكنه يستأنس به...
أما ابن تيمية فقال في الفتاوى الكبرى )ج3، ص24(: "تلقين الميت ليس واجبا بالإجماع ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبي أمامة وواثلة بن الأسقع. فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعيومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة فالأقوال فيهثلاثة : الإستحباب والكراهة والإباحة وهذا أعدلالأقوال".
وقال ابن القيم في كتاب الروح )ج1، ص13(: "وإن لم يثبت- يعني رواية الطبراني- فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به".
تنبيه: ال وعظ بعد الدفن بدعة لم يثبت في الحديث ألبتة، بل الثابت في الحديث هو الدعاء له بالتثبيت والقراءة له كما تقدم. أما الوعظ الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل الدفن وسببه جيئ بالميت والقبر لم يلحد فوعظهم النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرج أحمد في مسنده رقم )18534(: "حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله، كأنعلى رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه، فقال: " استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين، أو ثلاثا، "، ثم قال: " إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس ...إلى آخر الحديث بطوله". وأخرجه ابن المبارك) 1219( وأبو داود) 4753( وابن منده في الإيمان رقم) 1064( ، والحاكم في "المستدرك ")ج1، ص37( وغيرهم .
وإسناده صحيح .
إطعام للميت جائز
في صحيح البخاري رقم )2760(: "إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال: نعم تصدق عنها". ورواه مسلم أيضا رقم )1004(.
وفي مشكاة المصابيح تحقيق الألباني )ج3، ص1671، رقم 5942(: "عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال: "خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في جنازة فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهو على القبر يوصي الحافر
يقول: ))أوسع من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه((
فلما رجع استقبله داعي امرأته - يعني إمرأة المتوفى - فأجاب ونحن معه، فجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم، فأكلوا..." إلى آخر الحديث. هذا الحديث صححه الألباني هناك لتعداد طرقه . وفي هذا الحديث تصريح أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب داعي المرأة المتوفى وأكل وأكلوا .
ورد في الفوائد الشهير بالغيلانية رقم )305(: "حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل للناس طعام فيطعموا فلما رجعوا من جنازته جيئ بالطعام ووضعت الموائد فأمسك الناس عنها للحزن الذي هم فيه فقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: يا أيها الناس إنرسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات فأكلنا بعده وشربناومات أبوبكر فأكلنا بعده وشربنا وإنه لابد من الأكلفكلوا من هذا الطعام ثم مد يده فأكل ومد الناس أيديهم فأكلوا". وأخرجه ابن سعد في الطبقات )ج4، ص29( بإسناده إلى حماد عن علي إلى آخر الإسناد .
قلت: )حماد - وعلي( ليسا بالقويان ومع هذا قال الهيثمي في المجمع )ج5، ص196( رقم )8995( إسناده حسن.
قد بوب ابن حجر هذا الحديث في المطالب العالية
)14( باب صنعة الطعام لأهل الميت رقم حديث
)833(، وفيه )834(قال أحمد في الزهد: "حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الأشجعي عن سفيان قال قال طاوس إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام".
قلت: هذا الإسناد صحيح إلى طاوس اليماني التابعي فعلى هذا الإطعام عن الموتى سبعة آيام ثابت عن التابعين .
تنبيه: قد رجع المتشددون عن تحريم الإطعام لميت فقال ابنباز في مجموع فتاويه )ج13، ص253(: "عشاء الوالدينمن الصدقات ولا مشاحة في تسميتها بعشاء الوالدين..."، وقال في فتاوى نور على الدرب )ج14، ص372(: "لا حرج في هذا إذا تصدقوا عليهم بشيء من الغنم أو شيء من اللحم لا حرج في ذلك إذا صنعه أهل الميت لهم..." قال ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب )ج2، ص9( حول عشاء الوالدين: "إن كان الذبح لم يقصدوا التقرب إلى الله بالذبح فهذا لا بأس به... والصدقة عن الأموات جائزة كما جائت به السنة..."، وقال )ج 9، ص 2(: "هذه الوليمة التي تجعل كوليمة فرح ويدعى إليها الأصحاب والأقارب فهذه وإن كانت فيها خير لكن الصدقة بالدراهم أفضل منها...".
قال ابن جبرين في كتابه ) الدروس الشيخ ابن جبرين( )ج 4، ص 12(: "أما ما يسمى بعشاء الوالدين فهذا فيه أجر إذا كان يطعم من هم أحق بالإطعام أو من هم أحق بالإطعام وكان هذا معروفا في هذه البلاد منذ القدم إلىقرابة ثلاثين سنة أو عشرين سنة... من فعل ذلك وجعلثوابه لوالديه نفعهم ذلك إن شاء الله".
أما في فتاوى اللجنة الدائمة )ط 2، ج 2، ص
201( قال عبد الله بن غديان وعبد الرزاق العفيفي: "أن عشاء الوالدين بدعة!! ولم يأتيا بدليل على ذلك".
تنبيه أيضا: ورد في حديث جرير بن عبد الله قال: "كنا نعد الإجتماع وصنعة الطعام لأهل الميت من النياحة".
أخرجه أحمد )ج 2، ص 204(، وابن ماجة )ج 1، ص 514(. هذا حديث ضعيف فيه نصر بن باب كذاب ! قال أبو زرعة في الضعفاء )ج 2، ص 446(: "لا ينبغي أن يحدث عنه". وقال العقيلي في الضعفاء الكبير )ج 4، ص 302(: "نصر بن باب كذاب ليس بشيء"! . وقال ابن معين في تاريخه )ج 1، ص 56(: "نصر بن باب كذاب خبيث عدو الله!! "، وتابعه - هشيم بن بشير- مدلس وقد عنعن!" ثبت في تهذيب الكمال )ج 30، ص 283(: "هشيم بن بشير مدلس وما لم يقل أخبرنا فليسبشيئ!". وفي الكامل لابن عدي )ج 8، ص 456(:
"هشيم ينسب إليه التدليس ويوجد في بعض أحاديثه منكر!".
وفي ميزان الإعتدال )ج 4، ص 307( قال سفيان الثوري: "هشيم لا تكتبوا عنه. كان يروي عن قوم لم يلقهم". وقال ابن القطان: "لهشيم صنعة محذورة في التدليس".كيف يكون صحيحا وليس له إسناد إلا هذا السند التالف؟!. فأغفل الألباني عن هذا وصححه بلا بحث في أحكام الجنازة )ج 1، ص 167( واغتر به تلاميذه حتى ابن باز وابن عثيمين يكررون هذا الحديث في كتبهم ويحتجون به! وقد كرروه في فتاوى اللجنة )ج 8، ص 378( ثم )ج 9، ص 134( ثم )ج 9، ص 150( ثم )ج 9، ص 151(. نعوذ بالله من التعصب .
حكم البناء حول القبر
ومن العجب أن المتشددين يحرمون كل بناء حول القبرويبدعون فاعله ويحتجون بحديث علي كرم الله وجهه قال:
"أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن لا أدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته". أخرجه مسلم رقم )969(. وغيره فظنوا أن معنى - مشرفا - يدل على البناء
! هذا فهم خاطئ بل المشرف يعني تراب القبر لما ثبت في المخلصيات رقم )1640( بلفظ " أن لا أدع قبرا شاخصا إلا سويته" ورواية البيهقي في السنن الكبرى رقم )6738( في قصة وفاة نافع بن عبيد فيه تصريح أن الإستواء تراب القبر لا البناء .
ويحتجون أيضا بحديث جابر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يقعد على القبر وأن يجصص أو يبنى عليه أو يكتب. أخرجه أحمد رقم )14148(، والطبراني في المسند الشاميين رقم )2027( بإسناد معضل وغيرهما وجميع طرقه تدور على ابن جريج وأبي الزبير وهما ضعيفان ومدلسان اسمع ما يأتي:
ثبت في الضعفاء الكبير للعقيلي )ج 4 ص 133( ترجمة)1690( قال شعبة: "كان أبو الزبير يفتري في المسائل! وكان يسيئ الصلاة! فتركت الرواية عنه، وضعفه أيوب وقال لا يدري ما يحدث، وقال الليث: سألت أبا الزبير هل سمعت هذه الأحاديث كله من جابر؟ فقال: منه ما سمعت ومنه ما حُدِثناه!. قال ابن أبي حاتم في الجرح )ج 8، ص 76(: "أبو الزبير ضعفه الشافعي وقال ابن مهدي لا يحتج به ومثل ذلك قال أبو زرعة".
وأما ابن جريج فقد ثبت في الكامل لابن عدي )ج 8، ص 535(: "أهل مكة قالوا أن ابن جريح لم يسمع من أبي الزبير". وفي تهذيب الكمال )ج 18، ص 354(:
"كان ابن جريج يدلس تدليسا قبيحا وإن قال أخبرنا!".
وفيه )ج 18، ص 349(: " كان ابن جريج صاحب غثاء وحاطب الليل". وتابعه - ابن لهيعة - عن أم سلمة قال يحيى ليس بشيء تغير أو لم يتغير راجع )من كلام أبي زكرياء( )ج 1، ص 109(. واتفق العلماء على ضعفه . ورواية القاسم بن مخيمرة عن أبي سعيد الخدري منقطعلما ثبت في تاريخ ابن معين رواية الدوري )ج 3، ص431( قال: لم يسمع القاسم بن مخيمرة عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأقر الألباني بانقطاعه في موسوعته )ج 2، ص 394(.
قلت: إن كان أبو الزبير متروكا عند البعض لافترائه وابن جريح حاطب الليل وابن لهيعة ليس بشيء والشاهد منقطع لا نعلم الواسط لعله أدهى وأمر كيف يكون الحديث صحيحا؟ من وجد رواية صحيحة غير هذه الروايات التي تكلمت عليها فليساعدنا به وله عند الله جزيل الثواب .
تنبيه: لست أول من ضعف هذا الحديث لقد بلغني أن الإمام الكوثري والغماري ضعفاه ولم أقف على كلامهما .
قبر النبي مبنى زمن الصحابة
ثبت في مصنف عبد الرزاق رقم )6485( قال: "أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد قال: "سقط الحائط الذي على قبر النبي، فستر ثم بني"، فقلت للذي ستره: ارفع ناحية الستر حتى أنظر إليه، فإذا عليه جبوب، وإذا عليه رمل كأنه من رمل العرصة".
وفي طبقات ابن سعد )ج2، ص224(:
"أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة أن أبا بكر وعمر دفنوا جميعا في بيتها! .
أخبرنا موسى بن داود: سمعت مالك بن أنس يقول: قسم بيت عائشة باثنين: قسم كان فيه القبر. وقسم كان تكون فيه عائشة. وبينهما حائط. فكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فضلا. فلما دفن عمر لم تدخله إلا وهي جامعة عليها ثيابها".
وفيه )ج2، ص224( بإسناد صحيح مرسل: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما تدفن الأجساد حيث تقبض الأرواح".
قلت: لو أخذنا ظاهر هذا الحديث يكون الدفن في الدور أولى!
في الكبير للطبراني )3618(: "حدثنا محمد بن عبد اللهالحضرمي، ثنا محمد بن عبد الملك الواسطي، ثنا معلى بنعبد الرحمن، ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: سرنا معه يعني عليا حين رجع من صفين حتى إذا كان عند باب الكوفة إذا نحن بقبور سبعة عن أيماننا، فقال علي: «ما هذه القبور؟» ، فقالوا: يا أمير المؤمنين إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين وأوصى أن يدفن في ظهر الكوفة وكان الناس إنما يدفنون موتاهم في أفنيتهم وعلى أبواب دورهم، فلما رأوا خبابا أوصى أن يدفن بالظهر دفن الناس .،
رجاله ثقات إلا معلى بن عبدالرحمن ضعفه الجمه ور".
وفي صحيح البخاري )ج 2، ص 88(: "لما مات الحسن بن الحسن بن علي عليهم السلام ضربت امرأته القبة على قبره سنة".
معرفة القبور من المهم!
في صحيح البخاري )3407(: "حدثنا يحيى بن موسى ،حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت ثَمَّ لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر» )أي قبر نبي الله موسى(".
قلت: لو لم يكن في معرفته منفعة لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال .
في الكبير للطبراني )10370(: "حدثنا محمد بن جعفر بن أعين البغدادي، ثنا عاصم بن علي، ثنا قيس بن الربيع، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، قال عبد الله: «فلو كنت برميلة مصر لأريتكم قبورهم» يعني قبور بعض الصالحين من بني إسرائيل يصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم»". وأخرجه أحمد رقم )4312(: "حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه به".
قلت: رجاله ثقات والمسعودي مختلط إلا ما روى وهوببغداد وهذا منه لأن يزيد بن هارون بغدادي وروى عنه قبلإختلاطه واتفقوا أن عبد الرحمن سمع عن أبيه إلا يحيى بن معين! فعلى هذا حكمنا الحديث بالصحة فلله الحمد .
فاطمة تصلح قبرا وصلت فيه
وفي طبقات ابن سعد )ج3، ص13(: "أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا زياد بن المنذر عن أبي جعفر قال: كانت فاطمة تأتي قبر حمزة ترمه وتصلحه".
قلت: زياد بن المنذر ضعيف ولكن له شاهد أخرجه البيهقي في الكبرى رقم )7208(: "أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو حميد أحمد بن محمد بن حامد العدل بالطابران، ثنا عثمان بن محمد، ثنا أبو مصعب الزهري ،حدثني محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني سليمان بن داود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين ،عن أبيه: أن فاطمة بنت النبي، صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده. ورواهالحاكم في المستدرك )4319( بإسناد آخر إلى سليمان بنداود .
الفسطاط والعلامة على قبر!
في طبقات ابن سعد )ج3 ص304(: "أخبرنا وكيع بن الجراح عن أسامة بن زيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: رأيت قبر عثمان بن مظعون وعنده شيء مرتفع. يعني كأنه علم".
قلت: فيه أسامة بن زيد ضعفه بعض وله شواهد كثيرة كما يأتي:
ثبت في سنن أبي داود رقم )3206(، والبيهقي في الكبرى رقم )6744( قال: أخبرنا أبو علي الروذباري، أنبأ محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا عبد الوهاب بن نجدة، ثنا سعيد بن سالم، ح قال: وحدثنا يحيى بن الفضل السجستاني، ثنا حاتم بن إسماعيل، بمعناه عن كثير بن زيد المدني، عن المطلب قال: " لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، وضع رسول الله صلى الله عليه حجرا عند رأس القبر ، وقال: "أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه منمات من أهلي".
قلت: إسناده حسن .وأخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة )ج1، ص102(: "حدثنا فليح بن محمد اليماني قال:
حدثنا حاتم بن إسماعيل..." الخ .
وفي الأوسط للطبراني )3886(: "حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: نا عمرو بن خلف بن إسحاق بن مرسال الخثعمي قال: نا أبي قال: نا عمي، إسماعيل بن مرسال، عن الزهري، عن أنس بن مالك به".
وفي طبقات ابن سعد )ج5، ص469(: "أخبرنا معن بن عيسى. قال: رأيت الفسطاط على قبر مالك بن أنس وكان مالك ثقة مأمونا ثبتا ورعا فقيها عالما حجة".
تنبيه: بعض المسلمي أفريقيا يجعلون تراب اللحد أعلى القبر كي لا يندرس لأن الكلا لا تنبت عليه غالبا وفي أسنى المطالب )ج1، ص 238(: )يستحب أن يرش( القبر
)بالماء( لئلا ينسفه الريح؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك بقبر ابنه رواه الشافعي وسيأتي وبقبر سعدرواه ابن ماجه وأمر به في قبر عثمان بن مظعون رواه البزار )وأن يوضع عليه حصى( رواه الشافعي في مسنده )ج1، ص 360( قال: "أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصباء والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح". ورواه البيهقي في السنن )ج 3، ص 576(، وقال: "هذا مرسل"، ورواه الواقدي بإسناده عن جابر. وفي معرفة السنن بإسناد آخر عن جعفر بن محمد.
صلاة بمسجد فيه قبر مقبولة
يقول المتشددون أن الصلاة في مسجد فيه أضرحة حرام! وغير مقبولة! يحتجون بحديث البخاري )435(: "أن
عائشة، وعبد الله بن عباس، قالا: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد(( يحذر ما صنعوا"
أقول: هذا فهم خاطئ وليس فيه أن الصلاة في مسجد فيهأضرحة غير مقبولة؛ قال ابن عبد البر في التمهيد )ج 5، ص 46( بعد إيراد الحديث: "قد احتج بعض من لا يرى الصلاة في المقبرة بهذا الحديث ولا حجة له فيه". وقال فيه )ج 6، ص 384(: "زعم قوم أن في هذا الحديث ما يدل على كراهية الصلاة في المقبرة وإلى المقبرة، وليس في ذلك عندي حجة".
قلت: اسمع ما يأتي من البيانات واحكم بنفسك: قال
تعالى:﴿ قال الذين غلب وا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا﴾ في تفسير الطبري )ج17، ص540( بإسنادين حسن أن الذين غلبوا هم المسلمون .
الصلاة إلى القبر!
الصلاة مستقبل القبر منهي لما ثبت في صحيح البخاري )ج1، ص93( قبل رقم )427( قال: "رأى عمر بنالخطاب رضي الله عنه أنس بن مالك يصلي عند قبر ،فقال: "القبر القبر، ولم يأمره بالإعادة".
ترى الحديث بأم عينك صرح بعدم الإعادة فجاء المتشددون يزعمون أن الصلاة بالمسجد فيه ضريح غير مقبولة .
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه مطولا رقم )1581(:
"عن معمر، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال:
رآني عمر بن الخطاب: وأنا أصلي عند قبر، فجعل يقول:
"القبر" قال: " - فحسبته يقول: القمر - " قال: فجعلت أرفع رأسي إلى السماء فأنظر..." الخ
وفي مصنف عبد الرزاق رقم )1580(: "عن ابن جريج ،عن عطاء قال: "لا تصل، وبينك، وبين القبلة قبر، وإن كان بينك ،وبينه ستر ذراع فصل".
قلت: هذان الأثران على من يصلي إلى قبر لا على من يصلي بمسجد فيه قبر؛ فافهم أيها الأخ الكريم .
وهذا سيد الوجود صلى الله عليه وسلم مضطجع في
مسجده وحوله وزيراه أبوبكر وعمر أرضاهما الله والمتشددون يصلون فيه! والبقيع ورائهم. لا نقبل دعوى تخصيص لمشاركته وزيريه رضي الله عنهما .
صلى النبي بأضرحة
في مسند أحمد )5598( والبخاري رقم )488( قال نافع:
"إن عبد الله بن عمر حدثه ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى من وراء العرج، وأنت ذاهب على رأس خمسة أميال من العرج، في مسجد إلى هضبة، عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثة!! ، على القبور رضم من حجارة، على يمين الطريق ،عند سلامات الطريق، بين أولئك السلامات» كان عبد الله يروح من العرج بعد أن تِيل الشمس بالهاجرة ،فيصلي الظهر في ذلك المسجد". مع صحة هذا الحديث لم يزل المتشددين حتى الآن يقولون أن صلاة بمسجد فيه قبر غير مقبولة! وإن كان القبر وراء المسجد .
تنبيه: يزعم بعضهم بأن القبور المنهي الصلاة فيه هي القبور البارزة! وأما غير البارزة فلا يحرم! فجاء هذا الحديث ونسف رأيهم لأن ابن عمر صرح بأن هنالك ثلاثة قبور .
ورأيت في مجموع فتاوى ابن باز )ج 3، ص 357(:
"سؤال: مسجد جامع أحيط بالقبور؟ الجواب: لا حرج في بقاء المسجد المذكور لأن العادة جارية أن الناس يدفنون حول المسجد فلا يضر ذلك شيئا... والمقصود أن الدفن حول المساجد لا بأس به".
صلاة الجنازة وسط القبور
في مصنف عبد الرزاق رقم )1593( بإسناد صحيح عن ابن جريج قال: قلت لنافع: أكان ابن عمر يكره أن يصلي، وسط القبور؟ قال: "لقد صلينا على عائشة، وأم سلمة وسط البقيع" قال: "والإمام يوم صلينا على عائشة رضي الله عنها أبو هريرة، وحضر ذلك عبد الله بن عمر".
ورواه البيهقي في السنن الكبرى رقم )4278( بإسناده إلى نافع .
قلت: هذا هو رأي بعض الصحابة وهم أعلم بدينهم منا
وهم الذين رووا حديث: ))لعن الله اليهود اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد(( ويعلمون مغزى الحديث منا؛ لما ذا لا نقتدي بهم؟! .
قبور في مسجد الخيف
في الكبير للطبراني )13525(: "حدثنا عبدان بن أحمد ،ثنا عيسى بن شاذان، ثنا أبو همام الدلال، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا((". حاول الألباني في تحذير الساجد )ج 1، ص 69( أن يضعف هذا الحديث وتكلم على عيسى بن شاذان وإبراهيم بن طهمان ثم رجع وصححه لرواية البزار!!. ولم يعلم أن الفاكهي أخرجه في تاريخ مكة رقم )2594( بإسناد آخر وفي رقم )2464( بإسناد آخر ورواه البيهقي في الشعب رقم )3717( بإسناد آخر أيضا ولم يقف عليها الألباني .
قبور في الحرمي المكي
في الكبير للطبراني رقم )12288( قال: "حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: "أول من طاف بالبيت الملائكة، وإن ما بين الحجر إلى الركن اليماني لقبورا من قبور الأنبياء، وكان النبي إذا آذاه قومه خرج هو من بين أظهرهم فعبد الله فيها حتى يموت".
قلت: رجاله كلهم ثقات إلا عطاء بن السائب إختلط ولكن له شاهد كما يأتي:
وفي أخبار مكة للأزرقي )ج2، ص66(: "حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة ،عن الزهري، أنه سمع ابن الزبير، على المنبر يقول: " إن هذا المحدودب قبور عذارى بنات إسماعيل عليه السلام - يعني مما يلي الركن الشامي من المسجد الحرام - قال: وذلك الموضع يسوى مع المسجد، فلا ينشب أن يعود محدودبامنذ كان".
قلت: هذا الشاهد إسناده صحيح جميع رجاله جبال!.
والحديث مما لا يقال بالرأي بل محكوم بال رفع كما هو معروف في علم الحديث .
ومثله في أخبار مكة للفاكهي رقم )1273(: "حدثنا محمد بن يحيى، وحسين، وعبد الجبار بن العلاء، وغيرهم قالوا: ثنا سفيان، عن النضر بن الرهيني قال: إنه سمع ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: " إن هذا المحدودب الذي يلي الركن الشامي قبور عذارى بنات إسماعيل " قال ابن أبي عمر في حديثه: فسئل سفيان: أي مكان هو؟ فأشار بيده إلى الحجر مستقبل الركن الغربي الذي يلي الركن اليماني".
وجميع رجاله ثقات إلا ابن الرهيني لم أعرفه بعدُ.
وفيه رقم )1274(: "وحدثني ابن أبي بزة قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده القاسم بن أبي بزة قال: " هذا المحدودب مما يلي الركن الغربي إلى المصباح، وأشار بيده ،قبور عذارى بنات إسماعيل". قلت: ابن أبي بزة ضعيفوأبوه وجده لم أعرفهما .
وفيه رقم )1545(: "وحدثني عبد الله بن منصور ،ونسخت من كتابه هذا الحديث، قال: أخذت نسخة هذا الكلام من كتاب رجل قال: هذا كتاب الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله تعالى في فضل مكة إلى رجل من أهل الزهادة يقال له عبد الله بن آدم ،وكان مجاورا بمكة ،وكان موسرا ولم يكن له عمل بمكة إلا العبادة، وأنه أراد الخروج منها، فبلغ ذلك الحسن، فكتب إليه يرغبه في المقام بمكة، فكتب إليه رسالة طويلة. وفيه قال: وسمعنا أن حول الكعبة قبور ثلاثمائة نبي، وأن قبر نوح، وهود، وشعيب ،وصالح عليهم السلام فيما بين الملتزم والمقام، وأن ما بين الركن الأسود إلى الركن اليماني قبور سبعين نبيا.
وفي أخبار مكة للأزرقي )ج1، ص68(: "حدثني مهدي بن أبي المهدي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن محمد بن سابط، عن النبي صلى الله عليهوسلم، قال: "كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النبي، ومن معه حتى يموت فيه، فمات بها نوح، وهود، وصالح، وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر".
وفي )ج2، ص134(: "حدثنا مهدي بن أبي المهدي، حدثنا يحيى بن سليم، عن أبي خيثم، قال: سمعت عبد الرحمن بن سابط، يقول: سمعت عبد الله بن ضمرة السلولي، يقول: "ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم إلى الحجر قبر تسعة وتسعين نبيا، جاءوا حجاجا فقبر وا هنالك، فتلك قبورهم غور الكعبة".
وفي )ج2، ص133( وقال محمد بن سابط: "كان النبي من الأنبياء صلى الله عليه وسلم إذا هلكت أمته لحق بمكة، فتعبد فيها النبي ومن معه حتى يموت، فمات بها نوح ،وهود، وصالح، وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر".
وفيه )ج1، ص73(: "حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن وهب بن منبه، قال: "خطب صالح الذين آمنوا معه، فقال لهم: إن هذه دار قدسخط الله عليها وعلى أهلها؛ فاظعنوا عنها؛ فإنها ليست لكم بدار. قالوا: رأينا لرأيك تبع، فمرنا نفعل. قال:
تلحقون بحرم الله وأمنه، لا أرى لكم دونه فأهلوا من ساعتهم بالحج، ثم أحرموا في العباء، وارتحلوا قلصا حمرا مخطمة بحبال الليف، ثم انطلقوا آمين البيت الحرام حتى وردوا مكة، فلم يزالوا بها حتى ماتوا، فتلك قبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني هاشم. وكذلك فعل هود ومن آمن معه، وشعيب ومن آمن معه".
قلت: هذه الروايات الأربعة وإن كان فيها ضعف قد تقوي للأحاديث الصحيحة المتقدمة فلله الحمد .
وفي تفسير ابن جرير الطبري )ج9، ص119( بإسناده أن ضمرة الزرقي، أحد بني ليث، وكان مصاب البصر: "خرج من مكة إلى المدينة مهاجرا وهو مريض ،فأدركه الموت عند التنعيم، فدفن عند مسجد التنعيم! ،فنزلت فيه هذه الآية ﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الم وت﴾ الآية
تصحيح مفاهم
أما الحديث: ))لا تجعلوا قبري وثنا(( يعني" يصلى له " لا كما يحاول المتشددون أن يطلقه لما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )11819( ومصنف عبد الرزاق رقم )1587( قالا: "حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى له ) إليه ( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قلت: هذا صحيح مرسل؛ ومرسل زيد قوي مؤتِن لما ثبت في تهذيب الكمال )ج10، ص16(: قال العطاف بن خالد: حدث زيد بن أسلم بحديث، فقال له رجل: يا أبا أسامة، عن من هذا؟ قال: يا ابن أخي، ما كنا نجالس السفهاء ولا نحمل عنهم الأحاديث!".
وله شاهد مرفوع أخرجه أبو نعيم )ج 6، ص 283( رجاله ثقات إلا عبد الله بن هشام تركه ابن أبي حاتم ووثقه ابن حبان.
وفي هذا يتبين أن اليهود والنصارى يبنون مساجدهم على قبور أنبيائهم وصوروهم فيه يصلون لهم!. أما دفن الصالحين حول مسجد أو وراء مسجد لا يصلون لهم فعكس ذلك؛ هذا ظاهر ليس فيه شبهة .
وأما حديث) )اجعلوا في بي وتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا(( قال الشراح كما يأتي:
في المتواري على أبواب البخاري )ج 1، ص 85( قال: "لا تتخذوها قبورا ولم يقل مقابر لأن القبر هو الحفر التي يستقر بها الميت والمقبرة إسم للمكان".
قلت: و رد تفسيره في مصنف عبد الرزاق رقم )4012( عن عطاء قال: أركعهما في بيتي - أي ركعتان الفجر - ثم آتي المسجد فأجلس أحب إلي، قال زيد بن خالد:
"لا تجعلوا بيوتكم مقابر".
وفي فتح الباري لابن رجب )ج 3، ص 233( ساقاختلاف العلماء فيه ورد القائلين أنه نهي عن الدفن فيالبيوت لكون الرسول مدفون في البيت وخليفتاه .
وفي الفتح الباري لابن حجر )ج 1، ص 52( ساق كلام العلماء أن معناه لا تتخذوها قبورا أي لا تتخذوا البيوت للنوم فقط ويويده الحديث القائل : البيت الذي يذكر الله فيه والذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت .
وقال مثله المغلطاي في شرح ابن ماجة )ج 1، ص 1239( والعيني في شرح ابن داود )ج 4، ص 351( وكذلك العمدة القاري )ج 4، ص 166( والسيوطي في شرح مسلم )ج 2، ص 385(، وفي شرح القسطلاني )ج 2، ص 343( قال: "لا تتخذوها قبورا أي مثل القبور بأن لا تصلوا فيها إلا النوم وإن النوم أخو الموت".
وأما ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 10، ص 100( قال: "أنه شبه الذي لا يذكر الله بأهل القبور".
حكم الجلوس على القبور
قد اختلف العلماء في الجلوس على القبر فقال الطحاوي فيشرح معاني الآثار رقم )2948(: عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))لأن يجلس أحدكم على جمرة حتى تحرق ثيابه، وتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر(( فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه وكرهوا من أجلها الجلوس على القبور وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لم ينه عن ذلك لكراهة الجلوس على القبر ولكنه أريد به الجلوس للغائط أو البول وذلك جائز في اللغة يقال: جلس فلان للغائط وجلس فلان للبول واحتجوا في ذلك )2950( بما حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب قال: ثنا عمر بن علي قال: ثنا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة:
"أن زيد بن ثابت قال: هلم يا ابن أخي أخبرك إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور , لحدث غائط أو بول" فبين زيد في هذا الحديث الجلوس المنهي عنه في الحديث الأول ما هو. وقد رويعن أبي هريرة رضي الله عنه نحو من ذلك )2951(حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني محمد بن أبي حميد، أن محمد بن كعب القرظي، أخبرهم قال:
إنما قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ))من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة نار(( )2952( حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا سليمان بن داود، قال: ثنا محمد بن أبي حميد، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: ))من قعد على قبر فتغوط عليه أو بال فكأنما قعد على جمرة (( فثبت بذلك أن الجلوس المنهي عنه في الآثار الأول، هو هذا الجلوس فأما الجلوس لغير ذلك فلم يدخل في ذلك النهي. وهذا قول أبي حذيفة )ومالك( ،وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد روي ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهم )2954(: حدثنا علي، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر، عن عمرو، عن بكير، أن نافعاحدثه: "أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يجلس على القبور".
قلت: حديث الأول أعني حديث زيد بن ثابت له شاهد ذكره ابن حجر في الفتح )ج 3، ص 224( وقال إسناده صحيح. والحديث الثاني أعني حديث أبي هريرة له شاهد أخرجه عبد الرزاق رقم )6511( بإسناده وابن أبي شيبة )ج 3، ص 339( بإسناد آخر. فتبين بعد صحة هذه الأحاديث أن الجلوس على القبر غير مكروه إلا لحدث .
جواز الدعاء عند القبور
عن صالِح بنِ كَيسانٍ عبيدِ اللِه بنِ عبدِ اللِه قال رأيتُ أسامةَ بنَ زيدٍ يصلى عندَ قبِر النبِيّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فخرج مروانُ بنُ الحكمِ فقال تصلى إلى قبره فقال إني أحبه. الخ
صحيح ابن حبان )ج12، ص606، رقم 5694( بإسناد صحيح. وكذلك الضياء في المختارة رقم )1318(موارد الظمعان رقم )1974(.
وأخرجه الطبراني في الكبير رقم) 405( من طريق علي بن المديني، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. ولفظه: رأيت أسامة بن زيد عند حجرة عائشة يدعو، فجاء مروان فأسمعه كلاما، فقال أسامة: إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: ))إن الله عز وجل يبغض الفاحش
البذيء((. وأورده الهيثمي في المجمع )ج 8، ص 64( وقال: "رجاله ثقات".
حاول الألباني تضعيفه في إروائه )ج7، ص209( فقال: "رجاله ثقات إلا أن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن!
قلت: هذا كذب محض! ما عنعن بل قال: "حدثنا صالح بن كيسان". راجع صحيح ابن حبان والطبراني لترى بأمّ عينك وتعلم أن الألباني خائن كاذب أو مخطئ.
بعد صحة الحديث لا ينبغي أن يأتي ابن أنثى بعدالقرون - كخوارج العصر - ويحرم الدعاء عند القبور برأيهويكفر المسلمين! هذا ضلال مبين نعوذ بالله من ذلك .
التشفع بالقبر الشريف زمن الصحابة
أما طلب حاجة عند ضريحه صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن ابي شيبة في مصنفه رقم )32002(: "عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقال ائت عمر فاقرئه السلام وأخبره أنكم مسقون وقل له عليك الكيس الكيس فأتى الرجل فأخبر عمر فبكى عمر ثم قال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه". ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج 44، ص 345( وصححه ابن حجر في الفتح )ج 2، ص 397(. وصححه ابن كثير في البداية والنهاية )ج 7، ص 91(وقال في مسند الفاروق )ج 1، ص 225(: "إسناده جيدقوي".
قلت: من هنا أخطأ محمد بن عبد الوهاب خطئا فاحشا اتكالا على ابن تيمية حيث ظن أن هذا التشفع عبادة!
لأنه قاس روح مؤمن مقبور بحجر معبود!. ثانيا: ظن أن طلب دعاء عند المؤمن المقبور عبادة له!. فعلى هذا يكون عمر بن الخطاب وجميع الصحابة الذين حضروا الواقع كفارا أو أقروا بالكفر! لأنهم ما أنكروا الرجل الذي استسقى برسول الله صلى الله عليه وسلم بل صدقوه حتى بكى عمر بن الخطاب تصديقا.
تنيه: ادعى الألباني في توسله )ج 2، ص 11( كعادته أن حديث مالك الدار المذكور ضعيف! وأن مالك الدار مجهول! قال ذلك المنذري والهيثمي!.
قلت: دليلك أوهى من بيت العنكبوت أين الهيثمي والمنذري بين يدي ابن سعد وابن حبان والعسقلاني كما يأتي : قال ابن سعد في طبقاته )ج 5، ص 12(: "مالكالدار كان معروفا" وكذلك في الثقات لابن حبان )ج 5،ص 384(. وقد صرح العسقلاني في الإصابة )ج 6، ص 216، برقم 8375(: "أن مالك الدار له ادراك وكان معروفا روى عنه فلان وفلان..." وذكره البخاري في التاريخ الكبير )ج 7، ص 304، رقم 1295(. وقد أقرّ تلاميذ الألباني أن مالكا معروف راجع ملتقى أهل الحديث )طبعة٢، ج 74، ص 203(. وقالوا فيه )ج37، ص
284(: "أن أبا معاوية أحفظ الناس في حديث الأعمش". وفيه )ج 4، ص 86( أن حديث الأعمش عن أبي صالح محمول على الإتصال. وعنعنته في البخاري نحو )150( وفي مسلم نحو )180( وفي... وفي... وفي...وعد كتب الحديث .
لقد عجز الوهابيون المعاصرون عن تضعيف سند هذه القصة فلجئوا إلى أن أبا صالح السمان لعله لم يسمع من مالك الدار! .
فقلت: ذكر في جميع كتب التاريخ أن أبا صالح السمانيروي عن مالك الدار كيف لا وأبو صالح عاصره وأخذعمن هو أكبر من مالك الدار! وفي تاريخ دمشق )ج 56، ص 489، رقم 7180(: "أن مالك الدار سمع عن
الصحابة وروى عنه أبو صالح السمان وعبد الرحمان وابناه".
وفيه )ج 56، ص 491(: قال ابن معين: "مالك الدار تابعي أهل المدينة ومحدثيهم"! وفيه )ج 56، ص 492(:
"أن مالكا معروف!!".
وقد أخرج القصة الخليلي في الإرشاد )ج 1، ص 311( بإسناده إلى الأعمش. ورواه الطبري في تاريخه )ج
4، ص 98( بإسناد آخر إلى عاصم بن عمر. وأوردها الذهبي في تاريخ الإسلام )ج2، ص149( وفي سيره )ج
2، ص 412( بغير نكير .
أما باقي آراء الألباني في توسله فلايهُمُّنا إذ أمير المؤمنين عمر والحاض رون ليس منهم من بدع الرجل أوكفره بل صدقوا بالخبر وقد بكى عمر حين أخبره وقال: "يا رب ما آلو إلا ما عجزت. فجاء التكفيريون الخوارج يكفرون كلمن تشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم".
ويزعمون أن كل دعاء عبادة! لحديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الدعاء هو العبادة قال ربكم:﴿ ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين﴾ ".
قلت: هذا الفهم فهم خاطئ راجع العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية المروذي لتعلم معنى الحديث، ثبت فيه )ج 1، ص 263(: "عن النعمان أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "إن الذين يستكبرون عن عبادتي قال عن دعائي سيدخلون جهنم داخرين " هنا نفهم فهما صحيحا أن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر لنا معنى "ادعوني" وأن معناه العبادة أي اعبدوني لا أن كل دعاء عبادة كما يظن البعض. وقال ابن جرير الطبري في تفسيره )ج 21، ص 406(: "ادعوني أستجب لكم أي اعبدوني أرحمكم"، وساق أسانيده .وإن مشينا على فهم أولائك المخطئين لصار جميع الصحابة كفارا لأنهم يدعون النبي صلى الله عليهوسلم يقولون ) يا رسول الله أدعو الله لي...( أمثاله كثير في البخاري وغيره هذا أولا .
وثانيا: الدعاء الأعمى الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم فيه نداء وطلب ) يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي ...( حديث صحيح كما يأتي إذا قلنا أن كل دعاء عبادة يكون النبي هو الذي علم الشرك! .
وثالثا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي البقيع يقول:
"السلام عليكم أهل الديار" هذا نداء .
ورابعا: سيأتي عيسى عليه السلام على قبر النبي وقال: "يا محمد" فأجابه النبي صلي الله عليه وسلم. أخرجه أبو يعلى في مسنده )ج 11، ص 462( وغيره وقد صححه المتشدد! هل هذا كله عبادة له صلى الله عليه وسلم؟! .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعطنا فهما صحيحا في الكتاب والسنة آمين يارب العالمين .
تنبيه: أنكر بعض الناس سماع الموتى يحتجون بقوله تعالى﴿إنك لا تسمع الموتى﴾ وقوله تعالى ﴿وما أنت بمسمع من في القبور﴾!! وهم يعلمون يقينا أن السلف الصالح فسروا "الموتى" بموت القلب لا موت الجسد وفسروا "لا تسمع" بسماع القبول لذلك قال بعد ذلك﴿ إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا﴾ راجع ابن جرير الطبري )ج 18، ص 524( وكذلك تفسير البغوي )ج 3، ص 513( وابن القيم في مدارجه )ج 3، ص 243(. وفسروا "من في القبور" أي قلوب الكفار في صدورهم لا قبور في الأرض راجع تفسير ابن جرير )ج 19، ص 356( عند قوله تعالى﴿ ما يستوي الأحياء ولا الأموات﴾ وكذلك زاد
المسير لابن الجوزي )ج 3، ص 510(. وابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 4، ص 243(.
ثم الرسول صلي الله عليه وسلم أعلم بالقرءان منا وقد صح عنه إثبات سماع الموتى كما في صحيح البخاري رقم )1370( وفي مسند احمد )ج 10، ص 291( رقم )6145(: "أن عبد الله بن عمر قال: اطلع رسول اللهصلى الله عليه وسلم على أهل القليب ببدر ثم ناداهم ،فقال:" يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟" قال أناس من أصحابه: يا رسول الله: أتنادي ناسا أمواتا ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم بأسمع لما قلت منهم".
وروي مثله عن أنس في مسند أبي يعلى )ج 1، ص 45( وغيره. وعن أبي طلحة في الأحادي والمثاني )ج 3، ص 445(. وعن عمر بن الخطاب في السنن الكبرى للنسائى )ج 2، ص 481(. وعن ابن مسعود في السنة لابن أبي عاصم )ج 2، ص 428(. في هذا الحديث تصريح أن الموتى يسمعون .
وأما رواية التي في مسند أحمد رقم )1404( بزيادة:
فسمع عمر صوته، فقال: يا رسول الله هل يسمعون؟ يقول الله عز وجل:﴿ إنك لا تسمع الموتى﴾؟ فقال:" والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا. هذه الزيادة ضعيفة جميع طرقه تدور على حماد بنسلمة هو ضعيف.
ويقال أن عائشة أنكر سماع الموتى ولكن في إسناده كلام وهو ما ورد في صحيح البخاري )3980(: "عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: ))هل وجدتم ما وعد ربكم حقا(( ثم قال: ))إنهم الآن يسمعون ما أقول((، فذكر لعائشة ،فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ))إنهم الآن
ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق(( ثم قرأت ﴿إنك لا تسمع الموتى﴾. في الإسناد هذا الحديث هشام بن عروة تغير أخيرا كما قال القطان في الوهم )ج 5، ص 504(. وفي التهذيب )ج 30، ص 239( أنكروه حينما صار إلى العراق، وكان الإمام مالك لا يرضاه .
وقال الذهبي في الميزان )ج 4، ص 301(: "نعم الرجل تغير قليلا ولم يبق حفظه..." الخ. وأخرجه أحمد في المسند رقم )4864( وفيه محمد بن عمرو بن علقمةضعيف كما ذكرته في حديث افتراق الأمة .
وفي صحيح البخاري )ج 2، ص 98، رقم 1374(:
"وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم ،أتاه ملكان فيقعدانه..." الخ. أثبت هذا الحديث سماع الميت إطلاقا كل من قيده بوقت الدفن ليس لديه أي دليل ألبتة .
وقد ثبت في مصنف عبد الرزاق رقم )6723(:
"أخبرنا يحيى بن العلاء أخبرنا ابن عجلان، عن زيد بن أسلم قال: مر أبو هريرة وصاحب له على قبر فقال أبو هريرة: سلم، فقال الرجل: أسلم على القبر؟ فقال أبو هريرة:
"إن كان رآك في الدنيا يوما قط إنه ليعرفك الآن". هذا القول من الصحابي الجليل أبو هريرة وهذا لا يقال بالرأي كما ثبت في علوم الحديث.
وقد جزم ابن تيمية في الفتاوى الكبرى )ج 3، ص
69(: "بأن الموتى يسمعون الخطاب".
وقد قال المتشددون في كتابهم ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج 24، ص 136(: "الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم... وأن عائشة ومن تبعها في إستدلالهم غلط... ولا يجب الرجوع إلى تأويل عائشة، سماع الموتى ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بوقت". انتهى من الملتقى.
حكم حديث لا يستغاث بي
في مسند أحمد رقم )22706(: "حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، أن رجلا سمع، عبادة بن الصامت يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا يقام لي إنما يقام لله". وأخرجه الطبراني في الكبير رقم )5780( وابن سعد)ج 1، ص 387(. ليس له إسناد إلا هذا الإسناد وهذا الإسناد أ وهى من بيت العنكبوت اسمع ما يأتي:
أولا: مضطرب المتن قال أحمد: )لا يقام لي( وقال الطبراني :) لا يستغاث بي(. هذا أولا .
ثانيا: الإسناد منقطع بين علي وعبادة .
ثالثا: فيه ابن لهيعة تالف ضعيف باتفاق .
في تاريخ ابن معين )ج 1، ص 68(: "حديث ابن لهيعة ليس بشيء". وقال يحيى : ابن لهيعة ليس بشيء تغير أولم يتغير! راجع - من كلام أبي زكرياء – )ج 1، ص 109(. وفي الضعفاء لأبي زرعة )ج 3، ص 1000(:
"تركه البخاري".
لا تغتر بقول الهيثمي في المجمع أن ابن لهيعة ضعيف وأحاديثه حسن! فقد ضعفه هو في عدة مواضع وقال ابن مهدي أن ابن لهيعة ضعيف قبل اختراق كتبه وبعده وحديثه ليس بشيء .
ومن العجب أن ابن تيمية مع كونه شيخ الإسلاموواحد لايستثنى به أحد!! كان يحتج بهذا الحديث الباطل كما في مجموع فتاويه )ج 1، ص 11( وفي قواعده )ج 1، ص 254( وفي مجموع الرسائل )ج 1، ص 15(. وأما الألباني فقد فر منه ولم يتعرض له في كتبه البتة .
اسمع ما يقول ابن تيمية
قال في اقتضاء الصراط )ج2، ص254(: "ما يروى من أن قوما سمعوا رد السلام من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبور غيره من الصالحين. وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة.؛ ونحو ذلك. فهذا كله حق!! ليس مما نحن فيه، والأمر أجل من ذلك وأعظم. وكذلك أيضا ما يروى: " أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه الجدب عام الرمادة. فرءاه وهو يأمره أن يأتي عمر، فيأمره أن يخرج يستسقي بالناس" فإن هذا ليس من هذا الباب. ومثل هذا يقع كثيرا لمن هو دون النبي صلى اللهعليه وسلم، وأعرف من هذا وقائع".
قلت أيضا: اسمع فضائل قبور الصالحين من ابن تيمية. قال في اقتضائه )ج2، ص255(: "وكذلك ما يذكر من الكرامات، وخوارق العادات، التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها وتوقي الشياطين والبهائم لها، واندفاع النار عنها وعمن جاورها، وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى، واستحباب الاندفان عند بعضهم، وحصول الأنس والسكينة عندها، ونزول العذاب بمن استهانها - فجنس هذا حق، ليس مما نحن فيه. وما في قبور الأنبياء والصالحين، من كرامة الله ورحمته، وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق، لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك".
عقبة بن عامر كافر!
وفي تهذيب الأسماء والصفات للنووي )ج1، ص336( في ترجمة عقبة بن عامر الصحابي قال: "وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، وشهد فتوح الشام، وهو كان البريد إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بفتح دمشق، ووصل المدينة فى سبعة أيام، ورجع منها إلى الشام فى يومين ونصف بدعائه عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- وتشفعه به فى تقريب طريقه".
قلت: هذا الخبر أثبت جواز التشفع بالنبي بعد وفاته في زمن الصحابة .
ابن المنكدر كافر قبوري أم لا
في تاريخ دمشق )ج56، ص50( قال: "كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي )صلى الله عليه وسلم( ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطرة فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي )صلى الله عليه وسلم( وكان يأتي موضعا من المسجد في السحر يتمرغ فيهويضطجع فقيل له في ذلك فقال إني رأيت رسول الله)صلى الله عليه وسلم( في هذا الموضع". ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام )ج3، ص521(.
قلت: هل محمد بن المنكدر كافر! أم ابن عساكر ناقل كفر! والذهبي ثالثهما!؟؟
حفاظ كبار قبوريون!
في تاريخ الإسلام للذهبي )ج8، ص524( وفي سير أعلام النبلاء )ج12، ص382(: "عن أبي بكر بن أبي علي قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله، الجوع، فقال لي الطبراني: اجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير، وقال: شكوتِوني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رأيته في النوم، فأمرني بحملشيء إليكم".
قلت: أهؤلاء الحفاظ كفار؟! أم الذهبي ناقل الكفر!؟ البخاري قبوري!
قال ابن عدي في كتابه )من روى عنه البخاري( )ج1، ص51(: "سمعت عبد القدوس بن همام يقول سمعت عدة من المشايخ يقولون دَوَّنَ محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره"!
قلت: لما ذا أختار البخاري قرب قبره صلى الله عليه وسلم لتدوين!؟؟. أم هو وابن عدي قبوريان!؟ .
وأعود قائلا البخاري قبوري؟!
وفي تاريخ الكبير للإمام البخاري )ج6، ص 549( وهو تاريخ كبير على طريقة المحدثين جمع فيه الثقات والضعفاء من رواة الحديث ويقال انه ثلاثة كبير ووسط وصغير وهو الذى صنفه عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالى المقمرة ويرويه عنه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس وأبو الحسن محمد بن سهل اللغوى وغ يرهما فهذا من بركاتجوار النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حيثعم نفعه!.
قلت: لا شك أن البخاري صار قبوري! بعد اليوم عند المتشددين.
إبراهيم الحربي قبوري
في تاريخ بغداد )ج1، ص445(: "أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم، يقول: سمعت أبا علي الصفار، يقول: سمعت إبراهيم الحربي، يقول: قبر معروف الترياق المجرب. أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري، قال: سمعت أبي يقول: قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج، ويقال: إنه من قرأ عنده مائة مرة قل هو الله أحد وسأل الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته. حدثني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري، قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع ،يقول: سمعت أبا عبد الله ابن المحاملي، يقول: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ما قصده مهموم إلا فرج الله همه".
الإمام الشافعي قبوري!!
في تاريخ بغداد )ج 1، ص 445(: "أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري، قال: أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ، قال: حدثنا مكرم بن أحمد، قال:
حدثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن ميمون، قال: سمعت الشافعي، يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم، يعني زائرا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى". وأثبته الذهبي في تاريخ الإسلام )ج4، ص 1210( و في سير أعلام النبلاء )ج8، ص88(.
قلت: إذًا الإمام الشافعي والحافظ إبراهيم الحربي كافرانقبوريان إن صح الإسناد! وإن لم يصح السند فالخطيبالبغدادي والذهبي كافران قبوريان لأنهما نقلا الخبر إحتجاجا!! .
أبو الفرج إبن أبي حاتم قبوري!!
في تاريخ الإسلام )ج 35، ص 35( في ترجمة محمد بن محمود أبو الفرج ابن العلامة أبي حاتم الأنصاري القزويني. فقيه، صالح، صاحب معاملة. حج سنة سبع وتسعين، وأملى بمكة مجلسا . وضاع ابن له قبل وصوله المدينة. قال بعضهم : فرأيناه في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمرغ في التراب ويتشفع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في لقي ولده، والخلق حوله، فبينا هو في تلك الحال إذ دخل ابنه من باب المسجد، فاعتنقا زمانا
. رواها السمعاني، عن أبي بكر بن أبي العباس المروزي. ابن أبي عاصم كافر!!
وفي الآحاد و المثاني في ترجمة طلحة بن عبيد الله قال: "قبرهبحضرة الهجرتين وقد رأيت جماعة من أهل العلم وأهل الفضل إذا هم أحدهم أمر قصد إلى قبره فسلم عليه ودعا بحضرته، وكان يعرف الإجابة، وأخبرنا مشايخنا قديما أنهم رأوا من كان قبلهم يفعله".
قلت: ابن أبي عاصم كافر قبوري لأنه نقله إحتجاجا .
ابن حبان قبوري!!
قال ابن حبان في الثقات )ج8، ص457(: "ما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفي وأهل بيته صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين".
قلت: ابن حبان قبوري كافر!! أو مبتدع! أليس كذلك!؟ . الحافظ ابن خزيمة مشرك؟!!
وفي تهذيب التهذيب )ج7، ص388(: "سمعت أبا بكرمحمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضي بطوس قال فرأيت من تعظيمه يعني بن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا .
قلت: العسقلاني كافر لأنه نقله إحتجاجا لا إنكارا".
ابن أبي زرعة قبوري!
وقال ابن الجوزي في المنتظم )ج16، ص314(: "وكان هبة الله بن عبد الوارث يحكي عن والدته فاطمة بنت علي قالت: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد المعروف بابن أبي زرعة الطبري قال: سافرت مع أبي إلى مكة فأصابتنا فاقة شديدة فدخلنا مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وبتنا طاويين، وكنت دون البالغ، فكنت أجيء إلى أبي وأقول: أنا جائع. فأتى بي أبي إلى الحضرة وقال: يا رسول الله، أناضيفك الليلة. وجلس فلما كان بعد ساعة رفع رأسه وجعليبكي ساعة، ويضحك ساعة. وقال: رأيت رسول الله صلىالله عليه وسلم فوضع في يدي دراهم، ففتح يده فإذا فيها دراهم وبارك الله فيها إلى أن رجعنا إلى شيراز وكنا ننفق منها".
قلت: إن صح الخبر فابن أبي زرعة كافر قبوري وإن لم يصح فابن الجوزي ناقل كفر لاحتجاجه به !
أبو الخير كافر!!
في صفة الصفوة )ج2، ص421، رقم 806( قال:
"وسمعته - أبا الخير - يقول: دخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت طعاما فتقدمت إلى القبر فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وقلت أنا ضيفك الليلة يا رسول الله وتنحيت فنمت خلق المنبر فرأيت في النوم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعلي ابن أبي طالب بين يديه. فحركني علي وقال لي: قم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت إليه وقبلت بينعينيه، فدفع إلي رغيفا فأكلت نصفه وانتبهت وإذا في يدينصف رغيف".
قلت: إن لم يصح الخبر فابن الجوزي كافر لأنه نقله كرامة!!
علي النيسابوري كافر!!
في تهذيب التهذيب )ج 11، ص 299( قال الحاكم:
"سمعت أبا علي النيسابوري يقول كنت في غم شديد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه يقول لي صر إلى قبر يحيى بن يحيى واستغفر وسل تقض حاجتك فأصبحت ففعلت ذلك فقضيت حاجتي".
إن صح وإن لم يصح فالعسقلاني ناقل كفر لأنه أثبته!!
زيارة بلال الصحابي قبر النبي
قال الغساني في أخباره )ج1، ص46، رقم 75(: "إن بلال بالشام ورأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ما هذه الجفوة يا بلال أما آن أن تزورني فانتبه حزينا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلىالله عليه وسلم فجعل يبكي عنده وجعل يمرغ وجهه عليهوأقبل الحسن والحسين صلوات الله عليهما فجعل يضمهماويقبلهما فقالا له يا بلال نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذنه لروسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ففعل فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما أن قال الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما أن قال أشهد أن لا إله إلا الله زاد تعاجيجها فلما أن قال أشهد أن محمدا رسول الله خرج العواتق من خدورهن فقالوا أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رؤى يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم".
قلت: هذا الحديث ضعفه بعض العلماء فأردت أن أدلي دلوي فيه؛ فقلت: رواه الغساني عن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه عن جده .أما الغساني فهو ثقة إمام كما في سير أعلام النبلاء )ج11، ص262(. وإبراهيم فيه جهالة! كما في الميزان )ج1، ص64(. واللسان )ج9، ص359(. ومحمد لا بأس به كما في الجرح والتعديل )ج7، ص267(. وسليمان بنبلال ثقة وهو المفتي الشام كما في سير أعلام النبلاء )ج7،ص94(.
ولكن الذهبي قد تناقض فيه! فقال في سير أعلام )ج 3، ص218(: "لين منكر". وقال في تاريخ الإسلام )ج 5، ص773( إسناده جيد! وفيه جهالة .
قلت: الآن اتضح أنه ليس في الإسناد علة إلا جهالة إبراهيم إذا الحديث حجة عند من يحتج بالمجهول كمذهب مالك وأبي حنيفة كما في الروض الباسم. فالحديث حجة عندهم .وقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج 5، ص 114( أخرجه ابن عساكر بسند جيد .
قلت: نعم أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج7، ص137( بهذا السند الذي تكلمنا آنفا .
التوسل والإستغاثة معا
في مسند أحمد بهذا الرقم )17240(: "عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليهوسلم، فقال: ادع الله أن يعافيني، قال:" إن شئت دعوتلك، وإن شئت أخرت ذاك فهو خير فقال: "ادعه، فأمرهأن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضي لي، اللهم شفعه في". وأخرجه الترمذي )3578(، والنسائي في "الكبرى) "10495( وفي عمل اليوم والليلة) 659( ، وابن ماجه) 1385( ، وابن خزيمة) 1219(، والحاكم )ج 1، ص 31(.
وغيرهم واتفقوا على أن الحديث صحيح حتى هؤلاء المتشددين بأجمعهم صححوه في كتبهم، ولكن المتشدد كما تعرفون يزعم بعضهم أن الأعمى توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته لقوله في آخر الدعاء )شفعه في( .
فأقول: هذا التأويل باطل لم يأت في أي حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بتة. قال المتشدد الألباني في توسله )ج 1، ص 71(: "وعلى هذا فالحادثة كلها تدورحول الدعاء".
فأقول: نعم الحادثة تدور حول الدعاء ولكن السؤال هنا:
ما هو الدعاء الذي دعا به النبي؟ لا بد إلا الإجابة بأنه لم يدع له النبي بل علمه كيف يدعو. وفي السنن الكبرى للنسائي رقم )10419:( "أن الأعمى طلب الدعاء فأبى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: ))بل أدعك(( وأمره أن يدعو بهذا الدعاء. فأراد هؤلاء المتشددين أن يحرفه ويزعمون أن النبي دعا له خاصة ثم توسل الأعمى بذلك الدعاء. وليس لديهم أي دليل على ذلك بل الدليل يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أبي عن الدعاء له وعلمه دعاء فتشفع بذلك الدعاء فشفاه الله. لذلك أجاز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التوسل بهذا الحديث كما يأتي في حديث عثمان بن حنيف .
وزعم الألباني أيضا في توسله )ج 1، ص 71(: أن الأعمى طلب أن يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم لا أنيعلمه الدعاء!. فأقول: بل طلب أن يعلمه كما ورد فيالمستدرك رقم )1929(: "أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به يرد الله علي بصري".
ومما يدل أيضا على ان هذا الحديث مطلق غير مقيد على الأعمى فقط ما روى الطبراني في الكبير )ج9، ص30( وفي الصغير )ج1، ص306، رقم 508( من طريق إبن وهب عن شبيب عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن غفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لايلتفت إليه ولاينظر في حاجته فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا إليه ذالك فقال له عثمان بن حنيف: إئت الميضأة فتوضأثم إئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يامحمد إني أتوجه بك إلى ربي لتقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، فصنع الرجل ما قاله فقضي حاجته فلقي عثمانبن حنيف فقال له: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوتصبر؟ فقال يارسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات. فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر".
قلت: فيه التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال "وأتوجه إليك بنبيك" وفيه إستغاثة حيث قال "يا محمد إني أتوجه بك". هذا الحديث أخرجه البيهقي في الدلائل النبوة )ج 6، ص167( عن إسماعيل بن شبيب عن أبيه ...
وفيه )ج 6، ص 168( بإسناد آخر عن أحمد بن شبيب عن أبيه... وفيه )ج 6، ص 168( قال: "ورواه أيضا هشام الدستوائي عن أبي جعفر عن أبي أمامة عن عمهعثمان بن حنيف".
قلت: هذه ثلاث شواهد صحيحة غير رواية ابن وهب
وقد شذ الألباني في توسله )ج 2، ص 84( وشيخه ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 1، ص 284 – 390(:
"أن شبيب لا بأس بأحاديثه بش رط أن يكون من رواية يونس بن يزيد!".
قلت: هذا من شذوذهما بل غاية ماقيل في شبيب كما في الكامل لابن عدي رقم )891 (: "يحدث عنه ابن وهب المناكر الذي يرويها عنه ولعل شبيب بمصر في تجارته إليها كتب عنه ابن وهب من حفظه فيغلط ويهم. وقد تفرد بهذا الكلام ابن عدي ومع ذلك لم يقيد شبيبا بل تكلم ماروى عنه ابن وهب بمصر من حفظه فقط ولاتنس أن هشام الدستوائي تابع شبيبا كما قال البيهقي وهو شاهد له وهذا أحمد بن شبيب وإسماعيل بن شبيب جبلان أمامكم إن كان ابن وهب كتب عنه بمصر من حفظه فيغلط فأحمد
وإسماعيل لم يأخذا منه بمصر. وطريق هشام ليس فيه شبيبا .
قد قال ابن حجر في تق ريب التهذيب )ج1، ص 263(:
"لا بأس بحديث شبيب من رواية إبنه أحمد عنه لا ابن وهب".
ولحديث شبيب شاهد أيضا أخرجه الطبراني في الكبير
)ج 9، ص 30( بعد أن أورد بحديث شبيب قال: "حدثنا عثمان بن عمر بن فارس حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن أبي أمامة نحوه". وقال الحاكم في المستدرك )ج 1، ص 707(: "في رواية شبيب زيادات في المتن والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون". وفي العلل لابن أبي حاتم )ج 5، ص 385(: "أن حديث شبيب أشبع متنا وقد تابع هشام شبيبا وروايتهما أصح".
يزعم هؤلاء القوم أن عثمان بن حنيف حينما أجاز التوسل بهذا الحديث حذف لفظ )شَفِّعْهُ فيٌ وشفعني في نفسي .( فأقول: حذف الدعاء النبوي حسب حاجتك جائز عند المتشددين ثبت في فتاوى اللجنة الدائمة )ط ٢،ج 2، ص 246( حول الصلاة الإبراهيمية قالت ) وإن اقتصر على - اللهم صل وسلم على محمد - كفى! .وقال ابن باز في فتاوى نور )ج 8، ص 44(: "كان النبي يدعو بدعاء طويل بعد الركوع وإن اقتصرت على ربنا ولك الحمد كفى". وفيه )8 ص 78( قال: وإن اقتصر على البعض كفاه ذلك. ومثله في فتاوى اللجنة الدائمة )ط1، ج 8، ص 73(. وقال ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام )ج 1، ص 318( حول دعاء الإستفتاح: "وإن اقتصر عليه فلا حرج".
تنبيه: سمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بِـ) صلاة الحاجة ( فأصبح الوهابيون يقيدونه على الأعمى!!. ثبت في تاريخ دمشق )ج 64، ص93، رقم 8112( بإسناد صحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمه صلاة الحاجة! فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويدعوبهذا الدعاء .
فعلى هذا نقول: التوسل المسمى بالصلاة الحاجة معروف عند الصحابة .
قال ابن ماجة )ج 1، ص 441(: "باب ما جاء في صلاة الحاجة". فذكره
وفي مختصر الأحكام للطوسي )ج 2، ص 442(:
"باب ما جاء في صلاة الحاجة". وذكره .
وفي أخبار الصلاة لعبد الغني المقدسي )ج 1، ص 35(: "باب صلاة الحاجة،وذكره".
هنا تبين لك أن العلماء الذين رووا الحديث فهموا أن الدعاء مطلق لكل مسلم كما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم حتى سموه بصلاة الحاجة وهم أعلم بالتوحيد منا ،وثبت في علم الحديث أن الراوي أعلم بحديثه من غيره. لا أزال متعجبا من جرأة هؤلاء المتمسلفين على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم!. الصحابي روى حديثه وعمل به فجاء المتمسلف وقال أن الصحابي لم يفهمالحديث! هذا لمن سوء الأدب .
وأختم الباب بمن وثقوا الشبيب: وثقه أبو زرعة وأبو حاتم كما في الجرح والتعديل )ج 4، ص 395( والنسائي كما في تهذيب التهذيب )ج 4، ص 307( وكذلك الذهلي كما في تهذيب التهذيب )ج 6، ص 306( ووثقه الدارقطني كما في سؤلات الحاكم للدارقطني )ص224( وابن حبان في الثقات )ج 8 ص 310(.
وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل )ج 4، ص 359(:
"صالح الحديث لا بأس به". وقال ابن عدي في الكامل رقم
)891(: "له نسخة الزهري أحاديثه مستقيمة".
رجع ابن تيمية ويجيز الإحتجاج بالحديث عند السلف قال في مجموع فتاويه )ج 1، ص 264(: "أن ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء قال: حدثنا أبو هاشم سمعت كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة يقول: جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال: بك داء لا يبرأ. قال: ما هو؟ قال: الدبيلة. قالفتحول الرجل فقال: الله الله الله ربي لا أشرك به شيئااللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي. قال فجس بطنه فقال: قد برئت ما بك علة. قلت: فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ثم قال: وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع".
قلت: النزاع بين من ومن يا ابن تيمية؟ لا تستطع أن تأتي بهم إذ ليس في الباب نزاع .
وأقول: أجاز ابن تيمية التوسل وهو لايعلم في قوله: "من خدرت رجله فليقل: يامحمد". راجع الكلم الطيب )ج1، ص173، رقم 236( وابن القيم في الوابل الصيب )ج1، ص 136(.
ورجع ابن تيمية عن قوله بمنع التوسل وقال: لايستغاث بالنبي استغاثة بمعني العبادة ولكن يتوسل بهويتشفع به إلى الله. راجع البداية والنهاية )ج 14، ص 45( وقد علق الوهابيون على هذا القول بأنه خالف ما في كتبه ولم ينتبهوا أنه رجوع!.
تنبيه أيضا: قال الألباني في توسله )ج 2، ص 133(: "أن التوسل ليس شرك عندهم...". وقال في موسوعته )ج 1، ص 200(: "أن التوسل ليس من مسائل العقيدة".
وفي اللجنة الدائمة رقم )1711( قالوا: "نهي التوسل سدا للذريعة لا أنه شرك"!.
وقال الألباني في موسوعته )ج 3، ص 910، رقم
313(: "نهي التبرك بالأثار سدا للذريعة!".
قلت: من أمركم أن تسدوا تلك الذريعة؟! أين دليل صريح؟ .
وقلت أيضا: لقد أشكلني قولهم لا يتوسل بمخلوق كذات وجاه بينما نراهم يجيزون التوسل بمحبة وعمل صالح!. أليس المحبة مخلوقا؟! وقد مر قريبا أن الأعمى توسل بذات النبيوقال: "أتوجه إليك بنبيك" ولم يقل "أ توجه إليك بمحبتيلنبيك" أليس كذلك؟
قال الألباني في موسوعته )ج3، ص650، رقم240(: "يجوز التوسل بمحبتك الصالحين. أو محبتك للنبي صلى الله عليه وسلم!". ثم رجع في توسله )ج 1، ص 76( قائلا: "من رأى أن توسل الأعمى كان بذاته صلى الله عليه وسلم فعليه أن يقف عنده ولا يزيد عليه .- وكذب قائلا - كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام!".
وقال ابن باز في فتاوى أركان الإسلام )ج1، ص182(: "يجوز التوسل بمحبتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم!". وكذلك في الدرر السنية )ج11، ص64(: "يجوز التوسل بالمحبة".
التوسل بالصالحين
في صحيح البخاري رقم )1010( أن عمر بن الخطابرضي الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، فقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا"، قال: "فيسقون".
يزعم المتشددون أن عمر بن الخطاب ت وسل بدعاء العباس لا بذاته!. قلت: من أين لكم هذا الزعم؟ بل قال عمر "نتوسل بعم نبينا" ولم يثبت أنه قال "نتوسل بدعاء عم نبينا" ألبتة هذا من خرافات المتشددين. وتأويلاتهم الباطلة لا تغني ولا تسمن .
ثبت في أمالي المحاملي رقم )133(: "حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني أحمد بن يحيى بن جابر قال:
حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال استسقى عمر بالعباس عام الرمادة فقال: اللهم إنا نستسقيك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم ونستشفع إليك بشيبته فسقوا".
فجاء حفيد العباس ابن عبد العزيز الهاشمي السلفيوزاد الحديث إيضاحا قائلا "اللهم إن عمر بن الخطاباستسقى بشيبة العباس فسقي، وهو أبي وأنا أستسقي به .
قال: فأخذ يحول رداءه، فجاء المطر وهو على المنبر." ذكره الخطيب في تاريخ بغداد )ج9ص58( قال: "أخبرني أبو حاتم أحمد بن الحسن الواعظ في كتابه إلي من الري ،قال: سمعت إسماعيل بن الحسين الصرصري: يقول، فذكره .
وقال: ذكرت هذه الحكاية لأبي القاسم الأزهري، فقال:
حكى لي أبي عن حمزة نحو هذا".
قلت: الإسناد صحيح كما ترى. وذكره الذهبي في تاريخ الإسلام )ج7، ص691(. فاتضح من هذا أن عمر بن الخطاب توسل بذات العباس أي بشيبته!!. ترى المتشددين يهربون عن هذا الحديث كي لا يهدم بنائهم العنكبوتية .
حكم التبرك بآثار الصالحين
ادعى المتمسلفون حتى الألباني في صحيحه )ج 6، ص 1264( أن التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم منسوخ قال: "إن كان الصحابة تبركوا بآثاره حال حياته فقدصرفهم بعد ذلك وأرشدهم إلى ما هو خير لهم منه أنرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أو تنخم ابتدر من حوله من المسلمين وضوءه فشربوه، ومسحوا به جلودهم، فلما رآهم يصنعون ذلك سألهم: لم تفعلون هذا؟ قالوا: نلتمس البركة بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان منكم يحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث، وليؤد الأمانة". وقال حديث صحيح .
قلت: بل هذا حديث ضعيف عمرو السكسكي كذاب لا يستشهد به كما قال ابن حبان في المجروحين )ج 2، ص 79(. واتفقوا على ضعف عبيد بن واقد كما في الميزان )ج
3، ص 24(. والحسن بن أبي جعفر منكر الحديث كما في الضعفاء العقيلي )ج 1، ص 221(. لا يستشهد به .
ورواية الزهري معضل كما صرح بذلك الألباني نفسه في تحذير الساجد )ج 1، ص 70(. كيف يكون صحيحا؟ .
وكيف يدعي الألباني نسخ التبرك وأحاديث تبرك الصحابة بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مملؤة في صحيحالبخاري ومسلم وغيرهما؟! هذا لمن أعجب العجائب.
أما التبرك بآثار الصالحين فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه قال: ))البركة مع أكابركم(( وصححه المتشدد الألباني في صحيحته )ج4، ص380، رقم 1778( وفي صحيح الجامع )ج1، ص558، رقم 2884( نعمل بعمومه لا نلتفت إلى تأويلات أو تقييده بلا دليل ظاهر .وفي حديث: "كان صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين!!". صححه الألباني أيضا في صحيحته )ج5، ص154، رقم 2118( وفي صحيح الجامع )ج2، ص881، رقم 4894(.
في حديث محمد بن عبد الله الأنصاري بإسناد حسن رقم )63(: "حدثنا أبي، عن جميلة مولاة أنس قالت: كان ثابت إذا جاء إلى أنس قال: يا جميلة، ناوليني طيبا أمس به يدي، فإن ابن أبي ثابت لا يرضى حتى يقبل يدي، فيقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليهوسلم".
ومسند إسحاق بن راهويه بإسناد صحيح رقم
)1735(: "أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، أن عائشة، كانت تؤتى بالصبيان فتدعو لهم وتبرك عليهم".
وفي فضائل الصحابة لإمام أحمد رقم )937(: "حدثنا عبد الله بن أحمد قثنا نصر بن علي قال: أنا عبد الله بن داود، عن مدرك أبي الحجاج قال: رأيت عليا له وفرة، وأتي بصبي فبرك عليه ومسح على رأسه".
وفي المجالس والجواهر رقم )808(: "حدثنا أحمد بن أبي عمران، نا سعيد بن سليمان، نا زكريا بن منظور، نا محمد بن عقبة؛ قال: أرسل مروان بن الحكم إلى أبي هريرة أن يكتب في داره شيئا يتبرك به، فلما دخل الدار؛ قال: يا غلام! اكتب: تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تبلغون، والله! لا أزيدك". قلت: رجاله ثقات إلا زكرياء قال ابن عدي في الجرح:
"ضعيف يكتب حديثه".
التبرك بابن تيمية
في العقود الدرية المكتبة الشاملة )ص٣٨٥(: "وجلس جماعة قبل الغسل وقرأوا القرآن وتبركوا برأيته وتقبيله ثم انصرفوا وحضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذالك ثم انصرف...".
وفي )ص٣٦٨(: "وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك!". راجع الأعلام العلية )ص٨٣( بزيادة وفي العقود )ص٣٨٧(: "وشرب جماعة الماء الذي فضل من غسله! واقسم جماعة بقية السدر الذي غسل به!...
وختمت له ختم كثيرة وتردد الناس إلى قبره أياما كثيرة ليلا ونهارا..." راجع الأعلام العلية )ص٨٥(.
وفي العقود )ص٣٩٧(: "وفي الجدب نستسقي الغمامبوجهه...!" وفي الأعلام العلية )ص٨٥(: "ودفن في ذالك اليوم رضي الله عنه وأعاد علينا من بركاته!...".
تراب قبر الشيخ ابن تيمية، يكحل به لعلاج رمد العيون جاء في )٧٤( من كتاب: )الرد الوافر( وقد حققه زهير الشاويش، وقدم له جمع من كبار السلفية والمعاصرين وهو من كتب المناقب في ابن تيمية في نص القصة: التي رواها ابن حجي عن البطائحي المزي قال: "كنت شابا وكانت لي بنت حصل لها رمد وكان لنا اعتقاد في ابن تيمية! وكان صاحب والدي! وياتي الينا ويزور والدي! فقلت في نفسي: لآخذن من تراب قبر ابن تيمية فلأكحلها به فانه طال رمدها ولم يفد فيها الكحل!! فجئت الى القبر، فوجدت بغدادياً قد جمع من التراب صررا فقلت : ما تصنع بهذا؟ قال: اخذته لوجع الرمد أكحل به أولادًا لي!".
فقلت: وهل ينفع ذلك؟ فقال: نعم! وذكر أنه جربه!
فازددت يقينا فيما كنت قصدته فأخذت منه، فكحلتها وهي نائمة فبرأت!.
سليمان صوري ابن الحاج عبد الله صوري
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف
الحمد لله حمد ذاته بذاته قبل الكون والصلاة والسلام على أول التجليات وآدم لم يكن سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار ورضي الله عن جميع الأصفياء أولياء الرحمان مصابيح الهدى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد: هذا كتيب يحلل لك المشاكل ويوضح لك الحقيقة خاصة المسائل الخلافية الدائرة بين الصوفية والوهابية ونسأل الله رب السموات والأرض أن يجعله لنا نورا ورحمة دنيا وأخرى وأرجو بفضل الله ومنه أن يكون هذا الكتاب يد الحق يكشف الغطاء الأسود عن وجوه أبناء المسلمين إن شاء الله .
وأعتذر إلى الأحبة على التعمق في الأسانيد والإطالة في البيان فذلك كله ليتضح الحق لا غير. وربما أوردت حكم الألباني على بعض الأحاديث وحكم رؤساء المتشددين - كابن تيمية وابن القيم وغيرهما - في المسائل إلزاما لأتباعهملا احتجاجا بهم .
التشدد وسرعة الإنكار
تأملت في النزاعات والإختلافات التي طرأت على الأمة الإسلامية فإذا هي نشأت عن التشدد وسرعة الإنكار في بعض المسائل قبل بحث دقيق ورجوع إلى أربابها. وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في غير موضع التشديد قائلا كما في صحيح مسلم رقم (2670) عن عبد الله، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثا". ومعنى التنطع التشدد .
وأما سرعة الإنكار بلا تحقق فهي أم الخبائث التي وقع فيها كثير من الناس فإذا سمعوا عن بعض العارفين كلمة أو مسألة تحمل وجوها لا يحملونها على الوجه الأحسن بل يحملونها على الوجه الأسوأ كأنهم نسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال" . أخرجه أحمد (5385)وغيره بإسناد صحيح .
وكأنهم طرحوا وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حيث قال كما في أمالي المحاملي رقم (460): "حدثنا الحسين حدثنا زياد بن أيوب حدثنا محمد بن يزيد عن نافع بن عمر الجمحي عن سليمان بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب: "لا تظنن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا".
قلت: رجاله ثقات وله شواهد، أخرجه الزبير بن بكار في أخباره (ج1، ص32) : "حدثني عمي مصعب بن عبد الله، عن جدي عبد الله بن مصعب، عن أبيه، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره. وفي المخلصيات ج4، ص84 قال: حدثنا أبو أحمد عبد الواحد بن المهتدي قال حدثني أبو العباس أحمد بن بكر قال حدثني هشام بن عمار الدمشقي قال حدثنا إبراهيم بن موسى المكي عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال عمربن الخطاب رضي الله عنه وذكره".
وفي الأربعين لأبي الفتوح الطائي ج1، ص150 قال: "أخبرنا تاج الإسلام أبو بكر محمد بن منصور السمعاني أخبرنا الشيخ أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر، حدثنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ،حدثنا أبو الحسن الحافظ، حدثنا إبراهيم بن حماد، وأحمد بن عبد الله بن الوكيل، قالا: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا يعقوب بن الوليد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره".
وقال ابن تيمية في مجموع فتاويه ج5، ص79: واعلم أن لفظ " الصوفية " وعلومهم تختلف فيطلقون ألفاظهم على موضوعات لهم ومرموزات وإشارات تجري فيما بينهم فمن لم يداخلهم على التحقيق ونازل ما هم عليه رجع عنهم وهو خاسئ وحسير".
وقال الوهابية في كتابهم الدرر السنية ج9،ص133: "من تعلق بظواهر ألفاظ من كلام العلماءالمحققين ولم يعرضها على العلماء... هذا جهل وضلال...
وضاهى الخوارج".
والأسف كون أغلب أبناء العصر لا يلتفتون إلى هذه الوصية القيمة الثمينة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن ابن تيمية. نسأل الله السلامة .
الصوفية ومصدرها
الصوفية أو التصوف مشتق من الصوف لأنه غالب لباسهم إقتداء بالأنبياء كما يأتي قريبا ، وينسبون إلى أهل الصفة أيضا ، قال الحاكم في المستدرك ج3، ص18: "تأملت هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة فوجدتهم من أكابر الصحابة رضي الله عنهم ورعا وتوكلا على الله عز وجل وملازمة لخدمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، اختاره الله تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم من المسكنة والفقر، والتضرع لعبادة الله عز وجل، وترك الدنيا لأهلها ،وهم الطائفة المنتمية إليهم الصوفية قرنا بعد قرن، فمن جرىعلى سنتهم وصبرهم على ترك الدنيا والأنس بالفقر، وتركالتعرض للسؤال فهم في كل عصر بأهل الصفة مقتدون وعلى خالقهم متوكلين وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطائفة بما خصهم الله تعالى به من بين الطوائف بصفات فمن وجدت فيه تلك الصفات استحق بها اسم التصوف فمن وفق لاستعمال هذا الوصف من متصوفة زماننا فطوباه، فهو المقفي لهدي من تقدمه، والصوفية طائفة من طوائف المسلمين، فمنهم أخيار ومنهم أشرار لا كما يتوهمه رعاع الناس وعوامهم، ولو علموا محل الطبقة الأولى منهم من الإسلام، وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمسكوا عن كثير من الوقيعة فيهم".
قال ابن خلدون في تاريخه ج1، ص611: "أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم طريقة الحق والهداية وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور منلذة ومال وجاه والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة وكانذلك عاما في الصحابة والسلف. فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة".
قال ابن تيمية في مجموع فتاوىه ج11، ص195: "اسم " الصوفية " هو نسبة إلى لباس الصوف؛ هذا هو الصحيح وقد قيل إنه نسبة إلى صفوة الفقهاء وقيل إلى أهل الصفة..." إلخ
قال محمد بن عبد الوهاب في فتاوى ومسائل ج1، ص31 : "أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو: العلم النافع، ودين الحق الذي هو: العمل الصالح؛ إذا كان من ينتسب إلى الدين: منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول به كالفقهاء، ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية، فبعث الله نبيه بهذاالدين الجامع للنوعين..." إلخ .
ومما يدل أن الصوفية مشتق من الصوف أيضا ما ورد في صفة الصفوة لابن الجوزي ج2، ص455 : "فاطمة بنت عبد الرحمن كانت تعرف بالصوفية لأنها أقامت تلبس الصوف ولا تنام إلا في مصلاها بلا وطاء".
قلت: إن ثبت أن الصوفية مشتق من الصوف فقد ثبت في مسند أبي داوود الطيالسي رقم 328 : "حدثنا أبو داود قال: حدثنا يزيد بن عطاء ،عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: "كانت الأنبياء يركبون الحمر ويلبسون الصوف ويحتلبون الشاة وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار اسمه عفير".
وفيه رقم 1663 : "حدثنا همام، عن قتادة، عن مطرف، عن عائشة، أنها قالت: "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فلبسها، فأعجبته".
قلت: إسناده صحيح .
وفيه رقم 2262 : "حدثنا شعبة، قال: حدثني مسلم أبو عبد الله الأعور، سمع أنسا، يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويجيب دعوة المملوك، ولقد رأيته يوم خيبر على حمار خطامه من ليف".
قلت: صححه المتشدد الألباني في الصحيحة من رواية أبي موسى الأشعري، وفي صحيح الجامع رقم 4946.
اسمع رؤساء المتشددين الوهابيين يدافعون عن الصوفية:
قال ابن تيمية في مجموع فتاويه ج11، ص6 : "أول ما ظهرت الصوفية من البصرة وأول من بنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد وعبد الواحد من أصحاب الحسن البصري وكان في البصرة من المبالغة فيالزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار ولهذا كان يقال فقه كوفي وعبادة بصرية .
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج11،ص282 : وعبد الواحد بن زيد وإن كان مستضعفًاً فيالرواية إلا أن العلماء لا يشكون في ولايته وصلاحه ولا يلتفتون إلى قول الجوزجاني فإنه متعنت كما هو مشهور عنه .
وقال فيه ج11، ص16 : هو ـ أي الصوفي ـ في الحقيقة نوع من الصديقين فهو الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه.
وقال ج12، ص36 : وأما جمهور الأمة وأهل الحديث والفقه والتصوف فعلىما جاءت به الرسل وما جاء عنهم من الكتب والآثار من العلم وهم المتبعون للرسالة اتباعا محضا لم يشوبوه بما يخالفه.
وقال ج11، ص5 : أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا فى القرون الثلاثة وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل وأبىسليمان الدارانىوغيرهما وقد روى عن سفيان الثورى أنه تكلم بهوبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصرى .
وقال ج11 ص17 : طائفة ذمت الصوفية والتصوف وقالوا أنهم مبتدعون خارجون عن السنة... والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين... وقد انتسب إليهم من أهل البدع والزندقة ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم.
وقال في ج11، ص22 : وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، سواء سمي أحدها فقيرًا أو صوفياً أو فقيهاً أو عالماً أو تاجرًا أو جندياً أو صانعاً أو أميرًا أو حاكماً أو غير ذلك.
وقال في ج20، ص63 : ثم هم إما قائمون بظاهر الشرع فقط كعموم أهل الحديث والمؤمنين الذين فى العلم بمنزلة العباد الظاهرين فىالعبادة وإما عالمونبمعاني ذلك وعارفون به فهم فىالعلوم كالعارفين منالصوفية الشرعية فهؤلاء هم علماء أمة محمد المحضةوهم أفضل الخلق وأكملهم وأقومهم طريقة .
وقال في ج10، ص516 – 517 : فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإِبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ حماد، والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوِِّغون للسالك ولو طار في الهواء، أو مشى على الماء، أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يفعل المأمور، ويدع المحظور إلى أن يموت. وهذا هو الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وِإجماع السلف وهذا كثير في كلامهم .
وقال في ج8، ص638 : أما أئمة الصوفية و المشايخ المشهورون من القدماء مثل الجنيد بن محمد وأتباعه و مثل الشيخ عبد القادر وأمثاله فهؤلاء من أعظمالناس لزومًاً للأمر والنهي وتوصية بإتباع ذلك .
وقال في ج11، ص74 – 75 : ليس أحد من أهل المعرفة بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أو بغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن ُسُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان .
وفيه ج11، ص485 قال: أهل السنة والجماعة هم أهل الحديث والفقه والتصوف والكلام وغيرهم من أتباع الأئمة الأربعة...
ومع هذا نرى الآن بعض تلاميذ ابن تيمية يقولون أن الصوفيين ليسوا من أهل السنة والجماعة!!! إنا لله وإنا إليه راجعون.
وقال ابن تيمية ج15، ص428 : ثم الصوفية المشهورون عند الأمة الذين لهم لسان صدق فى الأمة لميكونوا يستحسنون مثل هذا بل ينهون عنه ولهم فىالكلام فى ذم صحبة الأحداث وفى الرد على أهلالحلول وبيان مباينة الخالق مالا يتسع هذا الموضع لذكره وإنما يستحسنه من تشبه بهم ممن هو عاص أو فاسق أو كافر فيتظاهر بدعوى الولاية لله وتحقيق الإيمان والعرفان وهو من شر أهل العداوة لله وأهل النفاق والبهتان والله تعالى يجمع لأوليائه المتقين خير الدنيا والآخرة ويجعل لأعدائه الصفقة الخسرة والله سبحانه وتعالى أعلم .
قال ابن القيم في كتابه مدارج السالكين ج1، ص135 أنهم" أي الصوفية " كانوا أجل من هذا وهممهم أعلى وأشرف إنما هم حائمون على اكتساب الحكمة والمعرفة وطهارة القلوب وزكاة النفوس وتصحيح المعاملة...
أما في " ج2، ص302 فنجده يقول: التصوف زاوية من زوايا السلوك الحقيقي وتزكية النفس وتهذيبهالتستعد لسيرها إلى صحبة الرفيق الأعلى, ومعية من تحبهفان المرء مع من أحب .
وفي الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج1، ص241 قال محمد بن عبد الوهاب: لا ننكر الطريقة الصوفية، وتنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح، مهما استقام صاحبها على القانون الشرعي، والمنهج القويم المرعي .
تنبيه: تناقض المتمسلفون في دين الصوفي فقال بعضهم:
الصوفيون كسائر المسلمين فيهم الصالحون ويوجد منهم جائرون.
قلت: هذا حق. ويقول بعضهم: الصوفيون الأوائل على الحق والصوفيون الأواخر كلهم منحرفون .
قلت: هذا هذيان. ويقول بعض مجانينهم: الصوفية كلها ضلالة .
قلت: إذا حكمنا أن كل تصوف ضلالة بلا استشناء فلا بد أن نطرح من صحيح البخاري 690حديثا ومنصحيح مسلم 30 حديثا لأجل سفيان الثوري لما ثبتفي صفة الصفوة ج1، ص12 أنه كان يشرب عنالصوفيين وكذلك طبقات الصوفية ج1، ص387 أنه كان يعتمدهم .ولا بد أن نسقط من سنن الكبرى للنسائي 7حديثا ومن معجم الكبير للطبراني 22 حديثا والكبرى للبيهقي 69 حديثا وشعب الإيمان 114 حديثا لأجل أحمد بن يحيى الصوفي وأحمد بن محمد الصوفي وغيرهما. ونطرح من موارد الظمعان 38 حديثا، ومن المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم 179حديثا وصحيح ابن حبان 69 حديثا ومن الشريعة للآجوري 35 حديثا لأجل أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي. بل إذا قلنا أن الصوفيين مشركون لتوسلهم عند قبور الصالحين فلا بد أن نحرق جميع كتب ابن حبان صحيحه وثقاته وغيرهما لكونه يتوسل عند قبور الصالحين كما يأتي. ونحرق المعجم الثلاث للطبراني وكتب ابن أبي عاصم وغيرهم كلهم مع الصوفيين ويأخذون عنهمويتوسلون كما يأتي قريبا إن شاء الله.
وزعم بعض المتمسلفيين أن الإمام مالك والشافعي ذموا الصوفية لما في تلبيس إبليس لابن الجوزي ج1، ص327 : عن عبد الملك بن زياد النصيبي قال كنا عند مالك فذكرت له صوفيين في بلادنا فقلت له يلبسون فواخر ثياب اليمن ويفعلون كذا وكذا قال أومسلمين هم؟ وضحك. وعن يونس بن عبد الأعلى قال سمعت الشافعي يقول لو أن رجلا تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق وما لزم أحد الصوفية أربعين يوما فعاد عقله إليه أبدا.
قلت: هذا افتراء على الإمامين بلا شك؛ أين إسناد إليهما؟ ابن الجوزي لم يسق الإسناد حتى نرى صحته؟ ثم عبد الملك بن زياد الراوي عن الإمام مالك ضعيف. ابن الجوزي نفسه قال في ضعفائه ج2، ص149 : أنه منكر الحديث وكذلك الذهبي في المغني ج2، ص405 وقالابن حبان في الثقات ج8، ص390 : يغرب عن مالك .
وهذا الأثر رواه عن الذي يغرب عنه. ويونس الراوي عن الشافعي قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج11، ص441 : أنكروا عليه تفرده عن الشافعي برواية حديث" لا مهدي إلا عيسى" وقيل أن يونس دلسه!. وفي خلاصة تهذيب ج1، ص334 : تفرد يونس بحديث منكر عن الشافعي .
فقلت: هذا الأثر تفرد به يونس عن الشافعي أيضا فانتبه .
وقلت: لو كنا نحتج بمثل هذه الآثار الضعيفة لقلنا: الإمام مالك رحمه الله تعالى يقول: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق .راجع حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإمام الزرقاني ج3، ص195. وشرح عين العلم وزين الحلم للإمام ملا علي القاري ج1، ص33 وفي مرقاة المفاتيح ج1، ص335.
والشافعي رحمه الله تعالى يقول: حبب إلي من دنياكمثلاث: ترك التكلف وعشرة الخلق بالتلطف والاقتداء بطريق أهل التصوف!. راجع كشف الخفاء للإمام العجلوني ج1 ص341.
ومن عجائب هؤلاء المتشددين أنهم يذمون اسم التصوف وجميع مسميات الصوفية المنسوبة إليها حتى لفظ - المولد- يقولون أن هذه الأسماء بدعة لأنها لم توجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم!! فطالبناهم أن يأتوا بمصدر اسمهم الذي يفتخرون به أعني - أهل السنة والجماعة وغيرها من مسمياتهم فهربوا ! حاول بعضهم أن يحتج بحديث موضوع! عن ابن عباس في قول الله تعالى:
﴿يوم تبيض وجوه﴾ قال: وجوه أهل السنة والجماعة!
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ج3، ص729 رقم 3950.
قلت: هذا الحديث موضوع في إسناده ابن قدامة ومجاشع وعبد الكريم الجزري. واستلم الألباني في الضعيفة رقم 639أن مجاشع كذاب! ومع هذا لم يزل ابن تيمية يكرر هذا الحديث المكذوب في كتبه كرره في مجموع فتاويه (ج3 ص
310 وفي (ج4، ص515( و)ج12، ص115( و)ج12، ص341( و )ج20، ص292( و)ج 22، ص252( وفي )ج22، ص358( و)ج24، ص171( وفي )ج28، ص423(. وفي منهاجه )ج3، ص467( و)ج5، ص134(. وفي فتاوى الكبرى )ج1 ، ص140( و)ج4، ص448( . وفي جامع مسائله )ج4، ص233(. وفي رسالته )ج1، ص22(. وفي درع تعارضه )ج1، ص48(.
لهؤلاء المتشددين أسماء بدعيات كثيرة منها:
الجامية -الربيعية -السرورية -المدخلية -الحدادية-القطبية -البازية -الألبانية -أهل السنة للجهاد -أنصار السنة -إخوان المسلمين -. وغير ذلك من الأسماء راجع كتابهم - داعية وليس نبيا- وفتنة التكفير للألباني وغيرهما لكل فرقة عقائد تخالف عقائد الأخرى .
تنبيه: إذا أراد المتشددون اختراع اسم من الأسماء يقولون: لامشاحة في الإسماء: قال ابن تيمية في درع تعارضه )ج4، ص148(: لا مشاحة في الألفاظ. وقال ابن القيم في إعلام الموقعين )ج2، ص227(: لا مشاحة في الاسم .وقال في الصواعق المرسلة )ج3، ص971(: لا مشاحة في الأسامي. وفي مفتاح السعادة )ج2، ص268(: لا مشاحة في التسمية. وفي مدارجه )ج3، ص286(: لا مشاحة في الإصطلاح. وقال الألباني في الضعيفة )ج13، ص1085(: لا مشاحة في الإصطلاح. وفي موسوعته كرره خمس مرات. وقال ابن باز في مجموع فتاويه )ج2، ص71(: لا مشاحة في الإصطلاح. وقالت فتاوى اللجنة الدائمة )ط٢، ج1، ص21(: لا مشاحة في الإصطلاح.
قال ابن باز في فتاوى نور بعناية الشويعر )ج3، ص168(: "أما الألقاب ما يلقب بأنصار السنة أو الإخوان المسلمين أو جماعة المسلمين، أو جمعية كذا لا بأس بهذه الألقاب، الألقاب لا تضر ،المهم العمل".
وإذا أراد الصوفي ون اختراع إسم كما اخترعوا يقولون: لا يجوز حرام هذا الاسم لا يعرف في زمن الصحابة بدعة ضلالة .!! فأقول : هذا بهذا وإلا فلا.
ومنهم عوام يعتقدون أن جميع فرق الإسلامية ضالون إلا الفرقة التي هو فيها ويحتج بحديث ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة .فقلت:
هذا الحديث حسنه بعض العلماء لكثرة طرقه ولكنهم أخطؤوا لأن جميع طرقه واهيات إما فيه كذاب أو متروك أو ضعيف جدا ومثل هذا لا يقوي بعضها البعض وإن تعددت طرقه هذا ظاهر. وسأجمع لك طرق الحديث لترى علله بعينك وتحكم بنفسك إن شاء الله . وقبل ذلك أقول:
لست أنا أول من ضعف هذا الحديث بل قال ابن حزم في "الفصل في الملل ")ج3، ص138(: حديث افتراق الأمة لا يصح أصلا من طريق الإسناد. وقال الشوكاني في تفسيره )ج2، ص294(: الزيادة " كلها في النار إلا واحدة " لم تصح لا مرفوعة ولا موقوفة. وقال الفيروزبادي في رسالته)ج1، ص6، رقم80(: حديث افتراق الأمة لم يثبت. وقال الوزير في تاريخ اليمن )ج1، ص125(: "حديث افتراق الأمة باطل وعن الصحة عاطل". ومن المعاصرين من ضعفوه أيضا ولكن لم أر من انتقده انتقادا شافيا فأردت أن أنقضه نهائيات إن شاء الله اسمع ما يأتي:
1- رويَ هذا الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وهو ضعيف. وفي الجرح والتعديل )ج8، ص31(: قال يحيى بن سعيد ومالك:" ليس هو ممن تريد". وقال ابن معين ما زال الناس يتقون حديثه. ويحدث عن أبي سلمة بالشيء رأيه ثم يحدث به مرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة! .قلت: وهذا الحديث حدثه عن أبي سلمة ولعله من رأيه ثم رفعه. وقال ابن حبان في الثقات )ج7، ص377(: يخطىء. وهذا الطريق ليس فيه الزيادة " كلها في النار" لذلك لا يستشهد به فانتبه .
2- وروي عن معاوية مرفوعاً ووقفه بعضهم على معاويةوفي السند أزهر بن عبد الله الهوزني . وفي تهذيب الكمال )ج2، ص328(: أزهر هذا كان يسب عليا. قال أبو داود: إني لا بغض أزهر كان ممن سبوا أنس بن مالك وأتوا به الحجاج وكان يحرض عليه قال ابن الجارود في كتاب الضعفاء: كان يسب عليا... وقال أبو الفتح الأزدي يتكلمون فيه. قال بشار: إذا صح أنه كان يسب عليا رضي الله عنه فهو ضعيف لا يحتج به ولا كرامة ومثله مثل الذي يسب أبا بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم أجمعين فهذه بدعة كبرى مثلها مثل الرفض الكامل والغلو فيه، ولا أدري كيف يتجرأ البعض فيسب واحدا من الخلفاء الراشدين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قلت: فعلى هذا سقط أزهر بن عبد الله عن الإستشهاد به .
3- وروي عن أنس بن مالك من سبعة طرق كلها ضعيفة لا تخلو من كذاب أو وضاع .
الأول: عن وليد بن مسلم عن الأوزاعي. وفي تهذيبالكمال )ج31، ص97(: كان الوليد يحدث حديث كذب عن الأوزاعي! .
الثاني: عن النميري اسمه زياد. في الضعفاء ابن الجوزي )ج1، ص301( قال يحيى: ليس بشيء .
الثالث: عن ابن لهيعة في الجرح )ج5، ص146( نهي أن لا يحمل عنه أحد .
الرابع: عن طريف بن سليمان في اللسان )ج7، ص471( منكر الحديث .
الخامس: عن سويد بن سعيد سرقه كما في الكامل )ج4، ص498(.
السادس: عن أبي معشر اسمه نجيح. في الضعفاء العقيلي )ج4، ص308( منكر الحديث .
السابع: عن مبارك بن سحيم. في الضعفاء لأبي زرعة )ج2، ص515( منكر الحديث .
الثامن: عن يزيد الرقاشي قال ابن حبان في المجروحين
)ج3، ص98( لا تحل الرواية عنه .
4- و روي عن عوف بن مالك مرفوعاً وفيه "عباد وراشد" ضعيفان في سؤالات البرقاني - رواية مجدي- )ج1، ص79(: راشد بن سعد ضعيف لا يعتبر به. وفي إكمال تهذيب )ج4، ص306(: ضعفه الدارقطني. وفي المغني )ج1، ص226(: ضعفه ابن حزم. أما عباد بن يوسف ففي الكاشف )ج1، ص533(: يغرب. وفي المغني )ج1، ص328(: ليس بالقوي .
5- وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعاً عند الترمذي )ج5، ص26( وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي قال ابن حبان في المجروحين )ج2، ص50(: كان يدلس عن المصلوب - وهو كذاب - !. وفي تاريخ ابن معين رواية الدوري )ج1، ص73(: عبد الرحمن ليس بشيء .
6- وروي عن أبي أمامة مرفوعاً وفي إسناده أبو غالب فيتهذيب الكمال )ج34، ص171( منكر الحديث وقالابن حبان لا يعتبر به .
7- وروي عن ابن مسع ود مرفوعاً. وفي سنده عقيل الجعدي. في الضعفاء العقيلي )ج3، ص30( منكر الحديث. واتفقوا على نكارته .
8- وروي عن علي كرم الله وجهه موقوفا وفي الإسناد البحلي اسمه عمار ضعيف؛ ولم يسمع من سعيد بن جبير كما في علل أحمد رواية ابنه )ج2، ص459(.
9- وروي عن بنت سعد وفيه عبد الله بن عبيدة وأخيه موسى قال ابن حبان في المجروحين )ج2، ص4( منكر الحديث جدا يجب تركه .
وقد رأيت بعينك أن جميع طرقه إما فيه منكر أو محدث عن الكذاب أو مبتدع يسب الصحابة أو رجل لا يعتبر به أو رجل نهي عن التحدث عنه وهو المتروك، كيف يقوي مثل هذه الطرق ببعضها؟!. ورواية أبي هريرة ضعيف كما مر وليس فيه كلها في النار؛ ورواية علي بن أبي طالبموقوف منقطع؛ فمن أين الصحة في هذا الحديث؟! .
تنبيه: هذا الحديث ركب له متنا عن نعيم بن حماد كما في تهذيب الكمال )ج29، ص474(. وصنع له سندا أيضا عن عبد الله بن سفيان كما في الميزان )ج2، ص430(.
ففضحهم الله .
هذا من ناحية إسناده، وأما من ناحية متنه فنقول:
1- قال الله تعالى عن هذه الأمة المحمدية في كتابه العزيز
﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ ويقول أيضا: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا ﴾ فهذه الآيات تقرر أن هذه الأمة هي
خير الأمم، وأنها أوسطها؛ أي: أفضلها وأعدلها، وأما هذا الحديث فيقرر أنَّ هذه الأمة شر الأمم وأكثرها فتنة وفساداً وافتراقاً.
2- ويؤكد بطلان هذا الحديث من حيث متنه ومعناه أيضاً أنَّ كلَّ من صنف في الفِرقِ كتب أسماء ف رَق يغاير في كتابه لما كتبه الآخر، ولا زالت تحدث في كل عصر فرقٌ جديدة بحيث أن حصرهم لها غير صحيح ولا واقعي وقول من قالإنَّ ما استحدث من الفرق الجديدة لا تخرج في مبادئها غيرصحيح والواقع يرفضه ويثبت فساده.
3- في متنه اضطراب ورد عن عوف بن مالك: ))ستفترق
أمتي على 73 فرقة كلها في النار إلا واحدة((. رواه أحمد وغيره .وعن ابن مسعود ))ستف ترق أمتي على 72 ونجا منها ثلاث(( رواه ابن أبي عاصم في السنة ))ج1، ص35(( وغيره .وفي ابن أبي شيبة )ج7، ص554(:
))ستفترقون على 72 فرقة((. وفي المنتخب عن سعد:
))ستفترقون على 71 فرقة((. كيف تتفق هذه الألفاظ؟ .
ثم عبارة ما عليه أنا وأصحابي لا يعقل أن يصح صدوره منه صلى الله عليه وآله وسلم لأمور أذكر واحد منها: وهو أنَّ الصحابة افترقوا في عهد الإمام علي رضي الله عنه إلى ثلاث فرق، فرقة مع سيدنا علي كرم الله وجهه .وفرقة قعدت ولم تقاتل مع أحد من الفريقين وقد ندم أفرادها. وفرقة مع معاوية وحزبه؛ فعبارة ))ما عليه أنا وأصحابي(( في حديث الافتراق مع أي فرقة من هذه الفرقالثلاث تكون؟!
حاول الألباني أن يصحح حديث افتراق الأمة ولا يعلم أنه يتعارض مع الحديث الذي صححه هو في صحيح
الجامع )ج2، ص993(: ))ما من أمة إلا وبعضها في النار وبعضها في الجنة إلا أمتي فإنها كلها في الجنة((.
حكم اللحية في الإسلام
إعفاء اللحية على التحقيق سُنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها وحلقها مكروه لم يثبت في حديث أن حلقها حرام بل حلقها ترك للسنة وكذلك لم يرد في أي حديث أن إعفائها - ترك القص - واجب بل قال الرسول صلى الله عليه وسلم أنها سنة من السنن كما صح وثبت في مستخرج أبي عوانة )ج1، ص163(: عن النبي ـ صلى الله عليه
وسلم ـ قال: ))عشرة من السنة قصُّ الشارب وإعفاء اللحْية والسواك واستنشاق الماء وقصُّ الأظفار وغسْل البراجِم ونَ تْفُ الإبط وحلْق العانة وانتقاص الماء والمضمضة((. وأخرجه مسلم والنسائي وأثبته علماءالحديث حتى المتشدد الألباني في صحيح الجامع )4009(وغيره .
ومن هنا يتضح لكل منصف أن إعفاء اللحية من السُنن المرغوب فيها وقد ساواها النبي صلى الله عليه وسلم بالسواكَ، إذًا اللحية والسواك سواء بسواء سماها النبي سنة فيجب علينا أن نقف حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن العجب أن بعض الناس يشددون في حكم اللحية لحديث أحفوا الشوارب وأوفروا اللحى وخالفوا المجوس أخرجه مسلم رقم )260(. ولا يشددون الصبغة لحديث: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم أخرجه البخاري رقم (3462). وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد وقال: ((أعفو اللحى وخذوا الشوارب وغيروا شيبكم ولا تشبهوا باليهود)) أخرجه أحمد رقم (8672) وغيره بإسناد صحيح. ولا يشددون بحكم الصلاة بالنعل مع ما ثبت في سنن أبي داود رقم (652):
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))خالفوا اليهود
صلوا في نعالكم فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم((. وأخرجه كثير من المحدثين. لذلك كنت أقول كل وقت وحين أن الصبغة والصلاة بالنعل وإعفاء اللحية شيء واحد إن لم يكن هذا مبتدع لا يكون ذاك مبتدع لأن حكمهم سواء في الحديث.
اسمع أقوال العلماء الجهابذة حول الأخذ من اللحية ما زاد على القبضة أم هؤلاء كلهم مخطؤن إلا أنت وبعض المخالفين؟ أين النص منكم على وجوب إعفائها؟ ولن تجدوا إلا قياسا ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا .
وفي سنن الترمذي رقم (2762): حدثنا هناد، قال:
حدثنا عمر بن هارون، عن أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها .وقال الترمذي فيه - عمر بن هارون - وحديثه مقارب وقال قتيبة : هوصاحب حديث .
قلت: قد ضعفه بعض الجهابذة النقاد لذلك لا نحتج به .
وفي الآثار لأبي يوسف رقم )1039( قال: حدثنا يوسف عن أبيه عن أبي حنيفة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: "كان يأخذ من لحيته".
وثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )25488(:
حدثنا وكيع، عن شعبة، عن عمرو بن أيوب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة: "أنه كان يأخذ من لحيته ما جاوز القبضة". وفيه رقم )25480(: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن سماك بن يزيد، قال: "كان علي يأخذ من لحيته مما يلي وجهه". وفيه أيضا رقم )25483( حدثنا أبو خالد، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه: "أنه كان يأخذ من لحيته، ولا يوجبه".
قال أبو الوليد الباجي في المنتقى شرح الموطأ )ج7،ص266(: روى ابن القاسم عن مالك: لا بأسَ أن يؤخَذَ ما تطايرَ من اللحيةِ وقيل لمالك: فإذا طالت جدًّا؟ قال:
أرى أن يؤخَذَ منها وتـقَصَّ، وروي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّهما كانا يأخذانِ مِن اللحيةِ ما فضَل عن القبضةِ.
وقال ابن هانئ في مسائله )ج2، ص151(: سألتُ أبا عبد الله عن الرجُلِ يأخذ من عارضَيه؟ قال: يأخذُ مِن اللحيةِ ما فضلَ عن القبضة، قلتُ: فحديثُ النبِيّ صلى اللهُ
عليه وسلم: ))أحفُوا الشَّواربَ وأعفُ وا الل حي(( قال: يأخذُ مِن طولِها ومن تحت حَلقِه، ورأيت أبا عبد الله يأخذُ من عارِضَيه ومن تحتِ حلقه.
وقال الخلَّال في كتاب الوقوف والترجل )ج1، ص129(: أخبرني حربٌ قال: سُئل أحمدُ عن الأخذ من اللحية؟ قال: إنَّ ابن عمر يأخذُ منها ما زاد على القبضةِ، وكأنه ذهب إليه، قلتُ: ما الإعفاءُ: قال: يروى عن النبيصلى الله عليه وسلم، قال: كأنَّ هذا عنده الإعفاء
وقال المرداوي في الإنصاف )ج1، ص121(: ويعفِي لحيته... ولا يكرهُ أخذُ ما زاد على القبضةِ، ونصُّه- يعني أحمد- لا بأسَ بأخذِ ذلك، وأخذِ ما تحت الحَ لقِ ...
وقال ابن بطال في شرح البخاري )ج9، ص147(:
قال عطاء: لا بأسَ أن يأخُذَ مِن لحيته الشيءَ القليلَ مِن طولِها وعَرضِها إذا كثـرت.
وقال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار )ج4، ص317(: وفي أخذِ ابنِ عمَرَ مِن آخِرِ لحيته في الحجِّ دليلٌ على جوازِ الأخذ من اللحيةِ في غير الحجِّ؛ لأنه لو كان غيرَ جائزٍ ما جاز في الحج وقال إبراهيم كانوا يأخذون من عوارض لحاهم وكان إبراهيم يأخذ من عارض لحيته وعن أبي هريرة أنه كان يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة وعن بن عمر مثل ذلك وعن الحسن مثله وابنعمر روى عن النبِيّ ص لى اللهُ عليه وسلم: ))وأعفُوااللِ حى(( وهو أعلَمُ بمعنى ما روى، فكان المعنى عنده وعند جمهورِ العلماءِ الأخذَ من اللحية ما تطايرَ .
وقال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه من كتاب الطهارة والحج )ج1، ص237(: "وأمَّا إعفاءُ اللحيةِ فإنه يتركُ، ولو أخذَ ما زاد على القبضةِ لم يكرهْ؛ نصَّ عليه كما تقدَّمَ عن ابن عمر، وكذلك أخذُ ما تطايرَ منها".
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح )ج10، ص350(:
"قلت: الذي يظهَرُ أنَّ ابنَ عمرَ كان لا يخصُّ هذا التخصيصَ بالنسُكِ، بل كان يحمِلُ الأمرَ بالإعفاءِ على غير الحالةِ التي تتشَوه فيها الصورةُ بإفراطِ ط ولِ شَعرِ اللحيةِ أو عَرضِه".
وفي حاشية ابن عابدين )ج4، ص459( قال: "لا بأسَ بأخذِ أطرافِ اللحيةِ إذا طالت".
وقال الغزالي في الإحياء )ج1، ص143(: "وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل إن قبض الرجل على لحيتهوأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس فقد فعله ابن عمروجماعة من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب فإن الطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبذ إليه فلا بأس بالاحتراز عنه على هذه النية وقال النخعي عجبت لرجل عاقل طويل اللحية كيف لا يأخذ من لحيته ويجعلها بين لحيتين فإن التوسط في كل شيء حسن ولذلك قيل كلما طالت اللحية تشمر العقل".
قال الألباني في الضعيفة رقم )2355(: "الأخذ من اللحية ما زاد على القبضة ثابت عن ابن عمر وأبي هريرة وهو الراوي حديث: ))أحفوا الشوارب واعفوا اللحى(( والراوي أعلم بحديثه من غيره"!
وفي فتاوى اللجنة )ط٢، ج4، ص46(: "س: يقول الشيخ المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله - في شأن اللحية في أحد أشرطته المنسوخة من طرفأحد طلاب العلم، وهو عكاشة عبد المنان الطيبي: )إنالذي يطلق لحيته أكثر من قبضة بأنه مبتدع(".
وفي ملتقى أهل الحديث - كتاب للوهابية – )طبعة
٢، ج90، ص51( قالوا: "أن المراد بكث اللحية قص!
وأن لحيته صلى الله عليه وسلم لم تبلغ نحره"!.
هذا كلام سلفنا الأول أما ابن باز وابن عثيمين وبعض السعوديين المعاصرين يوجبون إعفائها بلا دليل فإنا لله وإنا إليه راجعون .
حكم رفع السروال
أخرج أحمد في مسنده رقم )13605(: "حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))الإزار إلى نصف الساق(( فلما رأى شدة ذلك على المسلمين، قال:
))إلى الكعبين، لا خير فيما أسفل من ذلك((".
وفي حديث أحمد )ج3، ص140(: "رخص الإزارمن نصف الساق إلى الكعبين" وصححه المتشدد الألباني في صحيحته رقم )1765(.
وفي مصنف ابن أبي شيبة رقم )24828(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن أبي عون، عن ابن سيرين، قال: كانوا )يعني الصحابة( يكرهون الإزار فوق نصف الساق .أي ما لم يبلغ نصف الساق".
وفي جامع ابن معمر رقم )19980(: "أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم، قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: ))من جر إزاره من الخيلاء ،لم ينظر الله إليه(( قال زيد: وقد كان ابن عمر يحدث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه إزار يتقعقع - يعني جديدا - قال: ))من هذا؟((، قلت: عبد الله قال: ))إن كنت عبد الله فارفع إزارك((، قال: فرفعته، قال:
))زد((، قال: فرفعته حتى بلغ نصف الساق، ثم التفت إلى أبي بكر، فقال: ))من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر
الله إليه يوم القيامة((، فقال أبو بكر : إن إزارييسترخي أحيانا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
))لست ممن يفعله خيلاء((" وأخرجه البخاري )5774( ومسلم )2085( مختصرا .
دل هذه الأحاديث أن المطلوب من اللباس ما بين نصف الساق إلى الكعبين وما أسفل من الكعبين أو لم يبلغ نصف الساق للخيلاء والكبر ففي النار. وإذا لم يكن للخيلاء والكبر فلا يدخل في المنهي عنه لما ياتي.
حكم الإسبال بلا خيلاء
في سنن أبي داود رقم )1215(: "حدثنا محمد بن المثنى، وأحمد بن ثابت الجحدري قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا خالد الحذاء ،عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن الحصين، قال: "سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة" فقام الخرباق، رجل بسيط اليدين، فنادى: يا رسول الله أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضبا يجرإزاره فسأل، فأخبر، «فصلى تلك الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم".
محل الشاهد: قوله ) يجر إزاره( .
وفي مسند أبي عوانة رقم )36(: "عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))ما من
عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل
الجنة((، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: ))وإن زنى وإن سرق((. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: ))وإن زنى وإن سرق((، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:
))وإن زنى وإن سرق((، ثلاثا على رغم أنف أبي ذر " فخرج وهو يجر إزاره وهو يقول: ))على رغم أنف أبي ذر((. فكان أبو ذر يحدث به وهو يقول: "على رغم أنف أبي ذر". الشاهد قوله ) وهو يجر إزاره( .
وفي مسند ابن أبي شيبة رقم )793(: "حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا عبد الملك بن حسن الجاري، قال: سمعت سهم بن المعتمر، يحدث، عن الهجميرضي الله عنه، أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهومؤتزر بإزار قطن قد استرخى حاشيتاه".
وفي المستدرك بإسناد صحيح رقم )2157(: "حدثنا أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الفقيه، بالري، حدثنا محمد بن الفرج الأزرق، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن يزيد بن أبي مالك، حدثنا أبو سباع، قال: اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع فلما خرجت بها أدركني واثلة وهو يجر إزاره، فقال: يا عبد الله اشتريت؟ قلت: نعم، قال: بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها، إنها لسمينة ظاهرة الصحة..." الخ
وأخرج ابن أبي شيبة رقم )24816(: "عن ابن مسعود بسند جيد أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال إني حمش الساقين".
وفي الأحادي والمثاني رقم )390( بإسناد صحيح عنأبي إسحاق قال: "رأيت ابن عباس أيام منى طويل الشعر ،عليه إزار فيه بعض الإسبال ،وعليه رداء أصفر".
وأخرج ابن أبي شيبة رقم )35087(، وعنه أبو نعيم في الحلية )ج5، ص322(، وابن سعد في الطبقات )ج5، ص403(: "عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمرو بن مهاجر قال كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك".
قال البيهقي في الكبرى )ج2، ص242(: "وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه صلى سادلا وكأنه نسي الحديث أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء وكان لا يفعله خيلاء والله أعلم".
إبراهيم بن ي زيد النخعي أخرج ابن أبي شيبة رقم:
)24845( قال: حدثنا ابن مهدي، عن أبي عوانة، عن مغيرة قال: "كان إبراهيم قميصُه على ظهر القدم". إسناده صحيحٌ.
أيوب بن أبي تِيمَة السِّختيانيُّ أخرج الإمام أحمد في العللرواية ابنه عبد الله رقم )841( قال: "حدثنا سليمان بنحرب، قال: حدَّثنا حماد بن زيد، قال: أمرني أيوب أن أقطعَ له قميصاً قال: اجعله يضربُ ظهْرَ القدم و اجعَلْ فمَ كُمِّهِ شبراً. إسنادهٌ صحيحٌ .
ومن أقواله –رحمه الله-: "كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها، والشهرة اليوم في تقصيرها". أخرجه معمر في جامعه )ج11، ص84(، وأبو نعيم في الحلية )ج3، ص7( ولفظه: "كان في قميص أيوب بعض التذييل فقيل له فقال: كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها فالشهرةُ اليومَ في التشمير".
قلت: صدق أيوب قد ثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )24828(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عن أبي عون، عن ابن سيرين، قال: "كانوا )يعني الصحابة( يكرهون الإزار فوق نصف الساق".
وقد عقد البخاري بابا في صحيحه بعنوان من جرإزاره من غير خيلاء )ج7، ص141( وجاء فيه بالحديثين السابقين فكأن هذا مذهبه وهو أنه لا إثم على من جر ثوبه لغير خيلاء.
وفي كتاب المنهيات للحكيم الترمذي )ج1، ص52( قال: "عامة الأحاديث التى جاءت عن جر الإزار، إنما تدل على أن النهى مع الشرط، قال: "من جر الإزار خيلاء"؛ فدل هذا على أن النهى عن جر الإزار إذا كان خيلاء.
حدثنا قتيبة عن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع وزيد بن أسلم وعبد الله بن زبير، كلهم يخبر عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء." فهذا الإسبال والجر للثوب إنما كره للمختال الفخور. وقد كان في بدء الإسلام المختال يلبس الخز ويجر الإزار ويسبله فنهوا عن ذلك. وقد كان فيهم من يلبس الخز ويسبل الإزار فلا يعاب عليه، منهم أبو بكر رضى الله عنه حدثني أبى، حدثنا أحمد بن يونس، عن زهير، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه ،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" ؛ فقال أبو بكر رضى
الله عنه: بأبى أنت يا رسول الله، إن أحد شقى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لست ممن يصنعه خيلاء".
وفي مسند أبي عوانة )ج5، ص244(: باب بعنوان بيان الأخبار الناهية عن جر الرجل إزاره بطرا وخيلاء والتشديد فيه والدليل على أن من لم يرد به خيلاء لم تكن عليه تلك الشدة.
وجاء في صحيح ابن حبان )2 ص282( قال:
"أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة ،قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سلام بن مسكين، عن عقيل بن طلحة، قال: حدثني أبو جري الهجيمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله، إنا قوم من أهل البادية، فعلمنا شيئا ينفعنا الله به، فقال: ))لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك، ووجهك إليه منبسط. وإياك وإسبال الإزار، فإنه من المخيلة، ولا يحبها الله. وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك، فلا تشتمه بما تعلم فيه ،فإن أجره لك، ووباله على من قاله((.
قال أبو حاتم: "الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد. والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة، وهي الخيلاء، فمتى عدمت الخيلاء، لم يكن بإسبال الإزار بأس. والزجر عن الشتيمة، إذا شوتم المرء، زجر عنه في ذلك الوقت، وقبله، وبعده، وإن لم يشتم".
قال ابن تيمية في شرح العمدة من باب الصلاة )ج1، ص364( قال: "هذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة، والمطلق منها محمول على المقيد، وإنما أطلق ذلك؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة". جاء في شرح صحيح مسلم للنووي )ج2، ص116(
قال: "هذا التقييد بالجرِّ خيلاء يخصِّص عموم المسبل إزاره، ويدلُّ على أنَّ المراد بالوعيد من جره خيلاء، وقد رخَّص النبيُّ -صَلى اللهُ عَلَيهِ وسَلم- في ذلك لأبي بكر الصِّدِّيق -رضِيَ اللهُ عَنهُ – وقال: لست منهم إذ كان جره لغير الخيلاء. أمَّا الأحاديث المطلقة بأنَّ ما تحت الكعبين في النار، فالمراد بها: ما كان للخيلاء، لأنه مطلق، فوجب حمله على المقيد، واللهُ أعلم".
وجاء في فتح الباري لابن حجر )ج10، ص262(:
"قال شيخنا في شرح الترمذي: ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك في تحريمه، وما كان على طريق العادة فلا تحريم فيه ما لم يصل إلى جر الذيل الممنوع. ونقل عياض عن العلماء كراهة كل ما زاد على العادة وعلى المعتاد في اللباس من الطول والسعة".
قال ابن عبد البر في التمهيد )ج3، ص245(: "نص الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء، قال: والمستحب أن يكون الإزار إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء وإلا فمنع تنزيه، لأن الأحاديث الواردة في الزجر عن الإسبال مطلقة فيجب تقييدها بالإسبال للخيلاء انتهى من الفتح".
وجاء في فيض القدير للمناوي )ج3، ص331(:
")والمسبل إزاره( الذي يطوّل ثوبه ويرسله إذا مشى تيهاً وفخراً )خيلاء( أي يقصد الخيلاء بخلافه لا بقصدها ولذلك رخص المصطفى صلى الّلّ عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء".
ويقول السندي في حاشيته على سنن النسائي )ج5، ص82( في شرح حديث "ثلاثة لا يكلمهم الله… ومنهم المسبل" :)المسبل(: من الإسبال بمعنى الإرخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم".
وفي الديباج للسيوطي )ج1، ص122( قال: "المسبلإزاره ":المرخي له الجار طرفيه "خيلاء" فهو مخصص بالحديث الآخر لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء وقد رخص صلى الله عليه وسلم في ذلك لأبي بكر حيث كان جره لغير الخيلاء".
وقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج2، ص132(:
"الحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء . والمراد بجره هو جره على وجه الأرض وهو الموافق لقوله صلى الله عليه
وسلم: ))ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار((. وظاهر التقييد بقوله: خيلاء يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلا في هذا الوعيد وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في الصحيحين".
قلت: هذا التقييد هو فهم بعض الصحابة والسلف وجميع الشراح وأما المتشددون فليس لهم حديث في إطلاق تحريم الإسبال .
تنبيه: حديث "أن النبي رأى رجلا يصلى وهو مسبل ثوبهفأمره أن يعيد الصلاة". أخرجه أبوداود) ٦٣٨( وفيه أبو جعفر هو مجهول .وحديث: "من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرم" أخرجه أبوداود
)٦٣٧( بإسناد صحيح موقوف على ابن مسعود .
قلت: هذا الموقوف قيد المنع بالخيلاء أيضا فلله الحمد .
سنية العمامة واستحبابها
أما العمامة فهي سنة مستحبة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعمم وأمر به فكان أصحابه صلوات الله وسلامه عليهم يعممون كما سيأتي ومع ذلك طرحه بعض المتشددين وراء ظهورهم وادعوا أنها من عادات العرب فقط ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالعمامة!! .
وقد ثبت في مسند الحميدي وهو شيخ للبخاري
)576( قال: ثنا سفيان قال: ثنا مساور الوراق قال:
أخبرني جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي، عن أبيه قال: "رأيت على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء يوم فتح مكة". وفي صحيح مسلم رقم)452(: "حدثنا يحيى بن يحيى، وإسحاق بن إبراهيم، قالا: أخبرنا وكيع، عن مساور الوراق، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء. له طرق كثير".
وفي الشريعة للآجري رقم )1790(: "حدثنا الفريابي قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر وهو يومئذ بمنى؛ فجاءه رجل من أهل البصرة فسأله عن إرسال العمامة خلفه؟ فقال ابن عمر: سأخبرك عن ذلك حتى تعلم إن شاء الله، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عوف يعني عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية يبعثه عليها فأصبح وقد اعتم بعمامة كرابيس سوداء قال: فأدناه النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقضها فعممه فأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحو ذلك؛ ثم قال: "هكذا يا ابن عوف فاعتمفإنها أعرف وأحسن ".
قلت: قوله )هكذا فاعتم( فعل أمر كما هو معروف ،واحتج بذلك ابن عمر. فمرق هؤلاء المتشددون وقالوا أن الرسول لم يأمر بالعمامة!. وليس من الإسلام! الحديث المذكور أخ رجه الطبراني في الأوسط رقم )4671( قال:
حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا أبو الجماهر قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: حدثني حفص بن غيلان، عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت عند عبد الله بن عمر ...فذكره .والحاكم في المستدرك رقم )8623( وصححه ووافقه الذهبي. واختلف في سماع عطاء بن أبي رباح: عن ابن عمر أثبته بعضهم ونفاه بعض ولكن اتفقوا أن المثبت مقدم على النافي ومع ذلك له شاهد في الكبرى للبيهقي )13065(:
عن عطاء الخراساني عن ابن عمر وروى من وجه آخر .
تنبيه: في الشعب الإيمان للبيهقي )5850(: أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن
ثور، عن خالد بن معدان قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب من الصدقة فقسمها بين أصحابه فقال:
))اعتموا خالفوا على الأمم قبلكم((. لقد أخطأ الألباني في ضعيفته رقم )2347(: خطئا فاحشا إذ أبدل اسم محمد بن يوسف الحافظ بمحمد بن يونس الكذاب!!
وحكم الحديث بالوضع. مع أن الحديث صحيح مرسل .
وله شاهد روى ال ترمذي في سننه رقم )1784( من طريق محمد بن ربيعة حدثنا أبو الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: ))فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس((. أخرجه الطبراني في الكبير رقم )4614(، والحاكم في المستدرك رقم )5903(، والبيهقي في الشعب رقم )5847( وغيرهم. وفي إسناده اختلاف يقول بعضهم:
"عن ابي جعفر بن محمد" ويقول بعضهم: "عن أبي جعفر محمد" الأول مجهول والثاني يعده بعضهم في الصحابة كابن حبان في الثقات ترجمة )5201(، وفي أسد الغابة لابن أثير)ج5، ص86( قال: ذكره ابن منيع في الصحابة. وفي الإصابة لابن حجر )ج6، ص265( قال: قال البغوي:
أنه في الصحابة. وجزم بعض أنه تابعي يروي عن أبيه أبي ركانة الصحابي. أما أبو الحسن العسقلاني الراوي عن أبي جعفر ما عرفه بعض النقاد ولكن قال أبو الخير في خلاصة تذهيب )ج1، ص14(: أبو الحسن العسقلاني هو ءادم بن إياس وثقه يحيى وأبو حاتم وقال النسائي لا بأس به .
فأقول: بعد هذا البحث علمت أن الحديث الأول أي حديث خالد بن معدان صحيح مرسل والثاني يعني حديث ركانة شاهد مرفوع فيكون صحيحا لغيره كما يقول الألباني!
.
يا أخي اسمع ما يأتي من كتب رأساء الوهابية: قال ابن تيمية في شرح العمدة )ج1، ص314(: "ويستحب له أيضا تخمير الرأس بالعمامة و نحوها لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي كذلك و هو من تِام الزينة و الله تعالىأحق من تزين له. والاستحباب في حق الإمام أوكد".
قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة )ج3، ص1271(: "قال معاوية عن ابن إسحاق عن صفوان بن عمرو عن الفضيل بن الفضالة عن خالد بن معدان قال إن الله ألزم هذه الأمة بالعصائب والألوية يريد بالعصائب العمائم كما في الحديث فأمرهم أن يمسحوا على العصائب .
وقال بعد سطور: وإنما أمر به المسلمين - أي التعمم - ومن آمن به واقتدى بأفعاله، فمن فعله من أمته فإنما يفعله اتباعا لأمره واستعمالا لسنته، وهو زي العرب من آباد الدهر ...وقال : التعمم وإرساله خلف الظهر هو السنة في التعمم بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم".
قلت: إذ أثبت ابن تيمية بأن التعميم مستحب وأيده وزيره ابن القيم بأنه سنة لماذا يلعب أزنابهما الآن بعقول الناس ويزعمون في جميع الأوقات أن التعميم عادة لا سنة ولا مستحب؟! هذا لمن أعجب العجائب .
حمل العصا على المنبر
وفي صحيح مسلم في قصة جساسة برقم )2942( قالت فاطمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن بمخصرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة" - يعني المدينة
قال المتشدد في ضعيفته )ج2، ص38(: "عن الحكم بن حزن شهدنا الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أخرجه أبوداود وسنده حسن. وعن ابن الزبير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بمخصرة في يده". أخرجه ابن سعد )ج1، ص377( ورجاله ثقات وفيه ابن لهيعة سيئ الحفظ. وعن عطاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم على عصا إذا خطب أخرجه الشافعي في الأم )ج1، ص177(. صحيح مرسل .هذا كلام الألباني، وقال هذا كله قبل اتخاذه المنبر أما بعد اتخاذ المنبر فلم يثبت أنه خطب عليه وهو يحمل العصا!! وتبعه في ذلك بعض العوام. وأظن أن الألباني نسي حديث المذكور أعلاه أعني حديث الجساسة .
حمل العصا إلى المسجد
مسند أحمد رقم )23976(: "حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه العصا وفي المسجد أقناء معلقة، فيها قنو فيه حشف، فغمز القنو بالعصا التي في يده قال : " لو شاء رب هذه الصدقة، تصدق بأطيب منها، إن رب هذه الصدقة ليأكل الحشف يوم القيامة ."
وأخرجه عمر بن شبة )ج1، ص281( من طريق يحيى بن أبي كثير قال: ذكر لي عن عوف بن مالك...
وأخرجه الترمذي) 2987(، وابن ماجه) 1822( عن البراء .
مشي بالعصا إلى المقبرة
في صحيح البخاري رقم )1362(: "حدثنا عثمان، قال:
حدثني جرير، عن منصور، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه، قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال:" ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار " وذكر الحديث بطوله".
حمل العصا في الجهاد
أخرج الترمذي رقم )3138(: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يطعنها بمخصرة في يده، وربما قال بعود، ويقول: ﴿جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا﴾ ﴿جاء الحق وما
يبدئ الباطل وما يعيد﴾. إسناده صحيح وله شواهد منها ما ورد في أمالي ابن بشران رقم )536(: "أخبرنا أبو سهل بن زياد، ثنا عبد الكريم بن الهيثم، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان، عن أبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحي، قال :
دخل النبي، وذكره".
حمل العصا في الدور
تاريخ المدينة لابن شبة )ج1، ص303(: "حدثنا عبد الله بن رجاء قال: حدثنا المسعودي، عن القاسم قال: "كان عبد الله رضي الله عنه يلبس النبي صلى الله عليه وسلم نعليه، ثم يأخذ العصا فيمشي أمامه، حتى إذا جلس أعطاه العصا، ونزع نعليه فجعلهما في ذراعيه، ثم استقبله بوجهه. فإذا أراد أن يقوم ألبسه نعليه، ثم أخذ العصا فمشى قدامه، حتى يلج الحجرة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وأخرجه الحارث في مسنده رقم )1014(: "حدثنا عبدالعزيز بن أبان، ثنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: كان ابن مسعود".
قلت: إسناد الأول صحيح مرسل وشاهده ليس بشيء.
أبو سعيد الخدري يمشي بالعصا
مسند أحمد رقم )27157(: "حدثنا عبد الصمد، قال:
حدثنا يزيد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد يعني ابن سيرين، عن أبي العلانية، عن أبي سعيد الخدري قال:
أتيت هذه ـ يعني امرأته ـ وعندها لحم من لحوم الأضاحي قد رفعته فرفعت عليها العصا فقالت: إن فلانا أتانا فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني كنت نهيتكم أن تمسكوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام فكلوا وادخروا". إسناده صحيح .
ابن مسعود يحمل العصا عند الوعظ
في معجم الأوسط رقم )1981(: "حدثنا أحمد بن عمرو قال: نا أبو كامل الجحدري قال: نا عبد العزيز بن المختار، عن منصور بن عبد الرحمن قال: نا الشعبي، عن علقمة، أن عبد الله بن مسعود، كان يقوم قائما كل عشية خميس، فما سمعته في عشية منها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير مرة واحدة، فنظرت إليه، وهو معتمد على عصا، فنظرت إلى العصا تزعزع".
إسناده صحيح .
حمل العصا في الحج
في صحيح البخاري )1607( من طريق ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه
حمل العصا في الصلاة
في تاريخ المدينة )ج2، ص713(: "حدثنا يحيى بنسعيد، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد قال:
"جمع عمر رضي الله عنه الناس على أبي وتميم الداري، فكانا يقومان بإحدى عشرة ركعة يقرءان بالمئتين، حتى يعتمد على العصا من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر".
وأخرجه البيهقي في الكبرى رقم )3572(: "أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، أنبأ سعدان بن نصر، ثنا معاوية، عن الحجاج، عن عطاء قال: " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوكئون على العصي في الصلاة".
أبو ذر يحمل العصا
في تاريخ المدينة لابن شبة )ج3، ص1037( في حديث طويل حتى قال: فغضب أبو ذر، ورفع عليه العصا وقال:
"ما يدريك يا ابن اليهودية ليودن صاحب هذا المال يوم القيامة أن لو كان عقارب تلسع السويداء من قلبه". وفيه رقم )5563(: "حدثنا أبو بكر قال: حدثنا وكيع، عنطلحة بن يحيى، قال: "رأيت عمر بن عبد العزيز، يخطب وبيده قضيب".
حمل العصا إلى السوق
في مصنف عبد الرزاق رقم )16824(: "عن معمر، عن أبي عمر المدني قال: سألنا ابن عمر عن قراءة النهار، فقام يصلي فربما أسمعنا الآية قال: ثم خرج إلى السوق فمشينا معه فجعل لا يمر بصغير، ولا كبير إلا سلم عليه ابن عمر حتى أتى سوق الظهر، ومعه عصاه في يده فجعل ينخس بعصاه في جنب البعير".
وفي مسند الحميدي )442(: "حدثنا الحميدي قال:
ثنا جامع بن أبي راشد، وعبد الملك بن أعين، وعاصم ابن بهدلة أنهم سمعوه من أبي وايل يقول: سمعت قيس بن أبي غرزة يقول كنا نسمى السماسرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتانا ونحن بالبقيع ومعنا العصا فسمانا باسم هو أحسن منه فقال: "يا معشرالتجار" فاجتمعنا إليه فقال: "إن هذا البيع يحضره الحلفوالكذب فشوبوه بالصدقة".
حكم الإنحناء تحية للغير
نرى بعض المتشددين ينكر ون أن يبرك الرجل بين يدي أي أحد وأن ذلك سجود له وذلك كفر!! والإنحناء سجود!
فقلت: هذا كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يكون الإنحناء سجودا وقد علمتم أن السجود يكون على سبعة أعظم؟! لما ثبت في صحيح البخاري رقم )810( وغيره: "أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم - الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين-؟".
ترى فتاوى اللجنة )ط١، ج1، ص234( تقول: "لا يجوز الإنحناء تحية للمسلم ولا لكافر لا بالجزء الأعلى من البدن ولا بالرأس لأن الإنحناء عبادة والعبادة لا تكون إلا بالله"!
وقال ابن عثيمين في فتاوى ورسائل )ج 2، ص162( قال: "ما يفعله بعض الجهال إذا سلم عليك انحنى لك خطأ ويجب عليك أن تبين له ذلك وتنهاه عنه. وقال في )ج24،ص224(: "حتى لو حنى رقبته فلا يجوز"!.
يحتجون بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ادخلوا الباب سجدا﴾ أي منحنين! هكذا فسروا الآية!! .
قلت: هذا الفهم مخترع لم يفسره بالإنحناء أحد من السلف بل فسروه كما يأتي.
قال الطبري في تفسيره ج2، ص104(: "ادخلوا الباب سجدا أي خاشعة خاضعة".
وفي تفسير مقاتل )ج3، ص642( فسره بالركوع. وفي معاني القرءان للزجاج )ج1، ص139(: "أن يدخلوا ساجدين".
وفي تفسير ابن أبي حاتم )ج1، ص117(: "سجدا أي ركعا". وفي زاد المسير )ج1، ص69(: "سجدا أي ركعا". وفي تفسير الرازي )ج3، ص523(: "سجدا أي الخضوع أما القول بالركوع فضعيف". وذكر مثل ذلك ابن كثير في تفسيره )ج1، ص274(. فجاء المتشددونوفسروه بالإنحناء! وإن أخذنا قول القائلين بالركوع نقول: إن الركوع إمكان اليدين على الركبتين وانهصار الظهر ،وأقر بذلك ابن باز في مجموع فتاويه )ج13، ص353(. أما الإنحناء عند المصافحة فليس إمكان اليدين على الركبة ولا انهصار الظهر .
ويحتجون بالحديث الباطل القائل: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقي رجل أخاه أوصديقه أينحني له فقال: ))لا بل يصافحه((". أخرجه الترمذي )ج2، ص121(، وابن ماجة رقم )3702(، وغيرهما انفرد به حنظلة السدوسي قال ابن عدي في الجرح والتعديل )ج3، ص100(: "حنظلة ضعيف منكر وتفرد بهذا الحديث". وروى مثله كثير بن عبد الله ولكنه متروك، ورد في الجرح )ج7، ص154(، والتهذيب )ج24، ص122(: "أن كثير بن عبد الله منكر الحديث ضعيف جدا شبه المتروك يحدث الموضوعات".
أما الألباني فقد خان الناس! وكتم الحقيقة! وقال في
الصحيحة )ج1، ص299(: "وإن كان حنظلة ضعيف فقد تابعه بلال الأشعري في المنتقى )ج1، ص372(!!".
قلت: كذب الألباني عمدا ليس في حديث بلال الأشعري لفظ - الإنحناء - بتة هذا أولا، وثانيا بلال الأشعري نفسه ضعيف في المغني )ج2، ص776(: "ضعفه الدارقطني". وفي اللسان )ج8، ص27(: قال ابن القطان: "لا يعرف البتة وقال ابن حبان يغرب ويتفرد ولينه الحاكم". فتعامى الألباني عن هذه البيانات وصحح الحديث!. نسأل الله السلامة .
ويحتجون بحديث ضعيف أيضا: "أن معاذ بن جبل لما قدم من اليمن وفي رواية من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي ما هذا؟ قال رأيت اليهود والنصارى يسجدون لبطارقهم فسجدت لك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ))لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها((". أخرجه أحمدرقم )19403( هذا حديث ضعيف مضطرب الإسناد
وجميع طرقه تدور على القاسم الشيباني، قال ابن عدي في الجرح )ج7، ص115(: "القاسم مضطرب". وقال الدارقطني في العلل )ج6، ص37( ترجمة )963(:
"مضطرب الإسناد". وفي الكامل )ج7، ص154(:
"ضعفه يحيى". وفي الضعفاء لابن الجوزي )ج3، ص16( قال: "تركه شعبة". وفي تهذيب التهذيب )ج8، ص327( قال النسائي: "القاسم ضعيف الحديث".
أما رواية أبي ظبيان فقد قال الدارقطني في العلل )ج6، ص40( أنه منقطع لأن أبي ظبيان لم يسمع من معاذ بن جبل، وفيه عنعنة الأعمش .
وقد ورد عن قيس بن سعد مثل ما ورد عن معاذ فقال المتشدد الألباني في الإرواء )ج7، ص58(: "فيه شريك سيئ الحفظ". فقلت فيه حصين كان نسيا وقداختلط كما في الضعفاء للعقيلي )ج1، ص314(. ومع هذه العلل في الحديث لم يزل المتشددون يصيحون به في المواعظ ويكفرونالمسلمين بهذا الحديث الضعيف. الله المستعان .
والصحيح الثابت هو ما ورد في مسند أحمد رقم )12614(، والبزار رقم )2454(، والبيهقي في الدلائل رقم )287(، والطبراني في الكبير رقم )12003(، وابن حبان رقم )4162(: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في نفر من المهاجرين والأنصار، فجاء بعير فسجد له ووضع جرانه بالأرض فقال الصحابة: يا رسول الله تسجد لك البهائم والشجر فنحن أحق أن نسجد
لك. قال: ))اعبدوا ربكم وأكرموا أخاكم، فإنه لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها((. هذا
الحديث الصحيح صرح كيفية السجود لأن البعير لم ينحن فقط بل وضع جرانه بالأرض ساجدا والشجر ما حنى بل خر على الأرض ساجدا هذا السجود هو المنهي أن لا يجعل إلا لله. كما لا يفهم الآية إلا بسبب نزولها كذلك لايفهم الحديث إلا بسبب وروده .
فجاء المتشددون واخترعوا منه الإنحناء وهم يعلمون أن البعير لم ينحن وكذلك الشجر. إذا لما ذا يزعم هؤلاء أن الإنحناء ولو يسيرا سجود والسجود عبادة !؟. إن هذا لبهتان مبين .
وفي صحيح مسلم رقم) 125( عن أبي هريرة قال:
لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿لله ما
في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير﴾ قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة... "الخ
وقد رأيت بأم عينك أن الصحابة بركوا على ركبهم ثمطلبوا حاجتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .
وفي البخاري) ٩٣(، ومسلم )٢٣٥٩( في حديث طويل حتى قال: "فبرك عمر على ركتبيه فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا". قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ))يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيؤن والشهداء على منازلهم وقربهم من الله(( فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى النبي فقال يارسول الله انعتهم لنا حلهم لنا فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم ..الخ قال الهيثمي في المجمع )ج10، ص297(: "رجاله وثقوا". وقال المنذري في الترغيب )ج4، ص83(: "حسن"، وقال الدمياطي في المتجر )رقم 285(: "إسناده حسن"، وقال المتناقض في فقه السيرة )رقم 151 (: "حسن"، وقال في صحيح الترغيب )رقم 3027 (: "صحيح لغيره"!! . حكم النقاب في الإسلام
ستر المرأة جميع بدنها واجب بنص القرءان إلا وجهها وكفيها ففيهما اختلاف عند العلماء هذه المسألة لم تختص بالمتمسلفين بل حتى الصوفية منهم من يجيزه ومنهم من منعه ولم يأت حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم بوجوبه !! أي وجوب ستر المرأة وجهها بل قال الله تبارك
وتعالى:﴿ ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها﴾. وقد فسره
ترجمان القرآن ابن عباس بالوجه والكفين. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنف )ج4، ص283( بإسناد صحيح وله شاهد في سنن أبي داود رقم )4104(: "حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، ومؤمل بن الفضل الحراني، قالا: حدثنا الوليد، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن خالد، قال:
يعقوب ابن دريك: عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر، دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وقال: ))يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا(( وأشار إلى وجهه
وكفيه قال أبو داود: "هذا مرسل". وفي مراسله )ج1، ص310( رقم )437(: "حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن داود، حدثنا هشام، عن قتادة، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: ))إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل((.
قال البيهقي في الكبرى )ج2، ص319(: قال البيهقي: "مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة ،فصار القول بذلك قويا".
وفي تفسير إبن أبي حاتم )ج8، ص2574 رقم
14398(: "حدثنا الأشج، ثنا ابن نمير، عن الأعمش ،عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: وجهها وكفاها، والخاتم، وروي عن ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وعكرمة، وأبي صالح، وزياد بن أبيمريم نحو ذلك".
قال ابن كثير في تفسيره )ج6، ص45(: "هذا هو المشهور عند الجمهور".
أما المتشددون الساعون في إيجاب النقاب فقد كفاني ردهم المتشدد الألباني في كتابه الرد المفحم وردهم ردا شافيا كافيا مقنعا وضعف كل الأحاديث التي يحتجون بها .
حكم القراءة على الميت
القراءة على الميت لإيصال الثواب إليه قد أنكره بعض المتشددين مع ثبوته في الحديث كما يأتي:
ثبت في تاريخ ابن معين رواية الدوري رقم )5238( قال: "حدثنا يحيى قال حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي قال حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي يا بنى إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن على التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعتعبد الله بن عمر يقول ذلك".
وفي رواية الطبراني في الكبير رقم )13613(: "حدثنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي ثنا أبي ح وحدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي ثنا أبي ح وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر قالوا: ثنا مبشر بن إسماعيل حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي : يا بني إذا أنامت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سن على الثرى سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتِتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك". فقال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال: كنت مع أحمد بن حنبل، ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبربدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بنحنبل: يا أبا عبد الله، ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة ،قال: كتبت عنه شيئا ؟ قال: نعم، قال: فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتِتها، وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك، فقال له أحمد: فارجع، فقل له يقرأ". قال الهيثمي )ج3، ص44(: "رواه الطبراني في الكبير ورجال موثقون".
زعم المتشدد الألباني أن الحديث ضعيف لأن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج مجهول... وهو يعلم يقينا أنه وجميع أتباعه لواجتمعو لا يستطيعوا أن يأتو بعالم معتبر ضعف هذا الحديث ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
أما نحن نقول : هذا الحديث حسن الإسناد )عبد الرحمن بن العلاء( قال ابن حجر في التقريب رقم )3975(: "مقبول". ووثقه ابن حبان في الثقات رقم
)9144(، والهيثمي في المجمع )ج5، ص44(، ووثقهضمنيا ابن معين والإمام أحمد واحتجوا بحديثه وحسنهالنووي في الأذكار رقم )846( واحتج به العسقلاني في الإمتاع )ج1، ص85(. وحسنه في الفتح )ج3، ص184(. وقال علي بن سلطان الهروي كما في جمع الوسائل في شرح الشمائل )ج2، ص208( قال أبو زرعة:
"ثقة". وكذلك وثقه الصالحي فقال في سبيل الهدى والرشاد
)ج8، ص379(: "رجاله ثقات".
وأما أبوه فوثقه جميع النقاد قال العجلي وابن حجر:
"تابعي ثقة"، وقال الذهبي: "وثق"، وكذلك الهيثمي. راجع الثقات للعجلي رقم )1172(، والتقريب ترجمة )5255(، والثقات لابن حبان رقم ترجمة )4683(. وباقي رجال السند جبال رواسي. وله شاهد من طريق آخر قال الخلال في كتابه الأمر بالمعروف )ج1، ص88(: "أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم حدثني أبو شعيب عبد الله بن الحسين بن أحمد بن شعيب الحراني من كتابه قال:
حدثني يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي حدثنا أيوببن نهيك الحلبي الزهري مولى آل سعد بن أبي وقاص قال:
سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال: سمعت ابن عمر قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة ، وعند رجليه بخاتِتها". وأخرجه البيهقي في الشعب )ج7، ص16، رقم9294(، والطبراني )ج12، ص444( عن الحراني به.
قلت: فيه - يحيى بن عبد الله البابلتي - قال ابن حبان في المجروحين )ج3، ص127( أنه يعتبر به ما لم يخالف الثقات. وقال ابن عدي في الكامل )ج9، ص12(: "له أحاديث صالحة وفيه ضعف". وفيه أيضا - أيوب بن نهيك - ضعفه بعض الناس بلا دليل جميع الذين ضعفوه قلدوا على تناقض أبي زرعة حيث قال في الضعفاء )ج3، ص798(:ل"لم يقرأ علينا حديثه وهو منكر الحديث!".
قلت: إذا لم يقرأ عليك حديثه يعني لم يكن عندك أحاديثه من أين عرفت أنه منكر الحديث؟! فيه نظر أيها الأحبة .ومن العجب: اتكال الألباني وابن الجوزي والذهبي على قولأبي الفتح الأزدي حيث قال: أيوب بن نهيك متروك! أقول: الأزدي نفسه ضعيف! الضعيف في نفسه لا يستطيع أن يضعف الغير أليس كذلك؟ كأن الذهبي نسي أنه هو القائل في سير أعلام النبلاء )ج16، ص349 ترجمة 250(: قال أبو بكر الخطيب: "كان أبو الفتح الأزدي حافظا صنف في علوم الحديث وسألت البرقاني عنه فضعفه وحدثني أبو النجيب عبد الغفار الأرموي، قال: رأيت أهل الموصل يوهنون أبا الفتح ولا يعدونه شيئا في حديثه مناكير وعليه في كتابه الضعفاء مؤاخذات فإنه ضعف جماعة بلا دليل بل قد يكون غيره قد وثقهم انتهى كلام الذهبي".
قلت: فعلى هذا الكلام أن - أيوب بن نهيك- متروك أو منكر الحديث ليس له مقام بل الحق مع ابن حبان حيث عده في الثقات وقال : يخطئ ويعتبر بحديثه. راجع كتاب الثقات لابن حبان ترجمة )6728(. فلله الحمد .
وقال النووي في الأذكار رقم )846(: "ورواينا في سننالبيهقي بإسناد حسن أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن فاتحة البقرة وخاتِتها". وفيه رقم )845( قال" "الشافعي والأصحاب يستحب أن يقرؤوا عنده شيئا من القرءان وإن ختموا القرءان كله كان حسنا". وقال العسقلاني في الفتح )ج3، ص184(: "أخرجه الطبراني بإسناد حسن".
وقال العسقلاني أيضا في الإمتاع بالأربعين )ج1، ص85(: "قد وردت عن السلف آثار قليلة في القراءة عند القبر ثم استمر عمل الناس عليه من عهد أئمة الأمصار إلى زماننا هذا وذكر الأثر الذي ذكرنا واحتج به". وقال الخلال أيضا: "حدثنا أبو بكر المروزي سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول إذا دخلتم المقابر فاقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم وروى أيضا عن الزعفراني قال سألت الشافعي رضي الله عنه القراءةعند القبر فقال لا بأس به".
رؤوس المتشددين أقروا بجواز القراءة على الميت. ثبت في الدرر السنية )ج5، ص145( قال شيخ الإسلام: "إنما رخص فيها أحمد - يعني القراءة عند الدفن - لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بأول سورة البقرة وخواتِها وروي عن بعض الصحابة أنه قرأ سورة البقرة، فالقرءان عند القبور هو مأثور في الجملة". انتهى من الدرر السنية. وفيه )ج5، ص146(: "القراءة وقت الدفن لا بأس به".
قلت: أجازوا القراءة مطلقا كما ثبت في الدرر السنية )ج5، ص150( قالوا: "يجوز إهداء ثواب البدن كقراءة وغيره لميت أو حي".
وفي فتاوى أركان الإسلام )ج1، ص506( قال ابن عثيمين: "كل قربة فعلها وجعل ثوابها لحي أو ميت مسلم ينفعه".
وفي مجموع فتاوى ابن تيمية )ج24 ص323( قال:
"إذا هلل الإنسان سبعون ألف وأهديت إليه نفعه ذلك ."وفي )ص324( قال: "يصل إلى الميت قراءة أهله وتسبيحهم".
وقال ابن القيم في كتاب الروح )ج1، ص89(: "قد ينقطع عنه العذاب بدعاء أو استغفار أو قراءة تصل إليه من بعض أقاربه أو غيرهم". وقال )ج1، ص117(: "قراءة القرءان والذكر فمذهب الإمام أحمد وجمهور السلف وصولها".
الدعاء له بعد الدفن قياما أو قعودا
في صحيح مسلم رقم )192( أن عمرو بن العاص قال:
"فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا )فامكثوا( حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي".
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح رقم )3221(:
"حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، حدثنا هشام، عن عبد الله بن بحير، عن هانئ، مولى عثمان، عن عثمان بن عفان، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل".
يتخلص من خلال هذين الحديثين الصحيحين أن الدعاء للميت بعد الدفن لا يختص بحالة قياما أو قعودا لما ثبت في الحديث الأول بلفظ - فامكثوا - وفي حديث الثاني بلفظ - وقف عليه - وفي رواية الخلال في كتاب الأمر بالمعروف )ج1، ص88( قال: " فجلس رجل عند القبر يقرأ فعلمنا أن الدعاء أو القراءة بعد الدفن قياما أو قعودا لا بأس به".
ويجوز الدعاء مستقبل القبر أو غير مستقبل لما ورد في سنن الترمذي رقم )1053(: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: ))السلام
عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم((". حسنه الترمذي فقال: "ضعيف لأجل قابوس بن أبي ظبيان!
ونسي أنه هو الذي قال في صحيحته )ج3، ص396(:
"قابوس يستشهد به". ونسي أيضا أن ليس في شروط الدعاء استقبال القبلة ونرى المتشددين على المنابر مدبرين القبلة يدعون للمسلمين وعلى الكافرين.
وفي فتاوى ابن باز )ج13، ص338(: "سؤال: حكم استقبال القبر حال الدعاء؟". الجواب: لا ينهي عنه بل يدعى للميت استقبل القبلة أواستقبل القبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على القبر وقال استغفروا لأخيكم... ولم يقل استقبلوا القبلة، والصحابة دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر. ومثله مجلة البحوث الإسلامية )ج75، ص78(.
الدعاء الجماعي عند القبور
في صحيح مسلم رقم )2867(: "مر رسول الله صلى اللهعليه وسلم وبعض أصحابه بقبور في حائط بني نجار فوقف عليهم وقال لأصحابه" تعوذو بالله من عذاب القبر فقالوا نعوذ بالله من عذاب القبر قال تعوذوا بالله من الفتنة. إلى آخر الحديث".
وفي مجموع فتاوى ابن باز )ج23، ص34(: "سؤال: دعاء جماعي؟ فأجاب: ليس فيه مانع إذا دعا واحد وأمن السامعون فلا بأس". وأقروا بهذا الفتوى في كتابهم مجلة البحوث الإسلامية )ج70، ص80(.
وفي المجلة أيضا )ج68، ص53( قالو: "ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف علىه وقال: "استغفروا لأخيكم وأسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل" ولا حرج في أن يدعوا واحد ويؤمن السامعون". تلقين الميت بعد الدفن
أما تلقين الميت بعد دفنه لم يره الإمام مالك وليس بمعمولفي المذهب أما الشافعية والحنفية والحنبلية فقد أجازوه ويعملون به فأردت أن أجمع حجتهم لما رأيت بعض المتشددين يقولون أن التلقين بدعة وفاعله مبتدع ! كأنه لم يأت في الحديث بتاتا إنا لله وإنا إليه راجعون.
قد ورد في معجم الكبير للطبراني )ج8، ص250 رقم 7979(: "عن سعيد بن عبد الله الأودي، قال: شهدت أبا أمامة وهو في النزع، فقال: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي قاعدا ،ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول:
أرشدنا رحمك الله، ولكن لا تشعرون. فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأنمحمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا، وبالإسلامدينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يأخذ واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من قد لقن حجته، فيكون الله حجيجه دونهما .
فقال رجل: "يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه؟ قال:
فينسبه إلى حواء يا فلان بن حواء".
قال الألباني في إروائه )ج3، ص203(: "أن هذا الحديث ضعيف! لكون سعيد بن عبدالله الأودي بيضه ابن أبي حاتم! وفيه عبد الله بن محمد لم أعرفه! كيف يكون صحيحا! ولا أحد من السلف الأول يعمل به!. وحذف كلام النووي وابن القيم على الحديث حسب ه واه. وجعل يرد العسقلاني بلا دليل!". وكرر مثل هذا في ضعيفته )ج2، ص66(: "نسأل الله السلامة والعافية". قلت: هذا الحديث:
1- أخرجه الطبراني في الدعاء رقم )1214(: "ثنا أبو عقيل أنس بن سلم الخولاني ثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء الحمصي الزبيدي ثنا إسماعيل بن عياش ثنا عبد الله بن محمد القرشي عن يحيى بن أبي كثير عن سعيد بن عبدالله الأودي قال شهدت أبا أمامة..."
2- وأخرجه ابن زبر الربعي في وصايا العلماء )ج1، ص46(: "ثنا أبي عبد الله بن أحمد نا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة قال ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياش...".
3 _ وأخرجه الهكاري في هدية الأحياء )ج1، ص193( بإسناد آخر إلى عمار بن سعيد الأودي شهدت أبا أمامة...
4 _ وأخرجه الخلعي في العشرون من الخلعيات )ص46(، وفي الفوائد المنتقاة رقم )1003( بإسناده إلى عبدالله بن أبان بن شداد ...
5 _ وأخرجه السلفي في المشيخة البغدادية )ج1، ص25( بإسناده إلى سعيد الأودي عن أبي أمامة...
6 _ وأخرجه المقدسي في المنتقى )ج1، ص17( بإسنادهإلى يحيى بن أبي كثير...
قلت: هذا ستة أسانيد إسناد الثالث والرابع والخامس لم يرها الألباني وكيف يضعف حديثا لم يستوعب هو بأسانيده؟!.
وبعد جمع هذه الأسانيد لم يبق فيه كلام إلا على سعيد الأزدي ولم أر من السلف من صرح بجهالته أو من طعنه ولو حكمنا بجهالته لا تضر لأن المجهول حجة عند الشافعية والحنفية وكثير من الفقهاء مع ما له من الشواهد كما يأتي قريبا عن ابن الملقن .
وقد قال العسقلاني في التلخيص الحبير )ج2، ص311(: "إسناده صالح وقد قواه الضياء في أحكامه..."، وقال عن سعيد الأزدي... وفي الأصل )الأودي( .
وقال ابن الملقن في البدر المنير )ج5، ص335(: قال الرافعي: "يستحب أن يلقن الميت بعد الدفن... ذلك مأثورعن السلف. وفي الباب حديث له شواهد يعتضد بها .وذك ره الذهبي في سير أعلام النبلاء )ج4، ص397( بلا نكير .
وفي كشف الخفاء )ج1، ص363(: "ضعفه ابن القيم والعراقي وابن الصلاح وقال ابن حجر في التحفة اعتضد بشواهد".
ونسب الإمام أحمد العمل به لأهل الشام وابن العربي لأهل المدينة. وقال النووي في فتاواه أما تلقين المعتاد في الشام بعد الدفن فالمختار على استحبابه... والذي رواه الطبراني ضعيف لكنه يستأنس به...
أما ابن تيمية فقال في الفتاوى الكبرى )ج3، ص24(: "تلقين الميت ليس واجبا بالإجماع ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبي أمامة وواثلة بن الأسقع. فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعيومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة فالأقوال فيهثلاثة : الإستحباب والكراهة والإباحة وهذا أعدلالأقوال".
وقال ابن القيم في كتاب الروح )ج1، ص13(: "وإن لم يثبت- يعني رواية الطبراني- فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به".
تنبيه: ال وعظ بعد الدفن بدعة لم يثبت في الحديث ألبتة، بل الثابت في الحديث هو الدعاء له بالتثبيت والقراءة له كما تقدم. أما الوعظ الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل الدفن وسببه جيئ بالميت والقبر لم يلحد فوعظهم النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرج أحمد في مسنده رقم )18534(: "حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن منهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله، كأنعلى رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه، فقال: " استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين، أو ثلاثا، "، ثم قال: " إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس ...إلى آخر الحديث بطوله". وأخرجه ابن المبارك) 1219( وأبو داود) 4753( وابن منده في الإيمان رقم) 1064( ، والحاكم في "المستدرك ")ج1، ص37( وغيرهم .
وإسناده صحيح .
إطعام للميت جائز
في صحيح البخاري رقم )2760(: "إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال: نعم تصدق عنها". ورواه مسلم أيضا رقم )1004(.
وفي مشكاة المصابيح تحقيق الألباني )ج3، ص1671، رقم 5942(: "عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار، قال: "خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في جنازة فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهو على القبر يوصي الحافر
يقول: ))أوسع من قبل رجليه، أوسع من قبل رأسه((
فلما رجع استقبله داعي امرأته - يعني إمرأة المتوفى - فأجاب ونحن معه، فجيء بالطعام، فوضع يده، ثم وضع القوم، فأكلوا..." إلى آخر الحديث. هذا الحديث صححه الألباني هناك لتعداد طرقه . وفي هذا الحديث تصريح أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب داعي المرأة المتوفى وأكل وأكلوا .
ورد في الفوائد الشهير بالغيلانية رقم )305(: "حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يجعل للناس طعام فيطعموا فلما رجعوا من جنازته جيئ بالطعام ووضعت الموائد فأمسك الناس عنها للحزن الذي هم فيه فقال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: يا أيها الناس إنرسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات فأكلنا بعده وشربناومات أبوبكر فأكلنا بعده وشربنا وإنه لابد من الأكلفكلوا من هذا الطعام ثم مد يده فأكل ومد الناس أيديهم فأكلوا". وأخرجه ابن سعد في الطبقات )ج4، ص29( بإسناده إلى حماد عن علي إلى آخر الإسناد .
قلت: )حماد - وعلي( ليسا بالقويان ومع هذا قال الهيثمي في المجمع )ج5، ص196( رقم )8995( إسناده حسن.
قد بوب ابن حجر هذا الحديث في المطالب العالية
)14( باب صنعة الطعام لأهل الميت رقم حديث
)833(، وفيه )834(قال أحمد في الزهد: "حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الأشجعي عن سفيان قال قال طاوس إن الموتى يفتنون في قبورهم سبعا فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام".
قلت: هذا الإسناد صحيح إلى طاوس اليماني التابعي فعلى هذا الإطعام عن الموتى سبعة آيام ثابت عن التابعين .
تنبيه: قد رجع المتشددون عن تحريم الإطعام لميت فقال ابنباز في مجموع فتاويه )ج13، ص253(: "عشاء الوالدينمن الصدقات ولا مشاحة في تسميتها بعشاء الوالدين..."، وقال في فتاوى نور على الدرب )ج14، ص372(: "لا حرج في هذا إذا تصدقوا عليهم بشيء من الغنم أو شيء من اللحم لا حرج في ذلك إذا صنعه أهل الميت لهم..." قال ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب )ج2، ص9( حول عشاء الوالدين: "إن كان الذبح لم يقصدوا التقرب إلى الله بالذبح فهذا لا بأس به... والصدقة عن الأموات جائزة كما جائت به السنة..."، وقال )ج 9، ص 2(: "هذه الوليمة التي تجعل كوليمة فرح ويدعى إليها الأصحاب والأقارب فهذه وإن كانت فيها خير لكن الصدقة بالدراهم أفضل منها...".
قال ابن جبرين في كتابه ) الدروس الشيخ ابن جبرين( )ج 4، ص 12(: "أما ما يسمى بعشاء الوالدين فهذا فيه أجر إذا كان يطعم من هم أحق بالإطعام أو من هم أحق بالإطعام وكان هذا معروفا في هذه البلاد منذ القدم إلىقرابة ثلاثين سنة أو عشرين سنة... من فعل ذلك وجعلثوابه لوالديه نفعهم ذلك إن شاء الله".
أما في فتاوى اللجنة الدائمة )ط 2، ج 2، ص
201( قال عبد الله بن غديان وعبد الرزاق العفيفي: "أن عشاء الوالدين بدعة!! ولم يأتيا بدليل على ذلك".
تنبيه أيضا: ورد في حديث جرير بن عبد الله قال: "كنا نعد الإجتماع وصنعة الطعام لأهل الميت من النياحة".
أخرجه أحمد )ج 2، ص 204(، وابن ماجة )ج 1، ص 514(. هذا حديث ضعيف فيه نصر بن باب كذاب ! قال أبو زرعة في الضعفاء )ج 2، ص 446(: "لا ينبغي أن يحدث عنه". وقال العقيلي في الضعفاء الكبير )ج 4، ص 302(: "نصر بن باب كذاب ليس بشيء"! . وقال ابن معين في تاريخه )ج 1، ص 56(: "نصر بن باب كذاب خبيث عدو الله!! "، وتابعه - هشيم بن بشير- مدلس وقد عنعن!" ثبت في تهذيب الكمال )ج 30، ص 283(: "هشيم بن بشير مدلس وما لم يقل أخبرنا فليسبشيئ!". وفي الكامل لابن عدي )ج 8، ص 456(:
"هشيم ينسب إليه التدليس ويوجد في بعض أحاديثه منكر!".
وفي ميزان الإعتدال )ج 4، ص 307( قال سفيان الثوري: "هشيم لا تكتبوا عنه. كان يروي عن قوم لم يلقهم". وقال ابن القطان: "لهشيم صنعة محذورة في التدليس".كيف يكون صحيحا وليس له إسناد إلا هذا السند التالف؟!. فأغفل الألباني عن هذا وصححه بلا بحث في أحكام الجنازة )ج 1، ص 167( واغتر به تلاميذه حتى ابن باز وابن عثيمين يكررون هذا الحديث في كتبهم ويحتجون به! وقد كرروه في فتاوى اللجنة )ج 8، ص 378( ثم )ج 9، ص 134( ثم )ج 9، ص 150( ثم )ج 9، ص 151(. نعوذ بالله من التعصب .
حكم البناء حول القبر
ومن العجب أن المتشددين يحرمون كل بناء حول القبرويبدعون فاعله ويحتجون بحديث علي كرم الله وجهه قال:
"أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن لا أدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته". أخرجه مسلم رقم )969(. وغيره فظنوا أن معنى - مشرفا - يدل على البناء
! هذا فهم خاطئ بل المشرف يعني تراب القبر لما ثبت في المخلصيات رقم )1640( بلفظ " أن لا أدع قبرا شاخصا إلا سويته" ورواية البيهقي في السنن الكبرى رقم )6738( في قصة وفاة نافع بن عبيد فيه تصريح أن الإستواء تراب القبر لا البناء .
ويحتجون أيضا بحديث جابر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يقعد على القبر وأن يجصص أو يبنى عليه أو يكتب. أخرجه أحمد رقم )14148(، والطبراني في المسند الشاميين رقم )2027( بإسناد معضل وغيرهما وجميع طرقه تدور على ابن جريج وأبي الزبير وهما ضعيفان ومدلسان اسمع ما يأتي:
ثبت في الضعفاء الكبير للعقيلي )ج 4 ص 133( ترجمة)1690( قال شعبة: "كان أبو الزبير يفتري في المسائل! وكان يسيئ الصلاة! فتركت الرواية عنه، وضعفه أيوب وقال لا يدري ما يحدث، وقال الليث: سألت أبا الزبير هل سمعت هذه الأحاديث كله من جابر؟ فقال: منه ما سمعت ومنه ما حُدِثناه!. قال ابن أبي حاتم في الجرح )ج 8، ص 76(: "أبو الزبير ضعفه الشافعي وقال ابن مهدي لا يحتج به ومثل ذلك قال أبو زرعة".
وأما ابن جريج فقد ثبت في الكامل لابن عدي )ج 8، ص 535(: "أهل مكة قالوا أن ابن جريح لم يسمع من أبي الزبير". وفي تهذيب الكمال )ج 18، ص 354(:
"كان ابن جريج يدلس تدليسا قبيحا وإن قال أخبرنا!".
وفيه )ج 18، ص 349(: " كان ابن جريج صاحب غثاء وحاطب الليل". وتابعه - ابن لهيعة - عن أم سلمة قال يحيى ليس بشيء تغير أو لم يتغير راجع )من كلام أبي زكرياء( )ج 1، ص 109(. واتفق العلماء على ضعفه . ورواية القاسم بن مخيمرة عن أبي سعيد الخدري منقطعلما ثبت في تاريخ ابن معين رواية الدوري )ج 3، ص431( قال: لم يسمع القاسم بن مخيمرة عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأقر الألباني بانقطاعه في موسوعته )ج 2، ص 394(.
قلت: إن كان أبو الزبير متروكا عند البعض لافترائه وابن جريح حاطب الليل وابن لهيعة ليس بشيء والشاهد منقطع لا نعلم الواسط لعله أدهى وأمر كيف يكون الحديث صحيحا؟ من وجد رواية صحيحة غير هذه الروايات التي تكلمت عليها فليساعدنا به وله عند الله جزيل الثواب .
تنبيه: لست أول من ضعف هذا الحديث لقد بلغني أن الإمام الكوثري والغماري ضعفاه ولم أقف على كلامهما .
قبر النبي مبنى زمن الصحابة
ثبت في مصنف عبد الرزاق رقم )6485( قال: "أخبرنا معمر، عن أيوب، عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد قال: "سقط الحائط الذي على قبر النبي، فستر ثم بني"، فقلت للذي ستره: ارفع ناحية الستر حتى أنظر إليه، فإذا عليه جبوب، وإذا عليه رمل كأنه من رمل العرصة".
وفي طبقات ابن سعد )ج2، ص224(:
"أخبرنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عائشة أن أبا بكر وعمر دفنوا جميعا في بيتها! .
أخبرنا موسى بن داود: سمعت مالك بن أنس يقول: قسم بيت عائشة باثنين: قسم كان فيه القبر. وقسم كان تكون فيه عائشة. وبينهما حائط. فكانت عائشة ربما دخلت حيث القبر فضلا. فلما دفن عمر لم تدخله إلا وهي جامعة عليها ثيابها".
وفيه )ج2، ص224( بإسناد صحيح مرسل: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما تدفن الأجساد حيث تقبض الأرواح".
قلت: لو أخذنا ظاهر هذا الحديث يكون الدفن في الدور أولى!
في الكبير للطبراني )3618(: "حدثنا محمد بن عبد اللهالحضرمي، ثنا محمد بن عبد الملك الواسطي، ثنا معلى بنعبد الرحمن، ثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، قال: سرنا معه يعني عليا حين رجع من صفين حتى إذا كان عند باب الكوفة إذا نحن بقبور سبعة عن أيماننا، فقال علي: «ما هذه القبور؟» ، فقالوا: يا أمير المؤمنين إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين وأوصى أن يدفن في ظهر الكوفة وكان الناس إنما يدفنون موتاهم في أفنيتهم وعلى أبواب دورهم، فلما رأوا خبابا أوصى أن يدفن بالظهر دفن الناس .،
رجاله ثقات إلا معلى بن عبدالرحمن ضعفه الجمه ور".
وفي صحيح البخاري )ج 2، ص 88(: "لما مات الحسن بن الحسن بن علي عليهم السلام ضربت امرأته القبة على قبره سنة".
معرفة القبور من المهم!
في صحيح البخاري )3407(: "حدثنا يحيى بن موسى ،حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كنت ثَمَّ لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر» )أي قبر نبي الله موسى(".
قلت: لو لم يكن في معرفته منفعة لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال .
في الكبير للطبراني )10370(: "حدثنا محمد بن جعفر بن أعين البغدادي، ثنا عاصم بن علي، ثنا قيس بن الربيع، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، قال عبد الله: «فلو كنت برميلة مصر لأريتكم قبورهم» يعني قبور بعض الصالحين من بني إسرائيل يصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم»". وأخرجه أحمد رقم )4312(: "حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه به".
قلت: رجاله ثقات والمسعودي مختلط إلا ما روى وهوببغداد وهذا منه لأن يزيد بن هارون بغدادي وروى عنه قبلإختلاطه واتفقوا أن عبد الرحمن سمع عن أبيه إلا يحيى بن معين! فعلى هذا حكمنا الحديث بالصحة فلله الحمد .
فاطمة تصلح قبرا وصلت فيه
وفي طبقات ابن سعد )ج3، ص13(: "أخبرنا عبد الله بن نمير قال: أخبرنا زياد بن المنذر عن أبي جعفر قال: كانت فاطمة تأتي قبر حمزة ترمه وتصلحه".
قلت: زياد بن المنذر ضعيف ولكن له شاهد أخرجه البيهقي في الكبرى رقم )7208(: "أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو حميد أحمد بن محمد بن حامد العدل بالطابران، ثنا عثمان بن محمد، ثنا أبو مصعب الزهري ،حدثني محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، أخبرني سليمان بن داود، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين ،عن أبيه: أن فاطمة بنت النبي، صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده. ورواهالحاكم في المستدرك )4319( بإسناد آخر إلى سليمان بنداود .
الفسطاط والعلامة على قبر!
في طبقات ابن سعد )ج3 ص304(: "أخبرنا وكيع بن الجراح عن أسامة بن زيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: رأيت قبر عثمان بن مظعون وعنده شيء مرتفع. يعني كأنه علم".
قلت: فيه أسامة بن زيد ضعفه بعض وله شواهد كثيرة كما يأتي:
ثبت في سنن أبي داود رقم )3206(، والبيهقي في الكبرى رقم )6744( قال: أخبرنا أبو علي الروذباري، أنبأ محمد بن بكر، ثنا أبو داود، ثنا عبد الوهاب بن نجدة، ثنا سعيد بن سالم، ح قال: وحدثنا يحيى بن الفضل السجستاني، ثنا حاتم بن إسماعيل، بمعناه عن كثير بن زيد المدني، عن المطلب قال: " لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، وضع رسول الله صلى الله عليه حجرا عند رأس القبر ، وقال: "أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه منمات من أهلي".
قلت: إسناده حسن .وأخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة )ج1، ص102(: "حدثنا فليح بن محمد اليماني قال:
حدثنا حاتم بن إسماعيل..." الخ .
وفي الأوسط للطبراني )3886(: "حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: نا عمرو بن خلف بن إسحاق بن مرسال الخثعمي قال: نا أبي قال: نا عمي، إسماعيل بن مرسال، عن الزهري، عن أنس بن مالك به".
وفي طبقات ابن سعد )ج5، ص469(: "أخبرنا معن بن عيسى. قال: رأيت الفسطاط على قبر مالك بن أنس وكان مالك ثقة مأمونا ثبتا ورعا فقيها عالما حجة".
تنبيه: بعض المسلمي أفريقيا يجعلون تراب اللحد أعلى القبر كي لا يندرس لأن الكلا لا تنبت عليه غالبا وفي أسنى المطالب )ج1، ص 238(: )يستحب أن يرش( القبر
)بالماء( لئلا ينسفه الريح؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك بقبر ابنه رواه الشافعي وسيأتي وبقبر سعدرواه ابن ماجه وأمر به في قبر عثمان بن مظعون رواه البزار )وأن يوضع عليه حصى( رواه الشافعي في مسنده )ج1، ص 360( قال: "أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصباء والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح". ورواه البيهقي في السنن )ج 3، ص 576(، وقال: "هذا مرسل"، ورواه الواقدي بإسناده عن جابر. وفي معرفة السنن بإسناد آخر عن جعفر بن محمد.
صلاة بمسجد فيه قبر مقبولة
يقول المتشددون أن الصلاة في مسجد فيه أضرحة حرام! وغير مقبولة! يحتجون بحديث البخاري )435(: "أن
عائشة، وعبد الله بن عباس، قالا: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد(( يحذر ما صنعوا"
أقول: هذا فهم خاطئ وليس فيه أن الصلاة في مسجد فيهأضرحة غير مقبولة؛ قال ابن عبد البر في التمهيد )ج 5، ص 46( بعد إيراد الحديث: "قد احتج بعض من لا يرى الصلاة في المقبرة بهذا الحديث ولا حجة له فيه". وقال فيه )ج 6، ص 384(: "زعم قوم أن في هذا الحديث ما يدل على كراهية الصلاة في المقبرة وإلى المقبرة، وليس في ذلك عندي حجة".
قلت: اسمع ما يأتي من البيانات واحكم بنفسك: قال
تعالى:﴿ قال الذين غلب وا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا﴾ في تفسير الطبري )ج17، ص540( بإسنادين حسن أن الذين غلبوا هم المسلمون .
الصلاة إلى القبر!
الصلاة مستقبل القبر منهي لما ثبت في صحيح البخاري )ج1، ص93( قبل رقم )427( قال: "رأى عمر بنالخطاب رضي الله عنه أنس بن مالك يصلي عند قبر ،فقال: "القبر القبر، ولم يأمره بالإعادة".
ترى الحديث بأم عينك صرح بعدم الإعادة فجاء المتشددون يزعمون أن الصلاة بالمسجد فيه ضريح غير مقبولة .
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه مطولا رقم )1581(:
"عن معمر، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال:
رآني عمر بن الخطاب: وأنا أصلي عند قبر، فجعل يقول:
"القبر" قال: " - فحسبته يقول: القمر - " قال: فجعلت أرفع رأسي إلى السماء فأنظر..." الخ
وفي مصنف عبد الرزاق رقم )1580(: "عن ابن جريج ،عن عطاء قال: "لا تصل، وبينك، وبين القبلة قبر، وإن كان بينك ،وبينه ستر ذراع فصل".
قلت: هذان الأثران على من يصلي إلى قبر لا على من يصلي بمسجد فيه قبر؛ فافهم أيها الأخ الكريم .
وهذا سيد الوجود صلى الله عليه وسلم مضطجع في
مسجده وحوله وزيراه أبوبكر وعمر أرضاهما الله والمتشددون يصلون فيه! والبقيع ورائهم. لا نقبل دعوى تخصيص لمشاركته وزيريه رضي الله عنهما .
صلى النبي بأضرحة
في مسند أحمد )5598( والبخاري رقم )488( قال نافع:
"إن عبد الله بن عمر حدثه ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى من وراء العرج، وأنت ذاهب على رأس خمسة أميال من العرج، في مسجد إلى هضبة، عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثة!! ، على القبور رضم من حجارة، على يمين الطريق ،عند سلامات الطريق، بين أولئك السلامات» كان عبد الله يروح من العرج بعد أن تِيل الشمس بالهاجرة ،فيصلي الظهر في ذلك المسجد". مع صحة هذا الحديث لم يزل المتشددين حتى الآن يقولون أن صلاة بمسجد فيه قبر غير مقبولة! وإن كان القبر وراء المسجد .
تنبيه: يزعم بعضهم بأن القبور المنهي الصلاة فيه هي القبور البارزة! وأما غير البارزة فلا يحرم! فجاء هذا الحديث ونسف رأيهم لأن ابن عمر صرح بأن هنالك ثلاثة قبور .
ورأيت في مجموع فتاوى ابن باز )ج 3، ص 357(:
"سؤال: مسجد جامع أحيط بالقبور؟ الجواب: لا حرج في بقاء المسجد المذكور لأن العادة جارية أن الناس يدفنون حول المسجد فلا يضر ذلك شيئا... والمقصود أن الدفن حول المساجد لا بأس به".
صلاة الجنازة وسط القبور
في مصنف عبد الرزاق رقم )1593( بإسناد صحيح عن ابن جريج قال: قلت لنافع: أكان ابن عمر يكره أن يصلي، وسط القبور؟ قال: "لقد صلينا على عائشة، وأم سلمة وسط البقيع" قال: "والإمام يوم صلينا على عائشة رضي الله عنها أبو هريرة، وحضر ذلك عبد الله بن عمر".
ورواه البيهقي في السنن الكبرى رقم )4278( بإسناده إلى نافع .
قلت: هذا هو رأي بعض الصحابة وهم أعلم بدينهم منا
وهم الذين رووا حديث: ))لعن الله اليهود اتخذوا قبور
أنبيائهم مساجد(( ويعلمون مغزى الحديث منا؛ لما ذا لا نقتدي بهم؟! .
قبور في مسجد الخيف
في الكبير للطبراني )13525(: "حدثنا عبدان بن أحمد ،ثنا عيسى بن شاذان، ثنا أبو همام الدلال، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ))في مسجد الخيف قبر سبعين نبيا((". حاول الألباني في تحذير الساجد )ج 1، ص 69( أن يضعف هذا الحديث وتكلم على عيسى بن شاذان وإبراهيم بن طهمان ثم رجع وصححه لرواية البزار!!. ولم يعلم أن الفاكهي أخرجه في تاريخ مكة رقم )2594( بإسناد آخر وفي رقم )2464( بإسناد آخر ورواه البيهقي في الشعب رقم )3717( بإسناد آخر أيضا ولم يقف عليها الألباني .
قبور في الحرمي المكي
في الكبير للطبراني رقم )12288( قال: "حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: "أول من طاف بالبيت الملائكة، وإن ما بين الحجر إلى الركن اليماني لقبورا من قبور الأنبياء، وكان النبي إذا آذاه قومه خرج هو من بين أظهرهم فعبد الله فيها حتى يموت".
قلت: رجاله كلهم ثقات إلا عطاء بن السائب إختلط ولكن له شاهد كما يأتي:
وفي أخبار مكة للأزرقي )ج2، ص66(: "حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة ،عن الزهري، أنه سمع ابن الزبير، على المنبر يقول: " إن هذا المحدودب قبور عذارى بنات إسماعيل عليه السلام - يعني مما يلي الركن الشامي من المسجد الحرام - قال: وذلك الموضع يسوى مع المسجد، فلا ينشب أن يعود محدودبامنذ كان".
قلت: هذا الشاهد إسناده صحيح جميع رجاله جبال!.
والحديث مما لا يقال بالرأي بل محكوم بال رفع كما هو معروف في علم الحديث .
ومثله في أخبار مكة للفاكهي رقم )1273(: "حدثنا محمد بن يحيى، وحسين، وعبد الجبار بن العلاء، وغيرهم قالوا: ثنا سفيان، عن النضر بن الرهيني قال: إنه سمع ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: " إن هذا المحدودب الذي يلي الركن الشامي قبور عذارى بنات إسماعيل " قال ابن أبي عمر في حديثه: فسئل سفيان: أي مكان هو؟ فأشار بيده إلى الحجر مستقبل الركن الغربي الذي يلي الركن اليماني".
وجميع رجاله ثقات إلا ابن الرهيني لم أعرفه بعدُ.
وفيه رقم )1274(: "وحدثني ابن أبي بزة قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده القاسم بن أبي بزة قال: " هذا المحدودب مما يلي الركن الغربي إلى المصباح، وأشار بيده ،قبور عذارى بنات إسماعيل". قلت: ابن أبي بزة ضعيفوأبوه وجده لم أعرفهما .
وفيه رقم )1545(: "وحدثني عبد الله بن منصور ،ونسخت من كتابه هذا الحديث، قال: أخذت نسخة هذا الكلام من كتاب رجل قال: هذا كتاب الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله تعالى في فضل مكة إلى رجل من أهل الزهادة يقال له عبد الله بن آدم ،وكان مجاورا بمكة ،وكان موسرا ولم يكن له عمل بمكة إلا العبادة، وأنه أراد الخروج منها، فبلغ ذلك الحسن، فكتب إليه يرغبه في المقام بمكة، فكتب إليه رسالة طويلة. وفيه قال: وسمعنا أن حول الكعبة قبور ثلاثمائة نبي، وأن قبر نوح، وهود، وشعيب ،وصالح عليهم السلام فيما بين الملتزم والمقام، وأن ما بين الركن الأسود إلى الركن اليماني قبور سبعين نبيا.
وفي أخبار مكة للأزرقي )ج1، ص68(: "حدثني مهدي بن أبي المهدي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله مولى بني هاشم، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن محمد بن سابط، عن النبي صلى الله عليهوسلم، قال: "كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النبي، ومن معه حتى يموت فيه، فمات بها نوح، وهود، وصالح، وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر".
وفي )ج2، ص134(: "حدثنا مهدي بن أبي المهدي، حدثنا يحيى بن سليم، عن أبي خيثم، قال: سمعت عبد الرحمن بن سابط، يقول: سمعت عبد الله بن ضمرة السلولي، يقول: "ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم إلى الحجر قبر تسعة وتسعين نبيا، جاءوا حجاجا فقبر وا هنالك، فتلك قبورهم غور الكعبة".
وفي )ج2، ص133( وقال محمد بن سابط: "كان النبي من الأنبياء صلى الله عليه وسلم إذا هلكت أمته لحق بمكة، فتعبد فيها النبي ومن معه حتى يموت، فمات بها نوح ،وهود، وصالح، وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر".
وفيه )ج1، ص73(: "حدثني جدي، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن وهب بن منبه، قال: "خطب صالح الذين آمنوا معه، فقال لهم: إن هذه دار قدسخط الله عليها وعلى أهلها؛ فاظعنوا عنها؛ فإنها ليست لكم بدار. قالوا: رأينا لرأيك تبع، فمرنا نفعل. قال:
تلحقون بحرم الله وأمنه، لا أرى لكم دونه فأهلوا من ساعتهم بالحج، ثم أحرموا في العباء، وارتحلوا قلصا حمرا مخطمة بحبال الليف، ثم انطلقوا آمين البيت الحرام حتى وردوا مكة، فلم يزالوا بها حتى ماتوا، فتلك قبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني هاشم. وكذلك فعل هود ومن آمن معه، وشعيب ومن آمن معه".
قلت: هذه الروايات الأربعة وإن كان فيها ضعف قد تقوي للأحاديث الصحيحة المتقدمة فلله الحمد .
وفي تفسير ابن جرير الطبري )ج9، ص119( بإسناده أن ضمرة الزرقي، أحد بني ليث، وكان مصاب البصر: "خرج من مكة إلى المدينة مهاجرا وهو مريض ،فأدركه الموت عند التنعيم، فدفن عند مسجد التنعيم! ،فنزلت فيه هذه الآية ﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الم وت﴾ الآية
تصحيح مفاهم
أما الحديث: ))لا تجعلوا قبري وثنا(( يعني" يصلى له " لا كما يحاول المتشددون أن يطلقه لما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة رقم )11819( ومصنف عبد الرزاق رقم )1587( قالا: "حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى له ) إليه ( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قلت: هذا صحيح مرسل؛ ومرسل زيد قوي مؤتِن لما ثبت في تهذيب الكمال )ج10، ص16(: قال العطاف بن خالد: حدث زيد بن أسلم بحديث، فقال له رجل: يا أبا أسامة، عن من هذا؟ قال: يا ابن أخي، ما كنا نجالس السفهاء ولا نحمل عنهم الأحاديث!".
وله شاهد مرفوع أخرجه أبو نعيم )ج 6، ص 283( رجاله ثقات إلا عبد الله بن هشام تركه ابن أبي حاتم ووثقه ابن حبان.
وفي هذا يتبين أن اليهود والنصارى يبنون مساجدهم على قبور أنبيائهم وصوروهم فيه يصلون لهم!. أما دفن الصالحين حول مسجد أو وراء مسجد لا يصلون لهم فعكس ذلك؛ هذا ظاهر ليس فيه شبهة .
وأما حديث) )اجعلوا في بي وتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا(( قال الشراح كما يأتي:
في المتواري على أبواب البخاري )ج 1، ص 85( قال: "لا تتخذوها قبورا ولم يقل مقابر لأن القبر هو الحفر التي يستقر بها الميت والمقبرة إسم للمكان".
قلت: و رد تفسيره في مصنف عبد الرزاق رقم )4012( عن عطاء قال: أركعهما في بيتي - أي ركعتان الفجر - ثم آتي المسجد فأجلس أحب إلي، قال زيد بن خالد:
"لا تجعلوا بيوتكم مقابر".
وفي فتح الباري لابن رجب )ج 3، ص 233( ساقاختلاف العلماء فيه ورد القائلين أنه نهي عن الدفن فيالبيوت لكون الرسول مدفون في البيت وخليفتاه .
وفي الفتح الباري لابن حجر )ج 1، ص 52( ساق كلام العلماء أن معناه لا تتخذوها قبورا أي لا تتخذوا البيوت للنوم فقط ويويده الحديث القائل : البيت الذي يذكر الله فيه والذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت .
وقال مثله المغلطاي في شرح ابن ماجة )ج 1، ص 1239( والعيني في شرح ابن داود )ج 4، ص 351( وكذلك العمدة القاري )ج 4، ص 166( والسيوطي في شرح مسلم )ج 2، ص 385(، وفي شرح القسطلاني )ج 2، ص 343( قال: "لا تتخذوها قبورا أي مثل القبور بأن لا تصلوا فيها إلا النوم وإن النوم أخو الموت".
وأما ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 10، ص 100( قال: "أنه شبه الذي لا يذكر الله بأهل القبور".
حكم الجلوس على القبور
قد اختلف العلماء في الجلوس على القبر فقال الطحاوي فيشرح معاني الآثار رقم )2948(: عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ))لأن يجلس أحدكم على جمرة حتى تحرق ثيابه، وتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر(( فذهب قوم إلى هذا الحديث فقلدوه وكرهوا من أجلها الجلوس على القبور وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لم ينه عن ذلك لكراهة الجلوس على القبر ولكنه أريد به الجلوس للغائط أو البول وذلك جائز في اللغة يقال: جلس فلان للغائط وجلس فلان للبول واحتجوا في ذلك )2950( بما حدثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا الخصيب قال: ثنا عمر بن علي قال: ثنا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة:
"أن زيد بن ثابت قال: هلم يا ابن أخي أخبرك إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور , لحدث غائط أو بول" فبين زيد في هذا الحديث الجلوس المنهي عنه في الحديث الأول ما هو. وقد رويعن أبي هريرة رضي الله عنه نحو من ذلك )2951(حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني محمد بن أبي حميد، أن محمد بن كعب القرظي، أخبرهم قال:
إنما قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ))من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة نار(( )2952( حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا سليمان بن داود، قال: ثنا محمد بن أبي حميد، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: ))من قعد على قبر فتغوط عليه أو بال فكأنما قعد على جمرة (( فثبت بذلك أن الجلوس المنهي عنه في الآثار الأول، هو هذا الجلوس فأما الجلوس لغير ذلك فلم يدخل في ذلك النهي. وهذا قول أبي حذيفة )ومالك( ،وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى. وقد روي ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهم )2954(: حدثنا علي، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني بكر، عن عمرو، عن بكير، أن نافعاحدثه: "أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يجلس على القبور".
قلت: حديث الأول أعني حديث زيد بن ثابت له شاهد ذكره ابن حجر في الفتح )ج 3، ص 224( وقال إسناده صحيح. والحديث الثاني أعني حديث أبي هريرة له شاهد أخرجه عبد الرزاق رقم )6511( بإسناده وابن أبي شيبة )ج 3، ص 339( بإسناد آخر. فتبين بعد صحة هذه الأحاديث أن الجلوس على القبر غير مكروه إلا لحدث .
جواز الدعاء عند القبور
عن صالِح بنِ كَيسانٍ عبيدِ اللِه بنِ عبدِ اللِه قال رأيتُ أسامةَ بنَ زيدٍ يصلى عندَ قبِر النبِيّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فخرج مروانُ بنُ الحكمِ فقال تصلى إلى قبره فقال إني أحبه. الخ
صحيح ابن حبان )ج12، ص606، رقم 5694( بإسناد صحيح. وكذلك الضياء في المختارة رقم )1318(موارد الظمعان رقم )1974(.
وأخرجه الطبراني في الكبير رقم) 405( من طريق علي بن المديني، عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. ولفظه: رأيت أسامة بن زيد عند حجرة عائشة يدعو، فجاء مروان فأسمعه كلاما، فقال أسامة: إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: ))إن الله عز وجل يبغض الفاحش
البذيء((. وأورده الهيثمي في المجمع )ج 8، ص 64( وقال: "رجاله ثقات".
حاول الألباني تضعيفه في إروائه )ج7، ص209( فقال: "رجاله ثقات إلا أن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن!
قلت: هذا كذب محض! ما عنعن بل قال: "حدثنا صالح بن كيسان". راجع صحيح ابن حبان والطبراني لترى بأمّ عينك وتعلم أن الألباني خائن كاذب أو مخطئ.
بعد صحة الحديث لا ينبغي أن يأتي ابن أنثى بعدالقرون - كخوارج العصر - ويحرم الدعاء عند القبور برأيهويكفر المسلمين! هذا ضلال مبين نعوذ بالله من ذلك .
التشفع بالقبر الشريف زمن الصحابة
أما طلب حاجة عند ضريحه صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن ابي شيبة في مصنفه رقم )32002(: "عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقال ائت عمر فاقرئه السلام وأخبره أنكم مسقون وقل له عليك الكيس الكيس فأتى الرجل فأخبر عمر فبكى عمر ثم قال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه". ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج 44، ص 345( وصححه ابن حجر في الفتح )ج 2، ص 397(. وصححه ابن كثير في البداية والنهاية )ج 7، ص 91(وقال في مسند الفاروق )ج 1، ص 225(: "إسناده جيدقوي".
قلت: من هنا أخطأ محمد بن عبد الوهاب خطئا فاحشا اتكالا على ابن تيمية حيث ظن أن هذا التشفع عبادة!
لأنه قاس روح مؤمن مقبور بحجر معبود!. ثانيا: ظن أن طلب دعاء عند المؤمن المقبور عبادة له!. فعلى هذا يكون عمر بن الخطاب وجميع الصحابة الذين حضروا الواقع كفارا أو أقروا بالكفر! لأنهم ما أنكروا الرجل الذي استسقى برسول الله صلى الله عليه وسلم بل صدقوه حتى بكى عمر بن الخطاب تصديقا.
تنيه: ادعى الألباني في توسله )ج 2، ص 11( كعادته أن حديث مالك الدار المذكور ضعيف! وأن مالك الدار مجهول! قال ذلك المنذري والهيثمي!.
قلت: دليلك أوهى من بيت العنكبوت أين الهيثمي والمنذري بين يدي ابن سعد وابن حبان والعسقلاني كما يأتي : قال ابن سعد في طبقاته )ج 5، ص 12(: "مالكالدار كان معروفا" وكذلك في الثقات لابن حبان )ج 5،ص 384(. وقد صرح العسقلاني في الإصابة )ج 6، ص 216، برقم 8375(: "أن مالك الدار له ادراك وكان معروفا روى عنه فلان وفلان..." وذكره البخاري في التاريخ الكبير )ج 7، ص 304، رقم 1295(. وقد أقرّ تلاميذ الألباني أن مالكا معروف راجع ملتقى أهل الحديث )طبعة٢، ج 74، ص 203(. وقالوا فيه )ج37، ص
284(: "أن أبا معاوية أحفظ الناس في حديث الأعمش". وفيه )ج 4، ص 86( أن حديث الأعمش عن أبي صالح محمول على الإتصال. وعنعنته في البخاري نحو )150( وفي مسلم نحو )180( وفي... وفي... وفي...وعد كتب الحديث .
لقد عجز الوهابيون المعاصرون عن تضعيف سند هذه القصة فلجئوا إلى أن أبا صالح السمان لعله لم يسمع من مالك الدار! .
فقلت: ذكر في جميع كتب التاريخ أن أبا صالح السمانيروي عن مالك الدار كيف لا وأبو صالح عاصره وأخذعمن هو أكبر من مالك الدار! وفي تاريخ دمشق )ج 56، ص 489، رقم 7180(: "أن مالك الدار سمع عن
الصحابة وروى عنه أبو صالح السمان وعبد الرحمان وابناه".
وفيه )ج 56، ص 491(: قال ابن معين: "مالك الدار تابعي أهل المدينة ومحدثيهم"! وفيه )ج 56، ص 492(:
"أن مالكا معروف!!".
وقد أخرج القصة الخليلي في الإرشاد )ج 1، ص 311( بإسناده إلى الأعمش. ورواه الطبري في تاريخه )ج
4، ص 98( بإسناد آخر إلى عاصم بن عمر. وأوردها الذهبي في تاريخ الإسلام )ج2، ص149( وفي سيره )ج
2، ص 412( بغير نكير .
أما باقي آراء الألباني في توسله فلايهُمُّنا إذ أمير المؤمنين عمر والحاض رون ليس منهم من بدع الرجل أوكفره بل صدقوا بالخبر وقد بكى عمر حين أخبره وقال: "يا رب ما آلو إلا ما عجزت. فجاء التكفيريون الخوارج يكفرون كلمن تشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم".
ويزعمون أن كل دعاء عبادة! لحديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الدعاء هو العبادة قال ربكم:﴿ ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين﴾ ".
قلت: هذا الفهم فهم خاطئ راجع العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية المروذي لتعلم معنى الحديث، ثبت فيه )ج 1، ص 263(: "عن النعمان أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "إن الذين يستكبرون عن عبادتي قال عن دعائي سيدخلون جهنم داخرين " هنا نفهم فهما صحيحا أن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر لنا معنى "ادعوني" وأن معناه العبادة أي اعبدوني لا أن كل دعاء عبادة كما يظن البعض. وقال ابن جرير الطبري في تفسيره )ج 21، ص 406(: "ادعوني أستجب لكم أي اعبدوني أرحمكم"، وساق أسانيده .وإن مشينا على فهم أولائك المخطئين لصار جميع الصحابة كفارا لأنهم يدعون النبي صلى الله عليهوسلم يقولون ) يا رسول الله أدعو الله لي...( أمثاله كثير في البخاري وغيره هذا أولا .
وثانيا: الدعاء الأعمى الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم فيه نداء وطلب ) يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي ...( حديث صحيح كما يأتي إذا قلنا أن كل دعاء عبادة يكون النبي هو الذي علم الشرك! .
وثالثا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي البقيع يقول:
"السلام عليكم أهل الديار" هذا نداء .
ورابعا: سيأتي عيسى عليه السلام على قبر النبي وقال: "يا محمد" فأجابه النبي صلي الله عليه وسلم. أخرجه أبو يعلى في مسنده )ج 11، ص 462( وغيره وقد صححه المتشدد! هل هذا كله عبادة له صلى الله عليه وسلم؟! .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعطنا فهما صحيحا في الكتاب والسنة آمين يارب العالمين .
تنبيه: أنكر بعض الناس سماع الموتى يحتجون بقوله تعالى﴿إنك لا تسمع الموتى﴾ وقوله تعالى ﴿وما أنت بمسمع من في القبور﴾!! وهم يعلمون يقينا أن السلف الصالح فسروا "الموتى" بموت القلب لا موت الجسد وفسروا "لا تسمع" بسماع القبول لذلك قال بعد ذلك﴿ إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا﴾ راجع ابن جرير الطبري )ج 18، ص 524( وكذلك تفسير البغوي )ج 3، ص 513( وابن القيم في مدارجه )ج 3، ص 243(. وفسروا "من في القبور" أي قلوب الكفار في صدورهم لا قبور في الأرض راجع تفسير ابن جرير )ج 19، ص 356( عند قوله تعالى﴿ ما يستوي الأحياء ولا الأموات﴾ وكذلك زاد
المسير لابن الجوزي )ج 3، ص 510(. وابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 4، ص 243(.
ثم الرسول صلي الله عليه وسلم أعلم بالقرءان منا وقد صح عنه إثبات سماع الموتى كما في صحيح البخاري رقم )1370( وفي مسند احمد )ج 10، ص 291( رقم )6145(: "أن عبد الله بن عمر قال: اطلع رسول اللهصلى الله عليه وسلم على أهل القليب ببدر ثم ناداهم ،فقال:" يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟" قال أناس من أصحابه: يا رسول الله: أتنادي ناسا أمواتا ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم بأسمع لما قلت منهم".
وروي مثله عن أنس في مسند أبي يعلى )ج 1، ص 45( وغيره. وعن أبي طلحة في الأحادي والمثاني )ج 3، ص 445(. وعن عمر بن الخطاب في السنن الكبرى للنسائى )ج 2، ص 481(. وعن ابن مسعود في السنة لابن أبي عاصم )ج 2، ص 428(. في هذا الحديث تصريح أن الموتى يسمعون .
وأما رواية التي في مسند أحمد رقم )1404( بزيادة:
فسمع عمر صوته، فقال: يا رسول الله هل يسمعون؟ يقول الله عز وجل:﴿ إنك لا تسمع الموتى﴾؟ فقال:" والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا. هذه الزيادة ضعيفة جميع طرقه تدور على حماد بنسلمة هو ضعيف.
ويقال أن عائشة أنكر سماع الموتى ولكن في إسناده كلام وهو ما ورد في صحيح البخاري )3980(: "عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: ))هل وجدتم ما وعد ربكم حقا(( ثم قال: ))إنهم الآن يسمعون ما أقول((، فذكر لعائشة ،فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ))إنهم الآن
ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق(( ثم قرأت ﴿إنك لا تسمع الموتى﴾. في الإسناد هذا الحديث هشام بن عروة تغير أخيرا كما قال القطان في الوهم )ج 5، ص 504(. وفي التهذيب )ج 30، ص 239( أنكروه حينما صار إلى العراق، وكان الإمام مالك لا يرضاه .
وقال الذهبي في الميزان )ج 4، ص 301(: "نعم الرجل تغير قليلا ولم يبق حفظه..." الخ. وأخرجه أحمد في المسند رقم )4864( وفيه محمد بن عمرو بن علقمةضعيف كما ذكرته في حديث افتراق الأمة .
وفي صحيح البخاري )ج 2، ص 98، رقم 1374(:
"وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم ،أتاه ملكان فيقعدانه..." الخ. أثبت هذا الحديث سماع الميت إطلاقا كل من قيده بوقت الدفن ليس لديه أي دليل ألبتة .
وقد ثبت في مصنف عبد الرزاق رقم )6723(:
"أخبرنا يحيى بن العلاء أخبرنا ابن عجلان، عن زيد بن أسلم قال: مر أبو هريرة وصاحب له على قبر فقال أبو هريرة: سلم، فقال الرجل: أسلم على القبر؟ فقال أبو هريرة:
"إن كان رآك في الدنيا يوما قط إنه ليعرفك الآن". هذا القول من الصحابي الجليل أبو هريرة وهذا لا يقال بالرأي كما ثبت في علوم الحديث.
وقد جزم ابن تيمية في الفتاوى الكبرى )ج 3، ص
69(: "بأن الموتى يسمعون الخطاب".
وقد قال المتشددون في كتابهم ملتقى أهل الحديث )ط٢، ج 24، ص 136(: "الذي يقتضي الدليل رجحانه هو أن الموتى في قبورهم يسمعون كلام من كلمهم... وأن عائشة ومن تبعها في إستدلالهم غلط... ولا يجب الرجوع إلى تأويل عائشة، سماع الموتى ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر صلى الله عليه وسلم أن ذلك خاص بوقت". انتهى من الملتقى.
حكم حديث لا يستغاث بي
في مسند أحمد رقم )22706(: "حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، أن رجلا سمع، عبادة بن الصامت يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا يقام لي إنما يقام لله". وأخرجه الطبراني في الكبير رقم )5780( وابن سعد)ج 1، ص 387(. ليس له إسناد إلا هذا الإسناد وهذا الإسناد أ وهى من بيت العنكبوت اسمع ما يأتي:
أولا: مضطرب المتن قال أحمد: )لا يقام لي( وقال الطبراني :) لا يستغاث بي(. هذا أولا .
ثانيا: الإسناد منقطع بين علي وعبادة .
ثالثا: فيه ابن لهيعة تالف ضعيف باتفاق .
في تاريخ ابن معين )ج 1، ص 68(: "حديث ابن لهيعة ليس بشيء". وقال يحيى : ابن لهيعة ليس بشيء تغير أولم يتغير! راجع - من كلام أبي زكرياء – )ج 1، ص 109(. وفي الضعفاء لأبي زرعة )ج 3، ص 1000(:
"تركه البخاري".
لا تغتر بقول الهيثمي في المجمع أن ابن لهيعة ضعيف وأحاديثه حسن! فقد ضعفه هو في عدة مواضع وقال ابن مهدي أن ابن لهيعة ضعيف قبل اختراق كتبه وبعده وحديثه ليس بشيء .
ومن العجب أن ابن تيمية مع كونه شيخ الإسلاموواحد لايستثنى به أحد!! كان يحتج بهذا الحديث الباطل كما في مجموع فتاويه )ج 1، ص 11( وفي قواعده )ج 1، ص 254( وفي مجموع الرسائل )ج 1، ص 15(. وأما الألباني فقد فر منه ولم يتعرض له في كتبه البتة .
اسمع ما يقول ابن تيمية
قال في اقتضاء الصراط )ج2، ص254(: "ما يروى من أن قوما سمعوا رد السلام من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبور غيره من الصالحين. وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة.؛ ونحو ذلك. فهذا كله حق!! ليس مما نحن فيه، والأمر أجل من ذلك وأعظم. وكذلك أيضا ما يروى: " أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه الجدب عام الرمادة. فرءاه وهو يأمره أن يأتي عمر، فيأمره أن يخرج يستسقي بالناس" فإن هذا ليس من هذا الباب. ومثل هذا يقع كثيرا لمن هو دون النبي صلى اللهعليه وسلم، وأعرف من هذا وقائع".
قلت أيضا: اسمع فضائل قبور الصالحين من ابن تيمية. قال في اقتضائه )ج2، ص255(: "وكذلك ما يذكر من الكرامات، وخوارق العادات، التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها وتوقي الشياطين والبهائم لها، واندفاع النار عنها وعمن جاورها، وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى، واستحباب الاندفان عند بعضهم، وحصول الأنس والسكينة عندها، ونزول العذاب بمن استهانها - فجنس هذا حق، ليس مما نحن فيه. وما في قبور الأنبياء والصالحين، من كرامة الله ورحمته، وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق، لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك".
عقبة بن عامر كافر!
وفي تهذيب الأسماء والصفات للنووي )ج1، ص336( في ترجمة عقبة بن عامر الصحابي قال: "وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، وشهد فتوح الشام، وهو كان البريد إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بفتح دمشق، ووصل المدينة فى سبعة أيام، ورجع منها إلى الشام فى يومين ونصف بدعائه عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- وتشفعه به فى تقريب طريقه".
قلت: هذا الخبر أثبت جواز التشفع بالنبي بعد وفاته في زمن الصحابة .
ابن المنكدر كافر قبوري أم لا
في تاريخ دمشق )ج56، ص50( قال: "كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي )صلى الله عليه وسلم( ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطرة فإذا وجدت ذلك استغثت بقبر النبي )صلى الله عليه وسلم( وكان يأتي موضعا من المسجد في السحر يتمرغ فيهويضطجع فقيل له في ذلك فقال إني رأيت رسول الله)صلى الله عليه وسلم( في هذا الموضع". ورواه الذهبي في تاريخ الإسلام )ج3، ص521(.
قلت: هل محمد بن المنكدر كافر! أم ابن عساكر ناقل كفر! والذهبي ثالثهما!؟؟
حفاظ كبار قبوريون!
في تاريخ الإسلام للذهبي )ج8، ص524( وفي سير أعلام النبلاء )ج12، ص382(: "عن أبي بكر بن أبي علي قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله، الجوع، فقال لي الطبراني: اجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شيء كثير، وقال: شكوتِوني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رأيته في النوم، فأمرني بحملشيء إليكم".
قلت: أهؤلاء الحفاظ كفار؟! أم الذهبي ناقل الكفر!؟ البخاري قبوري!
قال ابن عدي في كتابه )من روى عنه البخاري( )ج1، ص51(: "سمعت عبد القدوس بن همام يقول سمعت عدة من المشايخ يقولون دَوَّنَ محمد بن إسماعيل البخاري تراجم جامعه بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومنبره"!
قلت: لما ذا أختار البخاري قرب قبره صلى الله عليه وسلم لتدوين!؟؟. أم هو وابن عدي قبوريان!؟ .
وأعود قائلا البخاري قبوري؟!
وفي تاريخ الكبير للإمام البخاري )ج6، ص 549( وهو تاريخ كبير على طريقة المحدثين جمع فيه الثقات والضعفاء من رواة الحديث ويقال انه ثلاثة كبير ووسط وصغير وهو الذى صنفه عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في الليالى المقمرة ويرويه عنه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس وأبو الحسن محمد بن سهل اللغوى وغ يرهما فهذا من بركاتجوار النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حيثعم نفعه!.
قلت: لا شك أن البخاري صار قبوري! بعد اليوم عند المتشددين.
إبراهيم الحربي قبوري
في تاريخ بغداد )ج1، ص445(: "أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم، يقول: سمعت أبا علي الصفار، يقول: سمعت إبراهيم الحربي، يقول: قبر معروف الترياق المجرب. أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري، قال: سمعت أبي يقول: قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج، ويقال: إنه من قرأ عنده مائة مرة قل هو الله أحد وسأل الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته. حدثني أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري، قال: سمعت أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع ،يقول: سمعت أبا عبد الله ابن المحاملي، يقول: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة ما قصده مهموم إلا فرج الله همه".
الإمام الشافعي قبوري!!
في تاريخ بغداد )ج 1، ص 445(: "أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري، قال: أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ، قال: حدثنا مكرم بن أحمد، قال:
حدثنا عمر بن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن ميمون، قال: سمعت الشافعي، يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم، يعني زائرا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى". وأثبته الذهبي في تاريخ الإسلام )ج4، ص 1210( و في سير أعلام النبلاء )ج8، ص88(.
قلت: إذًا الإمام الشافعي والحافظ إبراهيم الحربي كافرانقبوريان إن صح الإسناد! وإن لم يصح السند فالخطيبالبغدادي والذهبي كافران قبوريان لأنهما نقلا الخبر إحتجاجا!! .
أبو الفرج إبن أبي حاتم قبوري!!
في تاريخ الإسلام )ج 35، ص 35( في ترجمة محمد بن محمود أبو الفرج ابن العلامة أبي حاتم الأنصاري القزويني. فقيه، صالح، صاحب معاملة. حج سنة سبع وتسعين، وأملى بمكة مجلسا . وضاع ابن له قبل وصوله المدينة. قال بعضهم : فرأيناه في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمرغ في التراب ويتشفع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في لقي ولده، والخلق حوله، فبينا هو في تلك الحال إذ دخل ابنه من باب المسجد، فاعتنقا زمانا
. رواها السمعاني، عن أبي بكر بن أبي العباس المروزي. ابن أبي عاصم كافر!!
وفي الآحاد و المثاني في ترجمة طلحة بن عبيد الله قال: "قبرهبحضرة الهجرتين وقد رأيت جماعة من أهل العلم وأهل الفضل إذا هم أحدهم أمر قصد إلى قبره فسلم عليه ودعا بحضرته، وكان يعرف الإجابة، وأخبرنا مشايخنا قديما أنهم رأوا من كان قبلهم يفعله".
قلت: ابن أبي عاصم كافر قبوري لأنه نقله إحتجاجا .
ابن حبان قبوري!!
قال ابن حبان في الثقات )ج8، ص457(: "ما حلت بي شدة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عنى إلا أستجيب لي وزالت عنى تلك الشدة وهذا شيء جربته مرارا فوجدته كذلك أماتنا الله على محبة المصطفي وأهل بيته صلى الله عليه وسلم الله عليه وعليهم أجمعين".
قلت: ابن حبان قبوري كافر!! أو مبتدع! أليس كذلك!؟ . الحافظ ابن خزيمة مشرك؟!!
وفي تهذيب التهذيب )ج7، ص388(: "سمعت أبا بكرمحمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى يقول خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشائخنا وهم إذ ذاك متوافرون إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضي بطوس قال فرأيت من تعظيمه يعني بن خزيمة لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا .
قلت: العسقلاني كافر لأنه نقله إحتجاجا لا إنكارا".
ابن أبي زرعة قبوري!
وقال ابن الجوزي في المنتظم )ج16، ص314(: "وكان هبة الله بن عبد الوارث يحكي عن والدته فاطمة بنت علي قالت: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد المعروف بابن أبي زرعة الطبري قال: سافرت مع أبي إلى مكة فأصابتنا فاقة شديدة فدخلنا مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وبتنا طاويين، وكنت دون البالغ، فكنت أجيء إلى أبي وأقول: أنا جائع. فأتى بي أبي إلى الحضرة وقال: يا رسول الله، أناضيفك الليلة. وجلس فلما كان بعد ساعة رفع رأسه وجعليبكي ساعة، ويضحك ساعة. وقال: رأيت رسول الله صلىالله عليه وسلم فوضع في يدي دراهم، ففتح يده فإذا فيها دراهم وبارك الله فيها إلى أن رجعنا إلى شيراز وكنا ننفق منها".
قلت: إن صح الخبر فابن أبي زرعة كافر قبوري وإن لم يصح فابن الجوزي ناقل كفر لاحتجاجه به !
أبو الخير كافر!!
في صفة الصفوة )ج2، ص421، رقم 806( قال:
"وسمعته - أبا الخير - يقول: دخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت طعاما فتقدمت إلى القبر فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وقلت أنا ضيفك الليلة يا رسول الله وتنحيت فنمت خلق المنبر فرأيت في النوم النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعلي ابن أبي طالب بين يديه. فحركني علي وقال لي: قم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت إليه وقبلت بينعينيه، فدفع إلي رغيفا فأكلت نصفه وانتبهت وإذا في يدينصف رغيف".
قلت: إن لم يصح الخبر فابن الجوزي كافر لأنه نقله كرامة!!
علي النيسابوري كافر!!
في تهذيب التهذيب )ج 11، ص 299( قال الحاكم:
"سمعت أبا علي النيسابوري يقول كنت في غم شديد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كأنه يقول لي صر إلى قبر يحيى بن يحيى واستغفر وسل تقض حاجتك فأصبحت ففعلت ذلك فقضيت حاجتي".
إن صح وإن لم يصح فالعسقلاني ناقل كفر لأنه أثبته!!
زيارة بلال الصحابي قبر النبي
قال الغساني في أخباره )ج1، ص46، رقم 75(: "إن بلال بالشام ورأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ما هذه الجفوة يا بلال أما آن أن تزورني فانتبه حزينا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلىالله عليه وسلم فجعل يبكي عنده وجعل يمرغ وجهه عليهوأقبل الحسن والحسين صلوات الله عليهما فجعل يضمهماويقبلهما فقالا له يا بلال نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذنه لروسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ففعل فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما أن قال الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما أن قال أشهد أن لا إله إلا الله زاد تعاجيجها فلما أن قال أشهد أن محمدا رسول الله خرج العواتق من خدورهن فقالوا أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رؤى يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم".
قلت: هذا الحديث ضعفه بعض العلماء فأردت أن أدلي دلوي فيه؛ فقلت: رواه الغساني عن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه عن جده .أما الغساني فهو ثقة إمام كما في سير أعلام النبلاء )ج11، ص262(. وإبراهيم فيه جهالة! كما في الميزان )ج1، ص64(. واللسان )ج9، ص359(. ومحمد لا بأس به كما في الجرح والتعديل )ج7، ص267(. وسليمان بنبلال ثقة وهو المفتي الشام كما في سير أعلام النبلاء )ج7،ص94(.
ولكن الذهبي قد تناقض فيه! فقال في سير أعلام )ج 3، ص218(: "لين منكر". وقال في تاريخ الإسلام )ج 5، ص773( إسناده جيد! وفيه جهالة .
قلت: الآن اتضح أنه ليس في الإسناد علة إلا جهالة إبراهيم إذا الحديث حجة عند من يحتج بالمجهول كمذهب مالك وأبي حنيفة كما في الروض الباسم. فالحديث حجة عندهم .وقال الشوكاني في نيل الأوطار )ج 5، ص 114( أخرجه ابن عساكر بسند جيد .
قلت: نعم أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق )ج7، ص137( بهذا السند الذي تكلمنا آنفا .
التوسل والإستغاثة معا
في مسند أحمد بهذا الرقم )17240(: "عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليهوسلم، فقال: ادع الله أن يعافيني، قال:" إن شئت دعوتلك، وإن شئت أخرت ذاك فهو خير فقال: "ادعه، فأمرهأن يتوضأ، فيحسن وضوءه، ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه، فتقضي لي، اللهم شفعه في". وأخرجه الترمذي )3578(، والنسائي في "الكبرى) "10495( وفي عمل اليوم والليلة) 659( ، وابن ماجه) 1385( ، وابن خزيمة) 1219(، والحاكم )ج 1، ص 31(.
وغيرهم واتفقوا على أن الحديث صحيح حتى هؤلاء المتشددين بأجمعهم صححوه في كتبهم، ولكن المتشدد كما تعرفون يزعم بعضهم أن الأعمى توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته لقوله في آخر الدعاء )شفعه في( .
فأقول: هذا التأويل باطل لم يأت في أي حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بتة. قال المتشدد الألباني في توسله )ج 1، ص 71(: "وعلى هذا فالحادثة كلها تدورحول الدعاء".
فأقول: نعم الحادثة تدور حول الدعاء ولكن السؤال هنا:
ما هو الدعاء الذي دعا به النبي؟ لا بد إلا الإجابة بأنه لم يدع له النبي بل علمه كيف يدعو. وفي السنن الكبرى للنسائي رقم )10419:( "أن الأعمى طلب الدعاء فأبى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: ))بل أدعك(( وأمره أن يدعو بهذا الدعاء. فأراد هؤلاء المتشددين أن يحرفه ويزعمون أن النبي دعا له خاصة ثم توسل الأعمى بذلك الدعاء. وليس لديهم أي دليل على ذلك بل الدليل يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أبي عن الدعاء له وعلمه دعاء فتشفع بذلك الدعاء فشفاه الله. لذلك أجاز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التوسل بهذا الحديث كما يأتي في حديث عثمان بن حنيف .
وزعم الألباني أيضا في توسله )ج 1، ص 71(: أن الأعمى طلب أن يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم لا أنيعلمه الدعاء!. فأقول: بل طلب أن يعلمه كما ورد فيالمستدرك رقم )1929(: "أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به يرد الله علي بصري".
ومما يدل أيضا على ان هذا الحديث مطلق غير مقيد على الأعمى فقط ما روى الطبراني في الكبير )ج9، ص30( وفي الصغير )ج1، ص306، رقم 508( من طريق إبن وهب عن شبيب عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن غفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لايلتفت إليه ولاينظر في حاجته فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا إليه ذالك فقال له عثمان بن حنيف: إئت الميضأة فتوضأثم إئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يامحمد إني أتوجه بك إلى ربي لتقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، فصنع الرجل ما قاله فقضي حاجته فلقي عثمانبن حنيف فقال له: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوتصبر؟ فقال يارسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات. فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر".
قلت: فيه التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال "وأتوجه إليك بنبيك" وفيه إستغاثة حيث قال "يا محمد إني أتوجه بك". هذا الحديث أخرجه البيهقي في الدلائل النبوة )ج 6، ص167( عن إسماعيل بن شبيب عن أبيه ...
وفيه )ج 6، ص 168( بإسناد آخر عن أحمد بن شبيب عن أبيه... وفيه )ج 6، ص 168( قال: "ورواه أيضا هشام الدستوائي عن أبي جعفر عن أبي أمامة عن عمهعثمان بن حنيف".
قلت: هذه ثلاث شواهد صحيحة غير رواية ابن وهب
وقد شذ الألباني في توسله )ج 2، ص 84( وشيخه ابن تيمية في مجموع فتاويه )ج 1، ص 284 – 390(:
"أن شبيب لا بأس بأحاديثه بش رط أن يكون من رواية يونس بن يزيد!".
قلت: هذا من شذوذهما بل غاية ماقيل في شبيب كما في الكامل لابن عدي رقم )891 (: "يحدث عنه ابن وهب المناكر الذي يرويها عنه ولعل شبيب بمصر في تجارته إليها كتب عنه ابن وهب من حفظه فيغلط ويهم. وقد تفرد بهذا الكلام ابن عدي ومع ذلك لم يقيد شبيبا بل تكلم ماروى عنه ابن وهب بمصر من حفظه فقط ولاتنس أن هشام الدستوائي تابع شبيبا كما قال البيهقي وهو شاهد له وهذا أحمد بن شبيب وإسماعيل بن شبيب جبلان أمامكم إن كان ابن وهب كتب عنه بمصر من حفظه فيغلط فأحمد
وإسماعيل لم يأخذا منه بمصر. وطريق هشام ليس فيه شبيبا .
قد قال ابن حجر في تق ريب التهذيب )ج1، ص 263(:
"لا بأس بحديث شبيب من رواية إبنه أحمد عنه لا ابن وهب".
ولحديث شبيب شاهد أيضا أخرجه الطبراني في الكبير
)ج 9، ص 30( بعد أن أورد بحديث شبيب قال: "حدثنا عثمان بن عمر بن فارس حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن أبي أمامة نحوه". وقال الحاكم في المستدرك )ج 1، ص 707(: "في رواية شبيب زيادات في المتن والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون". وفي العلل لابن أبي حاتم )ج 5، ص 385(: "أن حديث شبيب أشبع متنا وقد تابع هشام شبيبا وروايتهما أصح".
يزعم هؤلاء القوم أن عثمان بن حنيف حينما أجاز التوسل بهذا الحديث حذف لفظ )شَفِّعْهُ فيٌ وشفعني في نفسي .( فأقول: حذف الدعاء النبوي حسب حاجتك جائز عند المتشددين ثبت في فتاوى اللجنة الدائمة )ط ٢،ج 2، ص 246( حول الصلاة الإبراهيمية قالت ) وإن اقتصر على - اللهم صل وسلم على محمد - كفى! .وقال ابن باز في فتاوى نور )ج 8، ص 44(: "كان النبي يدعو بدعاء طويل بعد الركوع وإن اقتصرت على ربنا ولك الحمد كفى". وفيه )8 ص 78( قال: وإن اقتصر على البعض كفاه ذلك. ومثله في فتاوى اللجنة الدائمة )ط1، ج 8، ص 73(. وقال ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام )ج 1، ص 318( حول دعاء الإستفتاح: "وإن اقتصر عليه فلا حرج".
تنبيه: سمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث بِـ) صلاة الحاجة ( فأصبح الوهابيون يقيدونه على الأعمى!!. ثبت في تاريخ دمشق )ج 64، ص93، رقم 8112( بإسناد صحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمه صلاة الحاجة! فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويدعوبهذا الدعاء .
فعلى هذا نقول: التوسل المسمى بالصلاة الحاجة معروف عند الصحابة .
قال ابن ماجة )ج 1، ص 441(: "باب ما جاء في صلاة الحاجة". فذكره
وفي مختصر الأحكام للطوسي )ج 2، ص 442(:
"باب ما جاء في صلاة الحاجة". وذكره .
وفي أخبار الصلاة لعبد الغني المقدسي )ج 1، ص 35(: "باب صلاة الحاجة،وذكره".
هنا تبين لك أن العلماء الذين رووا الحديث فهموا أن الدعاء مطلق لكل مسلم كما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم حتى سموه بصلاة الحاجة وهم أعلم بالتوحيد منا ،وثبت في علم الحديث أن الراوي أعلم بحديثه من غيره. لا أزال متعجبا من جرأة هؤلاء المتمسلفين على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم!. الصحابي روى حديثه وعمل به فجاء المتمسلف وقال أن الصحابي لم يفهمالحديث! هذا لمن سوء الأدب .
وأختم الباب بمن وثقوا الشبيب: وثقه أبو زرعة وأبو حاتم كما في الجرح والتعديل )ج 4، ص 395( والنسائي كما في تهذيب التهذيب )ج 4، ص 307( وكذلك الذهلي كما في تهذيب التهذيب )ج 6، ص 306( ووثقه الدارقطني كما في سؤلات الحاكم للدارقطني )ص224( وابن حبان في الثقات )ج 8 ص 310(.
وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل )ج 4، ص 359(:
"صالح الحديث لا بأس به". وقال ابن عدي في الكامل رقم
)891(: "له نسخة الزهري أحاديثه مستقيمة".
رجع ابن تيمية ويجيز الإحتجاج بالحديث عند السلف قال في مجموع فتاويه )ج 1، ص 264(: "أن ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء قال: حدثنا أبو هاشم سمعت كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة يقول: جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال: بك داء لا يبرأ. قال: ما هو؟ قال: الدبيلة. قالفتحول الرجل فقال: الله الله الله ربي لا أشرك به شيئااللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي. قال فجس بطنه فقال: قد برئت ما بك علة. قلت: فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ثم قال: وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع".
قلت: النزاع بين من ومن يا ابن تيمية؟ لا تستطع أن تأتي بهم إذ ليس في الباب نزاع .
وأقول: أجاز ابن تيمية التوسل وهو لايعلم في قوله: "من خدرت رجله فليقل: يامحمد". راجع الكلم الطيب )ج1، ص173، رقم 236( وابن القيم في الوابل الصيب )ج1، ص 136(.
ورجع ابن تيمية عن قوله بمنع التوسل وقال: لايستغاث بالنبي استغاثة بمعني العبادة ولكن يتوسل بهويتشفع به إلى الله. راجع البداية والنهاية )ج 14، ص 45( وقد علق الوهابيون على هذا القول بأنه خالف ما في كتبه ولم ينتبهوا أنه رجوع!.
تنبيه أيضا: قال الألباني في توسله )ج 2، ص 133(: "أن التوسل ليس شرك عندهم...". وقال في موسوعته )ج 1، ص 200(: "أن التوسل ليس من مسائل العقيدة".
وفي اللجنة الدائمة رقم )1711( قالوا: "نهي التوسل سدا للذريعة لا أنه شرك"!.
وقال الألباني في موسوعته )ج 3، ص 910، رقم
313(: "نهي التبرك بالأثار سدا للذريعة!".
قلت: من أمركم أن تسدوا تلك الذريعة؟! أين دليل صريح؟ .
وقلت أيضا: لقد أشكلني قولهم لا يتوسل بمخلوق كذات وجاه بينما نراهم يجيزون التوسل بمحبة وعمل صالح!. أليس المحبة مخلوقا؟! وقد مر قريبا أن الأعمى توسل بذات النبيوقال: "أتوجه إليك بنبيك" ولم يقل "أ توجه إليك بمحبتيلنبيك" أليس كذلك؟
قال الألباني في موسوعته )ج3، ص650، رقم240(: "يجوز التوسل بمحبتك الصالحين. أو محبتك للنبي صلى الله عليه وسلم!". ثم رجع في توسله )ج 1، ص 76( قائلا: "من رأى أن توسل الأعمى كان بذاته صلى الله عليه وسلم فعليه أن يقف عنده ولا يزيد عليه .- وكذب قائلا - كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام!".
وقال ابن باز في فتاوى أركان الإسلام )ج1، ص182(: "يجوز التوسل بمحبتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم!". وكذلك في الدرر السنية )ج11، ص64(: "يجوز التوسل بالمحبة".
التوسل بالصالحين
في صحيح البخاري رقم )1010( أن عمر بن الخطابرضي الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب، فقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا"، قال: "فيسقون".
يزعم المتشددون أن عمر بن الخطاب ت وسل بدعاء العباس لا بذاته!. قلت: من أين لكم هذا الزعم؟ بل قال عمر "نتوسل بعم نبينا" ولم يثبت أنه قال "نتوسل بدعاء عم نبينا" ألبتة هذا من خرافات المتشددين. وتأويلاتهم الباطلة لا تغني ولا تسمن .
ثبت في أمالي المحاملي رقم )133(: "حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني أحمد بن يحيى بن جابر قال:
حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال استسقى عمر بالعباس عام الرمادة فقال: اللهم إنا نستسقيك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم ونستشفع إليك بشيبته فسقوا".
فجاء حفيد العباس ابن عبد العزيز الهاشمي السلفيوزاد الحديث إيضاحا قائلا "اللهم إن عمر بن الخطاباستسقى بشيبة العباس فسقي، وهو أبي وأنا أستسقي به .
قال: فأخذ يحول رداءه، فجاء المطر وهو على المنبر." ذكره الخطيب في تاريخ بغداد )ج9ص58( قال: "أخبرني أبو حاتم أحمد بن الحسن الواعظ في كتابه إلي من الري ،قال: سمعت إسماعيل بن الحسين الصرصري: يقول، فذكره .
وقال: ذكرت هذه الحكاية لأبي القاسم الأزهري، فقال:
حكى لي أبي عن حمزة نحو هذا".
قلت: الإسناد صحيح كما ترى. وذكره الذهبي في تاريخ الإسلام )ج7، ص691(. فاتضح من هذا أن عمر بن الخطاب توسل بذات العباس أي بشيبته!!. ترى المتشددين يهربون عن هذا الحديث كي لا يهدم بنائهم العنكبوتية .
حكم التبرك بآثار الصالحين
ادعى المتمسلفون حتى الألباني في صحيحه )ج 6، ص 1264( أن التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم منسوخ قال: "إن كان الصحابة تبركوا بآثاره حال حياته فقدصرفهم بعد ذلك وأرشدهم إلى ما هو خير لهم منه أنرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أو تنخم ابتدر من حوله من المسلمين وضوءه فشربوه، ومسحوا به جلودهم، فلما رآهم يصنعون ذلك سألهم: لم تفعلون هذا؟ قالوا: نلتمس البركة بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان منكم يحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث، وليؤد الأمانة". وقال حديث صحيح .
قلت: بل هذا حديث ضعيف عمرو السكسكي كذاب لا يستشهد به كما قال ابن حبان في المجروحين )ج 2، ص 79(. واتفقوا على ضعف عبيد بن واقد كما في الميزان )ج
3، ص 24(. والحسن بن أبي جعفر منكر الحديث كما في الضعفاء العقيلي )ج 1، ص 221(. لا يستشهد به .
ورواية الزهري معضل كما صرح بذلك الألباني نفسه في تحذير الساجد )ج 1، ص 70(. كيف يكون صحيحا؟ .
وكيف يدعي الألباني نسخ التبرك وأحاديث تبرك الصحابة بآثاره صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مملؤة في صحيحالبخاري ومسلم وغيرهما؟! هذا لمن أعجب العجائب.
أما التبرك بآثار الصالحين فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه قال: ))البركة مع أكابركم(( وصححه المتشدد الألباني في صحيحته )ج4، ص380، رقم 1778( وفي صحيح الجامع )ج1، ص558، رقم 2884( نعمل بعمومه لا نلتفت إلى تأويلات أو تقييده بلا دليل ظاهر .وفي حديث: "كان صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين!!". صححه الألباني أيضا في صحيحته )ج5، ص154، رقم 2118( وفي صحيح الجامع )ج2، ص881، رقم 4894(.
في حديث محمد بن عبد الله الأنصاري بإسناد حسن رقم )63(: "حدثنا أبي، عن جميلة مولاة أنس قالت: كان ثابت إذا جاء إلى أنس قال: يا جميلة، ناوليني طيبا أمس به يدي، فإن ابن أبي ثابت لا يرضى حتى يقبل يدي، فيقول: يد مست يد رسول الله صلى الله عليهوسلم".
ومسند إسحاق بن راهويه بإسناد صحيح رقم
)1735(: "أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، أن عائشة، كانت تؤتى بالصبيان فتدعو لهم وتبرك عليهم".
وفي فضائل الصحابة لإمام أحمد رقم )937(: "حدثنا عبد الله بن أحمد قثنا نصر بن علي قال: أنا عبد الله بن داود، عن مدرك أبي الحجاج قال: رأيت عليا له وفرة، وأتي بصبي فبرك عليه ومسح على رأسه".
وفي المجالس والجواهر رقم )808(: "حدثنا أحمد بن أبي عمران، نا سعيد بن سليمان، نا زكريا بن منظور، نا محمد بن عقبة؛ قال: أرسل مروان بن الحكم إلى أبي هريرة أن يكتب في داره شيئا يتبرك به، فلما دخل الدار؛ قال: يا غلام! اكتب: تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تبلغون، والله! لا أزيدك". قلت: رجاله ثقات إلا زكرياء قال ابن عدي في الجرح:
"ضعيف يكتب حديثه".
التبرك بابن تيمية
في العقود الدرية المكتبة الشاملة )ص٣٨٥(: "وجلس جماعة قبل الغسل وقرأوا القرآن وتبركوا برأيته وتقبيله ثم انصرفوا وحضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذالك ثم انصرف...".
وفي )ص٣٦٨(: "وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك!". راجع الأعلام العلية )ص٨٣( بزيادة وفي العقود )ص٣٨٧(: "وشرب جماعة الماء الذي فضل من غسله! واقسم جماعة بقية السدر الذي غسل به!...
وختمت له ختم كثيرة وتردد الناس إلى قبره أياما كثيرة ليلا ونهارا..." راجع الأعلام العلية )ص٨٥(.
وفي العقود )ص٣٩٧(: "وفي الجدب نستسقي الغمامبوجهه...!" وفي الأعلام العلية )ص٨٥(: "ودفن في ذالك اليوم رضي الله عنه وأعاد علينا من بركاته!...".
تراب قبر الشيخ ابن تيمية، يكحل به لعلاج رمد العيون جاء في )٧٤( من كتاب: )الرد الوافر( وقد حققه زهير الشاويش، وقدم له جمع من كبار السلفية والمعاصرين وهو من كتب المناقب في ابن تيمية في نص القصة: التي رواها ابن حجي عن البطائحي المزي قال: "كنت شابا وكانت لي بنت حصل لها رمد وكان لنا اعتقاد في ابن تيمية! وكان صاحب والدي! وياتي الينا ويزور والدي! فقلت في نفسي: لآخذن من تراب قبر ابن تيمية فلأكحلها به فانه طال رمدها ولم يفد فيها الكحل!! فجئت الى القبر، فوجدت بغدادياً قد جمع من التراب صررا فقلت : ما تصنع بهذا؟ قال: اخذته لوجع الرمد أكحل به أولادًا لي!".
فقلت: وهل ينفع ذلك؟ فقال: نعم! وذكر أنه جربه!
فازددت يقينا فيما كنت قصدته فأخذت منه، فكحلتها وهي نائمة فبرأت!.
تعليقات
إرسال تعليق