حج الشيخ سليمان صوري
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الستار، ومكون الأنوار، في قلوب أهله الأبرار، ومقذف الأسرار، لكل من تأهب لدار القرار، واصطفى عباده الأخيار، الذين جذبوا وسالكوا أو فنو وبقوا أو سكروا وصحوا بامتنانه الغفار ،
أحمده حمد ذاته لذاته وأشهد شهادة جازمة بأن سيدنا محمد عبده ورسوله ومظهره ونائبه ونوره صلى الله عليه وسلم وعلى آله والصديق الأكبر وخاتمة الحضرات برهام عبد الله حق قدره ومقداره العظيم .
أما بعد : فهـذه مختصرة تضمنت رحلة العالم العلامة والحبر الفهامة المتبحر في علوم شتى والعارف الكامل قدوة الأكابر والسيد الجليل والولي الصالح العارف الغارف التقي النقي العابد الناسك الشاكر الحامد بحر الولاية الخضم المتواضع الصادق العابد الزاهد صاحب الفتح والمعرفة، كثير التصنيف،سيدنا ومولانا ومربنا ومحبنا وشيخنا وقدوتنا وإمامنا الشيخ الحاج سليمان ابن الحاج عبد الله صورى ــ لا يزل إلى العلى راقي وإلى الخيرات حازي ومن الأسرار حاسي ومن الأنوار رائي ــ إلى الحج الموافق الأربعاء 14/11/1440 هـــ 17/7/2019 ميــــلادي .
في غاية إختصار واقصار معتمدا بحول الله وقوته.
بسماعي عــــنه.
فقد بدأ الإنتظام منه منذ ثلاثة أيام قبل يوم الذهاب وفي صبيحة يوم رحلته ودع إخوانه وأهليه ومريديه خاصتهم وعامتهم، بعد طول تحدثه مع أمه السيدة. ودعائها له المجيب وكان ذالك في يوم الأربعاء الموافق 17/7/2019.
وبعد أن ودعها وسائر أهليه خرج إلى المريدين الحاضرين وودعهم ووصاهم وحمد الله الذي منّ له بهذه المنة وهي آداء فريضة الحج وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
شيعه مريديه إلى مدينة كدونا وسائقه هو محمد الثاني الذي جمع بين المهارة والدلالة ،حتى وصلوا إلى المحطة وودعوه وهم بفراقه لمحزونين -فجزى الله كلهم بخدمته خير الجزاء -
ثم ركب السيارة وهو في الأمام محترما ومبجلا لكل أهل هذه السيارة بسعادة وسرور وسهولة _وهذا إشارة على أن هذا السفر ربانية _ إلى بلاد نيجير وهو مقنعا وجهه ولابس النظارة، لكي لا يعرفه الناس ولكن مع ذلك كان لا يصل إلى محطة إلا ورأى أناسا أفواجا يأتون إليه ويأخذون بيده لِأنهم قد رأو صوره منذ في الإنترنت وهو في ذالك كله مقنعا وجهه ولابس النظارة، ولما جاءوا إلى مكان سؤال أوراق الدولية دعوه الحكام بإسمه قائلين "أين سليمان صورى " فلما سمع الناس اسمه عرفوه بأنه هو، كما وقع مثل ذالك أيضا في نجير قبل وصوله إلى بوركينافسو .
ولما وصل هناك ونزل في محطتها وجد الإخوان والأحباب يرقبونه وينتظرون قدومه والذين جاءو لتلقيته جاءوا خفية لئلا يشعر أحد بقدومه، ورحم الله الشيخ إبراهيم انياس القائل في جواهرالرسائل "وإن أظهرك الله فلا مانع لعطائه "
ثم رافقوه بذكر وتواجد وهم في السيارة إلى المنزل، فلما وصلوا هناك رأو عجيبة كثرة الناس وازدحامهم له، حتى تعزره الخروج خوفا من الناس لكثرتهم وازدحامهم له، إلا مع أجناد يمشون معه وهو بينهم يمينا وشمالا ليردوا كل من باشره، حتى أدخلوه في المنزل.
وقد مكث فيهم مدة أربعة أيام في سرور وبسط ومتعة وابتهاج وقرة العين مع كرم وحسن ضيافة، فالحاصل أنهم قد أقاموا بشأنه بكل اعتناء ورعاية واكتساب كل ما في محبوباته وفرحه،
خلال تلك الأيام يأتونه ويدخلون إليه فوجا فوجا من عرف ومن لم يعرف تجانيين ورؤساء الوهابيين حتى يغلق له الباب ساعة ليسترح من كثرة الناس، تحية ودعاء وتعارف وأخذا لطريقة التجانية وتجديدا،ومع ذلك غاب حقا حتى لا يخرج إلى الصلاة إلا في البيت مع الإخوان لئلا يعرف الناس به ،كذا طوال أربعة أيام.
ثم ذكرهم ووعظهم ودعا لهم باالبركة ثم نوى الرحيل إلى المطار فصاحبوه بذكر وهم مسرورين ومعهم أربعة سيارات
فلما وصلوا المطار وتلاقوا الأجناد الدولية قاموا بخدمته وشأنه بأحسن ما يقومون في خدمة غيره وشأنه، ومن كراماتهم له، أنهم دعوه إلى الطائرة مباشرة بلا اتباع قائمة الحجاج ولا صفوفهم لما رأو من هيبة جلاله وعظم شأنه ،ثم ودع أهل بوركينافسو هناك --فجزاهم الله عن خدمته ومئونته خير الجزاء وتولى الله مكافأتهم فإنهم أهل الخير والكرامة والبركة وهم أهل الفيضة حقا وأهل العلم والعمل بجاه مولانا أبو العباس التجاني وجده صلى الله عليه وسلم.
ثم دخل داخل الطائرة كان في رقم واحد ومعه حارسيه يمينا وشمالا وقبل إقلاع الطائرة طلب منه قُوّاد الحجاج أن يذكرهم بما يتعلق بعمل الحج ومناسكه ومفاسده ،فقام فيما بينهم ذاكرا وواعظا باستخدام مكبر الصوت وبعد أن انتهى دعا لهم ولمن لم يرزقه الله بهذه الزيارة باالخير ،ثم اقلعوا في أمن الله وصيانته مسرورين حتى دخل وقت صلاة الصبح، قام بينهم ذاكرا لهم بأن صلاتهم حينئذ هو الإيماء فشكروه كلهم ومدحو سعيه.
ثم وصلوا مطار مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بلد الأمن والإيمان _رزقنا الله زيارته_ وقد وصلوا إلى المطار في الساعة السابعة صباحا بتوقيت السعودية ،
ثم جلسوا هناك للإستراحة فجلس على المنصة الكبيرة والناس حافين حوله ويجيء الأحبة لتحيته وتهنئته وفي الجانب شيخ عربي وهابي، قد ألقى النظر إلى شيخنا الجليل البوركنبي فلما رأى الناس ينحنون له، كاد الوهابي أن يبادر إلى الشيخ ليبدعه ويبدع فعل الناس له، فلما أقبل إلى الشيخ مكفهرا ونظر إليه فنظر إليه شيخنا أخذه الهيبة والخوف فرجع على عقبه قهقرا وهو خاسئا خائبا
كذلك حتى تم تفتيشهم فدخلوا السيارة إلى الفندق فلما نزلوا إلى الفندق وهم في الطابق الرابع فأول من زاره من الطلاب الذين في الجامعة المدينة المنورة هو معلم أبوبكر وبمجرد مجيئه عنقه ورحبه وحياه بأحسن تحية وأخذ رقم هاتفه الغالي وتصاورا بصور مختلفة ثم لم يزل الطلاب يزورنه وهابيون وغيرهم وصلى الشيخ صلاة الظهر في الفندق مع رفقائه وجلسوا قليلا للإستراحة وفي تلك الحال أخذه النوم فرآني(عباس مؤلف الكتاب) في منامه مسندا على صدره باكيا ودموعي تسيل على خدي حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول له " صلني برسول الله يا مولاي، بلغ تحيتي إلى رسول الله يا مولاي " وهذه رؤية أفتخر بها ولن أبرح أفتخر بها إلى انقضاء حياتي والى فيما بعد مماتي _فجزاه الله عني خيرا_
ثم قاموا لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده النبوي الشريف الحرمي وصلوا العصر فيه ثم قاموا إلى روضته الشريفة مسلمين لرسول الله قائلا بتأدب
السَّلام عَلَيْكَ يا مَحْ.مُودُ يــا سَيْدِ الْأَنامِ.
السَّلام عَلَيْكَ يا عَيْـنِ الْمَعَارِفِ ياكَرِيمِي.
السَّلام عَلَيْكَ مَاحِي.السَّلام عَلَيْكَ حَـامِ.
السَّلام عَلَيْكَ كَنْزِي.مَفْخَرِي عَالِ الْمَقَامِ.
السَّلام عَلَيْكَ عَيْنِي.مُصْطَفَي بَدْرُالتَّمَامِ.
السَّلام عَلَيْكَ سِرِّي.ظَاهِرِي دَوْمُ الدَّوَامِ.
السَّلام عَلَيْكَ هَادِي.مُرْشِدِي خَيْرُ الْأَنَامِ.
مُصْطَفَى يَامُنْحَمنّا.فَاكْفِنِي يَا ذِي بْتِسَامِ.
فَاهْدِنِي جِئْتُ إِلَيْكَ.فَاشْفِنِي كُلِّ السِّـقَامِ.
وَارْضِنِي طُولَ حَيَاتِي.دُونَ وُجْدانِ الْمَلَامِ.
وَافْتَحَنْ أَبْوَابَ رِزْقٍ.فِي أَمَانٍ وَالْعُــــلُومِ.
وَاشْفَعَنْ فِينَا حَبِيبِي.وَاكْفِنَا يَومُ الزِّحَـامِ.
وَاسْتُرَنْ فِيمَا عَلِمْتَ.وَارْفَعَنَّا فِي الْخِـدَامِ.
وَارْعِنَا مِنْ كُلِّ جُوعٍ.وَاسْبِلَنْ كُلُّ الطَّعَـامِ.
وَاكْفِنَا شَرُّ الْأَعَادِي ..وَاخْزِهِمْ بِاالْإِهْتِزَامِ.
نَجِّنَا مِنْ كلِّ سُوءٍ.. رَقِّنَا فَوْقَ الْآطَــــــامِ.
وسلم نيابة عن والده ووالدته وأهله وأولاده وأصحابه ومن تعلق به من المريدين والأحباب ودعا لنفسه ولهم خير الدنيا والآخرة.
ثم سلم على خليفته ووزيره سيدنا أبوبكر الصديق وعلى سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنهما
ومن كرامة الله وفضل الله له ؛أنه أراه الروضة الشريفة مباشرة رغم وجود الشبابيك وهذا لا يقع إلا لنوادر الناس و خاصتهم فنعم الزيارة هذه ونعم الزائر هذا
وكان يشير لأصحابه ورفقائه موضع بيت النبي وبيوت أصحابه وإن كان قد هدم لتوسعة المسجد النبوي " ويقول : هنا موضع بيت النبي وهناك بيت سيدنا علي وغرفة أمنا سلمة وهذا بيت سيدنا عثمان وهذا بيت سيدنا عباس وهذا بيت سيدنا عمر وهذا بيت سيدنا الحسن وهذا أول منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا بيت أبو أيوب الأنصاري حتى طافوا المسجد النبوي "_رزقنا الله زيارة نبيه قبل مماتنا _وكانوا يزورون الروضة الشريفة بعد كل صلاة الفريضة والقارئ المشهور علي الحذيفي هو الذي يؤمهم في الأغلب في مدة إقامة الشيخ في المدينة.
وقد فازوا بزيارات كثيرة ومنها أنهم قد زاروا بقيع الغرقد أربع مرات واغتنم بزيارة ثالث الخلفاء (عثمان بن عفان) وسيدتنا عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين وسيدتنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبنائها وسائر أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن جعفر وعقيل وعثمان بن مظعون وسائر الصحابة الذين بلغ عددهم 313،
وزاروا مسجد قباء وصلوا فيه ودعوا وكذلك مسجد قبلتين ومسجد الإستجابة ومسجد الغمامة حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه العيد . وفيه صلى النجاشي وكذلك زاروا مسجد الفتح الذي قال جابر بن عبد الله أن من جاءه يوم الأربعاء بعد العصر ودعى الله حاجته أجابه الله. وزاروا سقيفة بني ساعدة حيث بويع أبوبكر الصديق رضي الله عنه وقد زاروا مسجدين من مساجد الخندق وهما مسجد سيدنا أبي بكر ومسجد سيدنا علي رضي الله عنهما وكذلك مسجد سلمان الفارسي
ثم جاءوا الروضة في يوم رحيلهم وودعوا النبي صلى الله عليه وسلم ثم ساروا إلى ذي الحليفة للإحرام وأحرمو بالعمرة فقط ثم رحلوا منها إلى مكة المكرمة _زادها الله شرفا وكرامة_ متلبين ووصلوا مكة ليلا في الساعة الواحدة ليلا. ومن العجب أن الشيخ لما دخل مسجد الكعبة برفقائه تلقاه بعض خدام الكعبة ورحبونه وسألوه من أي دولة يا شيخ؟ فأجابهم : من بوركينافاسو فالتقطوا الصور ثم مضى الشيخ مع رفقائه إلى المطاف فطافوا وسعوا بين الصفا والمروة وقصروا وحلوا ووفق الفراغ وقت صلاة الفجر فصلوا وراء الإمام القارئ المشهور عبد الرحمن السديس الذي آتاه الله مزمارا من مزامر آل داوود أي حسن الصوت بالقرآن.
ثم عاد الشيخ مع جماعته إلى فندقه في الطابق الخامس. ولم يزل الزوار يزورون الشيخ في فندقه الطلاب الصغار والكبار والمعلمون والأشياخ وكبار الوهابيين الذين في الجامعة السعودية وجدة وماليزيا ورياض(عاصمة السعودية) وبوركينافاسوا وغيرهم من الذين عرفوا بمجيئه فوجا فوجا لزيارته وتهنئته وأخذوا رقم هاتفه الغالي وتصاوروا بصور مختلفة _فبارك الله لهم _
ثم ساروا إلى الزيارات ، وقد شرفهم الله بزيارة غار حراء (أول منزل الوحي) وغار الثور وسيدتنا خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.
حجه : ففي يوم التروية الثامن من ذي الحجة اغتسلوا وأحرموا في فندقهم ودخلوا السيارة إلى منى، وباتوا فيها ثم أصبحوا إلى عرفة فطلب منه الأحباب أن يذكرهم فيما يتعلق بالمناسك وحدوده والوقوف بعرفة ،فاجتمعوا فذكرهم حوالي 15 دقائق ثم تقدموا إلى الجبل وهم في شدة حر الشمس كما هو المعهود في أغلب الأوقات خاصة يوم عرفة، لذلك اشترى له الأحبة المظلة ليتقي بها حر الشمس فبمجرد وصولهم بعرفة لم يمض نصف ساعة فإذا الغمامة تظلهم فأنزل الله المطر وعمهم برحمته ومن العجب أن المطر لم يعد حدود عرفة إلا قليلا!. فاجتمع فيه ثلاثة أمور :
الأول : الدعاء بعرفة مقبول جازم.
الثاني: الدعاء عند نزول المطر مستجاب أيضاً.
الثالث : نزول المطر علامة نصر وقبول كما ورد في بعض الأحاديث.
ثم لم يزل الشيخ في الموقف يدعوا لنفسه ولأحبابه ولجميع المسلمين ويتضرع بين يدي خالقه إلى غروب الشمس ثم دفعوا إلى المزدلفة ماشين باختياره ذلك فباتوا في المزدلفة ثم الصباح المبكر رحلوا إلى منى ورموا الجمرة ثم رجعوا إلى مكة لطواف الإفاضة ثم حلقوا رؤوسهم وحلوا ، ورجعوا إلى منى ومكثوا يومين عملا بقوله تعالى "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " لكثرة الناس عليه الذين عرفوا به وكان يختفي في مسجد منى لكثرة الزوار. وقد اجتمع الشيخ في مكة مع الأحبة من الدول الشتى من نيجيريا خاصة كدونا وكانو ومن دولة نجير ودولة كوت فار ودولة مالي وغانة وماليزيا وإندونيسيا وبوركينافاسو وغيرها.
ولما فرغ من عمل الحج بعدة آيام رجع من المشرق إلى الغرب أي من السعودية إلى بوركينافاسو فتلقاه الأحبة من كل مكان فالحمد لله رب العالمين وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله حق قدره ومقدره العظيم.
تعليقات
إرسال تعليق