الكاتب : سليمان صوري
يزعم بعض العلماء كابن باز وغيره أن رؤية الملائكة في الدنيا زمن النبي صلى الله عليه وسلم ممكن وأما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن ولا يصدق قائله.
قلت : هذا من أعجب العجائب، قال الله سبحانه وتعالى { ﺇﻥ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﺭﺑﻨﺎ اﻟﻠﻪ ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺎﻣﻮا ﺗﺘﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺃﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮا ﻭﻻ ﺗﺤﺰﻧﻮا ﻭﺃﺑﺸﺮﻭا ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻮﻋﺪﻭﻥ}
ولم يقل أحد من السلف في تفسير هذه الآية أن المؤمن لا يرى الملائكة حين نزولهم لقبض الروح كما يزعم بن باز بل ورد في مسند أحمد رقم 18534 وغيره بأسانيد صحيحة أن الملائكة إذا نزلت لقبض روح المؤمن يجلسون ﻣﻨﻪ ﻣﺪ اﻟﺒﺼﺮ…. وقوله مد البصر يدل على أن المقبوض يرى القابضون. ولو راجع ابن باز كتاب – من عاش بعد الموت – لابن أبي الدنيا لما جرأ وقال ما قال. وقد كان بنو إسرائيل يرون الملائكة وليسوا بأنيباء كمريم بنت عمران ورجل زار أخا له فأرصد الله على طريقه ملكا… الخ
وقد ثبت في مسند أبي يعلى برقم 3035 بإسناد صحيح والالكائي في كرامات الأولياء رقم 54 والبغوي في شرح السنة ج 1 ص 167 وغيرهم حتى المتشدد الألباني في الصحيحة رقم 1965 ﻋﻦ ﺃﻧﺲ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻧﺎ ﺇﺫا ﻛﻨﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﺐ، ﻭﺇﺫا ﺭﺟﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻴﻨﺎ ﻓﺨﺎﻟﻄﻨﺎﻫﻢ ﺃﻧﻜﺮﻧﺎ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ، ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: «ﻟﻮ ﺗﺪﻭﻣﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻧﻮﻥ ﻋﻨﺪﻱ ﻓﻲ اﻟﺨﻼء ﻟﺼﺎﻓﺤﺘﻜﻢ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻈﻠﻜﻢ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬﺎ ﻋﻴﺎﻧﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﺳﺎﻋﺔ»
هذا الحديث الصحيح المتفق على صحته صرح بإمكان رؤية الملائكة عيانا ومصافحتهم، لا ينكر هذا إلا من لا قدم له في العلم.
وفي صحيح مسلم رقم 1226 ﻋﻦ ﻣﻄﺮﻑ، ﻗﺎﻝ: ﺑﻌﺚ ﺇﻟﻲ ﻋﻤﺮاﻥ ﺑﻦ ﺣﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺮﺿﻪ اﻟﺬﻱ ﺗﻮﻓﻲ ﻓﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﺤﺪﺛﻚ ﺑﺄﺣﺎﺩﻳﺚ، ﻟﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻌﻚ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪﻱ، ﻓﺈﻥ ﻋﺸﺖ ﻓﺎﻛﺘﻢ ﻋﻨﻲ، ﻭﺇﻥ ﻣﺖ ﻓﺤﺪﺙ ﺑﻬﺎ ﺇﻥ ﺷﺌﺖ: ﺇﻧﻪ ﻗﺪ ﺳﻠﻢ ﻋﻠﻲ، (يعني الملائكة تسلم عليه.) وفي معجم الكبير للطبراني رقم 203 ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ، «ﺃﻥ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺎﻓﺢ ﻋﻤﺮاﻥ ﺑﻦ ﺣﺼﻴﻦ.
وفي معجم الكبير للطبراني رقم 616 بإسناد صحيح عن عرباض بن سارية رضي الله عنه كان شيخا كبيرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب أن يقبض إليه كان يدعو : اللهم كبرت سني ووهن عظمي فاقبضني إليك، قال : فبينا أنا يوما في مسجد دمشق إذا فتى شاب من أجمل الرجال، فقال : ما هذا الذي تدعو به؟ فقلت : كيف أدعو يا ابن أخي؟ قال قل : اللهم أحسن العمل وبلغ الأجل ” قلت من أنت يرحمك الله ؟ قال أنا ريبائيل الذي يسل الحزن من قلوب المؤمنين.
الملائكة تعين المؤمنين بقضاء حوائجهم
وفي مسند أحمد برقم 1719 بإسناد صحيح ﻗﺎﻝ: ﺧﻄﺒﻨﺎ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻌﺪ ﻗﺘﻞ ﻋﻠﻲ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻓﻘﺎﻝ: ” ﻟﻘﺪ ﻓﺎﺭﻗﻜﻢ ﺭﺟﻞ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻣﺎ ﺳﺒﻘﻪ اﻷﻭﻟﻮﻥ ﺑﻌﻠﻢ، ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻛﻪ اﻵﺧﺮﻭﻥ، ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻟﻴﺒﻌﺜﻪ ﻭﻳﻌﻄﻴﻪ اﻟﺮاﻳﺔ، ﻓﻼ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ جبريل عن يمينه وميكائل عن يساره.
وفيه رقم 9424 ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: ” ﺇﻥ ﻟﻠﻤﺴﺎﺟﺪ ﺃﻭﺗﺎﺩا اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺟﻠﺴﺎﺅﻫﻢ، ﺇﻥ ﻏﺎﺑﻮا ﻳﻔﺘﻘﺪﻭﻧﻬﻢ، ﻭﺇﻥ ﻣﺮﺿﻮا ﻋﺎﺩﻭﻫﻢ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺃﻋﺎﻧﻮﻫﻢ . صحيحه المتشدد في الصحيحةرقم 3401 .
وفيه رقم 3310 : ﻛﺎﻥ اﻟﺬﻱ ﺃﺳﺮ اﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﺃﺑﻮ اﻟﻴﺴﺮ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﻛﻴﻒ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ اﻟﻴﺴﺮ؟ ” ﻗﺎﻝ: ﻟﻘﺪ ﺃﻋﺎﻧﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﺑﻌﺪ، ﻭﻻ ﻗﺒﻞ، ﻫﻴﺌﺘﻪ ﻛﺬا، ﻫﻴﺌﺘﻪ ﻛﺬا، ﻗﺎﻝ: ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ” ﻟﻘﺪ ﺃﻋﺎﻧﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻠﻚ ﻛﺮﻳﻢ.
وفي مسند البزار رقم 5039 وغيره بأسانيد صحيحة ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻋﺎﺩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﺟﻼ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎﺭ ﻓﻠﻤﺎ ﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺳﻤﻌﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ ﻓﻠﻤﺎ اﺳﺘﺄﺫﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﺧﻞ ﻓﻠﻢ ﻳﺮ ﺃﺣﺪا ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﺳﻤﻌﺘﻚ ﺗﻜﻠﻢ ﻏﻴﺮﻙ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﺩﺧﻠﺖ اﻟﺪاﺧﻞ اﻏﺘﻤﺎﻣﺎ ﺑﻜﻼﻡ اﻟﻨﺎﺱ ﻣﻤﺎ ﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻰ ﻓﺪﺧﻞ ﻋﻠﻲ ﺭﺟﻞ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺭﺟﻼ ﻗﻂ ﺑﻌﺪﻙ ﺃﻛﺮﻡ ﻣﺠﻠﺴﺎ، ﻭﻻ ﺃﺣﺴﻦ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻗﺎﻝ: ﺫاﻙ ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻭﺇﻥ ﻣﻨﻜﻢ ﻟﺮﺟﺎﻝ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻷﺑﺮﻩ.
وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
تعليقات
إرسال تعليق